عندما تجتمع عذوبة الصوت مع الأداء المتميز الممزوج بمحبة الوطن في الغناء، لابد أن يكون الاختيار صحيحاً لدى قرار لجنة التحكيم في برنامج «أراب أيدول»، التي منحت اللقب للنجم الفلسطيني الصاعد محمد عساف، وقد ضمت اللجنة كبار الفنانين العرب، وكان عساف قد طل على جمهوره، في ختام هذا البرنامج، وكان الحضور يتوقع له الفوز باللقب مع أغنية «الكوفية» التي سبقها بموال شكل بدايات أبياته من حروف وطنه فلسطين، منطلقاً بصوته العذب الشجي: «يا حروف الوطن زي العقد بالصدر ما أحلاه.. والفاء ملفى فلسطين الحبيبة ما أغلى الوطن ياعرب ما أغلاه»..
محمد عساف هذا الفنان المتألق، ابن غزة، أوقفته قوات الاحتلال يومين على الحدود وكادت أن تحرمه من المشاركة في «آراب أيدول»، لكنه استطاع بالصبر والتحدي أن يصل إلى البرنامج ليصدح باسم وطنه فلسطين وبوحدتها، وحجر انتفاضتها، وصمود أسراها، والوفاء لشهدائها، وفي هذا اللقاء الذي أجرته «الاتحاد»، عندما حل عساف ضيفاً على إذاعة أبوظبي ضمن برنامج «ستار إف إم» الذي يقدمه الإعلامي فاروق درزي، ويخرجه إيلي دابلي. تساءلنا عن البدايات والسير على طريق النجومية لهذا الشاب الموهوب، حيث قال عساف: «الشهرة شيء جميل وأنا شعرت بجمالها، لكنها متعبة لأنها تفقد الإنسان الخصوصية وأنا إنسان معتاد طوال عمري أن أحيا حياتي ببساطة وبطبيعية، فأنا أحب أن أسير في الشارع مثلي مثل أي إنسان، لكني الآن أصبحت أمام مسؤوليات ولا أستطيع أن أفعل أي شيء وأصبح من الواجب علي أن أتعامل بدبلوماسية أكثر مع الناس، وأنا على قدر ما أحاول أن أكون دبلوماسياً لا أستطيع وأجد أني أفشل، فأنا لا أستطيع أن أغير من طبيعة نفسي.
ضريبة النجومية
ويضيف عساف: أعرف أن الناس تحبني وأقدر هذا الشيء كثيراً، لكن أنا أشعر في نفس الوقت أني أريد أن أعيش ببساطة، لكن بالأخير أجد أن الشهرة جميلة.. مشيراً إلى أهمية الخصوصية في حياة الفنان وضرورة التربية الاجتماعية لتعويد الجمهور على مراعاة راحة الفنانين، مؤكدا: «هناك كثير من الناس يقدرون هذا الشيء، ويجب أن يراعي الناس الفنان وظروفه، ويعطونه فرصة أن يعيش بأريحية ويمارس حياته بشكل طبيعي، فمثلاً كنت في مكان ما أتناول العشاء ولم أعرف كيف أتناول عشائي! فكما قلت لك هناك أشخاص تتفهمك، وهناك أشخاص لا تتفهمك، فإن لم أقبل أن أتصور مع أحد بسبب التعب أو ضيق الوقت، فمن الممكن أن يذهب ويغضب مني، ويقول عني متكبر! أنا لا أحب أن أحرج أحداً، وهذا أمر متعب جداً».
أشعار درويش
ويوضح عساف عن هذه المشكلة ومدى ضررها قائلاً: «أصبح لدي مشكلة في نظري بسبب الفلاش، موضوع التصوير هو على ما أظن أكثر شيء متعب. أعلم أن هذه ضريبة النجومية، لكن أنا إنسان ومن حقي أن أستمتع ببعض الخصوصية، وحسنا ًإن أراد أحد أن يتصور معي فليتصور معي مرة واحدة لا أن يأخذ معي صوراً من جهات متعددة، فهناك بعض الأشخاص يتعاملون معي بهذه الطريقة، وهذا يجعلني شخصياً منزعجاً».
وحول اختيار طريق الغناء، وإن كان ينوي التفكير في ألوان جديدة تميزه، يؤكد عساف: «أنا تعبت ولم أصل إلى ما وصلت إليه بسهولة، لقد ركضت وراء حلمي وأنا اخترت الغناء وأريد مواصلة طريقي هكذا وأنا سأتحمل قدر المستطاع، ولكن ليس معنى أن أتحمل هذا أن يضغط علي وأتعب أكثر، فأنا صحتي تهمني أكثر من أي شيء».
وحول غناء الشعر وخاصة للشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش، يقول عساف: «شيء أكيد هناك أغنية سأغنيها من شعر محمود درويش، هذا الرجل يعتبر من جبال فلسطين، نحن نتحدث عن شاعر عربي وعالمي، تمت ترجمة كتاباته وأشعاره للغات عدة على مستوى العالم، وهو أحد رموزنا التي نفتخر بها، وهو رمز للثقافة الفلسطينية والأدب الفلسطيني ونحن أكيد نعتز بالشاعر الراحل محمود درويش وإن شاء الله إن أتيحت لي الفرصة سآخذ من أشعاره وسأغنيها».
الغناء مع شاكيرا
ويشير عساف للمستقبل ومشروعه الفني بكل ثقة موضحاً: «لدي ثقة بصوتي لكن دوماً لا يعرف الإنسان ماذا يخبئ له الزمن، وسأسعى جاهداً أن أقدم شيئاً لم يقدمه أحد من قبل، أحب أن أعبر عن الشعب الفلسطيني الذي يرغب في نيل الحرية، على مستوى الوطن والإنسان، وفي الساحة العربية فنانون معروفون، ولكني سأسعى لأن أصل للعالمية، وأود أن أصرح بأني في مونديال البرازيل 2014 سأغني مع شاكيرا في افتتاحية المونديال، فهناك اتفاقات حول أغنية ستجمعني معها في هذا المونديال، وهذه فرصة رائعة لتمثيل فلسطين والعرب في هذا العرس الكروي». موضحاً أن هذه الخطوة ربما تكون البداية على طريق العالمية.
أما عن الغناء باللهجات التي سيشدو بها، يؤكد عساف: «ربما الناس في الفترة القادمة ستتفاجأ، فأنا سأقدم أعمالاً غريبة ومتنوعة جدا، حيث سأقدم اللون المصري واللبناني والسوري والفلسطيني والجزائري، وإن وجدت أغنية مغربية جميلة سأقدمها لأن لدي حوالي 12 أغنية في الألبوم، وبالتأكيد سيضم الألبوم من أغنيتين لثلاث أغانٍ خليجية، فأنا أرغب أن أقدم شيئاً غير مألوف، وأتمنى أن أقدم شيئاً ناجحاً، لأنه أول عمل بالنسبة لي».
الغناء للوطن وليس لأشخاص
يقول محمد عساف، حول الأغاني الوطنية ورؤيته لهذا اللون: «بالتأكيد لن أتردد في الغناء للوطن، خاصة وإن كانت أغنية هادفة وليست لأشخاص، لأني لا أحب أن أغني لأشخاص، بل أريد أغنية تحاكي آلام الوطن العربي وطموحاته، وسأكون أول المطربين الذين يقومون بهكذا عمل ومن دون مقابل».
عدد اليوم
