السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الجزائر تكافح التلوث بـ «يوم دون سيارات»

الجزائر تكافح التلوث بـ «يوم دون سيارات»
17 أكتوبر 2011 09:07
(الجزائر) - نظمت الجزائر مؤخراً احتفالية وطنية أطلقت عليها وصف «يومٌ دون سيارات»، قامت خلالها بإغلاق شوارع كبرى ورئيسية في ولاياتها الـ48 أمام السيارات بشكل كلي منذ الساعة التاسعة صباحاً إلى غاية السابعة مساءً، ولجذب انتباه المواطنين، نظمت مئات الأنشطة الفنية والترفيهية والتربوية التي حظيت بتجاوب كبير من العائلات التي أعربت عن سعادتها التامة لهذه المبادرة الثمينة. نجاحٌ كبير أشرف على تنظيم هذه الاحتفالية الإذاعة ُالجزائرية، بالتنسيق مع وزارة البيئة والسلطات المحلية لكل الولايات، والتي جندت مئاتِ الجمعيات والفرق الرياضية للمشاركة فيها وإنجاحها، وأعطى المدير العام للإذاعة توفيق خلادي إشارة انطلاق الاحتفالية من ولاية عنابة شرق الجزائر هذه السنة، بعد أن تمّ تعميمُها إلى كل الولايات هذا العام، ولم تقتصر على مدينة الجزائر على غرار الدورات الثلاث الماضية التي حققت نجاحاً باهراً بحسب خلادي. وحظيت الاحتفالية بمشاركة جماهيرية كبيرة، خاصة في أوساط العائلات التي وجدتها فرصة ثمينة لاصطحاب أطفالها إلى الشوارع وإدخال البهجة إلى أنفسهم، واصطحب الكثيرُ من الأطفال معهم دراجاتهم ليجوبوا بها الشوارع التي قُطعت بها حركة السيارات على امتداد نحو 6 كيلومترات. إلى ذلك، قالت آمال بلقاضي التي كانت برفقة طفليها الصغيرين إنها «أجواء بهيجة لم نرها منذ عام، ليت مثل هذه الاحتفاليات تنظم بين الفينة والأخرى حتى يمرح أطفالنا أكثر في مساحات إضافية دون الخشية من أن يتعرضوا لحوادث مرور، أعتقد أن تنظيمها ليوم واحد في السنة غير كاف، وأتمنى أن تُنظم مرة كل شهر أو على الأقل مرة كل ستة أشهر»، وتعقب سيدة أخرى على كلامها قائلة «الأمر لا يقتصر على إدخال البهجة إلى نفوس الصغار، فحتى حدائق الحيوانات وألعاب الأطفال تلعب نفس الدور، المسألة تتعلق بمنع السيارات لمدة يوم كامل من السير في الشوارع الرئيسية للجزائر، ما يقلل من التلوث الناجم عن إطلاق عوادمها للدخان والغازات المحترقة للوقود، وكذا التقليل من ضوضائها الذي تحدثه طيلة النهار وحتى في الليل وينغص حياة سكان العمارات المطلَّة على الشوارع الرئيسة». عروض ترفيهية التفّ آلاف الأطفال والشباب حول فرق قدمت عروضاً رياضية جميلة في المصارعة الحرة والكاراتي والكونج فو والمبارزة بالسيوف والكرة الطائرة وكرة اليد ورياضات أخرى فردية وجماعية. كما تمّ وضعُ بساطات خضراء تحت تصرف الأطفال للقفز واللعب عليها حتى لا يقتصر دورهم على مشاهدة الغير. بينما تحلّق مئات الشباب حول فرق موسيقية بأماكن مختلفة، ومنها الفرقة «التارقية- الإفريقية» التي استقطبت جمهوراً كبيراً بنغماتها ورقصاتها الفلكلورية العريقة. كما نظمت مؤسسة «فنون وثقافة» لولاية الجزائر أنشطة تربوية وفنية للأطفال ومنها ورشات للرسم والأعمال اليدوية التي تركز موضوعُها على أنجع السبل لحماية البيئة، بينما قام الفنان التشكيلي أحمد بوكراع برفقة 5 فنانين آخرين برسم جدارية كبيرة عن حماية المحيط من التلوث وحث الأطفال على ذلك. وقال بوكراع إنه حرص على انتقاء اللون الأخضر رمزاً للبيئة النظيفة، بينما يشير اللون الأحمر إلى درجة التلوث العالية. بموازاة الأنشطة الرياضية والفنية والتربوية، اغتنم الأمن الوطني الفرصة للقيام بحملة إرشادية تهدف إلى احترام قانون المرور، حيث قام أعوان أمن بتوزيع مطويات تنص على حالات سحب رخص السياقة، وحرص الأعوان على تقديمها للأطفال ونصحوهم بأن يقدموها بدورهم لآبائهم أو لجيرانهم الذين يملكون سيارات. ونصب الأمن أيضاً رادارين قصد حث السائقين على ضرورة احترام السرعة المحددة وعدم تجاوزها وهي 80 كلم في الساعة، ودخل السائقون في نقاشات مستفيضة مع عناصر الشرطة حول هذه المسألة حيث أبدوا تحفظهم البالغ على تحديد السرعة بـ80 كم فقط وكذا كثرة سحب رخص السياقة لفترات تتراوح بين شهر وعامين بحسب نوعية المخالفة، ودعوا إلى تعويضها بغرامات مالية باهظة، ورد عناصر الأمن بالتذكير بكثرة حوادث المرور التي تحصد 4,300 قتيل سنوياً، ما يدعو إلى هكذا إجراءات لردع السائقين وتخفيض «إرهاب الطرقات» إلى نسبٍ معقولة. يومٌ للتوعية عن دلالات الاحتفالية، يقول علي بن سعدية، وهو أحد المشرفين على التنظيم «إنها مناسبة للتذكير بأهمية الحفاظ على الطبيعة والبيئة ومكافحة التلوث، لا يُخفى عنكم أن التلوث يزداد في الجزائر العاصمة لكثرة السيارات التي تدخلها يومياً من مختلف أنحاء البلد والتي تتجاوز 1.2 مليون سيارة، وتُضاف إليها المصانعُ التي تطلق غازاتٍ سامة، والأمر ينطبق على مختلف المدن، ما يعني أن الجزائريين يتنفسون هواءً ملوثاً من كثرة الغازات المسمومة التي تطلقها السيارات والمصانع، فجاءت هذه الخطوة الرمزية لتذكير المواطنين بخطورة التلوث الذي يسبِّب عدة أمراض تنفسية مزمنة ويدعوهم إلى تعلم كيفية المحافظة على البيئة في حدود استطاعتهم»، ويوضح بن سعدية أن الأمر يتعلق أيضاً بـ«تعليم الأطفال كيفية القيام بحملات لتنظيف المدينة من النفايات وعدم إلقاء أكياسها بشكل فوضوي يُسهم في تفاقم التلوث وكذا كيفية غرس الشجيرات والورود والحفاظ على المساحات الخضراء، فهي مناسبة للتوعية بكل ما يمتُّ بصِلة إلى حماية الطبيعة والبيئة وإن اتخذت من منع السيارات من السير في شوارع محدودة لمدة ساعات، مظهراً لها»، وأعرب بن سعدية عن ارتياحه لنجاح الاحتفالية التي شارك فيها «عشرات الآلاف من المواطنين طيلة عشر ساعات في الجزائر العاصمة وحدها»، بينما أكدت الإذاعة نجاحَ الاحتفالية في كل الولايات الـجزائرية. أما المواطنون الذين وجدوا في الاحتفالية فرصة للرقص والمرح والبهجة طيلة النهار، فقد دعوا إلى اتخاذ إجراءات أكثر عملية من منع السيارات من السير في شوارع محدودة ليوم واحد ثم تعود الأمور إلى ما كانت عليه طيلة 364 يوما، إذ دعوا إلى ضرورة منع السيارات القديمة من السير لأنها تطلق دخاناً أسودَ ملوِّثاً للمحيط، وتحفيز الجزائريين على استعمال الوقود المُسمَّى «سيرغاز» والبنزين دون رصاص والذي لا يلوث البيئة، كما طالبوا بإجراءات أخرى لتقليل الانبعاث الغازي من المصانع إذا أرادت السلطاتُ فعلاً مكافحة التلوث وما ينجم عنه من أمراض تنفسية مزمنة تكلِّف الخزينة العمومية الكثير من الأموال
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©