الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أوباما ورومني: تباينات حول الاستثنائية الأميركية

أوباما ورومني: تباينات حول الاستثنائية الأميركية
6 أكتوبر 2012
أظهر الرئيس الأميركي المنتهية ولايته، باراك أوباما، ومنافسه المرشح الجمهوري للانتخابات الرئاسية القادمة ميت رومني هذا الأسبوع ،وبشكل جلي، أنهما يتشاركان في إيمانهما بعقيدة أساسية مؤداها أن القيم السياسية والاقتصادية الأميركية يجب أن تنتصر في كافة أنحاء العالم. بيد أن الشيء الذي يختلف الاثنان حوله هو الكيفية التي يمكن بها للولايات المتحدة، المثقلة بالديون والمرهقة جراء عقد من الحروب، إقناع الدول الأخرى بالانخراط في الجهد الرامي لتحقيق هذا الهدف. وقد برز هذا الخلاف بشكل حاد في خطابين عن السياسة الخارجية، ألقاهما المرشحان في نيويورك، ودفعا من خلالهما مسألة تعزيز مصالح الولايات المتحدة وقوتها في العالم إلى ذروة الحملة الانتخابية في هذا الوقت الحرج الذي يسبق الانتخابات بستة أسابيع. ورومني الذي يدافع عن الاستثنائية الأميركية، تبنى بشكل منهجي ومتسق دائماً مقاربةً أكثر صرامة للشؤون العالمية من مقاربة أوباما. يتضح ذلك من حقيقة أنه أكد على أهمية وضرورة مكافأة الحلفاء التقليديين للولايات المتحدة، مثل إسرائيل، وفي الوقت نفسه معاقبة الأمم المثيرة للمشكلات، مع تبني خيار المواجهة العسكرية مع الدول التي تبالغ في إثارة المشكلات كإيران على وجه الخصوص. أما أوباما الذي اتهمه رومني مؤخراً بأنه "يعتذر عن القيم الأميركية" -فيما يتعلق بالشريط المسيء للمسلمين- فقد ألقى أقوى خطاب له على الإطلاق حول حرية التعبير، وحقوق الإنسان، من على منصة الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم الثلاثاء الماضي. يقول "كارل إف. إندرفرث" مساعد وزير الخارجية في عهد بيل كلينتون، وكبير مستشاري مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في معرض تعليقه على موقف المرشحين الرئاسيين: "من الواضح تماماً، من خلال قراءة وسماع ما يقوله المرشحان، أنه سيكون هناك تغيير كبير تحت إدارة رومني". وحتى الآن كان الاقتصاد هو محور اهتمام حملة أوباما، في حين اعتبرت السياسة الخارجية -إلى حد كبير- على أنها تمثل نقطةَ قوة للرئيس الذي لم يتردد في إصدار الأمر بقتل بن لادن. لكن الاضطرابات الأخيرة في العالم الإسلامي، والهجوم على مبنى القنصلية الأميركية في بنغازي، وقتل السفير "كريستوفر ستيفنز"... كشفت أوباما سياسياً، واستُغلت إعلامياً من قبل رومني الذي رأى أنها تمثل نتاجاً لما يطلق عليه "تعاطي الرئيس الضعيف مع شؤون العالم". والفلسفتان المتناقضتان اللتان أبرزهما أوباما ورومني من خلال خطابيهما هذا الأسبوع، تتماشيان إلى حد كبير مع خبرتهما الحياتية، أي خبرة رومني كمدير عام لشركة، وخبرة أوباما كمنظم مجتمعي، كما تتفق مع رأي كل منهما المختلف كثيراً مع رأي الآخر، فيما يتعلق بالطريقة المثلى التي يمكن بها تعزيز المصالح الأميركية في زمن العسر الاقتصادي في الداخل، والتغيرات المتلاحقة في الخارج. قال رومني في خطابه الذي ألقاه في "مبادرة كلينتون العالمية"، الثلاثاء الماضي: "باعتبارنا الأمة الأكثر رفاهيةً في التاريخ، فإنه من واجبنا الحرص على إبقاء عجلة الرخاء دائرة من أجل فتح الأسواق في مختلف أنحاء العالم، ونشر الرخاء في أركان المعمورة الأربعة". وأضاف رومني: "يجب علينا أن نفعل ذلك لأن هذا هو الطريق المعنوي الصائب لمساعدة الآخرين". وتبنى رومني المصالح الإسرائيلية في صراع الدولة اليهودية مع الفلسطينيين، كما تحدث بنبرة أكثر عسكرية عند تطرقه للطريقة التي يمكن بها الحيلولة بين إيران وبين إنتاج سلاح نووي. وفيما عدا السياسة الخارجية، يبدو رومني أكثر اهتماماً بمكانة أميركا في العالم، ونصيبها من السوق العالمي. أما أوباما الذي أمضى جزءاً من طفولته في إندونيسيا مع والدته الباحثة الأنثروبولوجية، والذي عمل في شبابه كمنظم مجتمعي في شيكاغو، فقد جلب خبرته العملية التي مارسها على مستوى المجتمع المحلي إلى حقل السياسة الخارجية. ومن هنا فإن مقاربته للسياسة الخارجية تأخذ في اعتبارها الدوافع، والتفاصيل الثقافية، والتاريخ بطريقة ترهق هؤلاء الذين يسعون إلى الحصول على بيانات وتصريحات أكثر وضوحاً عن مصالح الولايات المتحدة وقدراتها. ففي مجال السياسة الخارجية وضع أوباما نفسه في قالب السياسي الواقعي، المتحرر من" أجندة الحرية" التي تبنتها الإدارة السابقة بدرجات مختلفة. لكن استخدامه للطائرات التي تطير من دون طيار في القضاء على أعداء الولايات المتحدة، ما أدى إلى مصرع العديد من الضحايا الأبرياء، قوّض الجهود التي بذلها في بداية ولايته للتقارب مع العالم الإسلامي. كما حاول أوباما أن يكون منصفاً في التعامل مع الصراع العربي الإسرائيلي معتقداً أن هذا هو الطريق الطبيعي الذي يمكن للولايات المتحدة أن تسير فيه، إذا ما أرادت التوسط في ذلك الصراع طويل الأمد وإزالة سبب تقليدي من أسباب الغضب الموجه لأميركا. وقد اختار أوباما مناسبة الاجتماع السنوي للجمعية العمومية للأمم المتحدة، لإلقاء أكثر خطبه حماسةً وعاطفيةً حول القيم والمصالح الأميركية في العالم، مستخدماً السفير الأميركي في ليبيا ستيفنز كرمز لما أطلق عليه "أفضل ما في أميركا"، وذلك عندما وصفه (وهو يقصد أميركا) بأنه "كان يتصرف بتواضع دوماً وهو يدافع عن مجموعة من المبادئ، وعن الاعتقاد بأن الفرد يجب أن يكون حراً في تقرير مصيره، وفي الحصول على ما يستحقه من فرص، وفي العيش بحرية، وكرامة، وعدالة". سكوت ويلسون كاتب ومحلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©