السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

لينا الأميري: عشقي للألغاز دفعني لدراسة علم الجريمة

لينا الأميري: عشقي للألغاز دفعني لدراسة علم الجريمة
17 أكتوبر 2011 09:05
منذ الطفولة كانت “لينا” تميل دائماً إلى قضاء وقت فراغها في الألعاب التي تحتاج إلى ذكاء وترابط منطقي لتلعب بها، كما في الألغاز، وخاصة لعبة جمع الصور والربط بينها، وكانت تجد متعتها في تقصي الحقائق وإيجاد الحلول، التي تبعث فيها الشعور بالفخر والقوة، وتعزز الثقة بنفسها بأنها تستطيع الوصول إلى ماتريده بعد الربط المنطقي في كل الألعاب. (دبي) - يبدو أن هواية المبتعثة الإماراتية لينا محمد الأميري (22 عاماً) في الصغر لازمتها حتى الكبر، فقد اختارت تخصصاً قلما يتجه نحوه الإناث، ولكن الولع الذي نما معها لايزال يستحثها حتى انتسبت إلى تخصص يشبع فضولها في البحث والتحري. وتشير الأميري أنه وبعد نجاحها في الثانوية العامة قررت دراسة الطيران ثم العلوم السياسية وغيرت رأيها ناحية الهندسة الكيميائية إلا أنها سرعان ماعدلت عنه، لتكون دراسة التخصص في العلوم الجنائية والجريمة والعدل الجنائي قرارها الأخير، ويستقر بها المقام في جامعة جريفيث بمدينة برزبن الأسترالية. الحمض النووي الشغف بعلم الوراثة قاد لينا إلى هذا التخصص، وتوضح السبب بأنها كثيراً ماكانت تتساءل عن إمكانية إثبات أن شخصاً معيناً هو الأب المزعوم لطفل ما، وكيفية إيجاد علاجات لأمراض مزمنة وآلية استخدام الجزيئات المجهرية لحل جريمة معقدة خلال ساعات، وفي مراحل لاحقة عن إمكانية قياس الأنماط الجينية للطفل قبل ولادته ذكراً كان أم انثى. وتضيف الأميري : “الجينات تعتبر مثل بصمات الأصابع، ولكن بدلا من ذلك يطلق عليها بصمات الحمض النووي، تعلقت بهذا العلم، لذلك أردت أن يصاحب ذلك شيء أكثر إثارة في تقفي آثار الأدلة لإيجاد الحلول، اخترت دراستي لأني أردت المشاركة في ذلك ميدانياً عوضاً عن العمل خلف المكاتب، ويمكن تفسير اختياري لمثل هذا التخصص أنه وسيلة لمعرفة الحقيقة حول السلوك الإجرامي وإيجاد الحلول الناجعة له، مما يتيح المشاركة في حماية بلدي بطريقة ما وقد يكون الوقت المناسب لرد الجميل لها”. البداية عن معوقات الدراسة في الخارج توضح لينا أنها واجهت رفضاً قاطعاً من والدتها في بادئ الأمر، في حين لا قت التشجيع من قبل والدها وأخوها، وترجع رفض الوالدة إلى الخوف والقلق الشديدين خاصة أنها الأنثى الوحيدة في أسرتها، عن ذلك تقول الأميري “لقد كانت خطوة في منتهى الجرأة بالنسبة لوالدتي حين وافقت على سفري، بذل والدي جهداً في إقناعها، انطلاقاً من أهمية المعرفة والتحصيل الأكاديمي الذي سأحصل عليه في الخارج، بالإضافة إلى الخبرة التي ستساهم في تشكيل شخصيتي وطريقة تفكيري بما يفيد في ازدياد معرفتي واطلاعي عل كل جديد”. لاتخفي لينا جهلها الكامل بأية إجراءات تمت قبل سفرها، ولذلك أوكلت هذه المهمة الى جهات تعليمية متخصصة للقيام بها، لذلك لم تواجه أية عقبات، وتشير “كان عمري ستة عشر عاماً فقط، ولم أكن أعرف ما هي التأشيرة، ولا أعرف أية إجراءات واعتمدت في ذلك على الوكالات والهيئات التعليمية” ولكنها في نفس الوقت تؤكد “مهارات حل المشكلات ضرورية لحياة الفرد اليومية، ومثل هذا التحدي في الاستقلالية عن الأهل من شأنه أن يوفر للفرد هذه المهارات مع الأيام، ولكن أفضل بطبيعة الحال أن أقوم بذلك شخصياً في المرات القادمة كي أستفيد من الخبرة التي ستعود علي بالفائدة”. اختيار ثم السفر اشترطت الأميري بعض المعايير الواجب توافقها مع الجامعة التي ستحدد الدراسة فيها ومن أهمها أن يتوافر التخصص الذي تبحث عنه. وتوضح أن بعض الصدف لعبت دوراً مهماً في سلاسة اختيارها من خلال زيارتها لمعرض الجامعات في أبوظبي، وعن ذلك تقول “كان اشتراطي في البحث عن الجامعة التي زود الدراسة فيها هو توافر تخصص علوم الطب الشرعي وعلم الجريمة، وصادف أن حضرت ووالدي معرض اكسبو للجامعات في أبوظبي، وقابلت هناك ممثلي الجامعات الأسترالية شخصياً، إلى ان وقع اختياري على جامعة جريفيث والتي تعتبر من أقوى الجامعات التي تدرس علم الجريمة، كما أن ارتباطاتها قوية جداً مع شرطة ولاية كوينزلاند وشرطة أبوظبي ودبي”. وبعدما استقر الحال على الجامعة حانت ساعة الصفر التي ستغادر فيها أرض الإمارات إلى أرض غريبة، مع بارقة الأمل في العودة مسلحة بالشهادة التي ترغب في الحصول عليها. وكانت صعوبة الموقف تتجسد في لحظة المغادرة التي تقول عتها المبتعثة لينا “كانت مزيجاً من الحزن والحماس والخوف والعصبية، الحزن لأني سأكون بعيدة عن وطني وأهلي وسأعيش بمفردي، خاصة وأنها المرة الأولى التي أسافر فيها لوحدي وفي مكان بعيد جداً، في حين كانت الحماسة تأخذني لعلمي المسبق بأني سأكتسب خبرات عديدة ستكون لي سنداً في حياتي، بسبب احتكاكي بالعديد من الثقافات والأديان وطرق التفكير، سيأتي اليوم الذي سأقول فيه نعم لقد تعلمت الكثير”. معاناة وتحد لم تكن الساعات الأولى وردية حسب ماكانت تتخيل الأميري، بل على العكس فقد بدأت معاناتها من لحظة اقلاع الطائرة، فقد عانت الكثير أثناء الرحلة من الإمارات إلى أستراليا، ومابعد وصولها إلى مدينة برزبن، تقول لينا “لقد اتعبتني كثيراً المطبات الهوائية أثناء رحلتي، كما أنني استغرقت حوالي أسبوعاً كاملاً كي أنظم ساعتي البيولوجية، والعيش بطريقة طبيعية، بالإضافة إلى أنه كان علي مواجهة أصعب إحساس والتأقلم معه، وهو شعوري العارم في العودة الى الوطن، لقد احتجت لأكثر من عام كامل كي اعتاد الغربة والابتعاد عن الأهل والوطن، ولكن أهلي قدموا لي الدعم اللازم حتى مع ابتعادي عنهم لمواجهة هذا التحدي، لقد كانت بداية عصيبة للغاية”. فروقات عدة لم تواجه المبتعثة الأميري أية صعوبات في اللغة الإنجليزية في دراستها، لأنها وحسب قولها إنها كانت تجيدها بطلاقة، كما أنها لم تعان من تغيير الأجواء لأن طقس المدينة التي تقطنها يشبه الأجواء الإماراتية، وأوضحت أنها سعيدة جداً في تشابه الأجواء لأنها تعتبر نفسها شخصاً يعشق الأجواء الصيفية ولا تحب البرودة، وتضيف “لم يشكل الجو أي مشكلة بالنسبة لي، وأنا أفضل عادة العيش في مدينة ذات أجواء دافئة”. ولاشك أن هناك العديد من الفروقات التي ستجدها الأميري واضحة العيان وسهلة المفاضلة، وتفتقد العديد من الأمور فالرفاهية في دبي لاتقارن، كما أن الخدمات في برسبن ضعيفة، توضح الأميري ذلك “معظم الأسواق في برزبن تغلق الساعة الخامسة مساءً، وأتبضع أسبوعياً يوم الخميس أو الجمعة فقط، لم استخدم المواصلات العامة، ولكن لاحظت أن مواطني أستراليا يستخدمونها دائماً، لسرعة الخدمة ولتوفير البترول والمواقف”. وتشتاق الأميري إلى الطعام المميز في الإمارات، وأهم ماتفتقده لينا هو “حضن الوالدة ولمة الأهل والأصحاب، موضحة: أشتاق إلى حشرة الصغارية في البيت وصوت الأذان، وروحانيات رمضان مع الأهل، لم أقض العيد في البلاد منذ ثلاث سنوات، بس لعيون الشهادة نخلي الأشواق والرفاهية على صوب ونتحمل”. وتنتشر المساجد في الولاية حسب الأميري، كما ويوجد مصلى في كل حرم جامعي، وتعبر عن سعادتها بزيارة والدتها في رمضان سنوياً، تقول: في رمضان بالعادة أمي تزورني ونقضي رمضان سوياً، ويشاركنا روحانيات الشهر الكريم بنات من دول الخليج والدول العربية، حيث نجتمع في بيت إحدانا للإفطار، أحاول الاحتفاء بالعيد ولكن من كثرة شوقي للبلاد “مالي خاطر أسوي شي”. وتتميز مدينة برزبن في الأعياد بالمهرجانات التي يقيمها المسلمون، حيث توضح أنها تحضر مهرجانات الأعياد، لأنها تبث الأجواء نفسها التي أشعر بها مع الأهل بالإمارات. هوايات ولكن! تهوى الأميري الفروسية، وتمارسها في نهاية كل أسبوع، وتحاول الانتهاء من دراستها حتى تحضر سباقات القدرة، وتعزف على البيانو ولكنها لقلة الممارسة حالياً، يتملكها الشعور بأنها بدأت في خسارة هذه الموهبة، ومن الهوايات التي تحبها التزلج، لكنها لاتستطيع ممارستها لعدم وجود مناطق ثلجية، حيث يستوجب ذلك السفر إلى ولايات أخرى لممارستها، وتقول “أقرب منطقة لممارسة التزلج تبعد ساعة بالطائرة، الله يخلي لنا سكيب دبي، نستطيع ممارسة هذه الهواية في أي وقت وفي أي فصل”. وتمارس الأميري حالياً هوايات جديدة منها تعلم الغوض لأن التجديد مطلوب دائماً حسب قولها، ولكن في بعض الأحيان تضطر الأميري بدراسة خمس مواد في كل فصل لذلك تنقطع عن هواياتها ولكنها تشارك في أنشطة الجامعة المتنوعة مثل معرض اليوم المفتوح للبيع، وتشارك في معرض للعمل التطوعي، كما أنها تحضر الاجتماعات الدينية التي تنظمها بعض الأندية العربية في الجامعة. ولاتملك الأميري فكرة عن عدد الطلبة في مدينة برسبن ولكنها متأكدة بأنهم كثر، وتتواصل مع أصدقائها من الطلبة الإماراتيين في ملبورن وسيدني من خلال المواقع الاجتماعية أو الهاتف، كما يتبادلون الزيارات الدورية خلال فترات الإجازة، ويحرصون على الالتقاء في الإمارات أيضاً إذا ماتزامنت زياراتهم فيها. وتزور الأميري الوطن والأهل مرتين سنوياً، في إجازة نصف السنة وإجازة آخر السنة”. الطموح ورد الجميل تطمح لينا الأميري لدخول سلك الشرطة، من خلال تخصصها في العلوم الجنائية وعلوم الجريمة، وخططت كي تقدم أوراقها للعمل في هذا السلك قبل التخرج، متمنية قبولها فيه، وتعد العدة منذ الآن للرجوع مكللة بالنجاح، لأن رؤية والديها فرحين مفعمين بالرضى هو أهم ماتسعى إليه. وتقول الأميري “اخترت الغربة كي أبعث الفرحة في قلب أمي وأبي، اهتما بي طول السنين وأود أن أرد جميلهما، وسأرجع للبلاد بإمتياز وسأجد وظيفة للاعتناء بأهلي”، ومايحفزها على التميز أن أخوانها دائماً ما يذكرونها بأن الصغار في العائلة يعتبرونها القدوة ويقلدونها في كل شيء ما حملها مسؤولية كبيرة، كما أن لها هدفاً آخر في التميز الذي تسعى إليه وتشير بكل وضوح “عندي طموحات وأمنيات كثيرة، ابغى أحققها وإذا الله قدرني بحققها، سأدخل المجال العسكري للشرطة بتخصصاتي، وأكبر طموحي أن أعود لوطني لأشارك بتخصصي في تقدمه ونهضته”.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©