الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

نتنياهو... ومؤشرات التدخل في الانتخابات الأميركية

نتنياهو... ومؤشرات التدخل في الانتخابات الأميركية
4 أكتوبر 2012
ديفيد آندرو وينبرج باحث في مركز تنمية الشرق الأوسط بجامعة كاليفورنيا -لوس أنجلوس يقول بعض المراقبين إن رئيس الوزراء الإسرائيلي يحاول ترجيح كفة المرشح "الجمهوري" ميت رومني على حساب أوباما في الانتخابات الرئاسية المقرر عقدها في نوفمبر المقبل. وانطلاقاً من سلوكياته الأخيرة - وبناء على البحث الذي أجريتُه شخصياً حول مآل وتأثير هذه الجهود في سياقات أخرى- يمكن القول إن هذه الاتهامات صحيحة على الأرجح. بيد أن إدراك أن نتنياهو ربما يكون بصدد التدخل في الانتخابات الرئاسية الأميركية، يمكن أن يعقد نقاش السياسة الخارجية خلال محطات الحملة الانتخابية، وتكون له تداعيات على العلاقات الدبلوماسية بين الولايات المتحدة وإسرائيل في المستقبل. ففي بداية هذا الشهر، بدأ نتنياهو يضغط فجأة على واشنطن حتى تحدد "خطوطاً حمراء" لإيران بشأن برنامجها النووي. كما حذر في الحادي عشر من سبتمبر من أن الدول التي تفشل في القيام بذلك "ليس لديها حق أخلاقي في تحديد خط أحمر لإسرائيل". وفي ما بعد، أشارت مصادر إسرائيلية مجهولة (ونتنياهو نفسه، على ما يقال) إلى أن أوباما يتعالى على الزعيم الإسرائيلي عبر رفضه الالتقاء به خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة. ورغم محاولة أوباما الفورية تبديد أجواء التوتر عبر إجرائه مكالمة هاتفية في وقت متأخر من الليل مع نتنياهو، فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي ظهر بعد ذلك في برامج حوارية يوم الأحد الماضي ليقول للشعب الأميركي إن رئيسه لا يقوم بما يكفي بشأن موضوع إيران. جهود نتنياهو الحثيثة الرامية إلى تسليط الضوء على فروق صغيرة بين موقفي إدارة أوباما وإدارته، ولدت اتهامات بأنه يسعى إلى مساعدة صديقه القديم "ميت رومني" للفوز في الانتخابات. ومن بين المراقبين الذين يتهمونه بالتدخل هناك كتاب أعمدة رأي مخضرمون في "نيويورك تايمز" و"نيويوركر" و"تايم ماجازين" و"هآرتس"، إضافة إلى زعيم المعارضة الإسرائيلية شاؤول موفاز. وبالمقابل، يعتقد معلقون خبراء آخرون أن ما قام به نتنياهو لا يهدف إلى التدخل في الانتخابات الأميركية. والواقع أن نتنياهو نفسه شعر بالضغط واضطر لطمأنة المراقبين إذ قال: "إنني لن أسمح بجري إلى الانتخابات الأميركية". غير أن مشكلة محاولة إثبات أو تفنيد مثل هذه الاتهامات تكمن في أن ممارسي التدخلات لديهم دوافع قوية لنفي نواياهم الحقيقية، إذ يقدمون دعمهم لسياسيين مفضلين لديهم من حيث مواضيع السياسات، وليس من حيث التفضيل الشخصي. وفي الدراسات التي قمتُ بها لمثل هذه التدخلات في العلاقة الأميركية- الإسرائيلية، وجدتُ أن الأمر قد يستغرق سنوات قبل أن يشعر المشاركون فيها ببعض الارتياح والرغبة في الاعتراف بنواياهم الحقيقية. وهكذا، فقد استطعتُ مؤخراً فقط الحصول على شهادات رسمية من مسؤولين أميركيين - وأرشيف أزيل عنه طابع السرية - تفيد بأن الرئيس جورج بوش الأب، مثلاً، اتبع جهوداً واعية ومصممة في 1992 من أجل المساعدة على انتخاب المرشح المؤيد للسلام اسحاق رابين رئيساً لوزراء إسرائيل. ومع ذلك، فإن الوضع الحالي يحفل بالمؤشرات التي تنوّه إلى أن أحد أهداف نتنياهو الخاصة ربما تكون صياغة ملامح الانتخابات الرئاسية الأميركية. وأحد أسباب ذلك علاقته المتوترة مع الرئيس الحالي وصداقته الطويلة مع منافسه "الجمهوري". ولعل ما يبدو أزمة مفتعلة حول رفض أوباما الالتقاء به في الأمم المتحدة دالة ومعبرة على نحو خاص. ويعتبر هذا النوع من "دبلوماسية التعالي" صفة كلاسيكية ميزت العديد من حالات التدخل الماضية. بيد أن نبرة نتنياهو الصدامية والقوية تجاه إدارة أوباما بسبب إيران لا تبدو منطقية من وجهة نظر دبلوماسية، وذلك لأن رئيس الوزراء الإسرائيلي حصل منذ بعض الوقت على التزام غير مسبوق من أوباما بأنه لن يسمح أبداً لإيران بعسكرة برنامجها النووي، وسيستعمل القوة إذا ما لزم الأمر للوفاء بهذا الوعد. وبالتالي، فإن الوعود الأميركية الحالية يفترض حقاً أن تكون كافية، (حتى لا نقول مُرضية بشكل كلي من منظور إسرائيلي)، اللهم إلا إذا كان نتنياهو يشكك في قدرة أميركا أو وعد الرئيس. كل هذه العوامل تشير إلى أن نتنياهو يحاول التأثير على الانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة. غير أن إدراك هذا الأمر يطرح في الوقت نفسه فرصاً وتحديات للحملات الرئاسية حول السياسة الخارجية. فـ"الديمقراطيون" يمكن أن يحاولوا التصدي لذلك والرد على هذا السلوك المثير للجدل عبر تعبئة المشاعر القومية ضد تدخل أجنبي في الانتخابات الأميركية واتهام "رومني" بتشجيع مثل هذه التدخلات. غير أن ذلك قد يكون تكتيكاً خطراً، على اعتبار أن العديد من الناخبين الأميركيين اليهود ينظرون إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بعين الرضا عموماً. وبالمثل، فإن "الجمهوريين" يمكن أن يشيروا إلى تصويت نتنياهو بالثقة لمرشحهم كمؤشر على أن رومني مستعد للساحة العالمية. غير أن مثل هذه الخطوة يمكن أيضاً أن تأتي بنتائج عكسية عبر التلميح إلى أن مكانة "رومني" الداخلية لوحدها لا تكفي لجعله يعبر خط النهاية في السباق الانتخابي. غير أنه بغض النظر عمن سيفوز في انتخابات نوفمبر، فإن الرئيس الأميركي من المرجح أن يتذكر سلوك نتنياهو خلال هذه الفترة الدقيقة. وعلى المدى القصير، قد يحصل رئيس الوزراء الإسرائيلي على تنازلات إضافية من واشنطن حول موضوع إيران وقد لا يحصل. غير أنه عندما سيواجه نتنياهو الانتخابات في بلده في 2013، فإنه سيجد نفسه على الأرجح عرضة لتدخل أميركي، إما انتقاماً منه أو مكافأة له. وعلى أقل تقدير، ينبغي أن تشكل هذه التطورات تذكيراً قوياً بأن التحالفات الدولية هي في أحيان كثيرة أكثر فوضوية مما يرغب معظم السياسيين في الاعتراف به. ينشر بتريب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©