الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

مصر: قفزات جديدة في سعر الدولار

مصر: قفزات جديدة في سعر الدولار
12 أكتوبر 2015 16:30

سجلت أسعار صرف الدولار في السوق المصرية مستويات جديدة خلال تعاملات اليوم الإثنين بلغت8،17 جنيه للشراء، و8,22  جنيه للبيع لدى عدد من شركات الصرافة في مناطق وسط العاصمة، مقارنة مع السعر الرسمي في البنوك 7,78 جنيه للشراء و8,83 جنيه للبيع، وذلك بعدما أعلن المصرف المركزي نهاية الأسبوع الماضي عن أكبر تراجع شهري في احتياطاته النقدية بنحو 1,7 مليار دولار الشهر الماضي، ليصل حجم التراجع خلال الأشهر الثلاثة الماضية إلى 3,7 مليار دولار، وانخفضت قيمة الاحتياطي إلى 16,3 مليار دولار.

واثار التراجع الحاد للاحتياطي النقدي المخاوف لدى العديد من المستوردين الذين يعانون في الأساس من تدبير حاجياتهم النقدية من الدولار عبر البنوك، ما يضطرهم إلى اللجوء إلى السوق السوداء التي سجلت قفزات جديدة في سعر العملة الأميركية، إذ تثار تكهنات في السوق الآن من أن البنك المركزي سيضطر تحت ضغط تراجع الحصيلة من العملة الأجنبية، إلى الإقدام على خفض جديد في سعر الجنيه المصري.

وخفض المركزي المصري العام الماضي سعر صرف العملة المحلية أمام الدولار مرتين، ليتداول الدولار حالياً في البنوك عند سعر 7,78 جنيه للشراء و7,83 جنيه للبيع، ووضع المركزي العديد من القيود على التعامل بالدولار بهدف القضاء على السوق السوداء التي عادت من جديد إلى نشاط غير مسبوق بفعل المضاربة المحمومة على الجنيه.. ومن هذه القيود إلزام العميل بعدم سحب أكثر من 10 الاف دولار يوميا من حسابه المصرفي وللشركات بعدم ايداع أكثر من 50 ألف دولار شهريا.

وقال مدراء شركات صرافة في عدد من المواقع الحيوية بالعاصمة التقتهم "الاتحاد" إن السوق متعطش أكثر للدولار فور اعلان المركزي المصري عن تراجع كبير في احتياطاته النقدية من الدولار، حيث ازدادت شهية المضاربة على الجنيه، وأمسك حملة الدولار عن البيع توقعاً لقفزات جديدة متتالية ربما تصل إلى 9 جنيهات للدولار الواحد بنهاية العام الحالي أو في الربع الأول من العام المقبل، فيما قال مدير شركة صرافة " هناك حديث متواتر في الأوساط المصرفية من أن سعر الدولار سيصل إلى 10 جنيهات خصوصا بعدما افصح وزير الاستثمار الشهر الماضي عن نية الحكومة تعويم الجنيه وتركه لآلية العرض والطلب.

وفقد الاحتياطي النقدي الدولاري لدى السلطات النقدية في مصر أكثر من نصفه منذ أحداث يناير 2011، حيث تراجع من أكثر من 30 مليار دولار إلى 16 مليار دولار، وسجل مستويات أدنى من ذلك في فترات زمنية عدة إلى 13 مليار دولار، قبل تدخل الدول الخليجية الثلاثة الإمارات والسعودية والكويت لدعم مصر عقب ثورة يونيو، إذ قدمت الدول الثلاث مساعدات نقدية مليارية لوقف نزيف الاحتياطي النقدي المصري.

غير أن الانخفاض الحاد في أسعار النفط والذي تجاوز 50%، لم يعد يجعل هناك فائض مالي في الموازنات الخليجية يمكن دولها من الاستمرار في تقديم الدعم الدولاري لمصر، وهو أمر تدركه القاهرة جيداً، ويدفعها نحو الاقتراض من مؤسسات التمويل الدولية خلال الفترة المقبلة، حسبما قال وزير الوزراء المصري مؤخرا شريف إسماعيل من أن بلاده ستجمع نحو 4 مليارات دولار من الخارج قبل نهاية العام الحالي.

وتعتمد مصر في تدبير احتياجاتها من الدولار على أربعة مصادر أساسية سجلت جميعها تراجعاً كبيراً خلال السنوات الخمس الماضية التي اعقبت ثورة 2011، وهى ايرادات السياحة التي انخفضت بأكثر من 30% لتصل إلى 12 مليار دولار، وتحويلات المصريين في الخارج، ورسوم عبور قناة السويس التي تصل إلى 5,5 مليار دولار، إضافة إلى الصادرات المصرية للخارج والتي انخفضت هى الأخرى بنسب كبيرة.

والسؤال الذي يثار حالياً في القاهرة، هل اللجوء إلى الاستدانة من الخارج هو الحل الأمثل لوقف نزيف الاحتياطي النقدي المصري؟ وماانعكاسات استمرار هذا التراجع على الاقتصاد المصري خلال الفترة المقبلة؟

يواجه الاحتياطي النقدي المصري الشهر الحالي تحديات أكثر حدة، إذ أن القاهرة مطالية خلال شهر أكتوبر الجاري بسداد وديعة قطرية تقدر بنحو مليار دولار كانت الدوحة قد دفعتها للحكومة المصرية قبل عامين، فضلاً عن مستحقات لدول نادي باريس وهى الدول التي سبقت أن قدمت قروضاً لمصر في سنوات سابقة، الأمر الذي يعزز من توقعات المضاربين على الجنيه من أن سعر الدولار ربما يسجل قفزات أعلى الفترة المقبلة، كما أن ذلك يزيد من الضغوظ على القاهرة نحو تسريع مباحثاتها مع  منظمات التمويل الدولية للحصول على قروض دولارية بمبالغ كبيرة.

ويعتبر كل من البنك الدولي والبنك الإفريقي للتنمية أحد أبرز جهات التمويل التي تعول القاهرة عليها نحو الاقتراض، بحسب رئيس الوزراء الذي قدر حجم القروض المتوقع الحصول عليها من البنكين بنحو 1,5 مليار دولار، فضلاً عن مصدر تمويلي آخر جربته الحكومة المصرية في العامين الماضيين واثبت نجاحه، ويتمثل في طرح أراضي سكنية للمصريين في الخارج للبيع بالدولار، حيث تأمل حكومة شريف إسماعيل جمع نحو 2,5 مليار دولار من حصيلة البيع.

ويتحفظ اقتصاديون على اللجوء إلى الاستدانة من الخارج لدعم الاحتياطي النقدي، بحسب ما قال لـ" الاتحاد" الدكتور أحمد أبو الحسن استاذ الاقتصاد بجامعة حلوان، مضيفاً أن الاقتراض ليس هو الحل، حيث تزداد خدمة فوائد الدين باستمرار، وهو ما يستنزف الاحتياطي النقدي أيضا، حيث أن جزءاً من الاحتياطي يذهب لسداد أقساط الدين الخارجي.

وأوضح أنه يتعين على الحكومة ترشيد فاتورة الاستيراد الذي أصبح يطال كافة أنواع السلع وليس السلع الضرورية فقط، حيث لم يعد من المنطقي تلبية حاجة مستورين لسلع كمالية أو ترفيهية، مطالباً بتحديد السلع التي يفتح لها ائتمان لدى البنوك المصرية، بحيث يقتصر الاستيراد على السلع الضرورية والسلع الرأسمالية الداخلة في الصناعة.

وقال إن استمرار تراجع الاحتياطي النقدي يشكل خطراً على الاقتصاد المصري، إذ يستلزم أن يغطي الاحتياطي واردات البلاد لفترة تتراح بين 3-6 أشهر، وهو أمر بالغ الصعوبة في حال استمر التراجع بهذه الوتيرة المتسارعة بدون تدخل، إذ أن ذلك يعني مزيداً من ارتفاعات أسعار السلع.

ويخشى اقتصاديون من أن تؤدي القفزات المتلاحقة لسعر صرف الدولار إلى ارتفاعات جديدة في أسعار  السلع المشتعلة أصلاً في السوق المصرية، حيث تعتمد مصر على استيراد الكثير من احتياجاتها الغذائية.

وبحسب الاحصاءات، فإن فاتورة الوارادات المصرية تقدر سنويا بنحو 60 مليار دولار.

 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©