السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

توقعات بتراجع نمو الاقتصاد التونسي بسبب تداعيات الأزمة العالمية

توقعات بتراجع نمو الاقتصاد التونسي بسبب تداعيات الأزمة العالمية
14 مارس 2009 00:15
توقع خبير اقتصادي أن تخفض انعكاسات الأزمة المالية والاقتصادية العالمية على تونس من معدل النمو الاقتصادي خلال العام الجاري، وتقلل من حجم فرص العمل الجديدة خاصة مع توجه مستثمرين أجانب إلى إرجاء أو إلغاء عدد من المشاريع التي كان من المقرر إقامتها في تونس· غير أنه أشار إلى أن تونس نجحت في تجنب أسوأ آثار تلك الأزمة وتداعياتها الاقتصادية والمالية، فوفقاً لتصنيف المنتدى الاقتصادي العالمي بدافوس، فإن تونس تتربع على العرش عربياً وأفريقياً من حيث القدرة التنافسية للاقتصاد· وقال إن الإصلاحات القانونية والجمركية التي أقرتها الحكومة التونسية خلال عام ،2008 والتي تتضمن تعديل عديد الأحكام المتصلة خاصّة بالاستثمار والشركات والجمارك· وكان الوزير التونسي للتنمية والتعاون الدولي محمد النوري الجويني، قد أعلن أن نسبة النمو المتوقع تحقيقها خلال العام الجاري في تونس تبلغ 5% بدلاً من 6,3% كانت متوقعة سابقاً، معللاً هذا التراجع بأنه من تداعيات ''الأزمة المالية العالمية''· وبيّن وزير التنمية والتعاون الدولي أن للأزمة تأثيرات على تونس في بعض القطاعات وبنسب متفاوتة، وقد واجهت القطاعات التصديرية في تونس بعض المشاكل سيّما الصناعات الميكانيكية والإلكترونية ومكونات السيارات والنسيج· واستقطبت تونس في السنوات الأخيرة عدداً من المشاريع العربية سيّما من الإمارات والسعودية والكويت وقطر وليبيا، بالإضافة إلى أن تونس وجهة لاستثمارات أوروبية، لكن يبقى السؤال المطروح: إلى أي مدى تعمل تونس خلال الأزمة العالمية الاقتصادية على المحافظة على نسب نموّها التي تشهد تطوراً ملحوظاً عاماً تلو الآخر، وما مدى مواصلة المشاريع الخليجية أعمالها في تونس·· وما مدى التعاون العربي في مجال التبادل التجاري؟·· مواضيع ناقشتها ''الاتحاد'' مع الدكتور عزام محجوب، أستاذ الاقتصاد بالجامعة التونسية والخبير الدولي في قضايا التنمية لدى العديد من المنظمات الإقليمية والعالمية· السوق الخارجية فسر الدكتور عزام محجوب التأثر بالأسواق العالمية بأنه نتاج لارتباط الصناعات التونسية المتزايد بالأسواق الخارجية، وهذا ما يمثل عنصر هشاشة، فدخول أوروبا في أزمة اقتصادية سيؤثر حتماً على تونس سلباً، معتبراً أن الوصول إلى نسبة نمو 3% أو 4% في تونس يعد أمراً جيداً؛ لأن تونس تتأثر اقتصادياً بالوضع الأوروبي· ويقول محجوب إنه لمعرفة مدى تأثر البلاد التونسية والعالم العربي بمجريات الأزمة العالمية، لابد من الأخذ بعين الاعتبار أن الأزمة الاقتصادية التي أخذت ذروتها الخريف الماضي، انطلقت من الولايات المتحدة الأميركية وتحولت من انهيار البورصات إلى إفلاس البنوك، فأساس الأزمة هو الاقراضن المفرط ثم المضاربة، وهذا يندرج في إطار منظومة الرأسمالية المعولمة ذات الطابع المالي المهيمن· ويوضح الخبير الاقتصادي، أنه عندما بدأت الأزمة المالية نتج ما يسمى تجفيف الاقتراض، فأصبح الاقتراض من طرف المؤسسات والشركات والأسر من البنوك صعب حد الانعدام، مؤكداً أن أساس محرك الاقتصاد هو الاقتراض؛ لأنه يعطي شحنة لكل من الاستثمار والاستهلاك· ففي الأزمة الاقتصادية العالمية، جُمد محرك الاقتصاد ومن هنا بدأت الشركات المنتجة مثل قطاعات البناء والسيارات ذات البنية الهشة تتأثر سلبياً بهذا الوضع المتأزم عالمياً· يذهب محجوب إلى أن هذه الأزمة والتي بدأت بأزمة مادية ثم تحولت إلى أزمة اقتصادية ستنتج عنها أزمة اجتماعية، إذ إن ضعف الأداء الاقتصادي سيؤدي حتماً إلى ضعف مواطن العمل، وبالتالي فإن ظاهرة الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا قد تأخذ صبغة أكثر حدّة، فقضية التشغيل ستكون في الصدارة خاصة تشغيل حاملي الشهادات العليا· ويشير د· محجوب إلى أن هناك دراسات أعدّها البنك الدولي على مستوى عالمي تبيّن أن هناك أضراراً وخسائر ستمس البلاد التي تلعب فيها التدفقات المالية من المهاجرين دوراً كبيراً؛ لأن المهاجرين من المغرب العربي أغلبيتهم دون كفاءات أو أصحاب كفاءات ضعيفة، وهم الأوائل في صدارة التسريحات والبطالة، وهذا العامل سيؤثر على الاقتصاد التونسي· فرص العمل توقعت الحكومة التونسية سابقاً إحداث 82 ألف فرصة عمل خلال العام ،2009 إلا أن هذا الرقم انخفض إلى 77 ألفاً، حسب تقديرات لاحقة· ويرى مراقبون أن عديد من الآمال التونسية علقت على الاستثمارات والمشاريع الخارجية، فالآفاق كانت مشجعة خاصة أن هناك موجة انتقال رؤوس أموال من أوروبا إلى دول الجنوب، وتونس تحتل الموقع الجغرافي الأفضل، مما يعني حصولها على الفرصة الأفضل، ودليل ذلك الاتفاقيات الأخيرة التي وقعتها تونس مع شركة إيرباص الفرنسية لصناعة مكونات الطائرات· وفي هذا الصدد، أكد وزير التنمية أن تونس ماضية قدماً في مشاريعها لتوافر الأرضية المناسبة للاستثمارات، ومن هذه المشاريع قرار طرح الرخصة الثالثة للهاتف المحمول، مشيراً إلى أن 19 شركة عالمية تقدمت حتى الآن للفوز بالعرض الذي يعمل بالجيل الثالث من الهاتف الجوال والإنترنت''· وحول موضوع الاستثمارات الخارجية في تونس، يوضح عزام محجوب أنه خلافاً لما نعتقد، فنصيب تونس من الاستثمار الخارجي الدولي تقلص رغم الزيادة في حجم الاستثمارات، فعندما تتوجه نحو اقتصاد مفتوح وفيه مبدأ المنافسة، فالقضية هنا تتجه نحو الأفضلية، مؤكداً أن الأرقام تدل على أن نسبة تونس من الاستثمارات الأجنبية تقلصت زيادة على أن حجم الاستثمارات الخارجية الداخلة مقارنة بالأرباح المتأتية من هذه الاستثمارات والخارجية قليلة أو ضعيفة مما يطرح إشكالية إبقاء وتوظيف المرابي المتأتية من الاستثمارات في تونس· ويواصل محجوب حديثه قائلاً: ''إثر عمليات الخصخصة والمشاريع الخليجية خصوصاً المشاريع الإماراتية الكبرى عرفت تونس قفزة كمية في الاستثمار الخارجي، ولكن لو أخذنا القيمة المالية باليورو لا نجد تصاعداً كبيراً مثلما هي الحال بالنسبة للقيمة بالدينار التونسي الذي يعد ضعيفاً''· الاستثمارات الخليجية تشهد الساحة التونسية استقطاب استثمارات خليجية كبيرة، ويوضح الوزير التونسي للتنمية أن المشاريع الاستثمارية التي تم الاتفاق عليها جارية وفق النسق المتفق عليه، ولم يتم التراجع عن أي واحد منها سواءً أكانت مشاريع عربية أو أوروبية، مؤكداً أن ''مجموعة بو خاطر'' حققت خطوات مهمة في مشروع ''المدينة الرياضية''، كما أن القسط الأول من مشروع ''سما دبي'' تم التصديق عليه· وهناك اهتمام من قبل مجموعات خليجية للاستثمار في تونس لما توفره من ضمانات حكومية مما يشجع المستثمرين على بعث مشاريعهم في تونس لشعورهم بالأمان، فهناك اهتمام قطري لإنشاء مشروعين سياحيين، أحدهما في توزر والآخر في المهدية، وتجري المفاوضات للاتفاق، كما أن هناك اهتمامات إماراتية وكويتية وسعودية· وعن هذه المشاريع الخليجية، قال محجوب، إن الأموال الاستثمارية الخليجية كانت توظف سابقاً في المشرق العربي، والآن يمتد هذا التوجه إلى المغرب العربي نظراً لاستقراره السياسي نسبياً· وأكد أن لديه معلومات عن تراجع كثير من المشاريع الكبرى في المغرب العربي، وبيّن أن هناك تخوفات من التراجع في نسبة معينة من الأعمال نظراً لأن بلدان الخليج العربي تأثرت تأثراً قوياً بالأزمة المالية، وبذلك لا بد للاستثمارات الواردة إلى تونس أن تتراجع· وأعرب محجوب عن تخوفه من أن تخلق المشاريع الخليجية الكبرى مضاعفات سلبية مثل ازدياد التضخم، ووجود عجز في الكفاءات والمُدخلات التقنية التي لابد من استيرادها، إلى جانب مخاوف من ظاهرة المضاربات العقارية وارتفاع نشط للأسعار العقارية، وبالتالي التأثير على كافة القطاعات· ومن جانب آخر، تساءل د· عزام محجوب، إذا كانت هذه المشاريع أخذت بعين الاعتبار الانعكاسات البيئية المحتملة جراءها؟·· خاصة أن تونس حافظت على هيكلية معمارية أفقية، إضافة إلى أن 25% من سكان الجمهورية التونسية يقطنون تونس العاصمة، ويفوق عدد سكان الجمهورية التونسية 10 ملايين نسمة، فكيف يتم بناء ''مدينة المتوسط''، هذا المشروع الإسكاني الضخم بجانب العاصمة، وذات طابع معماري عمودي مختلف عن باقي اسكانات البلاد؟ وقال: ''أنا أكثر ميلاً للاستثمارات الخارجية التي لها بعد إنتاجي أكثر منه في مجالات الخدمات فقط، بل أيضاً في مجال الزراعة والصناعة، وقد افهم اعتماد بلدان الخليج على المشاريع الإسكانية، ولكن نحن في البلاد المغاربية لنا إمكانات وفرص زراعية وصناعية''، ورأى أنه من المفروض وضع ''كراس شروط'' تبين ماهية حاجيات البلاد وتأخذ بعين الاعتبار البعد المعماري والبيئي للبلاد والاهتمام بمشاريع تتوافر كفاءاتها التونسية مثل المشاريع في مجالات الصحة والرياضة والزراعة· إجراءات دفاعية لئن كانت الأزمة الاقتصادية ألقت بظلالها على الساحة التونسية، إلا أن هناك إجراءات حكومية تونسية للحد منها والسيطرة على الوضع· فقد أكد الوزير الجويني أن تونس على استعداد لمجابهة انعكاسات الأزمة العالمية وفقاً لخطة تشتمل على منظومة الإحاطة بالمؤسسات، وتضم تونس اليوم 25 محضنة مؤسسات و24 مركز أعمال و21 شباكاً موحداً، كما ينتظر انطلاق في إنجاز 21 منطقة صناعية جديدة بمختلف مناطق البلاد· وإزاء ما يشهده العالم حالياً من أزمة مالية حادة، حرصت الدولة التونسية على مساندة المؤسسات الاقتصادية والوقوف إلى جانبها باعتبار أهمية دورها الاقتصادي والاجتماعي، واتخذت جملة من الإجراءات تكتسي طابعاً قانونياً بوصفها إجراءات استباقية في اعتمادات التنمية للسنة الحالية· وقد أولت اهتمامها لدفع نسق النمو والتنمية في مختلف جهات البلاد على حساب تحقيق نسبة نمو مرتفعة، وتأتي الخطة بصبغة وقائية تتضمن إجراءات لما قد تتعرض له بعض المؤسسات المصدرة من صعوبات في ظل هذا المناخ العالمي· وتجسدت هذه الخطة من خلال وضع إجراءات ظرفية في مجالات مالية واجتماعية ودعم التصدير لمجابهة الضغوطات من جهة، وإعادة هيكلة وتحسين محيط المؤسسات وقدرتها التنافسية، وجودة منتجها بقصد الاستفادة من الفرص المتاحة ودعم تمركزها في الأسواق العالمية· وفي هذا الصدد، أكد وزير التنمية أنه سيتم في نهاية الأرباع الثلاثة الأولى من العام الحالي تقييم الأضرار والخسائر الناتجة عن الأزمة الاقتصادية· ورأى الخبير الاقتصادي عزام محجوب في هذا التقييم الاستشرافي للأضرار المحتملة خطوة إيجابية تدل على الواقعية، ووعي بخطورة المرحلة، خاصة أن مؤثرات الأزمة ستصل إلى عديد القطاعات، وقطاع السياحة بدوره سيشهد تأثراً لأن كلاً من البلدان الأوروبية والمغرب والجزائر وليبيا تشهد تقلصاً في مداخليها، وبالتالي ستؤثر سلبا من ناحية زوار البلاد والعائدات السياحية· وأكد محجوب أن هذه المقاربة الشمولية لمعالجة الأزمة الاقتصادية، لا بد أن تعنى بإشراك المجتمع المدني من نقابات وعمال، والجمعيات المدنية عموماً، وبيّن أن كل من الرئيس الفرنسي ساركوزي، والرئيس الأميركي أوباما، يسعون لمشاركة الفاعلين الاجتماعيين ومؤسسات المجتمع المدني في مسألة معالجة الأزمة الاقتصادية ومضاعفاتها على المجتمع، داعياً إلى ضرورة استغلال الوضع الراهن والعمل على مراجعة دور الدولة في بلداننا العربية ودور الأسواق الخارجية وحتمية المشاركة الاجتماعية والسياسية في إيجاد حلول للقضايا الكبرى خاصة في تأثيرات الأزمة· التجارة العربية يطرح الخبير الاقتصادي محجوب، فكرة التكامل في مجال التبادل التجاري بين بلدان المغرب العربي والخليج، فهناك الكثير مما تستورده البلدان الخليجية من الخارج تنتجه بلدان المغرب العربي، وفي وسعها تصديره للخليج، وهنا لا بد من توفير الأرضية السياسية والمؤسساتية، وإزالة الحواجز لمثل هذه المبادلات التجارية· وخلص الخبير محجوب إلى القول إن الحل في التبادل التجاري العربي يقوم على إزالة العوائق المؤسساتية والابتعاد عن الديوان البيروقراطي والإجراءات الترتيبية والمعقدة، وخلق مؤسساتية حكومية محلية قوية، وبالتالي العمل على بعث مؤسسات اندماجية وتكاملية مثل مؤسسات اتحاد المغرب العربي، والقيام على مبدأ مجموعات، بحيث يتخلى كل طرف عن سلطة سيادته لفائدة سلطة جماعية تقوم على مبدأ التكافؤ في التعاون الاقتصادي
المصدر: تونس
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©