الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

وديع الصافي.. صوت الجبل الذي أبكاه الفن

وديع الصافي.. صوت الجبل الذي أبكاه الفن
12 أكتوبر 2013 21:14
غّيب الموت الفنان العربي وديع الصافي أحد عمالقة الغناء اللبناني، أمس الأول بعد صراع طويل مع المرض، هذا العملاق، صاحب الصوت الرائق، والموسيقى الحالمة، الذي انسكبت منه الأنغام.. رحل عن الساحة الفنية وهو صانع الكلمة، ومبتكر أجمل النغمات، فقد كان يدخل القلوب دون استئذان بصوته المرهف وحضوره المميز، وكان يحمل لواء الحرية، لذا امتاز بالشفافية ويقظة الضمير.. والعالم العربي اليوم فقد فارساً، لم يترجل عن جواده إلا بالموت، إذ بقي على صهوته، يقاوم المرض إلى آخر لحظة. بغياب وديع الصافي تنطوي إحدى صفحات العمالقة الكبار في سجل الغناء العربي واللبناني معاً، فالكلمات لا تفيه حقه، وسيبقى ورمزاً للفن والجبل، ومثالاً يجسد الشهامة والكرم، فقد كان عنواناً، لمدرسة طالما اتجهت وشخصت إليها أنظار الشباب، فأخذوا عنها واستقوا منها فن قراءة النصوص بالتعبير الصوتي الكامل، وما تعنيه من خوالج وأحاسيس إنسانية، وما من شك في أن غياب وديع الصافي أحدث هزة في أوساط الغناء العربي، وصدمة لكل عشاق الكلمة الجميلة، واللحن الشجي الأصيل. صرخة بطل غيب الموت عملاقا من عمالقة الطرب في لبنان والعالم العربي، غّيب «رح حلفك بالغصن يا عصفور، لبنان يا قطعة سما، طل الصباح، بترحلك مشوار، بتحبني وشهقت بالبكي، دق باب البيت عالسكيت، صرخة بطل»، وغيرها من الأغاني التي لم تزل لها صدى في قلوب محبيه وعشاق فنه الذي عاش الصافي مخلصاً له، فهو الفنان الكبير الذي عاش الجميع لحظات موته حين كان موجودا في منزل ابنه طوني في المنصورية، وتعرض لوعكة صحية، ونقل الى مستشفى بيل فو، وفارق الحياة. الصافي من مواليد 24 يوليو عام 1921، وكان له الدور الرائد بترسيخ قواعد الغناء اللبناني وفنه، ونشر الأغنية اللبنانية، وهو ابن قرية نيحا الشوفية ويعد الابن الثاني في ترتيب العائلة المكونة من ثمانية ذكور، كان والده بشارة يوسف جبرائيل فرنسيس، «رقيباً» في الدرك اللبناني. انطلاقة فنية الانطلاقة الفنية له كانت عام 1938، بفوزه في مباراة الإذاعة اللبنانية، بالمرتبة الأولى لحناً وغناءً وعزفاً، وفي عام 1952، تزوج من ملفينا طانيوس فرنسيس، إحدى قريباته، فرزق بستة أولاد، ابنتان دنيا ومارلين، وأربعة صبيان، فادي وأنطوان وجورج وميلاد. عمل بمهرجانات بعلبك التي جمعته بعمالقة الفن آنذاك، فيلمون وهبي، والأخوين رحباني وزكي ناصيف، ووليد غلمية، وعفيف رضوان، وتوفيق الباشا، وسامي الصيداوي، وغيرهم، لقد حمل هذا الكبير جنسيات ثلاث المصرية، الفرنسية، والبرازيلية، إلى جانب جنسيته اللبنانية، حيث يفتخر بلبنانيته ويردد أن الأيام علمته بأن ما أعز من الولد إلا البلد. دكتوراه فخرية غنّى للعديد من الشعراء، خاصّة أسعد السبعلي ومارون كرم، وللعديد من الملحنين منهم، الإخوان رحباني، زكي ناصيف، فيلمون وهبي، عفيف رضوان، محمد عبد الوهاب، فريد الأطرش، رياض البندك وكان أنانياً في التلحين وأصبح يلحن أغانيه بنفسه لأنّه كان الأدرى بصوته، حيث كان يُدخل المواويل في أغانيه، وكون مدرسة فنية يُحتذى بها، إذ غنّى الآلاف من الأغاني والقصائد، ولحّن منها العدد الكبير، وكرمته أكثر من بلد ومؤسسة، وجمعية، وحمل أكثر من وسام استحقاق، منها خمسة أوسمة لبنانية، نالها أيام الرؤساء كميل شمعون، فؤاد شهاب وسليمان فرنجية والياس الهراوي. أما الرئيس اللبناني إميل لحود فقد منحه «وسام الأرز» برتبة فارس. ومنحته جامعة الروح القدس في الكسليك دكتوراه فخرية في الموسيقى في 30 يونيو 1991. كما أحيا الحفلات في شتّى البلدان العربية والأجنبية. أفلام ومهرجانات شارك وديع الصافي في العديد من المهرجانات منها، «العرس في القرية» (بعلبك 1959)، «موسم إلعز»، و»مهرجان جبيل» (1960)، «مهرجانات فرقة الأنوار» (1960-1963)، «مهرجان الأرز» (1963)، «أرضنا إلى الأبد» (بعلبك 1964)، «مهرجان نهر الوفا» (1965)، «مهرجان مزيارة» (1969)، «مهرجان بيت الدين» (1970-1972)، «مهرجان بعلبك» (1973-1974) ومن أفلامه السينمائية، «الخمسة جنيه»، «غزل البنات»، «موّال» و»نار الشوق» مع الشحرورة صباح في عام 1973، وفارق الحياة الفنان الكبير الصافي إثر أزمة قلبية في مستشفى بيل فو شرق بيروت، وستجرى مراسم الدفن في تمام الساعة الرابعة من بعد ظهر غد الاثنين، في كنيسة مارجرجس بيروت. مات الفن خبر وفاة العملاق وديع الصافي مثّل للبنانيين عموماً والفنانين بشكل خاص، حيث أعربوا بكلمات لا تكفي للتعبير عن لوعة فقدانه، وعبارات وصفه بها الشاعر فارس إسكندر الذي قال:» الآن مات الفن كلّه وتنكّست شلوح الأرزة، وداعاً العملاق وديع الصافي. وداعاً «أبو فادي»، وذكر الفنان والملحن سليم عساف: «وصارِت وحيدة عصـفورة النّهرين، وداعاً وديع الصّافي»، ويورد الشاعر نزار فرنسيس: «راح الكبير.. وخلصت غناني الوتر، والدمع نهر، وْبْكلّ الوطن طايف، الغيم الشتي والأرض وْغصون الشجر/ وقع وديع.. وبعدَك يا شجر واقف» مرثيات الفنانين النجمة كارول سماح ودعته بكلمات مثل: «العملاق وديع الصافي: «ذكراك لن تغيب، أعطيت كثيراً للفن في لبنان.. تعازينا الحارّة لعائلتك. الله يرحمك»، في حين وصف الفنان إحسان المنذر: «وداعا يا عملاق الأصالة الفنية العربية يا معلم الدكتور وديع الصافي»، ووصفت النجمة إليسا رحيل الصافي قائلة: «خسارة كبيرة وحزن عميق، تجاه أسطورة عظيمة، رح تعيش بذكرياتنا وقلوبنا.. الله يرحمك وديع الصافي»، وقابلتها النجمة نوال الزغبي بالقول: «للأسف الشديد هرم وجبل من لبنان.. خسرنا منذ لحظات العملاق الكبير وديع الصافي الله يرحمه.. خبر محزن». وعن رحيله وصف الفنان راغب علامة: «الآن خسرنا كبير لبنان، وأرزتنا الكبرى الفنان وديع الصافي رحمه الله العالم سينتظر كثيراً قبل أن يرى صوتاً وأخلاقاً وتواضعاً مثلك، يا كبيرنا، مضيفاً «للأسف لن أتمكن أن أكون موجوداً مع محبّيه يوم وداعه رحمك الله يا أستاذ وديع وأسكنك فسيح جنانه، يا من زرعت السلام والمحبة في هذا العالم»،وختم الفنان زين العمر: «الكلمات تعجز عن التعبير لحزني على رحيلك، أيها العملاق الصافي، يا من زرعت لبنان بصوتك في أقاصي الكون، غصون الأرز انكسرت بفقدانك أيها الكبير»، يذكر أن الفنان معين شريف قد حضر إلى جانب عائلة الراحل الكبير وديع الصافي في المستشفى لحظة إعلان خبر الوفاة، كما حضر الملحن رواد صعب.
المصدر: بيروت
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©