الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تركيا ليبرالية أم إسلامية؟

12 أكتوبر 2013 22:01
كيف يمكنك أن تعرف ما إذا كان نظام يعطي المرأة الحرية لارتداء الحجاب الإسلامي في العمل هو نظام ليبرالي ويدعم الديمقراطية، أم أنه نظام إسلامي متشدد ويقيدها؟ هذا السؤال يثير قلق الحكومة التركية، التي قامت خلال أيام قليلة بإلغاء الحظر على ارتداء الحجاب لموظفي الخدمة المدنية في مؤسسات الدولة (باستثناء القضاء والأجهزة الأمنية)، ولكنها أيضاً تسببت في فصل مذيعة تليفزيونية لبرنامج موسيقي بسبب ارتدائها فستاناً فاضحاً. إن حظر ارتداء الحجاب كان بمثابة قطعة من هندسة اجتماعية متشددة ظهرت في العشرينيات تهدف لجعل تركيا الحديثة، بعدما خلفت الإمبراطورية العثمانية السابقة، دولة علمانية. وإذا كنت ليبرالياً وليست كارهاً للدين، فإن إنهاء الحظر بالنسبة لك شيء جيد: فيجب عدم استبعاد المرأة من العمل فقط لأنها متدينة وتؤمن بأن هذا يتطلب تغطية شعرها. ولكن السؤال هو عما إذا كان التغيير ــ الذي أدخله رئيس الوزراء أردوغان في إطار حزمة واسعة من «عملية بناء الديمقراطية» جزءاً من خطة أوسع لإعادة تصحيح الهندسة الاجتماعية، بطريقة هذه المرة تهدف إلى التعدي على حريات غير المتدينين؟ إذا كان الأمر كذلك، فإن العديد من الحالات التي تم فيها التمييز ضد المرأة، أو تم فيها فصلها أو تجاوزها في الترقية بسبب ارتدائها الحجاب حتى خارج العمل ستتكرر الآن في الاتجاه المعاكس: فهل النساء اللاتي لا يرتدين الحجاب لكي يجدن عملاً، والرجال الذين لا تغطي زوجاتهم شعورهن، سيتم التمييز ضدهم بالفصل من العمل والتجاوز في الترقية؟ يقول العلمانيون في تركيا إن هذا يحدث بالفعل للرجال الذين تظهر زوجاتهم شعورهن. ومن الصعب طبعاً إثبات ذلك، ولكن القضية الحقيقية هي الثقة - التي يعتقد العلمانيون أنها أخطر ما في نوايا أردوغان. ولكن، هل هم على حق؟ إن فصل مقدمة البرامج التليفزيونية جوزدي قانسو هذا الأسبوع له دلالة. فقد هاجم حسين تشليك، المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية، المذيعة قانسو (من دون ذكر اسمها في الواقع) بسبب ارتدائها فستاناً فاضحاً على الهواء. وبعد بضعة أيام تم فصلها. وهناك بعض النقاط التي تجب الإشارة إليها. أولاً: ينبغي على تشيليك مشاهدة التليفزيون الإيطالي أكثر - ثم عليه بعد ذلك أن يفهم أن قانسو هي نموذج للياقة الخجولة. ثانياً: إن كلمات تشيليك كانت كما يلي: «نحن لا نتدخل ضد أي شخص، ولكن هذا كثير جداً ومن غير المقبول»، وفقاً لما جاء في صحيفة «حريت ديلي نيوز». ثم أكد في وقت لاحق أنه لا ذنب له في فصلها، وأن لديه الحق في التعبير عن آرائه. ولكن لا يكاد شيء من هذا يصدق. حيث إن تشيليك يعلم ماذا يعني تعبير «غير مقبول»؛ ويعلم أن قانسو كانت تعمل في تليفزيون «آي تي في» الذي ينتمي إلى شركة تدعى «كاليك القابضة»، ويعلم أن الرئيس التنفيذي للشركة هو بيرات البايراك، زوج ابنة أردوغان. ولا توجد صدفة أو نتيجة غير مقبولة هنا. فتشيليك يريد إعادة هندسة التليفزيون التركي. وهناك مؤشرات أخرى كثيرة حول عمق التزام الحكومة بـ«عملية بناء الديمقراطية» مثل روتين مقاضاة وسجن الصحفيين؛ وسحق المعارضة خلال احتجاجات حديقة «جيزي» في وقت سابق من هذا العام. وآخر دليل هو: كون محكمة الاستئناف قد أيدت أخيراً حكماً بإدانة 237 ضابطا في الجيش التركي بتهمة التخطيط للقيام بانقلاب ضد الحكومة في عام 2003. ولم تكتسب قضية «المطرقة» مصداقية تماماً. فقد أظهر فحص الطب الشرعي أن الأدلة التي يستند عليها الاتهام قد تكون مزورة: وكانت الوثائق المعنية قد وضعت على أسطوانة مدمجة (سي. دي) مختومة بتاريخ 2003، وعلى رغم ذلك فقد كتبت باستخدام برنامج ميكروسوفت 2007. ومرة أخرى، فإن القضية التي لاقت إشادة في البداية من الخارج باعتبارها أمراً جيداً بالنسبة لمسار الديمقراطية -محاولة لمساءلة عدد من الجنرالات في البلاد بعد إفلاتهم من العقوبة لسنوات طويلة - تحولت إلى شيء آخر. تبين قضية «المطرقة» فقط استمرار الحكومة التركية في استخدام المحاكم المسيسة ضد أعدائها: ففي الأيام الخوالي أساء الجيش والعلمانيون استخدام القانون لقمع الإسلاميين؛ والآن نجد الإسلاميين يكررون أيضاً ذات الشيء. يذكر أن أردوغان قد كشف مؤخراً عن إجراء حزمة إصلاحات تحت مسمى تدابير تعزيز الديمقراطية تهدف إلى منح المزيد من الحقوق للأقليات والمجموعات العرقية في البلاد. وقال أردوغان إن الحزمة تضم عدداً من الترتيبات القانونية والإدارية المهمة والتي تم إعدادها لضمان أن تصل تركيا لتحقيق هدفها في دعم وترسيخ الديمقراطية. ومن أهم هذه الإصلاحات تعزيز حقوق الأقلية الكردية في ظل عملية السلام بين أنقرة والمتمردين الأكراد من حزب العمال الكردستاني، من خلال تدريس لغات في المدارس الخاصة غير التركية من بينها اللغة الكردية التي كانت محظورة. كما أعلن أردوغان أيضاً إنهاء الحظر المفروض على ارتداء الحجاب في المؤسسات الحكومية، في إطار مجموعة الإصلاحات هذه، حيث كانت تركيا تفرض قيوداً صارمة منذ فترة طويلة تحول من دون ارتداء النساء العاملات في مؤسسات الدولة للحجاب. كما أكد رئيس الوزراء أيضاً أن حكومته لن تفرض قراراً فيما يتعلق بقضية الحد النسبي للانتخابات بتركيا، مشيراً إلى أن الأمر يبقى مطروحاً للنقاش. مارك تشامبيون محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©