السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أوجاع في قلب «العربية» وسهام اللغات الهجين تدمي جراحها

أوجاع في قلب «العربية» وسهام اللغات الهجين تدمي جراحها
7 أكتوبر 2012
لغتنا العربية حظيت بمكانة كريمة ومقدسة لم تحظ بها أي لغة أخرى، تدق اليوم في أرجائها نواقيس الخطر وتسري في ثناياها بعالمنا العربي مفردات دخيلة، فاللغة التي اختارها ربنا جل وعلا لتكون لغة لأقدس كتاب على وجه البسيطة ألا وهو «القرآن الكريم»، باتت اليوم تعاني ما بين مطرقة اللهجات العامية وسندان الكلمات الأجنبية الدخيلة!. وفي الوقت الذي تتجدد دعوة حماية اللغة العربية إلى تكاتف الجهود على المستويين الرسمي والشعبي لحماية «العربية»، رفضت إدارة جمعية حماية اللغة العربية تحميل الأسرة مسؤولية الممارسات الخاطئة بين الأبناء في حق لغتنا، في إشارة منها إلى أن نسيج المجتمع فيه خيوط غريبة، فرضتها طبيعة التواصل مع عمالة، لا تجيد العربية، مما تطلب التحدث بلغة أجنبية، وهذا ما لا ترفضه بعض الآراء في حملة تنشر «الاتحاد» أولى حلقاتها، التي تدعو إلى الحفاظ على لغتنا الأم، لكن الأمر تحول إلى «هجين» بين اللغات صارت على لسان عدد كبير، فتعودنا أن نسمع «أنا يسوي.. أنا مافي معلوم.. مني مني.. أنا ما يريد، بابا أنا في جديد». هناء الحمادي (أبوظبي) - تكمن أهمية اللغة العربية في وجدان وفكر الأمة العربية على اختلاف لهجاتها كونها لغة القرآن الكريم، واللغة التي توحد صفوفنا في الصلاة ومناسك عقيدتنا الإسلامية على اختلاف لهجاتنا وأعراقنا، إضافة إلى أنها لغة محفوظة من رب العالمين بحفظ كتابه جل في علاه، فلا يعتريها ما يعتري اللغات الأخرى من التجديد أو التحريف أو النقصان، إضافة إلى أنها اللغة الأم للدول العربية، حيث تقول فاطمة مصبح الظاهري، معلمة، تعد «العربية»، اللغة الحاضنة لموروثنا الحضاري والتاريخي عبر القرون الماضية واللاحقة بعون الله تعالى، وهي اللغة التي نزل بها القرآن الكريم متحديا فصاحة وبلاغة العرب في الجاهلية، لما تميزوا به من بديع البيان في أشعارهم، فهي لغة كانت ولا زالت لوقع حروفها وكلماتها على النفس البشرية ذلك الرنين الموسيقي الأخاذ، الذي يترك أثرا غائرا في عمق الفؤاد، لا يطويه النسيان مهما تقادمت السنون والقرون. مفردات دخيلة وحول تباهي البعض بالتحدث باللغة الإنجليزية أكثر من اللغة العربية، لفتت الظاهري إلى أن ذلك لأمور عدة منها، ضعف الثقة بالنفس، فالذي لا يثق بنفسه تراه دائما يستورد قيم الغير وأفكار الغير، وعادات الغير لأنه يراها أفضل مما لديه، لنظرته الدونية لذاته، رغم أن ما يملكه هذا الإنسان، قد يتعدى ما يملكه من قلدهم بمراحل، إضافة إلى وجود اضطراب الهوية لدى البعض، فتراه ينزع لهوية ليست بهويته ويعتز بها كونها في نظره، هي التي ستجعله علما مشهورا ومبرزا بمجرد ترديد الكلمات باللغة الإنجليزية متناسيا أن السمات القيادية للشخصية الإنسانية تتكامل مع اللغة الأم للإنسان. وتساءلت، فما بالكم إذا كانت هذه اللغة هي لغة مقدسة ومرتبطة بكتاب الله عز وجل منتقدة حرص البعض على نيل إعجاب الآخرين ممن يعتزون بلغات غيرهم على لغتهم الأم. وتتابع الظاهري، كما أن سوق العمل ومتطلبات التعليم أسهم ولو بشكل غير مقصود على تواجد العديد من الأفراد الذين يتباهون بلغات غيرهم تاركين لغتهم لسواهم، إضافة إلى التوجه العام نحو التعليم الإلكتروني الذي لا يتعاطى مع اللغة العربية بما تستحقه من فنون ومهارات، كما ينبغي لها، حيث إن معظم البرامج الإلكترونية، لا زال العالم الغربي، هو من يحقق قدم السبق فيها. لغة القرآن من جانبها، أشارت شيخة عيسى العري عضو المجلس الوطني إلى أنها ليست ضد تعلم اللغات، لكن ينبغي ألاّ يكون ذلك على حساب اللغة العربية، التي تتميز باعتبارها لغة القرآن ولغة القيم والتقاليد العربية، موضحة أن معظم الفنادق والمطارات الخليجية وبعض المؤسسات الكبيرة في هذه الدول، يتعذر فيها الحديث باللغة العربية، وقلما يجد المرء من يجيد التحدث بها، ومع وجود بعض العرب والخليجيين، في هذه الأماكن إلاّ أنهم يفضلون التحدث باللغة الانجليزية، ويبدون استياءهم من التحدث بالعربية. وفي الإطار نفسه ذكرت العري أن الاهتمام بالقيم الإسلامية، يعني كذلك الاهتمام باللغة العربية، ودعت إلى استنفار جهود المختصين في المجالات اللغوية والاجتماعية لدراسة ورصد آثار هذه الظاهرة، وعدّها من أخطر المهددات للهوية الوطنية، وأن التعامل الواعي مع اللغات الأجنبية كان يمكن أن يزيد من الاهتمام باللغة العربية؛ لأن دارس اللغات في هذه الحال سيكتشف عمق اللغة العربية وقدرتها على التعبير الدقيق، سواء في جانب العلوم الطبيعية أو الفلسفية أو الجانب الأدبي. لغة رسمية ولفتت الروائية الإماراتية سارة الجروان إلى أن أهمية اللغة العربية في حياتنا بقولها، لا تقل أهميتها عن الأهمية العقائدية والدينية، إذ كوننا شعوبا متعارف عليها في العالم أجمع على أنها شعوب عربية لها أصولها اللغوية ذات طابع شرقي صعب المراس في الفكاك من جذوره ومعتقداته، يعاب علينا اليوم وقد اخترنا للغتنا الأم بديلا عنها لغة «ركيكة» كائن ما كانت هذه اللغة فهي مقارنة بأية لغة في العالم. وتضيف، اللغة العربية تكمن عظمتها على سائر اللغات في العالم أجمع كونها لغة القرآن الكريم آخر الكتب السماوية المنزلة على خاتم الأنبياء، وجيد أن يعرف الإنسان لغة أو اثنتين على أن تكون بعد لغته الأصلية، أما أن تتخذ لتنصب لغة بديلة فهو لا شك فعل شائن، لا يصدر سوى من أمرئ مزعزع ذا تركيبة هشة يعتقد في ذاته بالهوان والنقص فيحاول تلافيه بالتبعية للآخر سواء من خلال لغة أو سلوك. وأضافت، نحن ولله الحمد في دولة إسلامية عربية استطاعت في زمن قياسي تخلق ميزات التفرد لمسايرة ركب الحضارة، من هنا تكمن المفارقة لطالما نحن نقف على أرض صلبة فمن البديهي أن نسعى للتمسك بأصالة لغتنا العربية واعتمادها في الدولة «لغة رسمية» لا يكفي لطالما جنح البعض إلى فرض لغة بديلة، فلو تدبرنا الوضع في البلدان التي تم احتلالها غابرا سنجد المحتل قد فرض هيمنة لغته الأم، أو ليس حري بنا أن نفرض لغتنا الأم العربية على من أراد معاملتنا من قريب أو بعيد. جرس موسيقي الدكتور محمد أحمد عبدالعزيز استشاري نفسي تربوي يؤكد أن كل تعاملاتنا اليومية والأشخاص الذين نراهم سواء في محل البقالة أو الخادمة أو صاحب المكتبة أو في المدرسة نتحدث معهم باللغة الإنجليزية وليس العربية، وعند الدخول إلى المراكز التجارية أو الأماكن العامة، فغالبا ما تكون أغلفة أغلب المنتجات قد كتب عليها باللغة الأجنبية، فما كدنا نجدها في الأسواق لنفتخر بها كونها صناعة محلية حتى تبادرنا أغلفتها بكلمات أجنبية، بالإضافة إلى لافتات المحال التجارية في البلاد العربية، فنادرا ما تجدها مكتوبة باللغة العربية، بجانب أسماء الأماكن والشوارع فأغلبها مكتوب بلغة دخيلة، ألم يعد بوسعنا الكتابة بالعربية ؟ لما يا ترى ؟ ويتابع، لو نظرنا إلى حروفنا العربية لوجدنا أشكالها جميلة وبها جرس موسيقي غير موجود بأي لغة أخرى، فترى متى نوقف زحف هذه الكلمات الدخيلة ونعيد للغة مجدها الذي كانت ترفل به سابقا، أو ليست هي لغة أهل الجنة كما ورد في الأثير ؟ وهل يعتبر هذا الأمر، بابا آخر من سلسلة إهمال أهلها في حقها؟ وقال إن اللغة العربية كالكنز الدفين والذهب العتيق، بانتظار من يخرجه من مخبئه ويعيد له لمعانه وبريقه من جديد، متمنياً من الجميع، خاصة أولياء الأمور بغرس ما استطاعوا في أولادهم من حب هذه اللغة العظيمة، والحرص على تعليمهم أصولها منذ صغرهم حتى تقوم قائمتها من جديد. نفتخر بلغتنا وتعزو مريم خميس الموسي، ولية أمر إحدى الطالبات، هذا القصور بلغتنا العربية إلى عدة أمور من أبرزها العمل على إدخال المناهج الأجنبية في مرحلة مبكرة من حياة الطالب، فإدخالها مبكرا سينتج جيلا لا يعرف إلا النذر اليسير عن لغته الأم، بينما يستطيع التواصل بلغات أخرى كأنه أحد أبنائها، موضحة أن لغتنا العربية من أصعب اللغات، لكن أنظروا إلى الفرق في إخراج الكتب اللغوية بين المناهج الأجنبية وتلك العربية، فهذه تراها مزدانة بالرسوم الملونة الزاهية ومحبوكة بطريقة مميزة تلفت انتباه الطفل، أما الأخرى فتراها معقدة توحي للطفل بأنها صعبة الفهم وموحشة مقفرة، مطالبة أولياء أمور الطلبة والتربويين بغرس حب هذه اللغة في قلوب أطفالنا منذ نعومة أظافرهم. وتقول إن لم نفتخر نحن بلغتنا ونحترمها ونعطيها حقها، فلن يحترمنا أحد حتى لو تملقناه وسرنا وراءه خطوة بخطوة، مستغربة أن تكون أسماء الأماكن التجارية والمنتجات المحلية كلها تحمل أسماء لا تمت بصلة إلى لغتنا. وتضيف، قد تكون نظرتي متشائمة، لكني أرى أنه لا يمكننا النهوض من هذه الكبوة، إلا إذا حافظنا على لغتنا ووقفنا في وجه الهجمة الشرسة على لغتنا العربية. وتقول بروين حسين، موجة تربوية، بات الجميع صغيرا كان أو كبيرا يتباهى بالحديث بكلمات أجنبية، أصبحت لصيقة بنا، حتى بدأنا نسمع الناس وقد اختلطت كلماتها بتعابير أجنبية كثيرة، ولا أدري ما سبب ذلك حتى إن لم يكن الشخص يقطن في المهجر فتراه يتفوه لك«هاي، باي، بليز، ميرسي، نو، شور، يس، ماي جاد»، وغير ذلك من عشرات وعشرات الكلمات الدخيلة، التي تغزو قاموسنا يوما بعد يوم، وحل قصور واضح في إعطاء هذه اللغة النبيلة حقها! وأضافت، استخدام الألفاظ الأجنبية جلب معه الركاكة للغتنا، فأغلب طلابنا اليوم، إذا كتبوا موضوعا بالفصحى فهو ركيك جدا، لأنهم لا يعرفون الألفاظ الجزلة الرائعة في لغتنا والكثير من الأسماء، التي بعدما كانت الناس سابقا تتنافس، في وضع أسماء لمحلاتها ذات قيمة لغوية ومعنوية، تتنافس الآن في الاسم الأغرب لو كان غير مألوف، مشيرة إلى العديد من المواقف الكثيرة التي تشاهدها في تنقلاتها من مكان لآخر، خاصة الأماكن العامة التي يتحدث خلالها الناس بهذه اللغة الأجنبية، أو اللهجات الهجين، وكأن اللغة العربية أمر يجب الابتعاد عنه. إعادة النظر في المناهج عبدالرحمن السعدي، رب أسرة، فيطالب بإعادة النظر في مناهج اللغة العربية لتخدم تنمية مهارات اللغة الأربع النطق والتحدث والقراءة والكتابة، وإلزام كل القائمين على تعليم اللغة العربية من معلمين وموجهين ومتابعين أن يستخدموا اللغة العربية في أشكال الأداء المهني كل في مجاله، فمن غير المعقول أن يؤدي معلم اللغة العربية حصته بالعامية. فمنع كافة أشكال الاستخفاف باللغة العربية وكل ما يتصل بها في كافة وسائل الإعلام والأعمال الفنية بأنواعها كافة. كما يطالب السعدي، بمنع استخدام اللغات الأجنبية في كتابة عناوين المؤسسات التجارية، ورصد الجوائز القيمة لتشجيع البارزين في مجال اللغة العربية، وأن نعتز باللغة العربية، وأن نصحح وهما عاش حينا من الدهر، وهو أن اللغة العربية مسؤولة عن حالة التخلف التي نعانيها. فالصحيح أن «اللغة» وعـاء لما يلقى فيها، فإن ألقينا فيها علما وحضارة، أخرجت لنا صورة زاهية، أما إن ألقينا فيها جهلا وتبعية لغيرنا فلا نلومن إلا أنفسنا. رفض لفكرة المؤامرة على «العربية» يقول فيصل إبراهيم الرشيد، اخصائي اجتماعي، لن أردد كما اعتاد البعض أن هذه مؤامرة تستهدف لغتنا وأخلاقنا وديننا وتراثنا، ولن أطالب الغرب بأن يتعلم لغتنا وأرفض مخاطبتهم سوى باللغــة العــربية، ولن أكــون من الداعين إلى التخلي عن الإنجليزية والاتجاه نحو العربية، لكن سأسأل نفسي وأسألكم سؤالاً بســيطاً، لماذا لا نتحدث العربية على الأقل مع من هم مثلنا؟ ويتابع الرشيد، قد تكون هناك أسباب يمكن قبولها للكتابة باللغة الانجليزية أو لكتابة العربية بحروف أجنبية، كأن تكون لوحة المفاتيح لا تحتوي على هذه الحروف أو أن تكون مخاطباً للعالم الغربي، لكن في المجمل أعتقد أن من يلجأ إلى الانجليزية في مخاطبة أبناء بلده، فان ذلك يعد حالة من عدم الفهم وعدم التوازن وحالة من الخروج عن المنطق، فياترى لماذا لا نعتز بلغتنا كما تفعل كل شعوب الأرض؟ ولماذا نهرب منها إلى لغات أخرى، لا نفكر في كيفية الارتقاء بها؟ وكيف لنا أن ننسى اللغة التي تعلمناها ونحن في المهد؟، مشيراً إلى أن الحديث مع آخرين بلغة غير التي يفهمونها، ليس دليلاً على التقدم أو الرقي، بل هو نوع من الاستخفاف بعقولهم. ولذلك على الجميع تعلم لغتنا ومخــاطبتنا بها، وأن تكون هناك عمليات للترجمة في المحافل والمناسبات الرسمية. «الإنجليزية المعربة» يرى موسى علي جمعة طالب جامعي أن الكثير بدأ يروج فعلياً لفكرة استبدال اللغة العربية بما يسمى «الإنجليزية المعربة»، ويضيف، لو ألقينا نظرة سريعة على وسائل الاتصال الحديثة، لوجدنا شريحة ضخمة من الجيل الناشئ لا يتحدث بلغته العربية مطلقاً، فكل الأحاديث والكتابات بهذا الهجين اللغوي، ولا يخفى على أحد التأثير الثقافي السلبي للثقافة الغربية، متمثلاً بالأفلام المنحطة والأغاني الهابطة والمسلسلات والأفلام الكارتونية والروايات والكتب الأجنبية، التي ليست ذات طابع ثقافي ومعرفي ثري، فكل هذه الأدوات تمثل تحدياً حقيقياً للثقافة والهوية العربية والإسلامية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©