الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مطلوب رئيس «جمهوري»... شريطة عدم الخبرة

11 أكتوبر 2015 03:07
إذا ما كنت تبحث عن دليل على تفشي مشاعر الكراهية داخل الحزب الجمهوري تجاه السياسيين، فليس هناك أوضح من حقيقة أن الثلاثة الذين يتصدرون قائمة ترشيحات الحزب لخوض الانتخابات الرئاسية حالياً، وهم دونالد ترامب، وبن كارسون، وكارلي فيورينا، ليس لديهم أي خبرة في الحكم. ومن المعلوم أن تجربة العمل كحاكم، بالنسبة للعديد من الجمهوريين، تمثل في حقيقة أمرها نقطة تؤدي مباشرة لعدم تأهل المرشح للعمل كرئيس، حتى ولو كان قد حقق إنجازات مهمة من خلال منصبه، أو لم يتورط في أي مظهر من مظاهر الفشل، والاختلال الوظيفي السائدة في واشنطن. ووفقاً لاستطلاع رأي حديث أجرته شبكة «آيه بي سي نيوز»، وصحيفة «واشنطن وبوست»، يفضل الناخبون الجمهوريون مرشحاً من خارج المنظومة، على مرشح لديه خبرة في العمل السياسي بفارق 24 نقطة (60 مقابل 36). وهذه الظاهرة لم تأتِ من فراغ، وإنما تمثل انعكاساً للحالة الذهنية السائدة حالياً في أوساط الناخبين الجمهوريين، والتي تتطلب اهتماماً كبيراً، لكونها تسهم في صياغة السردية العامة للحملة الانتخابية. وهذا المناخ السائد داخل الحزب الجمهوري، يتعذر فهمه بمعزل عن توابع فوز باراك أوباما في انتخابات الرئاسة عام 2008. فأوباما كان صفحة بيضاء تقريباً، عندما قدم نفسه قبل الانتخابات كشخصية غير أيديولوجية وموحِدة، ثم جاءت الأزمة المالية التي اشتدت في الشهور التي سبقت الانتخابات لتؤمّن فوزه. وبحلول عام 2012 بات الجمهوريون ينظرون إلى أوباما على أنه قد فشل تماماً كرئيس، وأن التخلص منه بات أمراً حتمياً، لكن نجاح أوباما في الفوز بفترة رئاسة ثانية، كان ضربة نفسية قاصمة للجمهوريين. وتمثل تأثير هذه الضربة القاصمة في حالة الغضب الشديد الذي وجهه الناخبون إلى المشرعين الجمهوريين، الذين فشلوا -في رأيهم- في استخدام الأغلبية التي يتمتعون بها في مجلسي النواب والشيوخ لإلغاء تأثير الإنجازات التي حققها أوباما في الفترة المبكرة من رئاسته. ومعظم القواعد الشعبية التابعة للحزب الجمهوري باتت تشعر بأن القيادات الجمهورية قد تخلت عنهم، وأنهم باتوا مقصيين عن تلك القيادات، ويتبين هذا من استطلاع رأي أجرته «فوكس نيوز» الشهر الماضي أظهر أن 60? من الناخبين الجمهوريين يشعرون بأنهم تعرضوا للخيانة من قبل حزبهم، وأن ترامب وكارسون وفيورينا كانوا الوسائل التي عبروا من خلالها عن عدم رضاهم. كانت وجهة نظر الناخبين هي أنه طالما أن السياسيين المنتخبين فشلوا، فما الذي يمنع من النظر إلى أشخاص من خارج المنظومة لتحريك الأشياء. لكن الغضب ليس الشعور الوحيد الذي يجري في عروق الجمهوريين، فهناك أيضأ شعور واسع بقرب الفناء، وقد تحدث الكثيرون منهم عن الإحساس بأنهم باتوا يشعرون بالاغتراب عن أميركا، وأن ذلك يرجع جزئياً للاتجاهات الديموغرافية المتغيرة. ترامب خصوصاً عبّر عن هذا الإحساس عندما قال، إنه يشعر بأن «الحلم الأميركي قد مات.. وأن بلدنا ذاهب إلى الجحيم لا محالة». وأعلن كارسون من جانبه أن المسلمين غير صالحين لتولي منصب الرئيس في الولايات المتحدة، وقارن مراراً بين الولايات المتحدة وألمانيا النازية. الحزب الجمهوري، أو جزء كبير منه، يتحرك الآن في اتجاه العزلة والمواقف الدفاعية، ومشاعر عدم الارتياح نحو أصحاب الخلفيات العرقية والثقافية المختلفة. وكل ذلك يمثل تهديداً خطيراً للحزب الجمهوري، فهذا الحزب الذي لا يتمتع بأفضلية الآن في حملة الانتخابات الأميركية الرئاسية، يسير في طريقه نحو إقصاء أعداد ضخمة من الناخبين غير البيض، بما في ذلك بعض المجموعات العرقية الأسرع نمواً في الولايات المتحدة. والصراع الدائر داخل الحزب يدور بين الراغبين في إعادة بناء المنظومة الجمهورية ومن يريدون هدمها. هناك بعض المرشحين الرئاسيين الجمهوريين الذين لو منحوا الفرصة المناسبة، بمقدورهم جعل الحزب الجمهوري حزباً للطموح والأمل بدلاً من كونه حزباً للغضب والسخط.. الحزب المناسب لعصره لا الحزب الساعي لاستعادة فترة غاربة. والناخبون الجمهوريون سيكونون حكماء حقاً، عندما يختارون قادة قادرين على تجسيد الطموح بدلا من السخط، قادة صعدوا إلى المرتفعات من قبل، ويستطيعون قيادة مؤيديهم إلى هناك. بيتر ويهنر* * زميل رفيع المستوى في مركز الأخلاقيات والسياسات العامة ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©