السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قراءة حرة

قراءة حرة
26 يناير 2011 19:51
كانت مسرحية “القصة المزدوجة للدكتور بالمي” التي ترجمتها مطلع السبعينيات عن الإسبانية ونشرت في سلسلة المسرح العالمي بالكويت تدور حول قضية محورية هي مشكلة التعذيب السياسي في السجون. فالزوج “دانييل” الذي يعمل في الجهاز الأمني يعاني من مشكلة العجز الجنسي المفاجئ، ولا تفيده الأدوية التي يستخدمها، فتنصحه زوجته بأن يلجأ إلى طبيبها النفسي. يناقش الطبيب معه احتمالات أسباب الحالة فلا يجد أثرا لشيء، يقدم له سيجارة ويطلب منه أن يستمر في عرض حالته، فيبتسم المريض لأنه يمارس الشيء ذاته في عمله. وعندما يسأله الطبيب عن طبيعة هذا العمل يعترف له بأنه يعمل في القسم السياسي للجهاز الأمني حيث ينتزعون الاعترافات من المتهمين باستخدام كل الوسائل، وأنه قد أوكلت إليه في الآونة الأخيرة حالة متهم عنيد أصر على الإنكار فجربوا معه وسائل ضغط نفسي ومادي عنيف، لكن الوسيلة الأخيرة التي تركت المتهم في حالة انهيار كامل كانت نتيجتها القضاء على رجولته بطريقة وحشية. يتولى الطبيب شرح أبعاد الحالة المرضية، فالمريض يتصور أنه يقوم بواجبه، الأمر الذي جعله يقع في حالة العجز الجنسي بدوره، لأن هناك شيئا في أعماقه يمثل عقدة ذنب، ولكي يشفى فإن عليه أن يقر بأنه ارتكب جرما رهيبا لا يمكن أن يبرر، وعندما يجادله المريض بأن رفاقه مازالوا أصحاء لا يعانون من شيء يؤكد له الدكتور بأنهم لا بد أن يتحملوا نتيجة جرائمهم بأشكال مختلفة، ثم يودعه رافضا أن يتقاضى أجرا منه، لأنه لم يستطع أن يمنع نفسه من احتقاره، كما لم يستبعد أن يعمد الجهاز إلى التنكيل به هو الآخر لصراحته في كشف مدى الجرم في ممارساته. تتعقد المسرحية عندما تأتي تلميذة قديمة للزوجة كي تطلب منها مساعدتها كي يخفف زوجها ورفاقه عمليات التعذيب التي يقومون بها ضد المعتقلين، ومنهم زوج هذه التلميذة، تصعق زوجة المحقق من الوقائع وتحاول إنكار تورط زوجها، تتهمهما بالاختلاق وترداد الأكاذيب عن الجهاز، فتجهش التلميذة في البكاء وهي تعترف بأنهم استخدموها هي وهتكوا عرضها أمام زوجها، لكنها لا تستطيع أن تصدق فتطردها من منزلها وترميها بالكذب، وعندما تسأل زوجها ينكر في بداية الأمر، ثم يعترف بأنه ذهب إلى الطبيب وأخبره بأن ما قام به مع المتهم هو السبب في حالته، ولكي تتضح أبعاد المأساة تتلقى الزوجة كتابا عن تاريخ التعذيب السياسي متضمنا وثائق وصورا شنيعة “ملايين من المعذبين، ما بين عيون مفتوءة، وألسنة منزوعة وخوازيق منصوبة، يرجمون بالحجارة أو يجلدون بالسياط حتى الموت” ثم تأخذ الزوجة في سرد ما قرأته في الكتاب: “هل تعرف قصة العجل البرنزي؟ كانوا يحشرون إنسانا بداخله ويشعلون النار من تحته، وكان الثور يخور.. والأشياء الأخرى الكريهة التي تصنع في النساء أثداء تقطع” يصل احتدام الموقف الدرامي إلى ذروته، فالزوجة التي كانت مخدوعة في عمل زوجها تطالبه بتركه فورا وغسل يده من هذه الجرائم التي دمرت إنسانيته، فإلام ينتهي الأمر؟ drsalahfadl@gmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©