لم تهدأ آلة حرب النظام السوري امس في أول أيام عيد الأضحى المبارك، لتحصد بالغارات جوا، والقصف المدفعي برا، 48 قتيلا بينهم وفق لجان التنسيق المحلية، 20 في دمشق وريفها، و10 في حلب، و7 في حماة، و5 في أدلب، وقتيلان في كل من درعا وحمص ودير الزور. وأكد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن أطفالا قضوا جوعا لا سيما في معضمية الشام بسبب سوء التغذية. في وقت أصدر أحد رجال الدين في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين الذي يعاني حصارا أيضا منذ 96 يوما “فتوى تسمح للناس بأكل لحم الكلاب والقطط”.
وتعرض حي دمر شمال دمشق لقصف بقذائف الهاون من مواقع للمعارضة السورية المسلحة بعد ساعات على مغادرة الرئيس بشار الأسد مسجد السيدة حسيبة، حيث أدى صلاة العيد التي أمها الإمام توفيق البوطي (نجل محمد سعيد البوطي رجل الدين المؤيد للنظام الذي قتل في عملية تفجير استهدفته في مارس الماضي). في وقت بث التفزيون الرسمي صوراً لأسماء الأسد زوجة الرئيس قالت فيها “إنها باقية في سوريا إلى جانب زوجها وأولادها”.
وقالت مصادر إن أصوات الطيران الحربي وراجمات الصواريخ لم تهدأ طول اليوم، حيث سمعت في مناطق كثيرة. وقال نشطاء إن طائرات حربية قصفت أهدافا في معاقل المعارضة شرق وجنوب العاصمة. وأظهرت لقطات فيديو وضعت على الإنترنت انفجارات وأعمدة كثيفة من الدخان تتصاعد فوق بلدة داريا.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن طائرات هليكوبتر تابعة للقوات الجوية نفذت 11 غارة على بلدة اللطامنة التي تسيطر عليها المعارضة في حماة. وأضاف أن الطائرات المروحية أسقطت براميل متفجرات على البلدة، وإن ثلاثة أطفال قتلوا في إحدى الموجات الأولى للقصف.
وقصف الطيران الحربي بالبراميل المتفجرة مدينة السفيرة في درعا بالتزامن مع قصف براجمات الصواريخ والمدفعية الثقيلة. كما قصف الطيران الحربي بالبراميل المتفجرة قرية تل حلاوة في حماة. وسقط جرحى بينهم أطفال جراء القصف المدفعي على حي بستان القصر في حلب.
وأفاد المرصد بأن قذائف وصواريخ سقطت في حي المهاجرين والمالكي والمزرعة والميدان وباب شرقي وباب توما والقنوات في دمشق أسفرت عن سقوط جرحى، وسط تنفيذ قوات النظام حملة دهم واعتقال عشوائي في حي ركن الدين طالت عددا من المدنيين.
واستهدف “الجيش الحر” حاجزا أمنيا للواء 105 في دمر بريف دمشق بثلاثة صواريخ جراد. وبث تلفزيون “الإخبارية” السورية الحكومي صورا عن دمار وحرائق تسببت بها قذائف المعارضة. وبدت في الصور حرائق اندلعت في سيارات، بالإضافة إلى دمار كبير في أبنية. وطال القصف بالهاون حي القنوات ما تسبب بإصابة أربعة مدنيين بجروح.
وقال المرصد إن مناطق في بلدتي مرعيان وجوزف بمحافظة إدلب تعرضت لقصف من قبل قوات النظام. وأضاف أن مناطق في بلدة مو حسن بمحافظة دير الزور تعرضت أيضا لقصف من قبل القوات النظامية مما أدى لسقوط جرحى. وأوضح أن القوات النظامية قصفت بقذائف الهاون مناطق في حلب القديمة ومنطقة الجامع الأموي وبستان القصر بمحافظة حلب مما أدى لسقوط جرحى.
وأفاد المرصد بأن 153 سوريا قتلوا في أنحاء متفرقة الاثنين. وذكر ان حصيلة الضحايا من المدنيين ارتفعت إلى 108 إضافة إلى ما لا يقل 10 من الجيش الحر و35 جنديا من القوات النظامية قتلوا في اشتباكات وقصف لمراكز وحواجز واستهداف آليات بعبوات ناسفة وصواريخ في محافظات من بينها حلب ودرعا ودمشق وريفها وحماة والرقة.
وأفاد المرصد من جهة ثانية عن وقوع اشتباكات عنيفة بين مقاتلي “لواء عاصفة الشمال” ومقاتلي “دولة الإسلام في العراق والشام” (داعش) بمحافظة حلب. وذكر أن تلك الاشتباكات جاءت إثر محاولة مقاتلي “داعش” اقتحام منطقة جبل برصايا ومعبر باب السلامة بحلب وسط حالة ذعر بين سكان مخيم كلس ومعلومات عن خسائر بشرية في صفوف الطرفين.
إلى ذلك، أكد المرصد السوري لحقوق الإنسان وناشطون ان أطفالا قضوا جوعا لا سيما في معضمية الشام (جنوب غرب دمشق) بسبب سوء التغذية. وقال الناشط أبو مالك ردا على سؤال لوكالة فرانس برس عبر الإنترنت “لا يشعر الأطفال هنا في معضمية الشام بالعيد..ان العيد بالنسبة اليهم سيكون يوم يرون أمامهم طبقا من البرغل أو الأرز”.
وأكد سكان في معضمية الشام أنهم يعيشون على الخضار التي يزرعونها والأعشاب. وقال الناشط أبو هادي “لم يعد لدينا مخزون من الطعام..الجميع لجأ إلى الزراعة في البساتين وحتى في الطرق”، مشيرا إلى ان الخبز لم يدخل المنطقة منذ أشهر”. وأضاف “أن قطاف الزرع غالبا ما يكون خطيرا، وقتل العديدون في حقولهم بسبب القصف”.
وأكد مدير المرصد رامي عبد الرحمن أن عددا كبيرا من الأطفال في المعضمية يعانون من سوء تغذية، بينهم اثنان احدهما في السابعة والآخر في الثالثة توفيا في أغسطس نتيجة ذلك. وقد نشر المرصد صورتيهما، فبديا نحيلين جدا، وقد برزت عظامهما. ونقل عن مصادر طبية تأكيدها ان سبب الوفاة هو سوء التغذية.
وقال عبد الرحمن “وضع الأطفال هو الأسوأ، لأنهم يحتاجون إلى أنواع معينة من الغذاء لكي ينموا، بينما البالغون يمكنهم ان يقاوموا الجوع بتناول أي شي يجدونه”. وأضاف “ان حصار الأبرياء جريمة حرب”. في وقت بث ناشطون أشرطة فيديو مروعة تظهر بوضوح حالات سوء تغذية بين الأطفال، ويظهر أحدها طفلا يدعى ابراهيم خليل ممدد على نقالة، وبرزت نتوءات في وجهه الشاحب مع سواد داكن يحيط بعينيه. ويظهر شريط آخر فتاة الى جانبها طفلان من أفراد عائلتها وهي تطلب مساعدة لتأمين حليب الأطفال لهما، وتقول بصوت مؤثر “لا توجد صيدلية لنأخذ شقيقي إليها، لا يوجد طريق لنأخذهم خارج البلد إلى طبيب. الطريق مقفلة. لا يوجد لدينا طعام. ما ذنبنا شقيقي وأنا?”.
ويعاني مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين جنوب دمشق من أزمة مماثلة. وقال الناشط علي أبو خالد “انه لم يسمح بإدخال طحين أو خبز إلى المخيم منذ 96 يوما”. وقال الشيخ صالح الخطيب أحد أبرز رجال الدين في المخيم إنه مضرب عن الطعام منذ تسعة أيام، مشيرا إلى ان رجلا أقدم أخيرا على تناول لحم كلب بسبب الجوع. وقال “أصدرت فتوى تسمح للناس بأكل لحم الكلاب والقطط، وهذا أصبح واقعا في ظل المعاناة التي نعيشها”، وأضاف “الناس لا يملكون ما يقدمونه لأطفالهم. أنا مضرب عن الطعام لأنني أريد أن أوفر الطعام لغيري”.
من جهتها، دعت منظمة “أطباء بلا حدود” غير الحكومية أطراف النزاع في سوريا والدول النافذة أيضا إلى بذل كل ما في وسعها للسماح للعاملين الإنسانيين بنقل المواد الغذائية والأدوية إلى المناطق التي تحتاج إليها. وقال المدير العام للمنظمة كريستوفر ستوكس في بيان “ان أطباء بلا حدود تدعو السلطات السورية ومجموعات المعارضة والدول التي تتمتع بنفوذ في هذا النزاع إلى أن تضمن كلها تمكين العاملين الإنسانيين من العمل في كل أمان ودون عراقيل”. وأضاف “هناك في سوريا مناطق عدة لا تزال في حالة حصار وهي مقفلة بالكامل أمام أي مساعدة إنسانية حيوية، سواء بسبب رفض دمشق الوصول إليها أو بسبب كثافة المعارك”.
من جهة ثانية أدانت وزارة الخارجية الروسية أمس اختطاف موظفين من اللجنة الدولية للصليب الأحمر في سوريا، معربة في الوقت عينه عن ترحيبها بقرار المنظمة عدم وقف نشاطها هناك. ونقلت وسائل إعلام عن الوزارة دعوتها الجهات التي تقف وراء الاختطاف إلى إطلاق سراح المختطفين فوراً ودون شروط مسبقة. وأعربت عن أمل موسكو بأن تقوم القوى الخارجية ذات التأثير على الجماعات المسلحة في إدلب بالضغط اللازم على ممثلي المعارضة السورية من أجل ذلك.
على صعيد آخر نفذت السلطات اليونانية عملية لإنقاذ 73 سوريا غرقوا قبالة جزر البيلوبونيز (جنوب) ونقلوا سالمين إلى ميناء كالاماتا. وكان الناجون وبينهم 11 امرأة و18 طفلا على متن يخت لا يرفع علم أي بلد نفد وقوده وطلب مساء الاثنين مساعدة السلطات اليونانية عندما كان على بعد 96 كلم من سواحل البيلوبونيز.
وقامت سفينة شحن إيطالية كانت على مسافة قريبة بقطر اليخت إلى ميناء كالاماتا بمساعدة زوارق دورية يونانية. وصرح مسؤول في المكتب الإعلامي لشرطة الموانئ بأن أحد المهاجرين نقل إلى المستشفى لفترة وجيزة بعد أن فقد وعيه. ونقل المهاجرون إلى مستودعات في المرفأ وقدم لهم الصليب الأحمر الأغذية والأغطية.
وفي حادث آخر قرب جزيرة كوس في جنوب شرق بحر إيجه أوقفت شرطة الموانئ 26 مهاجرا أتوا من السواحل الغربية لتركيا على متن زورق مطاطي. وقالت الشرطة ان المهاجرين الذين لم تكشف جنسياتهم نقلوا إلى الجزيرة سالمين.
شريط مصور يظهر طيارين تركيين مختطفين في لبنان
بيروت (وكالات) - ظهر الطياران التركيان المختطفان في لبنان في شريط مصور بثّته أمس قناة “أل بي سي” اللبنانية وكانا بصحة جيدة. وأكد الطياران في الفيديو أنهما بخير وطمأنا عائلتيهما. ويذكر أن الطيار التركي مراد أكبينار ومساعده مراد أقجا الذين يعملان لصالح الخطوط الجوية التركية اختطفا في أغسطس الماضي في منطقة جسر الكوكودي جنوب بيروت. وكانت مجموعة تطلق على نفسها اسم “زوار الإمام الرضا” تبنت خطف الطيارين. وجاء عرض الشريط بعد ورود أنباء عن تطورات إيجابية في ملف اللبنانيين التسعة المخطوفين في إعزاز بسوريا.
عدد اليوم
