الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مزاج المصريين و «الربيع العربي»

19 أكتوبر 2011 23:31
د. بهجت قرني أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة الأميركية -القاهرة المسح الأخير الذي قام به مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بـ"الأهرام"، لم يحظ بعد بالاهتمام الذي يستحقه، وذلك بالرغم من أنه آخر بيانات موثقة عن مزاج المصريين. تمت هذه الدراسة الميدانية خلال عشرة أيام 21-11 سبتمبر الماضي، أي منذ أقل من شهر، ولكن قبل الأحداث الأخيرة ليوم الأحد الدامي 16 سبتمبر، أو ما يسمى "أحداث الفتنة الطائفية" التي مات فيها 25 فرداً، وجرح ما يقارب 220. تم إجراء المسح على عينة صغيرة نسبياً بالمقارنة مع سكان مصر، 2400 شخص من بين نحو 83 مليوناً، ولكنهم موزعون على جميع محافظات مصر. نتائج هذه البيانات ذات دلالة غاية في الأهمية، خاصة أن هناك تطوراً كبيراً في مزاج المصريين تجاه أحداث "الربيع العربي" في فترة قصيرة جداً لا تتجاوز شهراً. فبالنسبة للقضايا الأكثر إلحاحاً، تأتي القضايا الاقتصادية في المقدمة، حيث وضعها في المقدمة في شهر أغسطس نحو نصف السكان (49.3 في المئة)، ولتصبح النسبة في شهر سبتمبر 56.4 في المئة، أي بزيادة 9 في المئة. وبالرغم من أن هذه الزيادة كبيرة نسبياً في فترة الشهر، إلا أن متابعتي لأرقام التضخم ومعدلات زيادة الأسعار جعلتني أتوقع أن الزيادة ستكون أكثر من 9 في المئة. ولنأخذ من الأمثلة المواد الغذائية لغالبية السكان في تطور زيادة أسعارها في شهر واحد أيضاً: السكر الحر، وبعض أنواع الزيوت 35 في المئة، الفول الجاف 56 في المئة، والأرز السائب 09 في المئة، بينما تجربتي مع زيادة أسعار الفواكـه تبين أن كيلـو المانجـو في أسبوع واحد، وليس في شهر زاد 45 في المئة. جنون الأسعار إذاً، حتى لعائلات الطبقة الوسطى، قد يجعلها تفكر بالكثير، أما بالنسبة للطبقة الدنيا، خاصة إذا فقدت مورد رزقها، وتعاني من البطالة مع الكساد الموجود، فإنها قد تضطر للسرقة ومزاولة أنواع أخرى من الجريمة، خاصة إذا كانت مسؤولة عن تربية أسرة والوضع الاقتصادي إذن خطير. وفي الواقع عندي أرقام أخرى عن تدني الاستثمار الأجنبي والداخلي -الذي هو وقود المصانع والتشغيل، وكذلك عن تدهور السياحة بالطبع، وكذلك ارتفاع مستوى الدين الداخلي والخارجي، ولكن لا داعي للإثقال على القارئ بالأرقام المتزايدة. ولكن هذه النقطة واضحة: إذا كان على "الربيع العربي" أن ينجح ويستمر، فمعالجة الوضع الاقتصادي الحالي تصبح ضرورة قصوى، حتى إذا كانت هذه المشاكل الاقتصادية بدأت مع النظام السابق، ولكنها تتراكم وتتفاقم الآن، لتصيب الناس بالإحباط وتسرق منهم الأمل الذي تولد يوم 11 فبراير الماضي. بعد الوضع الاقتصادي، ما هو القطاع الذي يحتل المكانة الثانية في قائمة قلق المصريين؟ إنه الوضع الأمني، فبينما اعتبره في شهر أغسطس 28.4 في المئة من المجيبين أنه في المرتبة الأولى بالنسبة لهم، قفزت هذه النسبة في شهر سبتمبر إلى 41.4 في المئة، أي ما يوازي 13 في المئة نقطة، أو أكثر من 50 في المئة من الزيادة التي حدثت بالنسبة للقلق من الوضع الاقتصادي (13 في المئة مقارنة بـ8 في المئة). المعنى: الوضع الأمني ليس فقط مقلقاً، ولكن وتيرة القلق يمكن أن تزداد بسرعة شديدة. وفي الواقع فإن تحليل الإحصاءات الأخرى في مسح الرأي العام هذا، تبين أن القلق على الوضع الأمني قد يفوق القلق على الوضع الاقتصادي، فمثلاً ازداد عدد "المنزعجين" بين أغسطس وسبتمبر 38.7 في المئة إلى 49.5 في المئة، أي أكثر قليلاً من عشر درجات، وازداد عدد "القلقين" من 15.4 في المئة إلى 19.5 في المئة أي أربع درجات، أي أن المنزعجين والقلقين يمثلون الآن أكثر من ثلثي السكان أو 6 في المائة، وبالتالي انخفض عدد من عندهم أمل (23.7 في المئة) إلى 19.4 في المئة، ومن هو مطمئن أيضاً من (22.1 في المئة إلى 11.9 في المئة) لتصبح نسبة المتفائلين نحو 31 في المئة فقط، أو أقل من ثلث السكان. ما مغزى هذا التحول في مزاج المصريين؟ وما تأثيره على تأييد الشارع للربيع العربي في صورته الراهنة، والأهم من ذلك، على توجه المرحلة الانتقالية؟
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©