الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أبواب دمشق السبعة تفتح ذراعيها للتاريخ

أبواب دمشق السبعة تفتح ذراعيها للتاريخ
14 مارس 2009 00:39
أشعر بسعادة كبيرة لأنني ولدت في أقدم عاصمة عربية دمشق الحبيبة، وأعيش في أحدث عاصمة عربية أبوظبي، وبين المدينتين يمتد شريط من الذكريات والأحلام ويمتزج التاريخ بالواقع المعاصر وسوق الحميدية القديم بأحدث ''مولات'' العصر· ويمكننا خلال يوم واحد أن نودع جسر المقطع، بوابة هذه المدينة الحديثة وهو يطل على أحدث تحفة معمارية ''مسجد الشيخ زايد'' لتستقبلنا بعد ساعات دمشق القديمة حيث ندخل من الباب الشرقي القريب من الجامع الأموي وهو أيضاً من التحف المعمارية القديمة· وضمن هذه المعادلة بين القديم والحديث قمت بزيارة خاطفة بين الحديث والقديم ليوم واحد فقط، وفي هذه العجالة كان لابد أن أحمل لصديقة غالية، شيئاً من ماضي دمشق وتاريخها الحضاري والمعماري، وقد اكتفيت بزيارة بابين من أبوابها الرئيسية السبعة التي يقال إنها مرتبطة بالكواكب السبعة لتكون علامة خير وأمان وعيشة راضية وتدفع عنها وعن أهلها كل خطر وأذى وعدوان· فالباب الشرقي أخذ اسمه من شروق الشمس وهو رمز لها· وباب توما الذي يرمز إلى كوكب الزهرة، دخل منه عمرو بن العاص وبعد أن تعرض للهدم قام الملك الأيوبي الناصر بإعادة بنائه سنة 1227م· وساحة باب توما يتفرع منها سبعة شوارع، خمسة رئيسية وزقاقان فرعيان، ومن باب توما اتجهت إلى الباب الشرقي مسيرة ربع ساعة، وهو نهاية الشارع المستقيم الموازي لشارع الحميدية وقد سمي في العهد العثماني شارع مدحت باشا وما زال يعرف بهذا الاسم حتى الآن· من عادة زوار الأحياء القديمة في دمشق أن يدخلوا من شارع النصر إلى سوق الحميدية حيث تقع القلعة وبوابتها إلى اليسار، والشارع الطويل أو المستقيم إلى اليمين مقابل باب الجابية· وفي الطريق من المطار إلى دمشق لابد أن تمر بالباب الشرقي· فمن هذا الباب دخل البطل خالد بن الوليد أثناء فتح دمشق، وعلى امتداد هذا الأثر التاريخي المهم مازالت بقايا من السور القديم، وهي تحتضن العديد من البيوت القديمة المبنية بالطين والخشب، وعرائش الياسمين تعانق الشرفات والنوافذ··· وبعد أن تجاوزت البوابة الحجرية العريضة بأبوابها ذات الأقواس، واجهتني المحلات والدكاكين المخصصة لبيع المصنوعات اليدوية التقليدية التي تشتهر بها المدينة القديمة من أدوات نحاسية وزجاجية ملونة وخشبية مطعمة بالصدف الملون، فضلاً عن المطرزات والأقمشة الجميلة مثل البروكار والدامسكو وأنواع الشراشف والأغطية· في هذه المنطقة التي وصلت إليها يد السياحة ومشاريع الترميم، صارت بعض البيوت القديمة تتحول إلى مقاه ومطاعم لاجتذاب السياح· لكني أحببت أن أواصل المشوار في الشارع الطويل، شارع مدحت باشا، وفي منتصفه دخلت بوابة شارع البزورية المسقوف والممتد شمالاً إلى الجامع الأموي· وفي البزورية تفاجئك الروائح والتوابل والأعشاب المتنوعة من عطرية وغذائية وطبية، وما عليك إلا أن تتفرج وتختار· ومن هنا دخلت أهم محلات تحميص البزور والفستق واللوز، وتحدثت إلى عبدالرؤوف جباصيني وهو يعمل منذ 30 عاماً، وسألته عن التغيرات التي طرأت على عمله وعلى البناء التراثي في هذا السوق، فقال: لم يتغير عندنا في المحل شيء، أما في السوق فقد أجريت بعض الإصلاحات على الواجهات لكل المحلات التجارية، وهي ليست بالشكل القديم التي كانت عليه، وقد تغيرت في بعض المحلات المواد ووضعت بدلها أشياء ومنتجات مطلوبة للسياحة، وهذا الشارع ضيق ولا يصلح لمرور السيارات، وهناك دراسة لهذا الوضع· ويضيف جباصيني أن معاملة الناس تغيرت كثيراً وكل واحد صار ''يزين بمكيالين'' ولكن يبقى الدمشقي ما تزال معاملته التجارية تحمل طابعها القديم والأصيل· ويفاجأ الزائر بأحجار أثرية كبيرة ومتناثرة أمام المحلات التجارية على جانبي الشارع ولم تكن موجودة من قبل، سألت من أين جاءت هذه الأحجار، أجاب السيد مظهر نظام: جرت هنا حفريات من أجل الصرف الصحي إلى عمق 12 متراً فظهرت هذه الأحجار من أيام الرومان فأخرجوها وتركوها أمام المحلات بهذا الشكل· ويضيف نظام أن طول هذا الشارع يبلغ 1500 متر، وهو شارع قديم من العهد الروماني وتوجد تحته آثار وأساسات أبنية وأقنية قديمة، ويبدو أن الكشف عنها سوف يؤدي إلى تغير معالمه، وقد وضعت هذه الأحجار كما ترين أمام المحلات بدون ترتيب· ثم مشيت في شارع البزورية حتى وصلت الجامع الأموي، وأمام البوابة الرئيسية للجامع التاريخي تطالعك أعمدة جوبيتر الأثرية حيث ينتهي سوق الحميدية، فالجامع الأموي الذي بناه بشكله الحالي الوليد بن عبدالملك، يقع بين قصر العظم من جهة والمكتبة الظاهرية ومكتب عنبر الذي كان يعتبر جامعة علمية في العهد العثماني· بالدخول للجامع الأموي، نتأمل جلال الصرح العمراني العريق، ثم نعبر صحن الجامع الواسع من الباب الغربي لنخرج من بابه الشرقي المطل على مقهى النوفرة، والحمام المجاور الذي تحول إلى مقهى سياحي حديث، ومن هناك نواصل المشوار عبر الأزقة الضيقة حتى نكمل المشوار ونصل إلى ساحة باب توما من جديد· سأترك لمشوار قادم الحديث عن بقية الأبواب الخمسة الباقية وهي باب السلام ويرمز للقمر، باب كيسان لكوكب زحل، باب الفراديس لعطارد، باب الجابية للمشتري، باب الصغير للمريخ، وباب السلام
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©