الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«النكوص» حيلة لا شعورية «تقهقرية»

«النكوص» حيلة لا شعورية «تقهقرية»
12 أكتوبر 2013 21:11
أبوظبي (الاتحاد) - يذهب خبراء العلوم السلوكية إلى أن الفرد إذا عجز عن مواجهة مشكلاته أو التعبير عنها بوضوح وصراحة، فان ذلك يدفعه إلى استخدام أساليب معينة من التكيف حتى يخفف حدة التوتر الناتج عن الإحساس بالإحباط النفسي الذي يعاني منه،لأن الإنسان بطبيعته يبحث عن السعادة وتجنب الألم بكل أشكاله. وفي مقدمة هذه الأساليب الحيل «الدفاعية اللاشعورية» التي يقوم بها وهى عبارة عن عملية عقلية «لا إرادية» هدفها خفض القلق والتوتر والألم النفسي. الأخصائي النفسي علي إسماعيل الجاف، يوضح حقيقة «النكوص» وتقول:« من الطبيعي أن نرى النمو الإنساني يسير إلى الأمام بطبيعته وفطرته، إلا أنه يمكن ألا يسير دائما في مسار إلى الأمام، أو في طريق التقدم، وإنما قد يصيبه الجمود أو الثبات، وهذا ما يطلق عليه «النكوص»، فإذا كان الطفل ينمو جسمانياً وحركياً وعقلياً وانفعالياً ووجدانيا ولغويا بشكل طبيعي، فإننا قد نراه في حالة « النكوص» يرتد إلى الوراء، وبدلاً من اجتياز مرحلة نمو طبيعي في جانب معين، نراه يعود إلى مرحلة سابقة، وينحى نموه منحىً «تقهقهري». ويضيف الجاف:« إذا كان الطفل في مرحلة ما قد تمكن من ضبط مثانته أثناء النوم، وإن شعر بالحاجة إلى التبول، فقد يعتاد الاستيقاظ، فإنه قد يحدث أنه يعود ثانية إلى عادة تبليل فراشه وذلك على إثر تعرضه لأزمة نفسية بسيطة أو حادة، كأن يشعر بالغيرة عندما تلد الأم مولوداً جديداً، فتحول جزءاً من اهتمامها وعطفها ورعايتها إلى المولود الجديد وتهمل الابن الأكبر نسبياً، وقد يظهر هذا النكوص في شكل صعوبات في النطق والكلام أو في التبول اللاإرادي، أو في العدوان والعنف والعصيان، ويظهر في العودة إلى الخلف أو إلى الوراء ، ويعود ويطلب أن تطعمه الأم بنفسها بعد أن كان تعلم أن يأكل بنفسه، وهو وضع معاكس لسير النمو أو التقدم أو الارتقاء. وقد يعود الشخص الكبير إلى أنماط سلوكية بدائية أو إلى سلوك الأطفال، وقد يعمد الطفل الإتيان ببعض السلوكيات التي لم يسبق له حتى أن مر بها مثل عادة مص الأصابع ويمثل النكوص نوعا من النكسة أو الانتكاس. وإذا كان هناك سلوك بدائي وكان هذا السلوك ملازما للفرد طوال عمره فإن ذلك لا تنطبق عليه صفة النكوص لأنه لم يسبق للفرد أن تخطاه أو تحرر منه. ويكمل الجاف:« من ثم يمكن فهم «النكوص» على أنه رجوع الطفل وميله إلى مرحلة مبكرة من النمو، أو لمرحلة تثبيت سابقة، أي أن يثبت الطفل عند مرحلة نمو محددة دون الانتقال لمرحلة تالية، والرجوع والتقهقر إلى مرحلة أولية أو بدائية تمكن الطفل من تخطيها وتجاوزها وإتقانها سابقًا؛ فيسير النمو في حركة نكوصية إلى الوراء. ويظهر هذا السلوك في أوقات ومواقف مختلفة، فإذا ظهر من ينافس الطفل في جذب الاهتمام من قبل الأبوين اشتعلت نار الغيرة عند الطفل وأصبح يرجع بسلوكه إلى سلوكيات تشابه سلوكيات الطفل الجديد. ونستطيع أن نقول إن الطفل عندما يشعر بالخوف والقلق وعدم الأمان بالإضافة إلى تعرضه للإخفاق والحرمان، سيُظهر تصرفاته النكوصية، فقد يفقد السيطرة على تبوله بعد أن تخطى هذه المرحلة وتمكن من السيطرة والتحكم بمعصراته، أو قد يصبح طفلاً بَكّاءً يكثر من الشكوى والتذمر، أو قد يبدأ بالزحف على يديه مقلدا من يصغره سنًا مع العلم بأنه يستطيع المشي على قدميه، أو قد يتناول «رضاعة» شقيقه الصغير. وبالطبع هذه السلوكيات هي رسالة غير مباشرة «غير لفظية»، ليس هدف الطفل منها هو السلوك النكوصي بحدّ ذاته وإنما جذب الأنظار والرعاية والأمان عند الشعور بالخطر الذي يداهمه ويقترب منه، والاستمرار فيه هو من أجل مكاسب ثانوية يمكن أن ينالها. ومن ثم على الوالدين والكبار أن ينتبهوا لهذه الإشارات، ويدركوا بأنه بالإمكان تخطي ذلك عندما يمكنون الطفل من الفهم بأنه يستطيع الحصول على ما يحتاجه من العناية المطلوبة دون اللجوء لهذه السلوكيات، ولكن باللجوء إلى سلوكيات أكثر نضجًا، فالنكوص هو شكل غير ناضج من السلوك.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©