الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الاضطراب اليمني... تداعيات إقليمية

17 أكتوبر 2011 00:25
مايكل هورتون محلل سياسي أميركي في وقت يدخل فيه اليمن شهره التاسع من الاحتجاجات الواسعة المعارضة للحكومة، أخذت محاولة صالح الرامية إلى إعادة فرض سيطرته بدلاً من التفاوض مع المعارضة تدفع البلاد نحو حرب أهلية. فعلى الرغم من أن معظم اليمنيين قد أظهروا ضبطاً كبيراً للنفس وثابروا في الدعوة إلى انتقال سلمي للسلطة، فإن عودة صالح مؤخراً بعد فترة نقاهة قضاها في الخارج بعد محاولة اغتيال قوَّت كلا من أنصار صالح والمحتجين المعارضين لنظامه. وتعليقاً على هذا الموضوع، يقول "عقلان فارس" الذي انشق عن قوات "الحرس الجمهوري" النخبوية التي يديرها ابن الرئيس: "إن صالح لن يتخلى عن منصبه حتى تشتعل النار في البلاد كلها... ولكنه حقاً تمادى كثيراً، فمن العيب قتل النساء والأطفال. ولكن صالح وعائلته سيُرغمون على التنحي". غير أنه لا حكومة صالح ولا المعارضة - وهي عبارة عن حركة متنوعة من الزعماء القبليين والمنشقين عن الجيش، ومن بينهم الجنرال علي محسن الأحمر، وشباب يشعرون بالإحباط والخيبة - يبدو أنها تمتلك الدعم أو الإمكانيات العسكرية للانتصار بشكل واضح وحاسم على الأخرى. وفي هذا السياق، تقول سارة فيليبس، المتخصصة في اليمن بجامعة سيدني في أستراليا: "لا أحد من اللاعبين الرئيسيين -الرئيس صالح وعائلته، وعلي محسن، وعائلة الأحمر- يُظهر مؤشرات على أنه يرغب في التراجع أو قادر على تحقيق انتصار سياسي أو عسكري واضح". بيد أن الاحتراب الداخلي في اليمن لن يكون حرب مجموعة واحدة مجموعة ضد أخرى؛ بل ستكون على الأرجح حرباً متعددة الأبعاد، ويمكن أن تكون لها تداعيات على المنطقة - ولاسيما في السعودية، التي تشترك في 1100 ميل من الحدود مع اليمن. فالسعودية ستجد نفسها أمام أزمة إنسانية من النوع الذي قد ينتج عن حرب أهلية في اليمن. وعلاوة على ذلك، فإن نزاعا مثل هذا يمكن أن يزيد أيضاً من خطر القرصنة في منطقة "باب المندب"، وهو مضيق استراتيجي وبالغ الأهمية بالنسبة للنفط الدولي والملاحة البحرية. والجدير بالذكر هنا أن الحرس الجمهوري، وجهاز الأمن المركزي، والقوات الجوية - وكلها قوات يقودها أقارب للرئيس - لعبت وتلعب أدواراً أساسية في الحفاظ على الإبقاء على قبضة صالح الضعيفة على السلطة. وعلى الرغم من الآلاف من المتظاهرين المعارضين للحكومة الذين مازالوا يملأون شوارع اليمن، فإن صالح مازال يمتلك عدداً مهماً من الأنصار داخل الجيش وبين عامة الشعب - المتأثرين ربما بشبكات الرعاية الواسعة التي طالما اشترى من خلالها الدعم مقابل المال والوظائف والنفوذ. غير أن ازدياد مستويات العنف ضد المدنيين بات يهدد بتآكل تماسك حتى تلك الوحدات العسكرية التي مازالت موالية للحكومة، وذلك على اعتبار أن عودة "صالح" إلى اليمن وتصميم المحتجين المستمر أخذا يدفعان العديد من هذه الوحدات إلى تبني تدابير تعبر عن قدر أكبر من اليأس. وفي هذا السياق، يقول محمد الجوفي، وهو ضابط ملحق بالفرقة المدرعة الثالثة التي يقودها الأحمر، الذي كان بمثابة "القبضة الحديدية" لصالح منذ عقود إلى حين انشقاقه هذا الربيع: "إن صالح والأشخاص المحيطين به يعلمون أنه ليس لديهم ما يخسرونه"، مضيفا "إنهم ينظرون إلى الأمر على هذا النحو: كل شيء أو لا شيء. فهم يعتقدون أنهم يستطيعون الفوز الآن بعد أن عاد صالح، ولكنه خسر الشعب، والأشخاص الذين يحاربون من أجله إنما يقاتلون من أجل المال. ولكن ماذا سيحدث عندما ينفد المال؟". بيد أنه إذا كان معظم الدعم الذي يحظى به صالح يشترى بلا شك، فإن بعض اليمنيين يدعمون صالح حقا خوفاً من أن تعقب رحيله الفوضى على أيدي المحتجين الشباب. وفي هذا السياق، يقول قاسم المحيي، الذي يرأس مجموعة تتاجر في مادة القات: "إن المحتجين لا يمكن أن يجلبوا لنا سوى مزيد من الفوضى… فصالح هو الوحيد الذي يستطيع الحفاظ على هذا البلد متماسكا". ولئن كانت معظم تغطيات وسائل الإعلام تركز على صنعاء وشمال اليمن، فإن جنوب اليمن يعيش أيضاً حالة اضطراب واسعة. والواقع أنه حتى قبل اندلاع الاحتجاجات في أواخر يناير الماضي، كان سكان الجنوب يخرجون بين الحين والآخر إلى الشوارع من أجل الاحتجاج على ما يعتبره العديد منهم سياسات صالح التمييزية. ذلك أنه إذا كانت ثروة اليمن المحدودة من النفط والغاز تقع في الجنوب، فإن الحكومة يهيمن عليه يمنيون من الشمال. واليوم، ينظر العديد من سكان الجنوب إلى الضعف الحالي للنظام اليمني باعتباره فرصة للدفع بمطالبتهم بالانفصال – حركة تكتسي اليوم أهمية بالغة بالنسبة لاستقرار اليمن. وتعليقا على هذا الموضوع، يقول ألكسندر نيش من جامعة شيكاجو: "مثلما علَّمنا التاريخ مراراً، فمتى تراخت قبضة الحكومة المركزية على السلطة من خلال النزاعات الداخلية، فإن الميولات الانفصالية تكتسب قوة وزخماً"، مضيفاً "إن العديد من سكان الجنوب يراقبون الأحداث في الشمال بمزيج من الاشمئزاز والأمل: الاشمئزاز من تفسخ وفساد وضيق تفكير الحكام؛ والأمل الذي يغذيه الاقتتال الداخلي كفرصة رائعة للجنوب من أجل الانفصال عن "مضطهِديهم" الحقيقيين أو المتخيلين في الشمال". غير أنه لا بد من الإشارة هنا إلى أن ليس كل سكان الجنوب يؤيدون الانفصال والعديد منهم سيرحبون بحكومة انتقالية تضم شخصيات سياسية مؤثرة من الجنوب. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©