الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مكة المكرمة.. عاش على أرضها الأحبة «محمد وصحبه»

مكة المكرمة.. عاش على أرضها الأحبة «محمد وصحبه»
12 أكتوبر 2013 18:01
هنا عاش الأحبة، محمد وصحبه.. هنا ساروا.. غدوا وراحوا.. هنا أشرقت شمس الدعوة.. يا الله.. اليوم نسير فوق خطواتهم.. ربما تلامس أقدامنا موضع قدم سيد الخلق.. ربما نسير في الدرب ذاته ونحن لا ندري.. ربما في هذا الشارع دوى صوته في أول الدعوة: «‏إن الرائد لا يكذب أهله، والله الذي لا إله إلا هو، إني رسول الله إليكم خاصة، وإلى الناس عامة، والله لتموتن كما تنامون، ولتبعثن كما تستيقظون، ولتحاسبن بما تعملون، وإنها الجنة أبدًا أو النار أبدًا‏»‏‏.‏ ‏ربما في هذا الحي جمعهم، ونادي فيهم: «يا معشر قريش، اشتروا أنفسكم من الله، أنقذوا أنفسكم من النار، فإني لا أملك لكم من الله ضرًا ولا نفعًا، ولا أغني عنكم من الله شيئًا»‏.، وفي هذا الوادي سار بصحبة أبي بكر الصديق أو علي بن أبي طالب. تلك هي الخواطر التي لابد أن تتملك عليك ذاتك وأنت تسير في مكة، فتلك السماء التي تظلك أظلت يوماً محمداً وصحبه، وتلك الأرض التي تقلك أقلتهم، وهذه الأنفاس في صدى الكون فيها من أنفاس الحبيب، الذي قال عن مكة: وَهُوَ وَاقِفٌ بِالْحَزْوَرَةِ: «إِنَّكِ لأَحَبُّ بِلادِ اللَّهِ إِلَيَّ، وَأَحَبُّ أَرْضِ اللَّهِ إِلَيَّ، وَلَوْلا أَنِّي أُخْرِجْتُ مِنْكِ مَا خَرَجْتُ». حين يسير أمين الحجيلي اليوم أو «أبو قصي»، هذا الشاب السعودي الذي كان دليلنا إلى مكة القديمة، يدرك تلك المعاني.. هو فخور بأنه ولد في مكة، ويعيش على أرضها.. يدرك أن البوناً شاسعاً بين «مكة الرسالة» وما أصبحت عليه، وأن رياح التغيير هبت بقوة، لكن المتبقي فيها ما زال يعطر الأجواء بأنفاس النبوة. «محبس الجن» كنا نخطط في البداية للذهاب إلى محبس الجن، وهو المكان الذي يقال إن النبي صلى الله عليه وسلم اجتمع فيه بالجن وحدثهم، لكن جولة «الاتحاد» جابت أكثر من مكان، لتتلمس خطى الحبيب، منها ما تلمسناه في الطرقات بصحبة «أبو قصي»، ومنها ما تلمسناه عبر الكتب والدراسات، خاصة عبر موقع جامعة «أم القرى» التي أبدت اهتماماً خاصاً بآثار ومعالم مكة القديمة، إضافة إلى ما نشر في عدد من الدوريات والدراسات التي اهتمت بالآثار المتبقية من عصر النبوة، ومنها كتاب «أعلام الحجاز في القرن الرابع عشر للهجرة»، للأديب السعودي محمد علي مغربي. بدأنا رحلتنا من مسجد الجن، وهو قريب من الحرم المكي، وبه زوار كثيرون، مرسوم على وجوههم الشغف بكل ما بقي من آثار النبوة، حتى ولو استند إلى رواية غير مؤكدة، كما زرنا الموضع الذي يسمى بـ«محبس الجن»، وتقول الروايات إن الجن عندما أرادت أن تستمع إلى القرآن ضربت لنفسها موعدًا مع الرسول صلى الله عليه وسلم، فكان اللقاء في مكان لم يتم التأكد من موقعه، حاليًا أطلق عليه «محبس الجن»، والمحبس الذي عرف بين عامة الناس هو من الأحياء المكية القديمة، وارتبط هذا الاسم لدى كثير من الناس بقصد حبس الجن في موضع بمكة المكرمة على يد النبي صلى الله عليه وسلم، وهو يتلو القرآن حين أسلمت مجموعة منهم. وتعددت الروايات عن محبس الجن عند أهالي مكة من العوام وغيرهم، ولا يزال هذا الحي موضع اهتمام الكثير من الرواة الذين يحاولون فك رمز المكان الذي أسلمت فيه الجن، ويذهب البعض إلى أن الذين أسلموا من الجن خرجوا من مكة إلى أصقاع الأرض لدعوة بني جنسهم إلى الإسلام، وهذه الرويات يتداولها العامة من الناس، بيد أنها لم تثبت صحتها، ويقوم بعض المعتمرين من تركيا ودول آسيوية بزيارة إلى محبس الجن، وتحديدًا فوق موضع أنفاق.? ويقع «محبس الجن» بين حيي أجياد والعزيزية حالياً، ويخترقه نفق سمي بنفق محبس الجن، وإن كان المسمى تغير مؤخراً، بعد أن حولته أمانة العاصمة المقدسة إلى اسم طريق المسجد الحرام، ويبدو أن التغيير جاء لإنهاء الشكوك حول الروايات التي تزعم مواقع الجن حين أسلمت، ولعدم ثبوت ذلك تاريخياً، لكن الحي يظل شاهداً وعلامة مميزة ضمن أحياء مكة. قبر أم المؤمنين ومن «محبس الجن»، توجهنا بصحبة «أبو قصي» إلى قبر أم المؤمنين خديجة بنت خويلد بالمعلاة، وهي قريبة من الحرم المكي أيضاً، وتقع بجوار المدافن القديمة لأهل مكة، وبالإضافة إلى مدافن المعلاة، هناك في مكة مدافن العدل والشرائع، لكن المعلاة أشهرها، وتقع في جهتين، يفصل بينهما أحد الجسور. ومن المعالم الظاهرة في مكة -وإن لم يستو الناس في معرفته- مكان مولد النبي صلى الله عليه وسلم الذي تقوم فيه الآن مكتبة مكة المكرمة خلف المروة، ومنذ سنوات كان الحجاج يزورونه متكتمين عادة ومتسترين وراء البحث عن الكتب، فيما تعلن قلة صراحة أنهم يزورون مكان المولد، غير أنه يبدو الزمر اليوم وكأن الجميع ذهبوا لمكان المولد وليس للمكتبة، ولعله من أجل ذلك، فإن المكتبة تغلق أبوابها في موسم الحج، وعليها لوحات تنهي الناس عن زيارة المكان بقصد العبادة، وتوزع المكتبة منشورات، يقبل الناس عليها، ربما أملاً في أن تشفي غليلهم في الإجابة عن السؤال الحائر، وهو: هل موضع المكتبة هو الذي شهد حقيقة ميلاد أعظم الخلق محمد صلى الله عليه وسلم؟. ومن المعالم التي لا يُختلف فيها جبل النور، حيث بدأ الوحي في غار حراء على قمته، وجبل ثور حيث انطلقت الهجرة، وجبل الرحمة، حيث وقف النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، يعلم الناس دينهم ويودعهم، بعد أن نزلت عيه خاتمة الرسالة. ومن المعالم المشهورة كذلك مدفن أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث بسرف عند مدخل مكة مما يلي المدينة. وإذا كانت هناك معالم أخرى لا تزال بارزة كمسجد البيعة بمنى ومسجد الخيف ومجر الكبش - حيث فـُدي إسماعيل عليه السلام بذبح عظيم يوم كان إبراهيم عليه السلام يريد ذبحه-، وهو المكان الذي اصطحبنا «أبو قصي» أيضاً إلى نقطة قريبة منه، فإن معالم أخرى لم تعد بذلك المستوى من الظهور ومن تلك الأماكن -التي يعرف أغلب الناس بمكة مكانها على الرغم من طمس أعيانها- ووفق عدد من الدراسات، مكان زمزم داخل المطاف، ودار الندوة التي تقع خلف الحجر، وطريق البراق من الحجر إلى باب الصفا. عمود الإسراء ومن المعالم الظاهرة غير المشهورة، عمود يسمونه عمود الإسراء، ويقال إنه في المكان الذي أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم منه إلى المسجد الأقصى.? كما يحدثك الذين يقيمون بجوار الحرم، أو البعض من أهل مكة، عن البيت الذي أقام فيه النبي صلى الله عليه وسلم 28 سنة، ونزل فيه أغلب القرآن المكي، إذ لا يعرف سوى القليلين أنه عند زاوية بالقرب من المروة. بقية الأماكن ليس من الممكن حصرها في جولة «أبو قصي»، لكن موقع جامعة أم القرى، يولي أهمية خاصة بمكة ومعالمها وآثار النبوة، وفي مقدمتها درب الهجرة، وهو طريق الرسول صلى الله عليه وسلم، من مكة إلى المدينة المنورة عندما هاجر إليها، ويمر جزء من هذا الدرب شمال منطقة مكة المكرمة، ثم بمحاذاة الساحل غرباً حتى عسفان، ومنها إلى عقبة مدرج عثمان، وغران، وحلي «الدف»، والقضيمة، وسعير، ورابغ. بالطبع، هناك آثار ومعالم خلدتها المناسك، ومنها البيت الحرام ذاته، والكعبة المشرفة والصفا والمروة، ومزدلفة، وهي معلومة للناس، لكن ما لا يعرفه زوار مكة من آثار الأراضي المقدسة المتبقية كثير وكثير جداً، ومنه مسجد بئر ذي طُوى، والذي بني في الموضع الذي نزل فيه الرسول صلى الله عليه وسلم عندما كان متوجهاً لأداء الحج والعمرة، وقيل: إنه نزل في موضعه ألف نبي، ويقع حالياً أمام باب مستشفى الولادة والأطفال بمكة في جرول غرب مكة المكرمة . أما دار الأرقم بن أبي الأرقم رضي الله عنه، والتي كانت مركزاً للدعوة الإسلامية سراً عند بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، فقد هدمت في سنة 1375 هـ لصالح التوسعة، وتخليدا لذكراها فإن أول باب في المسعى بجوار الصفا سمي بباب دار الأرقم .?أما مسجد البيعة فهو في الموضع الذي تمت فيه بيعة العقبة الثانية، ويقع في السفح الجنوبي لجبل ثبير المطل على منى من الناحية الشمالية، وقد أنشئ هذا المسجد في عهد الخليفة العباسي أبوجعفر المنصور سنة 144هـ، تخليداً لذكرى هذه البيعة التي نتج عنها هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم والمسلمين إلى المدينة وتأسيس الدولة الإسلامية. وهناك مسجد بيعة الرضوان، ومسجد الجعرانة، والذي يقع على الجانب الأيسر من وادي الجعرانة شمال شرق مكة المكرمة بـ 25 كم، على مقربة من بئر عذبة المياه، في المكان الذي صلى فيه الرسول صلى الله عليه وسلم، بعد عودته منتصراً على ثقيف وحليفتها هوازن في وادي حنين في السنة الثامنة من الهجرة، وبني هذا المسجد قبل القرن الثالث الهجري. وهناك مسجد خالد بن الوليد، ويعرف أيضاً بمسجد الراية، ويقع هذا المسجد في حارة الباب، في الموضع الذي قيل إن خالد بن الوليد نصب فيه رايته يوم فتح مكة. ?ومن الآثار أيضاً، مسجد الخَيْف بمنى بأسفل جبل الضباع من الناحية الشمالية، وفي موضع هذا المسجد نزل الرسول صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، ونزلت قبله في هذا الموضع الرسل والأنبياء الكرام عليهم الصلاة والسلام، وقيل إن عددهم كان سبعين نبياً، وفي موضعه أيضاً كان تجمع المتآمرين لغزوة الأحزاب. «الراية» شاهد على «فتح مكة» مكة المكرمة (الاتحاد)- الكثير من المواضع شيدت مساجد فيها، وبالإضافة إلى مساجد، خالد بن الوليد والخيْف، وبيعة الرضوان، والجعرانة والبيعة، وغيرها، هناك مساجد أخرى، تخلد لوقائع تاريخية، مثل مسجد الراية، ويقع في الغزة بقرب دار نجد بين شارعي الغزة الجودرية في الموضع الذي نصب فيه النبي صلى الله عليه وسلم رايته يوم فتح مكة، ومسجد الشجرة، ويقع بأعلى مكة، وسمي بذلك لشجرة دعاها النبي صلى الله عليه وسلم أمام مشركي مكة فأقبلت إليه وسألها فشهدت بنبوته، ثم أمرها بالرجوع فعادت إلى موضعها، وهو خلف منارة البيضاء التي عند سفح الجبل مقابل الحجون بحذاء مسجد الجن، ومسجد عائشة رضي الله عنها بالتنعيم، وأقيم في الموضع الذي أحرمت منه عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم بعد النزول من حجة الوداع، ومسجد المرسلات، وكان قائماً في موضعه بين مسجد الخيف وجبل الضباع بمنى، ويقال إنه الموضع الذي نزلت فيه سورة المرسلات، ومسجد المشعر الحرام، ويقع في بداية مزدلفة مما يلي عرفات في موضع المشعر الحرام، ومسجد نمرة، ويقع شمال عرفات، وبني على الأرجح في القرن الثاني الهجري. مقابر الصحابة في المعابدة والركن الشمالي مكة المكرمة (الاتحاد)- من الآثار التي لا يعرفها الكثيرون، المقابر التي دفن بها الكثير من الصحابة رضي الله عنهم، ومنها مقبرة الخرمانية، وتقع في المعابدة أمام مدخل شعب آذاخر، وهي مقبرة مثلثة الشكل، على يمين الصاعد إلى منى من الشارع العام، ويقال دفن فيها بعض الصحابة، منهم عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما. وتقع مقبرة الشهداء، أمام جدار القبلة بمسجد عبد الله بن عباس رضي الله عنهما مما يلي الركن الشمالي الغربي، وقد دفن في هذه المقبرة التاريخية شهداء غزوة الطائف من الصحابة رضوان الله عليهم، وهم: عرفطة بن جناب، وعبد الله بن أبي بكر الصديق، وعبد الله بن أبي أمية بن المغيرة، وعبدالله بن عامر بن ربيعة، والسائب بن قيس بن عدي، وأخوه عبد الله، وجليحة بن عبد الله، وثابت بن الجذع، والحارث بن سهل بن أبي صعصعة، والمنذر بن عبد الله، ورقيم بن ثابت بن ثعلبة بن زيد.
المصدر: مكة المكرمة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©