السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أحمد بو رحيمة: انتظرونا.. بعد خمس سنوات

أحمد بو رحيمة: انتظرونا.. بعد خمس سنوات
16 أكتوبر 2013 22:29
انتهت أخيراً الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للمسرحيات القصيرة الذي تنظمه إدارة المسرح بدائرة الثقافة والإعلام في الشارقة، تحت رعاية كريمة من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وقد حظي المهرجان الجديد بمتابعة إعلامية ونقدية على مستويات مختلفة، وتكلم كثر عن أهميته بالنسبة للساحة المسرحية الإماراتية، الحافلة بالعديد من الفعاليات الفنية، وبخاصة المسرحية، وعلى وجه التحديد في إمارة الشارقة، حيث تنشط نحو خمسة مهرجانات مسرحية على مدار العام. رهان المهرجان منذ سنته الأولى كان تفعيل الحراك المسرحي في المنطقة الشرقية، وجذب أكبر قدر من شباب تلك المنطقة إلى خشبة المسرح، وفي هذا السبيل بذلت إدارة المهرجان دورة تدريبية أولى لتأهيل الهواة وتمليكهم أدوات الشغل المسرحي، وتابعت عنايتها بكل ما شأنه أن يشكل بيئة خصبة ومحفزة للشباب حتى ينخرطوا في المشروع بحماسة أكبر. «الاتحاد الثقافي» التقى مهندس المهرجان ومديره، الكاتب والممثل الإماراتي أحمد بورحيمة، وهو مدير إدارة المسرح بالدائرة، وطرح عليه بعض الأسئلة حول التجربة في سنتها الثانية، كيف يمكن تقييمها، وإلى أي حد يمكن القول إنها تستجيب لحاجة ملحة في الساحة المسرحية، وكيف يمكن تطويرها وما مستقبلها؟ وذلك في المحاورة التالية: ? كيف يمكن تقييم تجربة مهرجان الشارقة للمسرحيات القصيرة الآن وقد بلغ دورته الثانية؟ ?? ما زال المهرجان في بدايته، وهو يتشكل ويتبلور أكثر مع مرور السنوات، ولكن المستوى المتقدم الذي ظهرت به عروض الدورة الثانية يزيد من مسؤوليتنا ليس فقط على الصعيد الإداري بل حتى على المستوى الثقافي؛ فما شاهدناه من أعمال بدا للكثير من المسرحيين والمهتمين طليعياً ومتقدماً، ولا يشبه أعمار هؤلاء الشباب الذي أظهروا جسارة عالية في مقاربتهم لأعمال صموئيل بيكت ويوجين يونسكو، وغيرهما من كتّاب عالميين، وبالنسبة لي شخصياً فإن العروض الثمانية التي شاهدتها أشعرتني بالفخر حقاً، ولقد أكدت لي أن فن المسرح يعطيك بمقدار ما تعطيه من جهد وقراءة وإخلاص، ويمكنني القول إن هذا المهرجان سيمثل قيمة مضافة بالنسبة لتجربتنا المسرحية في الإمارات على الأقل بعد مرور خمس سنوات. وأود أن أشير هنا إلى أن المهرجان هو مختبر تعليمي وليس من بين أهدافه أن يجد ذيوعاً أو انتشاراً جماهيرياً، فالهدف الجوهري هو ان يستقطب المزيد من الشباب المحب للمسرح، فهو فضاء للتدرب والتعلم والتجريب، وضمن هذا الإطار لا بأس من حضور المهتمين والمتابعين ليروا كيف تتقدم التجربة في مسارها الصحيح، ويطرحوا الملاحظات لو انتبهوا إلى أي عثرات أو أخطاء، ولعلك رأيت في المهرجان بعض الوجوه الفنية والاجتماعية سواء من المنطقة الشرقية أو بقية المدن، لقد جاء هؤلاء للمساهمة بالملاحظات والرؤى التي من شأنها أن تنتهي بنا إلى نتائج تثري ممارستنا المسرحية وتصقلها وتطورها، كما أن حضورهم يمكن أن يكون داعماً ومسانداً معنوياً لأولئك الشباب. لقد بدأت تجربة المسرح في الدولة على هذا النحو.. بالورش والدورات والإشراف والمتابعة، ونحن نحاول عبر مهرجان الشارقة للمسرحيات القصيرة أن نستكمل تلك الأيام المسرحية الرائدة التي عرفناها في البدايات، وهناك الكثير من المعطيات التي تدل على أننا نسير في الطريق الصحيح. ? الفعاليات التي ينظمها المهرجان.. الندوة النقدية والملتقى الفكري والشخصية المكرمة إلخ.. ما الرؤية التي يراد لها التعبير عنها؟ ??فكرة البرامج المصاحبة نحاول عبرها التأكيد على البعدين الثقافي والاجتماعي للمسرح.. نستضيف في الندوة النقدية الجمهور ونحضه على طرح الأسئلة والتعبير عما أعجبه أو لم يعجبه، ويتلقى المخرج كل ذلك ويجيب عليه، وعبر الملتقى الفكري نحمل المخرجين الشباب على مناقشة مصطلحات ومفاهيم مسرحية سائدة أو شائعة، ونجري ما يشبه العصف الذهني حولها، بإشراف بعض الأساتذة.. أما برنامج شخصية المهرجان فنربط عبره بين جيل الرواد والجيل الحالي، ولقد انتخب المهرجان هذه السنة الفنان حسن مصطفى الحمادي، وتعرف إليه الشباب في المهرجان عبر لقاء مفتوح، أداره وقدمه الأخ الكاتب إسماعيل عبد الله كما شارك به العديد من فناني المنطقة الشرقية. مزايا ? في تقديرك بما يختلف المهرجان عن غيره من مهرجانات مسرحية إماراتية أو عربية؟ ?? هذا المهرجان يختلف في وجوه مختلفة عن غيره. هناك أولاً الحقيقة التي مفادها بأن المهرجان هو بمثابة تتويج لبرنامج تدريبي تنظمه الإدارة تحت إشراف مجموعة من الخبراء المسرحيين من الدولة وخارجها، فكل العروض التي تقدم فوق خشبة المهرجان جرى إعداد فرقها داخل هذا البرنامج التدريبي، ثم ان هذا المهرجان يُعنى بأولئك الشباب الذين لم ينتسبوا بعد إلى الفرق المسرحية الموجودة، أي أنهم ما زالوا في بداية الطريق، وبحاجة إلى أن يتعلموا، ويتعرفوا إلى الأدوات الأساسية للأداء المسرحي، وبالتالي المهرجان وبرنامجه التدريبي هو فرصتهم لإظهار مهاراتهم وللفت نظر إدارات الفرق وشركات الإنتاج، وغيرها من مؤسسات خاصة وعامة يمكن أن تستفيد منهم مستقبلاً. ومن بين ما يميز مهرجان الشارقة للمسرحيات القصيرة هو اعتماده على نصوص من المكتبة المسرحية العالمية، أي نصوص ليست للاستهلاك اليومي أو الإعلامي السهل إنما للتقعيد والتأسيس وللصقل. وفي هذا الجانب أيضاً نذكر شرط المهرجان الذي ينص على أن تكون كل نصوصه مقدمة باللغة العربية، وهذا الشرط مهم ليس فقط للتأكيد على ثقافتنا العربية ولكن لأن اللغة العربية غنية بمفرداتها وهي أداة الإبداع ويلزم كل ممثل ان يتعلمها ويجيدها. إذن، هناك الكثير من الاختلافات الشكلية والموضوعية التي تطبع مهرجان الشارقة للمسرحيات القصيرة بطابع خاص ومميز مقارنة بغيره من المهرجانات، هذا إضافة إلى اللمحة التكاملية بين المشتغلين في عروض المهرجان والطاقم الإداري، فمعظمهم من الشباب ونحاول بعد مرور خمس سنوات أن تكون إدارة المهرجان برمتها من مسؤولية نفس هؤلاء الشباب المسرحيين، وبشكل عام سنحاول اختبار كل شيء في فضاء المهرجان ونستخلص الجديد والمغاير منه وإلا فأننا لن نكون مواكبين وعصريين! صقل ? بمناسبة الحديث عن النصوص المسرحية.. هناك سؤال تردد كثيرا في الندوة النقدية حول النصوص العربية في المهرجان؟ ?? من المهم أن نوضح هنا أن ما يحصل هو كالتالي: في أثناء الدورة التدريبية التي تسبق المهرجان نقترح بعض النصوص للمخرجين ولا نلزمهم بأخذها، كما لا نحدد للمخرج أي نص، ولكن نقدم له مجموعة من النصوص في قرص مدمج أو مطبوعة على الورق، ويقوم هو بقراءتها وينتقي منها ما يناسبه أو يقترح غيرها، أي أن تدخل إدارة المهرجان لا يتعدى العون التقني إن جاز القول، ولكن ليس هناك ما يمنع المخرجين من الاشتغال على نصوص مسرحية عربية، لكن لا بد من أن تكون من النصوص الراسخة. والشاهد أن الدورة الأخيرة عرفت مشاركات لمخرجين بنصوص عربية لسعد الله ونوس، والسنة الماضية جرى الاشتغال على نصوص عربية عدة. القاعدة هنا هي أن يكون النص معروفاً ومقدماً من قبل، وهناك الكثير من القراءات منجزة حوله أو حول كاتبه حتى يقرأها الشاب ويستفيد منها في إخراجه للنص، وهذا يتناغم مع الفكرة الأساسية للمهرجان؛ أي أن ينفتح المخرج الشاب على مصادر معرفية عدة ويقرأ بعمق أو بكثافة حتى يخلص لتجربته الخاصة ولا يكتفي فقط بقراءة النص المسرحي إنما يقرأ حول الكاتب وسياق كتابة النص أو زمنه وظروفه الاجتماعية، فلئن بدا النص صعبا عليه ومغلقاً يحاول أن يقرأ سيرة الكاتب أو يقرأ ما كُتب من مقالات نقدية حول النص.. هكذا يمكنه أن يصل إلى المفاتيح الأساسية ومن ثم يؤكد ذلك عملاً على الخشبة وقولاً في الندوة النقدية أو لدى لجنة المشاهدة. ? ماذا بخصوص الممثلين، هناك تركيز على المخرجين ولكن الدورة الأخيرة كشفت طاقات تمثيلية واعدة؟ ?? هذا صحيح، وسرني جدا أن بعضهم صعد للخشبة عبر المهرجان، ولكن اكتشافهم جاء عبر المخرجين أنفسهم، وأظن أن من بين المهارات التي يجب أن تتوافر في المخرج أن يكون قادرا على اكتشاف الممثلين. ? إلى أي درجة تعتقد أن البرنامج التدريبي الذي تنظمه إدارتكم ساهم في ترقية مستويات عروض هذا العام؟ ?? في تقديري أن الاستعداد الشخصي والقابلية النفسية والذهنية والحرص والاجتهاد هي العناصر الأساسية في نجاح العروض حتى على الصعيد الإداري.. أقول لولا الشغف والحب لما أحرزنا ما أحرزناه. أما الورش والتدريبات فهي أشبه بالمكملات، وهي تخدم المتدرب على المضي في الطريق الصحيح ولكنها لا تجعله مبدعاً! يمكن أن يكون ماهراً بدرجة ما، ولكنه في حاجة لأن يكون مستعداً نفسياً وان يكون راغباً أيضا حتى يبدع ويبرز. بيد أن الورش التدريبية تساعد المتدرب على أمور كثيرة أخرى كالعمل المشترك والتعاون والإحساس بالآخرين أو التحاور معهم، وهذا مهم من الناحية النفسية، ولك أن تنظر كيف أن كل تجربة عرض مسرحي فيها الكثير من ذلك. ففي فترة الإعداد للعرض المسرحي تحصل أمور كثيرة مهمة لبناء الشخصية الفنية وتطورها وبخاصة حين يعاد إنتاج العمل مرات عدة للوصول إلى نتيجة أفضل هنا يشترك الجميع في ملاحظة نقاط الضعف والقوة وتُطرح الأفكار من الجميع وتتشابك وصولاً إلى الاتفاق والإجماع وهذا ما يقدمه المسرح لنا وهنا أهميته وضرورته. رؤية ? ما الهدف من اختيار مدينة كلباء مكاناً للمهرجان؟ يتكلم البعض عن المسافة الطويلة إليها؟ ?? المسافة ستقصر مع الوقت، دائما المشاريع الجديدة لا تجد القبول من الجميع، ولكن الزمن يتكفل بالكشف عن أهميتها أو عدم أهميتها. في تقديري أن المكان ليس بعيداً بخاصة الآن مع شبكة الطرق الحديثة المتوافرة، والمنطقة الشرقية ثرية ليس فقط بفنانيها إنما أيضاً بجمهورها المحب للمسرح، ولعلك لاحظت كيف كانت الصالة تنصت للعروض وهذا يؤكد محبة هذا الجمهور لما يُقدم له، وهذا مع الأخذ في الاعتبار أن المهرجان ليس جماهيرياً كما قلت سابقاً. لكن ما أتاحته لنا تجربة تنظيم المهرجان في كلباء مهم جدا. لقد حضرت شخصيات عديدة وحصل ربط بين المهرجان والمؤسسات وكذلك الأعيان والفعاليات المجتمعية الأخرى، وكل ذلك يصب ضمن أهداف المهرجان المستلهمة من الرؤية الثقافية لصاحب السمو حاكم الشارقة، والمتمثلة في ربط النشاط الثقافي بالمجتمع، وهو ما تسعى الدائرة لتجسيده دائماً في برامجها. مشروع ? ما المخاوف التي واجهتكم في البداية حين تقرر إقامة المهرجان في كلباء؟ ?? لم تكن هناك مخاوف، لقد ساهمت عروض الموسم المسرحي في تشكيل قاعدة جماهيرية قوية هناك وكذلك عروض مهرجان الشارقة للمسرح المدرسي، إضافة إلى الورش والدورات التدريبية التي نظمت على مدار العامين الماضيين وإدارة المسرح بصدد مشروع مسرحي ضخم في المنطقة ستعلن عنه في حينه وهو يجيء في السياق نفسه. بشرى ? ما مصير هذه العروض الثمانية التي قدمت وبدت متميزة فعلاً من الناحية الفنية؟ ?? قبل الحديث عن مصيرها أو مستقبلها لا بد أن نذكر أن برنامج إدارة المسرح التدريبي سيستمر وسنسعى لاستقطاب المزيد من الشباب، وهو أمر يمثل أولوية لنا وابتداء من هذه السنة سنضع برمجة خاصة للعروض التي تقدم في مهرجان الشارقة للمسرحيات القصيرة في كل برامج الدائرة: الملتقيات والندوات والمهرجانات.. كل هذه الفعاليات ستحتفل بعرض من العروض التي قدمت في المهرجان، وهو ما سيحصل خلال الفترة من الدورة المنقضية والدورة المقبلة، وسنكشف عن ذلك تفصيلا في الأيام القليلة القادمة. ? هل يمكن أن ينفتح المهرجان على الفرق المسرحية العربية في المستقبل أم أنه سيظل مقصوراً على عروض منتجة في الإمارات؟ ?? تجربة المهرجان ستمر بمراحل عدة، وفي أفق التخطيط استضافة عروض وشخصيات عربية في السنة السادسة أو الخامسة وهو أمر خاضع للمستوى الذي ستظهر به الدورات المقبلة، فهذا النوع من المهرجانات بحاجة إلى الدعم فكريا وفنيا، وهو إن كان الآن محلياً إلا أنه يرتدي زيّاً عالمياً عبر نصوصه وطموحات مخرجيه وتقاليده وجميع تفاصيله الأخرى، ونحن ننتظر حتى يترسخ هذا البعد أكثر فأكثر. ? كيف تنظر إلى موقع المهرجان في علاقته بالمناسبات الثقافية والفنية التي تقام في الدولة؟ ?? ما أكده لي هذا المهرجان هو أننا بحاجة إلى نوع من التكامل والتنسيق المشترك. فما ينقص ساحتنا الثقافية هو الترابط بين فعالياتها.. للأسف كل مجال فني منغلق على ذاته ولا تجد أي مشاريع مشتركة، فأهل المسرح في مسرحهم، وأهل التشكيل في معارضهم، وأهل الكتابة في نصوصهم وندواتهم، في حين نحن في أمس الحاجة لأن نتداخل ونتواصل في ما بيننا ونخلق فعاليات تمزج جماليات كل هذه الإبداعات في فضاء واحد. استغرب لماذا لا يشارك الفنان التشكيلي في سينوغرافيا المسرح؟ ولماذا لا نجد كتّاب القصة في ورش الكتابة المسرحية أو ملتقياتها؟ ولماذا لا يقدم كتّاب الرواية على كثرتهم أي مشاريع مسرحية؟ هذا ما ينقص وما نأمل أن تتعاون الجمعيات والاتحادات في ابتكار حلول له. ومهرجان الشارقة للمسرحيات القصيرة ينتظر بالطبع مساهمات هؤلاء المبدعين في فعالياته المتنوعة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©