من منطلق مسؤوليتنا الإعلامية تجاه التعامل وقضايا الوطن. تطلق «الاتحاد» مبادرات التوعية الشهرية، وتتفاعل من خلالها مع مختلف القضايا والموضوعات التي تهم الناس في حياتهم العامة بمختلف مستوياتها ومجالاتها. نتناول هذا الشهر قضية السمنة وزيادة الوزن على اعتبار أن حالة الوعي الاجتماعي التي نتوخاها هي الحصيلة المثمرة للإدراك العميق للواقع الذي نعيشه والمستقبل الذي ننتظره.
أحمد عبد العزيز (أبوظبي)
الحلقة السادسة
وضعت هيئة الصحة أبوظبي برنامج «وقاية»، والذي يهدف إلى خفض معدلات السمنة من 34% بين السكان في عام 2015 إلى أن يصل لـ 26% بحلول عام 2030، وذلك وفق خطة الهيئة التي تستند إلى الفحوص الدورية التي تشمل التركيز على القطاع الصحي والقطاعات الأخرى.
وطورت هيئة الصحة - أبوظبي برنامجاً لإجراء عملية للمسح السكاني والتدخل تحت مسمى «وقاية»، بهدف التعامل بشكل سريع وشامل مع العبء ومرض السكري وعلى وجه التحديد الأمراض غير السارية على مستوى الإمارة وتحديداً أمراض الأوعية الدموية القلبية.
ووضع برنامج «وقاية» أهدافاً رئيسية أهمها، هي جعل إمارة أبوظبي بحلول عام 2030 من إحدى أكثر البيئات الصحية ملاءمة للمعيشة على مستوى العالم.
ويشتمل البرنامج خفض عدد المصابين بالسكري ونسبتهم 21% في 2015، إلى نحو 15% بحلول عام 2030، في الوقت الذي تسعى فيه الهيئة إلى خفض نسبة السكان المحتمل إصابتهم بالسكري من 24% في عام 2015 إلى 23% في عام 2030.
ويعتمد «وقاية» على مساهمات الأكاديميين والمنظمات والهيئات غير الحكومية إلى جانب الأنشطة المتنوعة، حيث من الممكن التوسع في برنامج وقاية، عندما يكون الوقت مناسباً ليتناول أمراضاً غير سارية إضافية بشرط أن تكون نتائج المسح متوافقة مع جدوى التعامل مع تلك الأمراض التي تشمل ثالوث الأمراض الكبرى والتي تمثل معاً نسبة 60% من الوفيات.
ويشمل برنامج «وقاية» فحوصاً واحتساب مؤشر كتلة الجسم هو مقياس للعلاقة بين الوزن والطول، حيث يتم أولاً قياس الوزن والطول، ومطابقة النتائج على الجدول الخاص بحساب مؤشر كتلة الجسم. ومن خلال معرفة مؤشر كتلة الجسم المثالي يمكنك تحديد الوزن الصحي لأي شخص يمتلك نفس الطول والبنية الجسدية.
وحذر أطباء واختصاصيو تغذية من الوجبات السريعة التي تشتمل على اللحوم المصنعة، حيث تحتوي على كميات كبيرة من الدهون والأملاح والسعرات الحرارية المرتفعة التي تزيد بثلاثة أمثال على الوجبات العادية، مؤكدين أن الوجبة السريعة الواحدة تدخل الجسم على أقل تقدير ما بين 1000 و1500 سعر حراري، حيث تحتوي على دهون مشبعة وأملاح بكميات كبيرة.
وقالت الدكتورة أماني كمال اختصاصية التغذية بمستشفى النور بأبوظبي: «إن أسلوب التغذية السليمة لم يعد كما في الماضي عن طريق تغيير الغذاء، بل هو تغيير نمط الحياة، وتناول وجبات مختلفة ومتنوعة قليلة الكميات على مدار اليوم ويتم توزيعها على خمس وجبات علاوة على ضرورة ممارسة الرياضة يومياً لمختلف الأعمار».
وأضافت أن السمنة تؤدي إلى الإصابة بحزمة كبيرة من الأمراض الأخرى والتي تقود للوفاة، ولابد أن يتعود الآباء والأمهات على الحفاظ على صحتهم وصحة أبنائهم وإعداد أجيال تتناول غذاء صحياً.
ولفتت إلى أن أخطر ما في السمنة انتشارها بين الأطفال، حيث تؤدي إلى ظهور جيل يعاني مشكلات صحية تؤثر في مستقبل هؤلاء الأطفال. وأوضحت أنها تعمل مع فريق بهدف إرشاد الأطفال في المدارس والطلاب في الجامعات لضرورة اتباع نمط حياة صحي وأسلوب غذائي سليم مبني على فهم طبيعة الأطعمة التي يتناولونها ومضار الوجبات السريعة والجاهزة التي تحتوي على كميات دهون كبيرة.
سعرات حرارية
وأفادت بأن السعرات الحرارية الموجودة في الوجبات السريعة الصغيرة التي تقدم ساندويتش برجر دجاج أو لحم وبطاطس محمرة ومشروباً غازياً، تبلغ 900 - 1000 سعر حراري على الأقل، ومقارنة بالوجبات التي يتم إعدادها بالمنزل والتي تقدم البروتين الحيواني من اللحوم أو الدجاج الطازجة والنشويات، مثل: الأرز أو الخبز تبلغ سعراتها الحرارية نحو 300 سعر حراري والفرق هنا واضح جداً، حيث إن الفرق بين الوجبتين ثلاثة أضعاف.
وجبات الأطفال في المدارس
ولفتت إلى دور الأسرة الرئيس في تقديم وجبات صحية للأطفال يمكنهم تناولها في المدارس خلال اليوم الدراسي، حيث يجب أن تشمل هذه الوجبات فواكه بدلاً من الشيكولاته والمنتجات السكرية العالية الطاقة والمياه أو الألبان بدلاً من العصائر المحلاة.
وحذرت من اعتياد الأطفال تناول الوجبات السريعة، حيث إن هذه الوجبات إدمان ويعتاد عليها الإنسان وتحتوى على مواد كيمياوية مثل الجميولت والتي تسيل اللعاب إضافة إلى مكسبات الطعم وإضافات الصويا للحوم وبودرة الخبز، مشيرة إلى أن اللحوم المصنعة يتم تخزينها لفترات طويلة مما يفقدها قيمتها الغذائية ولا تعد بروتينات.
أسلوب حياة
وأوضحت أن الأساليب العلاجية المتطورة لمرض السمنة اختلفت عن الماضي، حيث تضم الحوار مع المريض وكسب ثقته ومحاولة تحسين حالته النفسية والبداية في تغيير أسلوب تناوله للغذاء ونمط الحياة، حيث النوم الصحي أي النوم في ساعات الليل وفي غرفة مظلمة لتفادي إفراز هرمون الكورتيزول الذي يؤدي إلى نقص عملية الحرق للسعرات الحرارية.
وأشارت إلى أن الجسم يحتاج من 7 إلى 8 ساعات نوم في اليوم لتمكين الجسم من أداء المهام في اليوم التالي والتخلص من التوتر علاوة على التنفس العميق والذي يمد الجسم بالأوكسجين اللازم لحرق السعرات والتخلص من الضغوط، إضافة إلى التعرض إلى الشمس للحصول على فيتامين «د» الذي يسهم في تحسين الحالة النفسية وتحسين قدرة الجسم على الوظائف المختلفة ونقل الكالسيوم إلى العظام.
مراحل السمنة
وأكد الدكتور مصطفى هورا أخصائي الجراحة العامة، أن السمنة مراحل مختلفة ويتم حسابها وفق مؤشر كتلة الجسم بتقسيم الوزن بالكيلو جرام على مربع الطول بالمتر، كما يلي: مؤشر كتلة الجسم = الوزن بالكيلو جرام/ مربع الطول بالمتر، وذلك لتمييز الوزن الزائد عن السمنة أو البدانة عن النحافة عن الوزن المثالي، وهو يعبر عن العلاقة بين وزن الشخص وطوله.
ونصح بأنه في حال زيادة الوزن أو الدخول في مراحل السمنة الأولى، فلابد من التوقف ومراجعة نمط الحياة واتباع أسلوب حياة صحي من خلال التغذية السليمة وممارسة الرياضة، وذلك في المرحلة الأولى، والدرجة الثانية من مؤشر كتلة الجسم الذي يتراوح بين 35 - 40، يجب أن يتبع فيها الجراحة، حيث إن وزن المريض فيها يزيد على 180 كيلو جراماً في بعض الحالات، وذلك من خلال قص المعدة أو ربطها والتي يسبقها نظام غذائي لمدة ستة أشهر بهدف تقليل نسبة الطعام الداخل للمعدة، وبالتالي نقصان الوزن.
وقال إن هناك آثاراً جانبية لأي جراحة ربط قص معدة ونسبة حدوثها هي 1% وتتلخص هذه الآثار في التسريبات لما بعد الجراحة أو صعوبة الأكل وتغيير نمط الحياة، الأمر الذي يؤدي إلى بعض المشكلات النفسية، مضيفاً أن هناك نوعاً آخر من العمليات وهو تحويل مسار الأمعاء بتحويل أول مترين من الجهاز الهضمي، مما يؤدي إلى العملية الاستقلابية للأمعاء ويبعد كميات الطعام عن المعدة، بالتالي يسهم في عدم هضمها ونقصان الوزن خلال سنتين من إجراء العملية.
علاج السمنة
وأضاف أن علاج السمنة يصحبه التخلص من قائمة أمراض وعلى رأسها السكري والكوليسترول والدهون والشحوم، مشيراً إلى أن ممارسة الرياضة بعد العمليات ضرورة لما لها من دور في علاج الترهلات للجلد بعد نقصان الوزن في حالة الأوزان الكبيرة.
بوابة الأمراض
ووصف الدكتور سامر نهايلي استشاري أمراض العظام والروماتيزم بمستشفى هيلث بوينت بأبوظبي، داء السمنة بأنه «بوابة الأمراض»، حيث إنها لا تؤدي فقط للإصابة بأمراض السكري والقلب والشرايين وارتفاع الضغط بل تؤدي أيضاً إلى الإصابة بأمراض العظام وتآكل الغضاريف وأمراض الركبتين ومفاصل الفخذ علاوة على الإصابة بمرض النقرس. وقال الدكتور نهايلي: «إن شخصاً واحداً من بين خمسة أشخاص مصابون بأمراض العظام، أي نسبة 20%، وتزيد النسبة إلى شخص بين كل ثلاثة أشخاص في حالة ارتفاع معدلات السمنة»، مضيفاً أن السمنة تزيد معدلات الإصابة بأمراض روماتيزم المفاصل، حيث إن السمنة والشحوم تؤدي لإفراز مواد كيماوية تسبب تآكل الغضاريف.
وأشار إلى أن السمنة تؤدي للروماتيزم الذي يزيد فرص الإصابة بأمراض القلب بمعدل 50% أكثر من الأشخاص الأصحاء الذين لديهم وزن مثالي، علاوة على مرض النقرس.
تسع عيادات متخصصة في علاج السمنة
خصصت الجهات المعنية بقطاع الصحة في إمارة أبوظبي ومقدمو الرعاية الصحية في القطاع الخاص، تسعة مراكز وعيادات متخصصة بالحفاظ على الوزن السليم ومعالجة السمنة، علاوة على مراكز علاج السكري في أبوظبي، والعين، والمنطقة الغربية. وشملت القائمة العيادات التي توفر خدمات للمساعدة على التحكم بوزن الجسم ومكافحة السمنة في مدينة أبوظبي، وهي في مستشفى النور ومستشفى المركز التخصصي الطبي الحديث ومستشفى المزروعي وعيادات طب الأسرة التابعة لمدينة والشيخ خليفة الطبية والبطين والخليج والروضة والمنهل والمشرف والزعفرانة.
فحوص مجانية للكشف عن أمراض القلب في مولات أبوظبي
أجرى مستشفى ميديور 24x7 أبوظبي فحصاً مجانياً، تزامناً مع يوم القلب العالمي، للكشف عن بعض أمراض القلب الوعائية، مثل: مرض الشريان التاجي، والسكتة الدماغية، وارتفاع ضغط الدم، وفشل القلب، اضطرابات دقات القلب، حيث تعتبر نسبة الوفيات لمرضى القلب، وشملت الفحوص أكثر من 1500 شخص زاروا أجنحة المستشفى التي وضعت في مارينا مول والمشرف مول.
جراحات عديدة
قال الدكتور أيمن سليمان استشاري جراحة عامة وجراحة المناظير في مستشفى إن إم سي التخصصي بأبوظبي، «هناك برنامج شامل للتصدي لمشاكل السمنة المفرطة والحد من الأمراض المتعلقة بها مثل السكري، وارتفاع نسبة الدهون، وارتفاع ضغط الدم مع متابعة طوال مدة عام كامل بعد العملية، بالإضافة إلى ذلك تقوم عيادة التغذية بالقيام بعدد من العمليات منها بالون المعدة وربط المعدة وعملية المجازة المعدية وغيرها من العلاجات الجراحية، وغير الجراحية، مثل حقن المعدة بالبوتوكس».
وأضاف أنه يتوجب على المريض أن يكون جاهزاً جسدياً، وأن يتبع حمية غذائية طوال أسبوعين إلى أربعة أسابيع مع إجراء فحوص شاملة حول الأمراض التي يعاني منها والتي ترتبط بالسمنة. وأشار إلى أنه يمكن أن يعاني المريض السمنة المفرطة، ابتداءً من المراهقة، وغالباً ما تنتشر بين العائلات والأطفال، كما يمكن القيام بالعملية وفقاً للمعايير الطبية العالمية بين عمر 12 إلى 14 عاماً وحتى 65 عاماً طالما أن مستوى اللياقة جيّد، وتختلف أنواع الجراحات حسب العمر.
عدد اليوم
