السبت 30 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

استغلال مواقف المعاقين.. تجاوز يحتاج إلى وعي مجتمعي

استغلال مواقف المعاقين.. تجاوز يحتاج إلى وعي مجتمعي
8 أكتوبر 2012
لم يكترث أحد سائقي السيارات لأدنى شروط اللباقة عندما قرر صف سيارته في موقف مخصص لذوي الاحتياجات الخاصة، بحجة أنه الأقرب إلى مدخل المركز التجاري، وبعدما أنهى جولته وهم بالصعود خلف المقود، لمح على زجاج سيارته ورقة قرأ عليها العبارة الآتية «لا بأس بأنك أخذت موقف سيارتي، لكنك نسيت أن تأخذ معه إعاقتي». العبارة تجدد الحديث حول حقوق المعاقين التي تكفلها قوانين كل دولة، خاصة أن هذه الفئة تتأثر بشدة نتيجة الاعتداء على حقوقها، وفي الوقت ذاته ترفض نظرة العطف، من منطلق ثقافة الاهتمام بذوي الاحتياجات، التي يتربى عليها الكثير من الأفراد. نسرين درزي (أبوظبي) - كثيرة هي المواقف التي تترك فينا معاني ورسائل مؤثرة تصيبنا في الصميم من معوقين أنعمت عليهم الحياة على اختلاف حالاتهم بالتواضع والبساطة، فهم أشخاص وإن كانوا يعانون في حياتهم، غير أنهم يدركون تماما حقوقهم الاجتماعية ولا يطالبون عادة إلا بتذكيرنا بها، إذ من غير المنطقي أن ننكر عليهم أقل ما يمكن أن يشكل لهم عامل أمان، سواء من حيث اصطياد المواقف المخصصة لهم، أو عرقلة المعايير اللوجستية التي تسهل تحركهم والتعدي عليها. حملات توعية غالباً ما تعلو صرخات المصابين بالإعاقات ولاسيما الجسدية منها، لكنها غالبا لا تصل إلى الحد المطلوب، فمع اهتمام الجهات المعنية في الدولة بحالاتهم، غير أنهم يعانون تجاوزات الأفراد في حقهم. وهم وإن كانوا غير منسيين على الصعيد القانوني، ولهم أولوية المرور والاصطفاف والتحرك، إلا أن الأمور لا تسير دائما بحسب ما هو مقدر لها. والمضايقات غير المباشرة تأتي دائما من أشخاص أصحاء ينقصهم الكثير من معايير احترام خصوصية الآخر، والذي لا يختلف عنهم بالحقوق ولا بحاجته إلى المرونة التي يتمتعون بها من دون أي مجهود يبذلونه. ويذكر محمود المدهون المصاب بشلل في ساقه اليسرى، أن أكثر ما يزعجه هو نظرة بعض الأشخاص تجاه المعوقين على أنهم يتحركون دائما برفقة من يساعدهم، وكأن في ذلك إنكارا لحقهم في التنقل بسهولة أكبر وإفساح المجال أمامهم للتحرك براحة مع أدواتهم المساعدة، ويقول محمود، إنه يقود سيارته بنفسه ولا يشعر بأي معوقات في القيادة، لا بل يزيده الأمر اعتزازا لكونه يتدبر أموره من دون الحاجة لأحد. ويذكر أنه إذ يتقصد صف سيارته في المواقف المخصصة لذوي الاحتياجات الخاصة، فهو لا يستطيع السير على العكازين لمسافات طويلة على الطريق، وعندما يصادف أن يحتل هذه المواقف أشخاص أصحاء، يشعر بأنانيتهم التي دفعتهم من دون تفكير إلى التصرف على هذا النحو، ويقترح محمود أن يصار إلى نشر حملات توعوية بدءاً من المدارس إلى النشرات الإعلامية، تتمحور حول احترام أحقية المعوقين في مختلف المجالات الحياتية. اندماج مجتمعي ويشير سيف عبدالله الذي خسر ساقيه بحادث سيارة قبل 7 أعوام، إلى معاناته من التنقل على الكرسي المتحرك، ويوضح أنه يتحاشى أحيانا كثيرة الخروج من البيت إلى أماكن معينة، لمعرفته المسبقة بالمعوقات التي سيصادفها في هذا الموقع أو ذاك. ويطالب سيف كافة الجهات المشرفة على التخطيط المدني وأمور الإشراف على المباني والمؤسسات العامة، بفرض وجود تسهيلات للمعوقين، إذ من غير المقبول برأيه أن يغفل أصحاب البنايات أو المنشآت السياحية أو حتى المكاتب والمحال الكبرى، إدراج خطة بناء مناسبة للجميع. ويشدد على أن المجتمع لا يقوم فقط على الأشخاص القادرين على الوقوف والمشي، وإنما هو مزيج من كل الحالات الصحية والجسدية، ويعطي مثالاً على التسهيلات المتاحة للمعوقين، والتي شاهدها في ألمانيا حيث إن المواقع المخصصة للعامة، تفتح أبوابها تلقائيا، الأمر الذي يجعل من يتحركون بواسطة الكرسي النقال، أكثر قدرة على التجول من مكان لآخر من دون مساعدة. الأمر نفسه يستفز عماد الأسدي العاجز تماما عن الحركة، والذي يزعجه ما يتسبب به من متاعب للآخرين كلما اضطر للخروج، ويعتبر أنه لو كانت الأماكن العامة مخصصة بشكل جيد لذوي الاحتياجات الخاصة وتحديدا ممن لا يقدرون على المشي، لكان الأمر أفضل، وهو من النادر أن يخرج لعدة أسباب منها شعوره بالإحراج من المحيطين حوله ممن يهتمون بمرافقته ونقله بالسيارة. ويشدد عماد على ضرورة احترام النقص الذي يعانيه كل معاق، وعدم التعدي على حقوقه سواء عبر المواقف المخصصة له أو عبر الاجتزاء من المساحات الواسعة التي تعنيه أكثر من سواه. ويذكر أن ثقافة الاهتمام بالأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة، تنبع من مفهوم التربية والاندماج المجتمعي بهم. وهذا ما يعجبه في بعض المدارس التي تحرص على استقبال الطلبة الأصحاء والمعوقين بدرجات معينة في صف واحد. منزلقات وتورد دعاء الحاج التي تهتم بأمها العاجزة وترافقها في كافة مشاويرها، أنها في العموم لا تجد صعوبة تذكر بسبب التسهيلات المتوافرة للكراسي المتحركة في مختلف المواقع التي تتردد عليها داخل البلاد. وهي تنتقد أمراً واحداً يتلخص في عدم تخصيص ممرات لذوي الاحتياجات الخاصة في بعض المباني. وهذا ما تراه مادة ضرورية للبحث وإعادة النظر، وتعتبر دعاء أن في الأمر إجحافا في حق أصحاب الإعاقات الجسدية، والذين يمتنعون أحيانا كثيرة عن زيارة الأهل والجيران لهذا السبب. في حين أنهم أكثر حاجة من سواهم إلى الخروج من البيت والتغيير. وتلفت إلى أنها كانت تسكن سابقا في مبنى قديم لا يلحظ وجود منزلقات للكرسي المتحرك، وقد غيرته إلى عمارة أخرى تهتم بمثل هذه التفاصيل الضرورية في أكثر من ركن. وتؤكد رانية عباس التي تعاني الأمرين في رعايتها لابنها المصاب بشلل الأطفال، وتقول إن التسهيلات اللوجستية جزء مهم في عملية التعايش مع بعض الأمراض في مجتمعاتنا، وتطالب الجهات المعنية بالاهتمام أكثر بفرض تخصيص ممرات وأبواب إلكترونية في المواقع العامة التي من حق المعوقين أن يزوروها كسواهم من عامة الناس. وتقول إنها تستعين في معظم الأحيان بأشخاص متطوعين يعرضون عليها أن يحملوا ابنها للصعود به على السلالم وما شابه، وتتساءل رانية عن سبب عدم وجود سلالم إلكترونية تلحظ نقل المعوقين بكراسيهم، ولاسيما أن المصاعد لا تكون متاحة في أماكن كثيرة، كما تتمنى أن يصار إلى زيادة المنزلقات عند الأرصفة مما يسهل عملية التنقل على المعوقين جسدياً، والذين لا تمنعهم حالتهم الصحية من الخروج بمفردهم من البيت، غير أن المعوقات اللوجستية المحيطة بهم هي التي تزيد من تكبيلهم.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©