كشفت آخر دراسة أعدتها مؤسسة إي سي هاريز لاستشارات الأصول العقارية التي ترصد تكاليف البناء في 47 بلد حول العالم، عن احتلال هونج كونج للمرتبة الأولى كأكثر أسواق البناء تكلفة في العالم متجاوزة سويسرا. وشهدت البلاد موجة من المشاريع الكبيرة في تسعينات القرن الماضي، للحد الذي ذهبت فيه إلى تدمير أحد الجبال لتشييد مطارها. وكشفت الدراسة أن تكاليف البناء تأثرت بشكل كبير بتقلبات العملات خلال العام الحالي. وعلى الرغم من الركود الذي أصاب اقتصاد الدول الأوروبية، إلا أنه حلت ستة من بلدانها ضمن قائمة الدول العشرة الأولى الأكثر تكلفة هذا العام، ما يشير إلى تحديات المنافسة الكبيرة التي تواجهها دول تلك المنطقة.
وفي حين احتفظت دول مثل اليابان وأستراليا بمواقعها في القائمة، أصبحت أكثر تنافساً نظراً لعدم استقرار عملاتها، في وقت تراجعت فيه تكاليف البناء فيها بنسبة قدرها 8% خلال الاثني عشر شهراً الماضية.
ويُعزى ارتفاع تكاليف البناء في هونج كونج لإنشاء المشاريع الحكومية الكبيرة المتنوعة التي تشمل العديد من خطوط مترو الأنفاق وخط سريع للسكك الحديدية بين هونج كونج وإقليم جواندونج المجاور، إضافة إلى محطة للبواخر بالقرب من مطار المدينة القديم وجسر من المتوقع أن يكون ضمن أطول الجسور في العالم.
وتخطط حكومة البلاد للانتهاء من هذه المشاريع بحلول 2015 أو 2016. بالإضافة إلى ذلك، من المنتظر أن يكتمل العمل في النفق الذي يبلغ طوله ميلين والذي يهدف إلى فك الاختناق المروري بين سنترال ونورث بوينت في جزيرة هونج كونج، بحلول العام 2017.
وأشار ستيفين لأي، مدير معهد هونج كونج للمساحين، إلى بلوغ حركة البناء ذروتها في الوقت الراهن. ويقول :”بلغ حجم البناء نسبة كبيرة للحد الذي أصبح فيه المقاولين يرفضون المناقصات الجديدة لعدم وجود الوقت لتنفيذها”.
وتتوقع حكومة هونج كونج إنفاق ما يقارب 70 مليار دولار هونج كونج (9 مليار دولار) سنوياً، على مشروعات حكومية على مدى السنوات القليلة المقبلة، مقارنة بنحو متوسط 21 مليار دولار هونج كونج خلال السنوات الخمس الماضية. وبجانب كثرة عدد المشاريع وتنوع أغراضها، تعود زيادة الإنفاق لأسباب أخرى.
وارتفعت على سبيل المثال تكاليف بناء جسر هونج كونج زوهاي - مكاو بنحو 3,3 مليار دولار هونج كونج، نتيجة لتأخير في عمليات الإنشاء بلغ مداه 9 أشهر في وقت تنظر فيه إحدى المحاكم في المخاطر التي ترتبط بتأثيراته البيئية. وفي غضون ذلك، أعلنت الحكومة عن زيادة في تكاليف امتداد اثنين من خطوط مترو الأنفاق بأكثر من 20 مليار دولار هونج كونج منذ العام 2007.
ويرى مارتن كوبون، المدير التنفيذي لشركة سوير العقارية، انعدام التناسق بين الزيادة في تكاليف البناء وتوفر العمالة وأن هذه الزيادة تعتبر من الأسباب الرئيسية التي تثير قلق الشركة. وتقدر شركة رايدر ليفيت بوكنال الاستشارية، الارتفاع في تكاليف البناء في القطاع الخاص بنسبة بلغت 65% منذ 2006. وما ساعد على تخفيف هذه الزيادة، البطء في حركة البناء في القطاع الخاص، في حين نجحت الجهود التي بذلتها الحكومة للسيطرة على أسعار المنازل. وللحد من ارتفاع معدل السن بين أفراد القوة العاملة في قطاع البناء الذين يتجاوز عمر 70% منهم 40 عاماً، تسعى الحكومة لطرح بعض البرامج التشجيعية والترفيهية.
وارتفعت بشكل ملحوظ أجور العاملين من ذوي الخبرات غير المتوفرة، حيث زادت على سبيل المثال تكلفة عمال طرح الخرسانة بنسبة 40% خلال العامين الماضيين، بينما ارتفع الطلب عليهم في كل من هونج كونج ومكاو اللتين انتعشت فيهما حركة بناء الفنادق الفاخرة والكازينوهات. ويتراوح متوسط أجر العامل في هونج كونج بين 90 إلى 270 دولاراً في اليوم اعتماداً على نوع التخصص.
ويعتقد إي سي هاريز، رئيس مؤسسة سيمون راولينسون، للاستشارات الإستراتيجية، أن المدينة تحصل في المقابل على ثمن ما تدفعه من أجور وتكاليف. ويقول :”يبدو من جانب أنه ليس من المعقول أن تكون تكاليف منطقة مثل هونج كونج بهذا الارتفاع في حين يعتقد الناس أنها منخفضة، لكن عند زيارتها ورؤية ما تم انجازه على أرض الواقع، يدرك المرء أن ذلك ليس أقل درجة من حيث المواصفات والجودة من أي منطقة أخرى في العالم”.
نقلاً عن: وول ستريت جورنال
ترجمة: حسونة الطيب
عدد اليوم
