الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مهرجان أبوظبي السينمائي يحتضن أعمال طلبة الجامعات

مهرجان أبوظبي السينمائي يحتضن أعمال طلبة الجامعات
18 أكتوبر 2011 12:15
أمس الأول، اليوم الرابع في سلسلة أيام مهرجان أبوظبي السينمائي الخامس، كان موعد عرض أفلام الطلبة في الجامعات الإماراتية، أعمال متميزة ببساطتها وسلاستها، وتختزل رؤى مكثفة تسعى للتعبير عن ذاتها وسط مجموعة كبيرة من الإنجازات المحترفة الصادرة عن تجارب عالمية بالغة النضج وفائقة التراكم. (أبوظبي) - أفلام قصيرة لم تحل ضآلة الزمن الممنوح لها دون امتلاكها لفرصة التعبير الواثق عن هواجس صانعيها، فجاءت في أغلبها الأعم معبرة ومقنعة، والأهم موحية بمزيد من الإرهاصات المستقبلية التي تقرب المسافة من مكان ومكانة باهرتين لدولة الإمارات في سجل الإنجازات المرئية العالمية، الطبيعة الإماراتية الثرية كانت حاضرة، كذلك الملامح العميقة الانتماء إلى جذور هذه التربة المنجاب، البحر كشأنه دائماً بدا جزءاً رئيسياً من المشهد، أما الصلة بين الأمس واليوم فكانت متأصلة مهيمنة على الرؤى الناظمة لمختلف الأفلام المعروضة، ثمة إذن ما يمكن اعتباره هوية ابداعية تجمع بين العاملين الشباب في الحقل السينمائي، على اختلاف مناهج، ومشروعية هذا الاختلاف، بل وضروريته أيضاً. اشكاليات كثيرة استوقفت المخرجين الطلبة وجعلتهم يسلطون كاميراتهم باتجاه منابتها الاجتماعية والحياتية: رغبة الفتاة الصغيرة في التماهي مع والدتها لجهة اللباس والماكياج والسلوكيات اليومية المثيرة للتساؤلات، ثمة مسؤولية تطرحها المفارقة التي تتخطى حدود المصادفة البديهية، الصغار الذين لا يعيشون كما ينبغي لهم أن يفعلوا، والذين يمضون فترات أعمارهم الذهبية في تقليد الكبار مستعجلين الانخراط في هموم الحياة، الصغار أولئك يفقدون الوقت وهو أثمن ما يملكون، وهو الثروة التي يستحيل تعويضها، فمن المسؤول عن حالة الضياع التي يعيشونها، هذا بعض ما يطرحه فيلم “القمبوعة” للمخرجة الطالبة في جامعة الفجيرة، عائشة الحمادي، الفيلم يفعل كل ذلك بقالب فكاهي طريف، وبوسائل مثيرة للاهتمام من ناحية نقاشها: طفلة لا تتجاوز الثامنة من عمرها تقلد في مساحة لا تتجاوز الغرفة الواحدة تصرفات والدتها، وتنسخ طرق الماكياج واللباس، وأسلوب المشي، ثم يكون على كاميرا واحدة أن تنقل ذلك، وتضعه ضمن اطار مشهدي معبر يكفي بالرغم من تواضع حجمه لإثارة الهواجس والمخاوف، ولطرح التساؤلات أيضاً. الفكرة تحيل إلى محطات شتى، وفي مقدمها إمكانية التوفيق بين بساطة الانتاج وبين جودة المنتج، ثمة إذن أفكار ورؤى قيمة لا تستدعي بالضرورة بذخاً انتاجياً لتستوفي شروط التعبير عنها، وهي حيثية جديرة بالنقاش. دلالات خطيرة تقول عائشة الحمادي: “القمبوعة” هو فيلمي الأول، وقد انجزته في ثلاثة أسابيع، وهو يتناول الأثر الذي تتركه تصرفات الأهل في نفوس أولادهم، والذي يمر غالباً دون كثير من النقاش والتمعن في دلالاته الكثيرة والخطيرة. تضيف الحمادي أن مهرجان أبوظبي السينمائي يمثل فرصة للطلبة العاملين في هذا المجال، حيث يتيح أمامهم إمكانية اقتراح انجازاتهم، ورصد الأفعال التي تثيرها تلك الانجازات في أذهان المتابعين، وبينهم محترفون يبرعون في قراءة اللغة السينمائية، ويملكون القدرة على تحديد نقاط قوتها وضعفها أيضاً. اعتماداً على تجربتها المتواضعة، تدعو عائشة زميلاتها لخوض تجربة النتاج السينمائي، واقتراح أعمالهن على دورات المهرجان المتعاقبة، لأن من شأن ذلك أن يضفي على تجاربهن البكر الكثير من مقومات الجودة والجدية. انعدام التكافؤ أيضاً بين الأفلام التي شهدها أمس الأول واحد بعنوان “سئيد” من إخراج الطالب مروان حمادي، هو لافت ببساطته: شاب اسمه سئيد يرافق والدته الهندية الأصل إلى المستشفى لإجراء بعض الفحوصات الطبية، ثمة ما يمكن ادراكه في هذه المواقف المتعاقبة بسرعة مضطردة: تذمر يخالج الابن حيال متطلبات علاج الأم، شعور الوالدة بثقل العبء الذي تتسبب به لولدها، بين النظرات الملتبسة والحوار المتقطع يمكن للمشاهد استخلاص أن الأمور لم تسر كما ينبغي لها، وأن الأم ليس بوسعها الاعتماد على مساندة ابنها كلياً لها في مواجهة مصاعب الحياة، مجدداً تطرح العلاقة بين الناس وذويهم نفسها على بساط البحث، وتثير التساؤلات الكثيرة عن الخلل وانعدام التكافؤ في سياقها، حيث يكون أحد أطرافها مستعداً لتقديم التضحيات دون حساب في سبيل الطرف الثاني الذي لا يبدي دائماً استعداداً موازياً لرد الجميل. ما يجعل الأمر قريباً من المأساة أن الأصل الهندي للأم هو عنصر رئيسي في سلوك ابنها حيالها. أبعد من الإحراج عندما يرافق والدته المريضة للمستشفى يصادف سئيد أحد اصدقائه هناك فيقف الاثنان لمحادثه قصيرة يسأل كل منهما عن سبب تواجده في المستشفى، في تلك الاثناء تتحدث والدة سعيد مع الممرضه بالهندية، مما يثير حساسية ابنها خاصة أنها تتحدث معه بعد ذلك بصوت عال وبلهجه إماراتيه ركيكة، فيحرج سعيد من ذلك الموقف امام صديقه، وعند انصراف والدته يخبر صديقه بأنها خادمة المنزل. ما لا يصعب استنتاجه من تحويل إسم سعيد إلى “سئيد” أنه ناجم عن كون الأم تلفظه بهذا الشكل، مما يعني أن المسألة أبعد من حدود الإحراج الاجتماعي، وأن الصلة بين الأم وابنها قدر لا تنفع معه مدارة أو تملص. يوضح الحمادي: الفيلم قصير ومركز جداً، مما جعلني اتأنى في مرحلة قبل الانتاج لكل تفصيل فيه. الفيلم يعتبر مشروعا ضمن المواد الدراسية في الكلية. لم تتخلله اي صعوبات حيث كان العمل نتاج عمل جماعي متعاون، تم التصوير في المستشفى الكندي بدبي التي رحبت ادارته بنا، ووفرت لنا ما نحتاجه. والممثلة التي قامت بدور الام هي موظفه هندية الأصل تعمل في الكلية التي ادرس بها. شارك في الفيلم تمثيلاً وتقنياً عدد من الأصدقاء وزملاء الدراسة: محمد المناعي بدور سعيد، انس الابلم بدور الصديق، محمد يوسف فني صوت، محمد سويدان كمساعد مخرج، وتولى الاستاذ جاي بروكسبانك مهمة الإشراف على العمل. . يضيف مروان أن فيلم “سئيد” يمثل تجربته السينمائية فقد كانت الأولى عبارة عن فيلم وثائقي قصير بعنوان السيارة سيارة ناقشت من خلاله ظاهرة اقتناء الشباب للسيارات الفخمة. من جهتها الطالبة سلمى السري اختارت لفيلمها الروائي القصير عنوان “عشاء رقم 7665” أما سبب الاختيار فلا يخلو من غرابة، توضح السري رداً على سؤال أن الرقم هو حاصل ضرب 21 في 365 الرقم الأول يمثل عمر فتاة أما الثاني فهو عدد الأيام في السنة، والحاصل هو عمرها بالأيام، أو هو عدد المرات التي تناولت فيها العشاء مع والدها دون أن يفلح ذلك في تقريبها منه، أو جعلها أقدر على إيصال صوتها اليه بالكم الكافي من الإقناع. ينطوي مشهد الفيلم على طاولة عشاء يجلس الأب على أحد طرفيه فيما تجلس الابنة على الطرف الآخر، المسافة تأخذ بالابتعاد تدريجياً، تأخذ طاولة العشاء أبعاداً متطاولة، فيما الابنة تسائل والدها عن سبب ابتعاده عنها، الأب من ناحيته يبني جداراً عازلاً بينه وبين ابنته، جدار يمعن في التطاول حجر إثر حجر. تقول سلمى إن في جعبتها ثلاثة أفلام اثنان منهما روائيان والآخر وثائقي، وهي تحرص على رصد الظواهر الاجتماعية المحيطة بها والتعبير عنها بأسلوب سينمائي مقنع، يقبل السخرية بمثل ما يحتمل الجدية. التباين الثقافي كذلك يشارك الطالب محمد ممدوح بفيلم يحمل عنوان: “منتصف الطريق” وهو مستوحى من تجربة شخصية، ويتعلق بعلاقة ارتباط بين رجل وامرأة من هويتين ثقافيتين مختلفتين، عندما يؤول بهما الطريق إلى منتصفه، لا بد من أن يكون عليهما الإجابة على سؤال محوري: هل يسعنا إكمال المشوار معاً أم أنه يجدر بنا التراجع؟ يوضح محمد أنه يقارب هذه الظاهرة وفق خلفية التباين الثقافي، وقدرة الفرد على تخطي العراقيل التي يقيمها إذا رغب في تحقيق أمانيه الذاتية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©