الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

نبع النساء

18 أكتوبر 2011 09:31
الماء، الأرض والنساء، الحكايات التي لا تشيخ، والقصص التي لا تموت، هي جدلية الحياة، بدأت قصصها قبل آلاف السنين، ولا تزال جاذبة في كل الأوقات، هي الجذور والارتواء والحب، هذا ما استطعت إدراكه من خلال عرض فيلم «نبع النساء» المشارك في مهرجان أبوظبي السينمائي، قصة حقيقية دارت أطوارها في جهة معينة حول العالم، لكن تمثيلها كان في رقعة اكتشفها الجمهور وسط جبال الأطلس، قرية صغيرة تضاريسها وعرة، لا ماء فيها، بحيث تضطر النساء الى قطع مسافات طويلة صعودا وسط الأحجار الصغيرة قاصدات نبع الماء. لم يكن سهلا إدارة مشاهد الفيلم إلا في هذه القرية المهمشة، جل نسائها غير متعلمات، لكن الزوجة الشابة القادمة من قرية أخرى كانت متعلمة مما جعلها تستقرئ الواقع وتحرض النساء على الوقوف في وجه جبروت الرجال وتكاسلهم، إذ كل مهمات البيت من جلب الماء وغيره موكولة لهن بالتقليد، قامت بذلك بعد أن فقدت جنينها نتيجة تزحلقها وهي تأتي من النبع حاملة قرابي الماء، لم تكن الوحيدة التي اختلط دم جنينها بتراب الجبل، كن كثيرات، ما سهل قبول تمردها. هي قصة الماء والأرض والنساء، اتفقن على إقناع الرجال بمهمتهن الجديدة، لكن الجواب كان هو الرفض، فذلك حسب ثقافتهم ينقص من كبريائهم، ودار دهاء النساء في الكواليس، استطعن خوض إضراب من نوع خاص، ورغم صعوبة الأمر ومعارضة بعضهن، إلا أنهن استطعن ذلك وإنجاح الإضراب، طالت المدة وصمدت النساء، وكاد الرجال يفقدون صوابهم، حاولوا الضغط عليهن بكل الوسائل، لكن الإضراب كان هو السبيل الوحيد لتمديد قناة الماء للقرية، وخوفا من وصول الخبر إلى كل القرى المجاورة، تحركوا لتحقيق هذا المكسب. وفي مشهد آخر، حاول شيخ القرية إقناعهن بالعدول عن إضرابهن لمخالفته لقواعد الدين، وحرمته شرعا، لكن أقنعته البطلة بحجتها الدينية ورجاحة عقلها ما جعله يسير في صفهن، بل يعجب بتفكيرها كامرأة. هي قصة الماء، الأرض والنساء، بحيث قلن إن الأرض إذا جفت تجف القلوب تباعا، عمل جعل الحياة تتمحور في ثلاثة محاور الماء والأرض والنساء، ترتبط ببعضها البعض في صورة ومشاهد فنية، تحلق بالمتلقي إلى حيث تدار المشاهد ليعيش القصة. دهاء نسائي جعل الرجال يركعون لأوامرهن إكراها، حكاية تتحدث عن تمكين النسوة، هي بمثابة أغنية يتم إنشادها، تتطرق لقضايا أخرى كثيرة مشابهة في بعض ربوع العالم العربي عن مساواتها مع الرجل في التفكير وفي ضرورة تحمله معها للمسؤولية وقضايا أخرى أكثر عمقا. عمل استطاع الاستحواذ على حب الجمهور وانتزاع تصفيقه المتكرر على غير العادة خلال عرضه على مسرح كاسر الأمواج، عمل استرجع تلك الصور الجمالية لحكايا النساء ومهاراتهن في تحقيق مرادهن بذكاء، فالنساء هن الماء وهن الأرض أيضا. لكبيرة التونسي | lakbira.to nsi@admedia.ae
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©