الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

جماعة «قلنا لهم»

جماعة «قلنا لهم»
11 أكتوبر 2013 20:14
(1) على ذمة وسائل الإعلام، فإن علماء الفرنجة يجرون حالياً تجارب سرية لنقل المواد الصلبة والبشر من مكان إلى آخر نقلاً فورياً.. والحبل على الجرار. ربما سنصحو يوماً على أخبار بالبنط العريض تقول إن النقل الفوري انتقل من الحلم، الى خانة الحقيقة الدامغة: - تباً للخيل والبعارين والحمير والدواب جميعا، التي تتحول إلى مجال المباريات والمبارزات، وينتهي دورها في مجال النقل العام. - تباً للسيارات والقطارات والطائرات بأنواعها.. ولا داعي للصراع الداخلي السعودي للسماح للمرأة بقيادة السيارة. أما الفوائد الجمة التي سنحصل عليها فيمكن أن نتخيل بعضها في هذه العجالة: - تتحقق الوحدة العربية، ويتم إلغاء الحدود عملياً وعلمياً، بعد أن صار بالإمكان التنقل بدون المرور على الجمارك والأجهزة الأمنية ونقاط التفتيش والمقصات الطائرة. - فلتسقط مؤامرات الوطن البديل في الأردن للفلسطينيين، حيث يستطيع الفلسطيني العودة الى أرض الأجداد بكل بساطة، لا بل إن كل عربي يستطيع ذلك، فلا يجد اليهود بداً من الهرب الفوري خوفاً من هذا المحيط المعادي، ويتحقق حلم العودة الفلسطيني. - أجهزة المخابرات لن تستطيع إلقاء القبض على المعارضين، الذين يستطيعون الهروب الفوري مكانياً.. فيصبح رجل المخابرات كمن يحاول القبض على شعاع ضو يتراقص أمامه. تخيلوا شوارع خالية تماماً من السيارات والحافلات.. لاسائقين ولا قاطعي تذاكر ولا كمسارية. لا حوادث سير، لازوامير لا هوامير. طبعا لا ميكانيكية سيارات ولا بناشر ولا كروكة.. ولا شرطة سير. التخوف الشرعي والوحيد من النقل الفوري في العالم العربي، هو أن تنجح الأنظمة العربية في نقل جميع المعارضين والمحاورين والمتمردين والمترددين.. أن تنجح في نقلهم بسهولة ويسر، وبدون المرور بمرحلة ما يسمى بالربيع العربي، تنقلهم إلى.. الرفيق الأعلى. (2) لا يعدم الإنسان من أن يرتطم بوزير متقاعد ما، أو بمسؤول- كان كبيراً- مُحال على الاستيداع، وإن لم يحالف الأردني الحظ فسوف يشاهدهم، على الأغلب، في الفضائيات يشرقون ويغربون ويسيرون خبط عشواء، مثل منايا المرحوم زهير بن أبي سلمى. الأغلبية من هؤلاء، عندما تسمع أو تقرأ لهم، تراهم يملكون مفاتيح الحقيقة المطلقة والشرف المطلق والنزاهة المطلقة والذكاء المطبق، وتراهم يؤكدون بأنهم لو استطاعوا تنفيذ رؤاهم وأفكارهم لكانت البلاد الآن تسابق دول المنطقة، وربما العالم، على دور محوري اقتصادياً وسياسياً. قل أي شيء انتقاداً لما جرى أو يجري، فتراهم يؤكدون في هذا المجال بأنهم أمروا وقرروا وحاولوا، لكن قوى أكبر منهم كبحت جماحهم ورفضت التطوير، وغالباً ما يبدأون الكلام بكلمة: «قلنا لهم: يا جماعة......» وبعد مقدمة إنشائية طويلة، يقولون ما معناه «ولكن...»، ويوحون لك بأنه تم ترميجهم أو استيداعهم على السريع نظرا لخلافهم مع السائد والفاسد والمعادي للوطن.. وأنه لا أمل بالبلد لأنهم تركوا «الخدمة» العامة. طبعا لا أنكر أن هناك قلة نادرة من الوطنيين الشرفاء الذي تم فصلهم من العمل او التسريع في تقاعدهم، لأنهم كانوا صادقين ويحاربون الفساد ويحاولون الإصلاح، لكن هؤلاء الندرة، نادراً ما يستخدمون المجالس العامة لاستعراض وطنياتهم، لأنهم أنبل من ذلك. لكن جماعة «قلنا لهم..» هؤلاء، إذا سنحت الظروف ثانية، فإنهم يعودون إلى أدائهم الضعيف الركيك، وربما الفاسد، ويكونون أكثر جبنا من السابق وأكثر انصياعاً وطاعة وتزلفاً لمن هم أكبر منهم، خوفاً من «التعديل» المفاجئ الذي يعيدهم فوراً إلى معارضة «قلنا لهم». يوسف غيشان ghishan@gmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©