الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

آسيا في طليعة السياسة الخارجية الأميركية

12 أكتوبر 2013 00:19
يعتبر قرار أوباما بإلغاء زياراته إلى القمم الاقتصادية والسياسية في آسيا بمثابة انتكاسة لموقف الولايات المتحدة في المنطقة. وكما قال وودي آلان إن 80 بالمئة من الحياة، ما هو إلا تظاهر، ويتجلى هذا بشكل خاص في آسيا. ولكن بعد التخطيط والمشاركة في رحلات مماثلة لأوباما أو لبوش الابن، ندرك أن مدى الضرر يعتمد على خطوات البيت الأبيض المقبلة. ليست هذه هي المرة الأولى التي يسحب فيها رئيس تعاقداته الدبلوماسية في آسيا بسبب السياسات الداخلية. ففي عام 1995 ألغى كلينتون رحلته إلى القمة الاقتصادية الإقليمية في أوساكا، اليابان، بسبب تعطيل (إغلاق) الحكومة الفيدرالية. وقد لاقى هذا الإلغاء انتقاداً واسعاً في ذلك الوقت، لكن الرئيس استعاد نشاطه في الربيع التالي من خلال قيامه بزيارات ناجحة للغاية إلى اليابان وكوريا والتي أدت إلى تغييرات بعيدة المدى في تحالفات الولايات المتحدة. واليوم لا يذكر أحد أن كلينتون لم يذهب إلى أوساكا. في عام 1998، انسحب كلينتون من قمة كوالالمبور في ماليزيا، وأرسل نائبه آل جور بدلاً منه. وفي خضم أسوأ أزمة مالية تمر بها آسيا والجهود الكبيرة التي بذلتها واشنطن والعواصم الإقليمية للتوصل إلى حلول مناسبة، أدلى آل جور بخطاب «الإصلاح» الطائش، منتقداً الدولة المضيفة ليضخم الانطباع بأن أميركا لم تحصل على المنطقة. ما زال الجميع في آسيا يتذكرون هذه القمة، ولا يزال الدبلوماسيون الأميركيون يحاولون إصلاح الضرر الدبلوماسي والاستراتيجي. أما هذه المرة، فإن المخاطر أعلى، فاقتصادات آسيا والمحيط الهادي تمثل أكثر من نصف الناتج المحلي الإجمالي العالمي، كما أن آسيا هي الجزء الأسرع نمواً في عالم الاقتصاد. والحكومات في جميع أنحاء المنطقة تشعر بالقلق حيال الإصرار المتزايد للصين، وتتوق إلى مشاركة دبلوماسية عسكرية اقتصادية أكثر فاعلية من جانب الولايات المتحدة للحفاظ على توازن مؤات للقوة. وليس مستغرباً أن تظهر استطلاعات الرأي أن عدداً كبيراً من الأميركان يعتبرون آسيا المنطقة الأكثر أهمية لمصالح الولايات المتحدة. وقد لاقى إعلان أوباما في فترة ولايته الأولى أن الولايات المتحدة ستكون «المحور» و «تعيد التوازن» إلى منطقة المحيط الهادي ترحيباً واسع النطاق، ولكن الشكوك تنامت. فالمحرك لهذه الاستراتيجية، هيلاري كلينتون، أصبحت خارج الحكومة. وقد أضعفت هذه التنحية من قدرة «البنتاجون» علي التحول إلى المحيط الهادي، وبدا الخطاب الأخير للرئيس أمام الأمم المتحدة كإشارة إلى أن اهتمامه الأساسي للمضي قدماً سيكون الشرق الأوسط. وللتعافي من هذا الإلغاء يتعين على أوباما القيام بعدة أمور، فهو بحاجة أولاً إلى إعادة جدولة زيارته إلى المنطقة، يفضل أن تكون في مطلع العام القادم. وعليه أن يتوقف في اليابان وكوريا الجنوبية ثم التوجه إلى جنوب شرق آسيا للاجتماع مع زعماء رابطة دول جنوب شرق آسيا (الأسيان). والأمر الثاني هو أنه ينبغي على الرئيس الدفع بمزيد من القوة لتأمين دعم الكونجرس للشراكة عبر المحيط الهادي، وهي مفاوضات تجارة حرة في محور جهود الولايات المتحدة التي تهدف إلى ربط أميركا وآسيا اقتصادياً في القرن الـ21. وقد تمكن ممثل التجارة الأميركي مايكل فرومان من دفع المفاوضات باقتدار مع الدول الشريكة وعددها 11 دولة، لكنه يقوم بذلك دون وجود فكرة واضحة عما سيدعم الكونجرس. فالشراكة عبر المحيط الهادي لن تحقق أي شيء ما لم يمنح الكونجرس الرئيس تعزيزاً تجارياً أو سلطة «المسار السريع». وكانت آخر مرة يمنح فيها الكونجرس هذه السلطة في عام 2002. وكان هذا في أوج شعبية بوش الابن، ولكن هذا التمرير استغرق عاماً من العمل الرئاسي مع أفراد من الكونجرس ورغم ذلك فقد مر الإجراء بالكاد. واليوم، هناك المزيد من الأصوات التي تدعم التجارة الحرة، ولكن المناخ السياسي أيضاً أصبح ساماً بدرجة أكبر. ورغم ذلك، إذا كان أوباما جاداً بشأن قيادة رؤية مستقبلية للعلاقات عبر المحيط الهادي، فإن عليه مضاعفة التزامه لكي يجعل هذا يحدث. وثالثاً، فإن البيت الأبيض بحاجة إلى حماية الإنفاق على الدفاع من لعبة «الصقور» و«الحمائم»، ألا وهي «العزل»، وقد قام وزير الدفاع «هيجل» بثلاث رحلات إلى آسيا، ولكن في ظل الظروف السياسية الحالية لا يسمح لـ«البنتاجون» بالتخطيط لوجوده في المنطقة. الاستعراض شيء مهم، ولكن الحكومات الإقليمية ستقيس الالتزام بمقياس القدرة. الرئيس بحاجة إلى إعادة الاستثمار فيما يتعلق بسياساته في آسيا. وستحدد الإجراءات التي ستتخذها الإدارة خلال الأشهر القليلة المقبلة ما إذا كان هذا الإلغاء يعتبر ومضة أو انتكاسة طويلة المدى لعلاقات الولايات المتحدة مع أكثر المناطق ديناميكية في العالم. يذكر أن أوباما قد ألغى خططاً لحضور لقاءات قمة في إندونيسيا وبروناي، ورضخ لحقيقة أن الأزمة السياسية الناجمة عن التوقف الجزئي لأنشطة الحكومة الأميركية تتطلب بقاءه في واشنطن. وكان أوباما قد ألغى زيارته إلى ماليزيا والفلبين في وقت سابق من هذا الأسبوع بسبب الخلاف بينه وبين «الجمهوريين» في الكونجرس حول الميزانية. واتخذ قرار إلغاء زيارة أوباما لإندونيسيا وبروناي - حيث كان سيشارك في قمتين هامتين للمصالح الأميركية في آسيا - في اليوم الثالث لتوقف أنشطة دوائر الحكومة الأميركية وهو مؤشر لإمكانية استمرار الأزمة لعدة أيام مع تواصل الخلاف بين أوباما و«الجمهوريين» في الكونجرس حول الميزانية. ماثيو جودمان - رئيس قسم الاقتصاد السياسي بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية-واشنطن مايكل جرين - خبير في الشؤون الآسيوية وأستاذ بجامعة جورج تاون ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©