السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أميركا... هل أصبحت عملاقاً في الطاقة؟

أميركا... هل أصبحت عملاقاً في الطاقة؟
16 أكتوبر 2013 22:49
يوافق هذا الشهر مرور أربعين عاماً منذ إعلان منظمة الدول المصدرة للبترول (الأوبك) حظراً على صادرات النفط إلى الولايات المتحدة، رداً على دعمها إسرائيل خلال حرب أكتوبر، وبالرغم من أن قرار الحظر كان لمدة خمسة أشهر فقط، فإنه لا يزال يطارد سياسة الطاقة في الولايات المتحدة حتى يومنا هذا. سوق الطاقة العالمي المعاصر يحمل تشابهاً ضئيلًا لما كان قائماً قبل أربعين عاماً. فالسوق اليوم أصبح أكثر تنوعاً ومرونة. وبفضل ثورة الغاز الصخري، وارتفاع الإنتاج المحلي من الغاز والنفط، تمكنت الولايات المتحدة من خفض تكلفة الطاقة لديها وأصبحت من أكبر الدول المصدرة للمنتجات النفطية المكررة. وإلى جانب الاضطرابات السياسية والاقتصادية في العديد من الدول الأعضاء بمنظمة الأوبك، وكما هو واضح بكل المقاييس تقريباً، فإن الأوبك هي الأضعف بكثير والولايات المتحدة هي الأقوى بكثير مما كان عليه الوضع في 1973. وعلى الرغم من ذلك، فلا تزال أميركا تطلب استخدام الإيثانول المستخرج من الذرة- وهو عبارة عن مساعدة من المزارع يتنكر في صورة برنامج للطاقة منذ السبعينيات. والمروجون لاستخدام الإيثانول لا يزالون يبالغون في تضخيم الخطر المفترض جراء «اعتمادنا على النفط المستورد»، وقد شاركت كل إدارة، منذ عهد نيكسون، في إطلاق الشعارات حول الاستقلال في مجال الطاقة - بما في ذلك إدارة أوباما، كما حدث في شهر أغسطس الماضي بالرغم من زيادة الترابط العالمي. وبنظرة إلى الوراء، يتضح أن الحصار الذي فرضته منظمة «أوبك» نفسها كان بمثابة خطوة رمزية إلى حد كبير. وقد كان السبب الرئيسي لنقص البنزين في أعقاب الحظر ليس بسبب نقص النفط الخام، ولكن بسبب الرقابة على الأسعار الفيدرالية، وفقاً لما خلص إليه أنس الحجي، من شركة «إن جي بي إنيرجي كابيتال مانايجمنت» وغيره من خبراء الاقتصاد. وفي الواقع أن واردات الولايات المتحدة من النفط الخام في 1973 زادت عن وارداتها في 1972 بنحو 372 مليون برميل، وفقاً لبيانات إدارة معلومات الطاقة. وفي 1974، قفزت هذه الواردات مرة أخرى بنحو 85 مليون برميل. ومنذ ذلك الحين، وعلى الرغم من أن النفط لا يزال سلعة ذات أهمية قصوى، فإن نصيب البترول من السوق العالمية للطاقة في تراجع مستمر. ففي 1973، كان يمثل 48 بالمئة من إجمالي الاستخدام العالمي للطاقة. وفي العام الماضي، انخفضت حصته السوقية إلى 33 بالمئة. ويرجع السبب في هذا الهبوط إلى حد كبير إلى الاستخدام المتزايد للفحم والغاز الطبيعي والطاقة النووية. وعلى مدى العقود الأربعة الماضية، ازداد استخدام النفط بنحو 34 مليون برميل يومياً، أو 61 بالمئة. وفي الوقت نفسه، ارتفع استخدام الفحم بما يقرب من 44 مليون برميل من النفط المكافئ يومياً، ما يمثل 140 بالمئة. أما الرابح الثاني فقد كان الغاز الطبيعي الذي ارتفع الاستهلاك العالمي منه بحوالي 39 مليون برميل من النفط المكافئ يومياً، أو 184 بالمئة. وخلال الفترة نفسها، شهدت الطاقة النووية نسبة نمو هائلة. وبالرغم من ذلك، تظل الطاقة النووية أصغر لاعب نسبياً، حيث ما ينتج منها يعادل 11 مليون برميل من النفط يومياً، أقل من 5 بالمئة من الطلب العالمي على الطاقة. هذا التنوع في سوق الطاقة، إلى جانب تزايد احتياطات النفط الاستراتيجية الوطنية، جعلت الاقتصاد العالمي أكثر مرونة بالنسبة للتغيرات المفاجأة في أسعار النفط. ومن جانبها، أصبحت الولايات المتحدة أكثر كفاءة في استخدام النفط. ففي عام 1973، بلغ استهلاكها حوالي17.3 مليون برميل من النفط يومياً، يستخدم لتوليد ما يقرب من 17 بالمئة من الكهرباء. أما اليوم، فقد هبطت هذه الحصة إلى حوالي 1 بالمئة. كما يحصل الأميركيون أيضاً على المزيد من النمو الاقتصادي من كل برميل نفط يستهلكونه. ففي 1973، كان تعداد السكان في الولايات المتحدة يقدر بنحو 212 مليون نسمة؛ كما كانت قيمة الناتج المحلي الإجمالي 5 تريليونات دولار. واليوم يبلغ عدد السكان 316 مليون نسمة، مع إجمالي ناتج محلي قيمته 14 تريليون دولار (أرقام الناتج المحلي وفقاً لقيمة الدولار في 2005)، وبعبارة أخرى، فقد زاد عدد السكان بمقدار النصف، وارتفع الإنتاج الاقتصادي بنحو ثلاثة أضعاف، بينما ارتفع استهلاك النفط بنحو 7 بالمئة فقط. وإلى جانب مكانة أميركا بالنسبة للغاز الصخري، ففي 2012 بلغ متوسط إنتاج الغاز الطبيعي حوالي 66 مليار قدم مكعب يومياً - أكثر من أي وقت آخر. وهبطت الأسعار لدرجة أن الولايات المتحدة أصبح لديها ميزة سعرية أكثر من أي دولة أخرى باستثناء قطر. كما يساعد الغاز الرخيص في إنعاش صناعات كثيرة من الحديد إلى الأسمدة. كما شهدت أميركا طفرة في إنتاج الغاز الطبيعي، ففي العام الماضي زاد إنتاجها بحوالي 800 ألف برميل يومياً، أكبر زيادة سنوية منذ 1859. كما أنه من المتوقع أن يرتفع هذا العام بنحو 600 ألف برميل إضافية يومياً. وقد ساعد ذلك في إحداث زيادة ضخمة في الصادرات التي قفزت إلى 3.9 مليون برميل من المنتجات المكررة يومياً. وفي الوقت ذاته، فإن إنتاج أوبك من النفط يتناقص، فقد تسببت الصراعات التي تشهدها ليبيا ونيجيريا والعراق في خفض الإنتاج. كما تظل إيران عاجزة بسبب العقوبات الغربية بسبب برنامجها النووي. وفي فنزويلا، حيث ترتفع معدلات الجريمة والتضخم، فقد ظل النفط في نفس مستوى 1994، حوالي 2.7 مليون برميل يومياً.وبصورة إجمالية، يبلغ تعداد السكان في الدول الأعضاء بمنظمة الأوبك حوالى 429 مليون نسمة - أكثر من تعداد سكان أميركا بنحو 115 مليون نسمة- ومع ذلك فإن إجمالي الناتج المحلي يبلغ 3.3 تريليون دولار، أي ربع إجمالي الناتج المحلي في الولايات المتحدة. كما يبلغ إجمالي الناتج المحلي للفرد في أوبك 7800 دولار، 62 بالمئة من المتوسط العالمي، وأقل من سدس نظيره في الولايات المتحدة، حيث يبلغ 50 ألف دولار. في الواقع فإن أميركا ليست في حاجة إلى تحقيق الاستقلال في مجال الطاقة، فقد أصبحت متضامنة بصورة أكبر في سوق الطاقة العالمية. روبرت برايس عضو بمعهد مانهاتن، ومؤلف كتاب «الحاجة إلى الطاقة» ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©