السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سور كندا العظيم!

12 أكتوبر 2015 03:59
في كندا، استأثر انسحاب المرشح الجمهوري الأميركي «سكوت ووكير» من سباق الانتخابات الرئاسية بعناوين بارزة في الصحافة المحلية، فهو الرجل الذي اقترح بناء جدار طوله 8864 كيلومتراً لفصل الحدود المشتركة بين أميركا وكندا، وأظهرت نتائج استطلاع للرأي نشرت في شهر سبتمبر الماضي أن 41 بالمئة من الأميركيين يرحبون بهذه الفكرة. وحرّض الجدل الذي أثير حول الموضوع كتّاب الأعمدة على طرح أفكارهم حوله، وظهرت أعمدتهم في مئات الصحف الكندية الأسبوع الماضي، ومن بينهم الصحفي «جوش فريد» الذي كتب عموداً في صحيفة «مونتريال جازيت» قال فيه: «نعم يا أيها الكنديون، ينبغي علينا أن نبني الجدار الذي يفصلنا عن الولايات المتحدة، ونحن الآن في الوقت المناسب لتنفيذ الفكرة». وأضاف: «ويمكنك أن تتخيل ضخامة الأفواج البشرية من اللاجئين السياسيين التي يُنتظر أن تتدفق على كندا في حالة فوز عدو الهجرة والمهاجرين دونالد ترامب في انتخابات الرئاسة الأميركية لعام 2016. ولا شك أن الملايين من أتباع الحزب الديمقراطي الأميركي والمهاجرين الهاربين من سخيمة أحقاد ترامب سوف تخترق الحدود الكندية، طلباً لحق اللجوء السياسي إلى أرضنا المتجمدة». وعبرت صحيفة «جلوب أند ميل» الكندية التي تصدر في مدينة تورينتو، وتوزع مليون نسخة يومياً، عن تأييدها لبناء ما أطلقت عليه اسم «الجدار العظيم في كندا»، وقالت «لقد أثبتت جدران الفصل فوائدها عبر التاريخ منذ عهد أسرة مينج الصينية التي بنت السور العظيم، ولقد حان الوقت لبناء الجدار الكندي، وكلما زاد ارتفاعاً كان ذلك أفضل». وتوقعت الصحيفة أن يتحول مشروع بناء الجدار الكندي إلى أداة تحفيز وحماية للاقتصاد الكندي الذي يعاني الأزمات، وسوف يشكل مانعاً يمتد عبر البحيرات العظمى وجبال الروكي وهو يتطلب الشيء الكثير من عناصر الإبداع والابتكار الهندسي والتكنولوجي. وقالت الباحثة الاجتماعية «سوزان ساكس» في مقال نشرته صحيفة «تورنتو ستار»: «إذا كان في وسع الجدار أن يُبعد حملة الأسلحة الفردية وبقية العادات الأميركية المستهجنة عن كندا، فأنا أرحب به». وفضلاً عن استبعاد حملة الأسلحة غير القانونية، قالت الباحثة الاجتماعية الكندية «دوروثي توركوت» في مقال نشرته في صحيفة «جريسمبي»، إن جدار الفصل بين كندا وأميركا يمكنه أن يعزل الكنديين عن «تأثيرات الثقافات غير المرغوبة التي يصدِّرها الأميركيون للمجتمع الكندي»، وكثيراً ما عبّر الكنديون عن ازدرائهم لما يسمى «ثقافة حمل المسدسات»، وتنديدهم بمستويات العنف المرتفعة في الولايات المتحدة. وكانت لي أحاديث ولقاءات حول هذه القضايا مع مسؤولين كنديين كبار، وبما أنني أحمل الجنسيتين الأميركية والكندية، وأجد في نفسي القدرة على فهم العادات السائدة في المجتمعين، فقد لاحظت أن الكنديين ما زالوا حتى الآن متأثرين بالسياسات المتبعة عند جارتهم الجنوبية الغارقة في الفوضى والضجيج، إلا أن هذا الارتباط ينبع من الشعور بأن الحالة الاقتصادية للولايات المتحدة تؤثر بشكل مباشر على وضعهم الاقتصادي. ومن ذلك مثلاً، أن استقالة «جون بوينير» أصبحت تمثل الشغل الشاغل للصحافة الكندية، وليس هذا إلا دليل وحيد من بين جملة من القرائن التي تعبر عن قوة شعور الكنديين بالارتباط بالسياسات الأميركية وحتى بالعادات والممارسات الاجتماعية والرياضية. وفي المقابل، لا يبدو أن الولايات المتحدة تحمل لجارتها الشمالية (كندا) أي شعور بالامتنان على الإطلاق، ويذهب الأمر إلى أبعد من ذلك عندما يعبّر الكنديون عن استغرابهم واستيائهم من تجاهل الأميركيين لوجودهم، ويمكنني أن أسأل الأميركيين سؤالاً بسيطاً وأنا واثقة من أنهم لا يعرفون الإجابة عنه: هل تعلمون أن كندا نظمت انتخابات تشريعية فيدرالية قبل أسبوعين؟ إنهم بالطبع لا يعرفون شيئاً عن الموضوع. وليس من العجيب بعد كل هذا أن نقرأ في المقالة التي كتبها «رون فريدمان» في صحيفة «ستار» العبارة التالية: «إنه لمما يستثير فرحي ومفاجأتي أن أعلم من خلال اطلاعي على نتائج استطلاع للرأي بأن 41 بالمئة من الأميركيين يدركون بأن للولايات المتحدة حدوداً مشتركة مع كندا». *باحثة اجتماعية أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©