الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

صديقي المدرب!

17 فبراير 2010 22:50
كُنتُ دائماً أحبِّذ الخلوة عند متابعة مباريات بعينها، فكأنني أشعر عندما يشاركني أحدهم في متابعتها بنوع من الغزو الفكري، ومن التأثير السلبي على المنظور وزاوية المشاهدة، وشاءت المصادفة أن يكون صديقي المدرب برفقتي، وأنا أتابع إحدى المباريات “الكبيرة” منقولة على قناة رياضية عربية.. كُنتُ شديد الارتباط بصديقي المدرب، نجتمع، نتداول، نتحدث، نتساءل في ظواهر وقضايا، نستقرئ، ونمتحن بعضنا، أنا أرى فيه رقماً صعباً في معادلة التحليل، وفي فك شفرات تكتيكية، وهو يرى في شخصي العين التي تختص بنقد الظواهر، فلطالما ردد أمامي أن الصحفي هو نصف مدرب.. وكان رائعاً أن نجلس لأول مرة إلى بعضنا نتفرج معاً على مباراة كاملة، فلم نقتصر على النصوص التكتيكية التي جسدها المدربان واللاعبون على أرضية الملعب، ولكن تعديناها إلى الاستماع بعمق إلى ما صاحب المباراة في الهوامش وأيضاً في المضمون من تعليقات ومن وصف. وجدت صديقي المدرب ينتفض ونحن نتابع التحليل الفني الذي أنجزته القناة بين الشوطين، تعليقاً على ما كان في الجولة الأولى واستقراءً وحدساً لما يمكن أن تأتي به الجولة الثانية، فقد أثاره فعلاً أن يقول الواصف إن شوطاً أول انتهى وهو شوط اللاعبين وشوطاً ثانياً سيبدأ وهو شوط المدربين، وأعترف أنني شاهدت الجولة الثانية من تلك المباراة على إيقاع ثورة صاخبة قادها صديقي المدرب على أنماط باتت مستهلكة في وصفنا العربي للمباريات، والتي كان منها تلك العبارة التي اعتبرها بدعة في صورة تضليل للرأي العام الرياضي.. وأعترف أنني استأنست بتلك المقولة، قبلتها على مضض، وسألت نفسي عنها مرة، لكنني لم أكن ألح في السؤال، إلى كانت تلك الانتفاضة التي جاءت من صديقي المدرب، وهي انتفاضة مشروعة ومعارضة منطقية لتعبير شائع ولكنه خاطئ.. وقطعاً لا أُريد أن أنتصر في هذا الباب للمقولة التي تقول “خطأ شائع أفضل من صواب ضائع”، فما يقصد به عند ترديد أن الشوط الأول هو للاعبين والشوط الثاني هو للمدربين هو بالتأكيد عمد إلى تفكيك اللحمة وإلى تقطيع هيئة العمل الفني وأيضاً إلى فصل الرأس عن الجسد، فالمباراة هي وحدة فنية عضوية لا انفصال فيها، صحيح أن اللاعبين هم من يؤسسون فضاءها، ولكن المايسترو الحقيقي، المصمم والمهندس هو المدرب، ولا يوجد شيء على الإطلاق يقول إن الشوط الأول هو من صنع اللاعبين والشوط الثاني من صنع المدربين، حتى لو قصدنا بذلك أن المدرب يعمد في العادة إلى قراءة ما كان في الجولة الأولى، ما جاء به لاعبوه وما جاء به لاعبو الفريق المنافس، وبالتالي يجتهد في فترة ما بين الشوطين في تقديم حلول في صورة متغيرات فنية وتكتيكية لكسب المباراة. إن المدرب حاضر بالفكر وبالاستقراء، بالحدس وبالقدرة على التدخل السريع من كل أشواط المباراة، وليس هناك على الإطلاق ما يفيد بأنه قوي التأثير في جولة وعديم التأثير في جولة.. أنتهى إلى أنني تفهمت عمق المعاناة وشدة الانتفاضة عند صديقي المدرب الذي لا يريدنا كصحفيين أن نهجر الصواب من أجل سواد عيون خطأ أشاعه غيرنا. بدر الدين الإدريسي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©