السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

بطاقات الائتمان الإسلامية تتجاوز التحديات

بطاقات الائتمان الإسلامية تتجاوز التحديات
19 أكتوبر 2011 22:30
القاهرة (رويترز) - بعد أكثر من عقد من الزمان على انطلاقها استطاعت النقود البلاستيكية الإسلامية تقديم حلول لجملة من المشكلات والتحديات التي اعترضت طريقها، لكن نجاحها في الخروج من مأزق الربا والمحاكاة وشح الإبداع يظل محل خلاف. يقول محمد الدقدوقي نائب مدير عام البنك الوطني المصري التابع لبنك الكويت الوطني إن ما يسمى بالنقود البلاستيكية تشمل ثلاثة أنواع من البطاقات هي “بطاقة الحساب” و”البطاقة مسبقة الدفع” و”بطاقة الائتمان”. وتتحفظ الشريعة الإسلامية على النوع الأخير فقط من البطاقات كونها تحقق أرباحا مقابل منح المال بأجل، حسب الدقدوقي الذي قال إن “بطاقة الحساب” المجازة شرعا تصبح “بطاقة ائتمان” محرمة إن لم يسدد العميل قيمة مشترياته بها خلال فترة السماح وبالتالي تترتب عليها فوائد. ومع تطور استعمال بطاقات الائتمان التقليدية التي ظهرت في خمسينيات القرن الماضي أصبح على المصارف الإسلامية أن توفر معادلا موضوعيا لها يتجنب الربا ويوفر قيمة مضافة للعملاء. وأصبحت البنوك الإسلامية أمام خيارين أولهما تشغيل بطاقة ائتمان تقليدية ومن ثم الوقوع في مأزق شرعي والثاني ابتكار منتج جديد. اتجهت البنوك الإسلامية نحو الخيار الثاني. وكان من أوائل البنوك التي أطلقت بطاقة ائتمان إسلامية بنك إسلام الماليزي وبنك المؤسسة العربية الإسلامي في البحرين وذلك مطلع القرن الواحد والعشرين. التوافق مع الشريعة ويقول الدقدوقي إن بطاقات الائتمان الإسلامية منذ نشأتها كان عليها التعاطي مع جملة تحديات لتحقيق التوافق مع الشريعة والبقاء في حيز المنافسة مع نظيرتها التي سبقتها بنصف قرن إلى الوجود. ويضيف “المفروض أن البطاقة الإسلامية لا تشتري سلعا محرمة... ولا تتيح السحب النقدي... ولا تسمح بالسداد آجلا... هذه المشكلات الثلاث كان على البنوك الإسلامية التعامل معها” عند إصدار بطاقة إسلامية. بالنسبة للمشكلة الأولى حسب الدقدوقي تم الاتفاق “مع المنظمات العالمية (المديرة لشبكات الدفع الإلكترونية) بأن تراعي خصوصية البنوك الإسلامية... وبالتالي أصبحت البطاقات مبرمجة بحيث لا تستخدم في أماكن نشاطها الأساسي مخالف للشريعة”. أما مسألة السحب النقدي فتغلبت عليها البنوك الإسلامية عن طريق “فرض حد أو رسم خدمة ثابت بصرف النظر عن قيمة المبلغ المسحوب... وبالتالي لا يوجد ربط بين المبلغ المسحوب وبين رسم الخدمة” وغابت شبهة الربا عن المعاملات حسب الدقدوقي. وبالنسبة لأجل السداد “استخدمت البنوك صيغ العقود الشرعية لتقديم تسهيل ائتماني” غير قائم على النقد. وتحرم الشريعة الإسلامية استعمال النقود كسلعة في حد ذاتها وتشترط لإجازة المعاملة التجارية أن تتم على سلعة أو خدمة. العقود الشرعية قال عدنان سيد نائب الرئيس ومدير البطاقات في بنك الهلال الذي يتخذ من أبوظبي مقرا، إن بطاقات الائتمان الإسلامية استعملت صيغ العقود الشرعية واعتمدت في غالبيتها على معاملات هي بيع الإجارة والتورق والعينة والكفالة والأجرة. وأضاف قائلا في رد مكتوب على أسئلة لـ “رويترز” إنه في دبي مثلا تقوم بطاقات بنك دبي الإسلامي والإمارات الإسلامي والشارقة الإسلامي “على عقد الأجرة. وتعتمد بطاقة مصرف أبوظبي الإسلامي على التورق”. وتتباين الآراء حول مشروعية هذه المعاملات وتوافقها مع الشريعة. فبينما يتم العمل بصيغة التورق على نطاق واسع في منطقة الخليج ترفض أوساط مصرفية وشرعية في مصر هذه الصيغة. ويرفض علماء شريعة في دول خليجية وفي مصر صيغة “بيع العينة” المتداولة في ماليزيا وجنوب شرق آسيا حسبما يقول عماد السحار المدير العام بقطاع المعاملات الإسلامية لبنك مصر. وقال السحار لـ رويترز “لدينا تحفظات على جميع البطاقات (الإسلامية) المعمول بها حاليا” في مصر. ويضيف “ليست هناك بطاقة ائتمان إسلامية واضحة في مصر حتى الآن” ويلخص رأيه في كلمات قليلة قائلا “التجربة غير ناجحة وغير مقنعة”. وأصدر المصرف المتحد عام 2009 أول بطاقة دفع موافقة للشريعة في مصر تحت اسم بطاقة “المرابحة رخاء” بعد صدور فتوى من دار الإفتاء المصرية. وأعلن بنك الشركة المصرفية العربية الدولية الذي يتخذ من القاهرة مقرا في سبتمبر الماضي عزمه إصدار بطاقة ائتمان إسلامية تحت مسمى “بطاقة التيسير” على أن تخرج للسوق مطلع العام القادم. وقالت تقارير صحفية هذا الشهر إن بنك البركة مصر يعتزم إطلاق بطاقة إسلامية. وتنشط في مصر ثلاثة بنوك إسلامية هي فيصل الإسلامي والبركة والوطني للتنمية بينما يستعد المصرف المتحد إلى التحول إلى مصرف إسلامي متكامل وتشغل كبار البنوك التقليدية فروعا للمعاملات الإسلامية. وتتيح البنوك الإسلامية التي لم تصدر بعد بطاقة ائتمان إسلامية لعملائها استخدام البطاقة التقليدية. النقود البلاستيكية ويقول سيد فاروق رئيس أسواق المال الإسلامية بمؤسسة تومسون رويترز في دراسة له بعنوان “إبداع النقود البلاستيكية الإسلامية” إن البنوك الإسلامية تدخل في مجموعة تعاقدات مع العميل وأطراف أخرى كي توفر آلية الائتمان الإسلامية. وتضرب الدراسة عدة أمثلة على هذه المعاملات. فتقول إن في حالة بطاقة الائتمان القائمة على التورق يبيع البنك للعميل قطعة أرض مثلا مقابل السداد الآجل. ويتضمن سعر البيع كلا من الحد الائتماني الذي ستتيحه البطاقة للعميل والأرباح التي يقررها البنك لنفسه. ثم يبيع العميل قطعة الأرض لوسيط (طرف ثالث) مقابل سعر فوري أقل من السعر الذي اشترى به من البنك ويتم وضع مقابل الشراء في حساب وديعة يستخدمه حامل البطاقة في مشترياته. وفي حالة بطاقة الائتمان القائمة على الإجارة (التأجير) تقول الدراسة إن العميل يدخل في عقد “إجارة منتهية بالتملك” مع البنك- أي يشتري السلع والخدمات ويدفع البنك قيمة هذه المشتريات للتاجر. ثم يؤجر البنك السلع والخدمات المشتراة للعميل لفترة زمنية يدفع خلالها العميل أقساطا للبنك. وهذه الأقساط تشمل قيمة السلع مضافا إليها أرباح البنك. وعرف العالم مفهوم بطاقة الائتمان بصورتها الحالية لأول مرة في الخمسينيات من القرن الماضي عندما طرحت شركة “داينرز كلوب” الأميركية بطاقات لعملائها لاستخدامها في الحصول على الوجبات الغذائية وسلع أخرى. والآن تسيطر شبكات “فيزا” و”ماستر كارد” و”أميركان إكسبريس” على النسبة الغالبة من معاملات بطاقات الائتمان على مستوى العالم. وتحتاج المصارف الإسلامية للتعاقد مع هذه الشركات حتى تشغل بطاقات إسلامية وتدفع لها نسبة من أرباح البطاقات مقابل الخدمة. لكن الانتقادات التي تواجهها النقود البلاستيكية الإسلامية ليست بالقليلة ويكاد التفاؤل بمستقبلها يكون ضعيفا. يقول فاروق من تومسون رويترز “غالبية البطاقات الإسلامية تحاول إعادة إنتاج أثر البطاقات التقليدية... وإذا حاولت الابتعاد عن تقليد البطاقة التقليدية ومراعاة المبادئ الإسلامية.. فهي تتنازل عن الربحية”. ويرى فاروق أن عالم البطاقات الإسلامية به “الكثير من المسميات والقليل من الإبداع” وأن هذه البطاقات لم تطرح أي قيمة مضافة جديدة لعملائها رغم مرور أكثر من عقد على انطلاقها.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©