الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

محمد حسن أحمد: أعمل على توثيق السينما التي تشبهنا

محمد حسن أحمد: أعمل على توثيق السينما التي تشبهنا
18 أكتوبر 2011 23:38
(أبوظبي) - يُعد كاتب السيناريو الإماراتي محمد حسن أحمد من الأسماء التي صنعت علامة فارقة في الحركة السينمائية المحلية، وذلك من خلال صياغاته لأفلام روائية قصيرة فاتنة ولصيقة بجماليات المكان التي تصدّر خفقاتها الراعشة من خلال وعي شخصي مختلف ومستند في ذات الوقت على مرجعية شعرية وقصصية وروائية خلقت في دواخله تلك الحساسية البصرية العالية والمنتبهة للتفاصيل الخفية والظاهرة التي تحرك الشخوص المطبوعة في مخيلته، والمرتحلة على ماء البصيرة ولذّة الأزمان الشاردة في النسيان والشجن. ومع كل سيناريو جديد يكتبه محمد، تتخلّق بشائر وعلامات لولادة فيلم إماراتي ناضج ومطرز بهالة من النجاح والجوائز والإشادات والانتباهات النقدية، وهو ما حصل مع جلّ أفلامه السابقة مثل “آمين” و”صورة ناقصة” و”تنباك” و”بنت مريم” و”ريح” و”مساء الجنة” و”مريمي” و”سبيل” وأخيرا الفيلم الروائي الطويل “ظل البحر” الذي أخرجه نواف الجناحي ويشهد عرضه العالمي الأول في الدورة الحالية من مهرجان أبوظبي السينمائي، وهو من إنتاج إيميج نيشن أبوظبي. الدورة الحالية من مهرجان أبوظبي شهدت أيضا إطلاق 100 نسخة من الكتاب السينمائي الجديد لمحمد حسن أحمد والذي جاء بدعم من مؤسسة الإمارات للنفع الاجتماعي، وكتب مقدمة الكتاب الشاعر والسينمائي الإماراتي مسعود أمر الله، الذي أشار في المقدمة إلى أن: “تجربة محمد حسن أحمد أرست قواعد اللعبة في الكتابة السينمائية في الإمارات. لأن طزاجة اللغة التي يقدّمها تأتي من عاملين: كونه شاعراً أولاً، وظّف شعر الحياة، والناس، والأمكنة، واللحظات المجتزأة من الزمن، وتلك التي أضافها إليه. وكونه ثانياً صياداً ماهراً يلتقط الحدث، ويُركِّبه بمزاج في بُنية الحدث السردي للسيناريو، حتى يخال إليك أنك تعيش رمزية الواقع، ولكن ليس الواقع تماماً، وبالعكس”. ضم الكتاب عددا كبيرا من السيناريوهات التي كتبها محمد حسن وتحولت إلى أفلام مميزة على أيدي مخرجين إماراتيين موهوبين مثل شقيقه عبدالله حسن أحمد، ووليد الشحي، وخالد المحمود، وسعيد سالمين، وجمعة السهلي، وعلي جمال، وغيرهم، وجاء الإصدار الورقي للكتاب مرفقا بإصدار مرئي عبارة عن قرص (دي في دي) مدمج يضم معظم الأفلام المستنبطة والمنفذة من سيناريوهات الكتاب. “الاتحاد” التقت محمد حسن في أروقة المهرجان بمناسبة إصدار كتابه الجديد وقبل عرض فيلمه الروائي الطويل الأول “ظل البحر” المشارك في مسابقة آفاق جديدة بالمهرجان. تحدث محمد أولا عن أهمية وقيمة إصدار كتاب هو الأول من نوعه في المكتبة المحلية والتي تفتقر لكتابات سينمائية تخصصية، مشيرا إلى أن الكتاب هو خلاصة تجربة تمتد لأكثر من عشر سنوات من التعامل الجمالي والشغل المباشر مع أجواء الفيلم الروائي القصير، وهي تجربة ـ كما يقول ـ تداخلت مع كتابات شخصية سابقة ولاحقة في الشعر والقصة والرواية. وأضاف: “أعتبر إصدار الكتاب محاولة مختلفة وجريئة في المشهد السينمائي المحلي، وهي محاولة لا تطمح لأن تكون مرجعا تعليميا، ولكن الكتاب بلا شك سيكون متاحا لكتاب السيناريو الشباب ولمحبي السينما والشغوفين بها، من أجل التعرف على بنية وتكنيك كتابة سيناريو الفيلم الروائي القصير، اعتمادا على ترجمة ونقل وتحويل هذه السيناريوهات إلى أفلام تم عرضها في مهرجانات محلية وخارجية وشاهدها وتفاعل معها الجمهور”. وعن مدى ارتباط الكتاب بالتجربة الوليدة والطموحة للحركة السينمائية في الإمارات بما يمكن أن يتحول إلى توثيق لبدايات هذه الحركة ولمساراتها المستقبلية، أيضا كرر محمد ما أورده في مقدمة الكتاب قائلا: “بعد سنوات من التجربة السينمائية الإماراتية ومن خلال البدايات التي كانت تصب جهة الحب والتفاعل والوعي والتقاط الروح، كنّا نراهن أنفسنا على صناعة فيلم يشبهنا، وهذا ما حدث بالضبط، حيث لخصنا هذا الحلم بتشكيل مجموعات سينمائية تصنع فيلما بمواصفات جيدة، ومعها تشكلت عناصر فنية عديدة تسابقت على تقديم الفيلم الإماراتي الخالص، وككاتب سيناريو وجدت نفسي محاصرا بهوس الصورة المكتوبة، ولم أتنازل منذ ذاك الضوء عن أن أكون مخلصا جدا للكتابة السينمائية، وبعد سنوات من التجربة والأعمال الروائية القصيرة، وجدت نفسي متحمسا لتقديم نفسي عبر الورق من خلال السيناريوهات المكتوبة، ثم أجمع هذه النصوص البصرية في كتاب واحد، وفي هذا الكتاب وضعت الجزء الأول من السيناريوهات ليكون عملي بمثابة مرجع توثيقي للباحثين والنقاد كي يتعرفوا على الشرارات الأولى والرغبات المضيئة لتقديم سينما تشبهنا، وتترجم عشقنا الكبير لها”. وحول صعوبة تواصل القارئ العادي أو القياسي مع الكتاب الذي يعتبر نوعيا ومرتبطا بحقل فني ذي مواصفات خاصة، أوضح محمد حسن، بأن وجود شريط مدمج ومرفق مع الكتاب ويضم معظم الأعمال المستوحاة من الكتاب سيخلق دون شك فضولا لدى القارئ العادي كي يتعرف على شكل النص المكتوب على الورق، ومدى ارتباطه وتأثيره على معالم وأجواء وحوارات وتفاصيل الفيلم، مضيفا إلى أن هناك شغفا كبيرا من الشباب الإماراتيين وخصوصا طلبة وطلاب الجامعة للدخول في المغامرة السينمائية كتابة وإخراجا وتنفيذا، مضيفا: “أتمنى أن ينقل هذا الكتاب لشريحة الطلبة التجربة الحية والمعاشة والعملية التي خضتها مع أصدقائي المخرجين والتقنيين والممثلين، وهي تجربة يمكن لها أن تختصر الكثير من البحث النظري والجهد الأكاديمي المرتبط بحقل السينما”. وعن أهم نص يتضمنه الكتاب ويشكل انعطافة في تجربته السينمائية، قال محمد حسن: “أعتقد أنه النص أو السيناريو الأول الذي كتبته وهو (آمين) والذي أخرجه شقيقي عبدالله حسن أحمد، لأنني وبعد أن شاهدت كتابتي وهي متجسدة وحية ومتحركة على الشاشة، تحول الأمر عندي إلى شغف متواصل لنقل عوالم طفولتي الخاصة، والقصص الإنسانية التي خبرتها وتفاعلت معها، وكذلك تفاصيل الحياة القديمة والمتسربة من ماض جميل ومفتقد، وكل هذه المناخات والالتقاطات وضعتني في قلب مشروع بصري نابض لا يعرف التوقف، وما زال أمامه الكثير من المناطق المغرية والغامضة التي تحتاج لكشف وتوثيق سواء من خلال الكتابة أو من خلال الفيلم الذي يمتلك لغة إنسانية شاملة وكونية، هي لغة الصورة المتدفقة من كل الأزمان ومن كل الأمكنة”. وحول مدى استفادته من تجربته السابقة مع الشعر والقصة والرواية والمسرح، وتوظيف هذه المعارف والخبرات في كتابة السيناريو السينمائي الذي يمتلك قواما بنائيا صارما مرتبطا بمعمار بصري له علاقة بحركة الكاميرا وتعليمات المخرج، أجاب محمد: “أعتقد أنه لولا دخولي في هذه العوالم الساحرة والمدهشة لأنساق الكتابة الأخرى مثل الشعر والقصة والرواية، لما استطعت أن أنتج سيناريوهات تتضمن روحا مختلفة، ووعيا خاصا تجاه الذات والعالم، وتجاه البحث في طاقة الصورة السينمائية وإمكاناتها الخطيرة والمؤثرة التي تفتح لنا أفقا مختلفا في التعامل مع النص أولا كبناء وشكل ومعطى بصري، وثانيا كشخصيات متوالدة في النص ومتداخلة مع قصص وحالات ومواقف خبرتها أو تخيلتها، وأخيرا هناك الحوارات الخارجية والداخلية التي تنبع شعريتها ورمزيتها من عتمة المأساة ومن ضوء البهجة أيضا”.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©