الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مصريون يحولون الرمال الملونة إلى لوحات داخل زجاجات

مصريون يحولون الرمال الملونة إلى لوحات داخل زجاجات
8 أكتوبر 2012
تحظى منتجات الرسم بالرمال في منطقة خان الخليلي بالقاهرة وبقية المزارات السياحية بالمدن المصرية بشهرة واسعة بين السياح؛ لجودتها وروعة تصميمها والنقوش والرسوم التي يبرع الفنانون في ابتكارها بأيديهم وأعينهم، من دون اللجوء إلى التكنولوجيا أو أي من الآلات الحديثة ما يزيد قيمتها وإقبال الناس على اقتنائها. محمد عبدالحميد (القاهرة) - يجلس أشرف جمال الدين (30 سنة) خلف طاولة صغيرة توزعت عليها أطباق مليئة برمال ملونة ينتقي من بينها ما يلزمه لرسم جمل ونخلة وسماء تمثل جميعها تجسيدا للواحة المصرية. ويقول «تعتمد مهنتنا على تنوع الرمال الناعمة في الصحاري المصرية سواء في سيناء أو جبال البحر الأحمر أو الصحراء الغربية، ويتم جمعها من خلال بدو وأعراب يقيمون في تلك الأماكن، ويتم إرسالها إلينا عبر شاحنات صغيرة». الأنواع المستخدمة حول أنواع الرمال المستخدمة في هذا الفن، يقول جمال الدين إن هناك نوعين من الرمل المستخدم الأول ذو ألوان طبيعية مثل الرمل الأصفر والبني والأبيض والآخر رمل ملون اصطناعي بجميع الألوان مثل الأحمر والأزرق والأخضر بإضافة البودرة الملونة للرمل الأبيض، ومن الأفضل إضافة الألوان الداكنة للرمل الفاتح اللون، وبذلك تتوفر لدى الفنان كل أدوات الرسم فالألوان هي حبات الرمل، ويستخدم الفنان القمع والملعقة لإدخال الرمال إلى الزجاجة بوساطة أنبوب رفيع طويل، إلى جانب قطعة سلك يستخدمها في تشكيل الرسم وتفاصيله المختلفة، بالإضافة إلى مطرقة صغيرة واسطوانة خشبية تستخدمان لتثبيت الرمل، وسائل صمغي لمنع الرمل من الحركة داخل الزجاجة أو الخروج منها بعد ذلك عندما يتنقل بها الزبون من مكان لآخر. وحول مقومات إتقان المهنة، يوضح جمال الدين أنها تتلخص في الصبر ودقة الملاحظة ومهارة اليد والتمتع بذائقة فنية في الرسم وتناسق الألوان، مشيرا إلى أن بعض أصدقائه وأقاربه سعوا لأن يتعلموا المهنة، وحاول معهم أكثر من مرة إلا أنهم فشلوا لافتقارهم للموهبة، مشددا على أن الرسم بالرمال الملونة فن إبداعي وليس مجرد تعبئة الزجاجات الفارغة بالرمال الملونة. وعن التحضيرات التي تسبق عملية الرسم، يشير إلى أن هناك تحضيرات لابد منها تتم قبل تعبئة الرمال في الزجاجة تتراوح بين تنقية وتصفية الرمال من الشوائب باستخدام المنخل، وأحيانا يتم غسل الرمال الطبيعية أولا قبل استخدامها لتنظيفها من أي أتربة تقلل من جماليات اللون. كما يجب قبل بدء إدخال الرمل إلى الزجاجة عمل تصور مبدئي للشكل الذي سيكون عليه الرسم وأبعاده ففي هذه النوعية من العمل يجب أن تتم تعبئة الرمل داخل الزجاجة بشكل متساو من أسفل لأعلى، فوقوع الخطأ ووضع رمل ملون في غير مكانه يعني تفريغ الزجاجة وإعادة العملية من جديد. ويوضح جمال الدين أن الأجر الذي يتقاضاه الفنان نظير قيامه بإبداع الرسم بالرمل يبدأ بـ 20 جنيها مصريا، وبالنسبة للسياح الأجانب فالأسعار تبدأ بـ 5 دولارات للزجاجة الواحدة، وفقا لحجمها ونوعية الرسم المطلوب وحجم الجهد والوقت المستغرق في إبداعها. ويشير إلى أن مهنته كبقية المهن تشعل روح المنافسة بين العاملين بها، لاسيما وأن لكل منهم ما يميزه وفقا لموهبته ورؤيته للجمال ومقدرته على الإبداع، ولذا ينتشرون في جميع المناطق السياحية في مصر، خصوصا خان الخليلي والقلعة وشارع المعز بالقاهرة وعند سفح الأهرام بالجيزة وكذلك في مدن شرم الشيخ ودهب والغردقة والإسكندرية وفي الأقصر وأسوان، مؤكدا أن لكل شخص يعمل بها تصميما محددا وفكرة معينة خاصة به ويمكن أن يطورها بنفسه وفق الأسلوب الذي ينتهجه ما يكون عنصرا رئيسا في تزايد إقبال الزبائن من السياح على منتجاته بشغف شديد. أصل المهنة الرسم بالرمال من المهن اليدوية التي تلقى رواجا كبيرا في المناطق السياحية، ولدى من يرغب في تزيين منزله أو مكان عمله بقطعة فنية جميلة بتكلفة زهيدة مقارنة بمستلزمات الديكور والتحف والانتيكات. ويقول أسامة التهامي (33 سنة)، الذي اتجه فور تخرجه في كلية الفنون الجميلة إلى العمل بمهنة الرسم بالرمال الملونة، والاعتماد على ما تدره من أرباح في تدبير احتياجات أسرته، إن أصل تلك المهنة يرجع إلى عشرات السنين حيث تنتشر كهواية بين أهل الواحات المصرية وسيناء وسكان المدن الصحراوية في الوادي الجديد ومرسى مطروح، وتشتهر تلك الأماكن من أرض مصر بتعدد ألوان رمالها الطبيعية فكان السكان يتخذون من جمعها وخلطها نوعا من الهواية وإبراز القدرات، ولفت ذلك انتباه الفنانين وهواة الرسم في أثناء ترددهم وزيارتهم لتلك الأماكن فأبدوا إعجابهم بالأمر، وتعلموا تلك الهواية وبمرور الوقت أضافوا لها الكثير من اللمسات الإبداعية إلى أن صارت على ما هي عليه الآن، وانتقلت من مجرد هواية للفت الانتباه إلى مهنة ومصدر للرزق، لاسيما مع إقبال الناس على اقتناء منتجات الزجاجات الملونة بالرمال. وأضاف أن الرسم بالرمال يتخذ أشكالا عدة حسب موهبة وقدرات كل من يعمل بها، ورغبة الزبون فهناك من يستوحي رسومه من المناظر الطبيعية كالجبال ونهر النيل والبحر والسماء أو من أثار الفراعنة كالأهرامات والتماثيل، وهناك زبون يطلب من الفنان رسم صورته أو صورة حبيبته أو أحد أقربائه، وهناك من يفضل أن يدون في القارورة تاريخ ميلاده أو زواجه أو حروف اسمه سواء باللغة العربية أو الإنجليزية، وهناك من يقدم على شرائها لإهدائها في الأفراح وأعياد الميلاد والمناسبات المختلفة لأنها تبقى ذكرى دائمة، مؤكدا أن كل ما يطلبه الزبون مجاب طالما باستطاعة الفنان إبداعه بحبات الرمل الملون، وما عليه إلا الانتظار لنحو 15 دقيقة على أقصى تقدير ليتسلم زجاجته. ويبرر التهامي اعتماده وغالبية زملائه هذا الأسلوب بأنه ليس لديهم محال بيع متخصصة في أي من المناطق السياحية كخان الخليلي أو شارع المعز لدين الله الفاطمي مثلا وإنما هي واجهات عرض محدودة المساحة، وفي حال قيامهم بعمل زجاجات كثيرة برسوم مسبقة قد لا تجد من يشتريها مما يمثل عبئا كبيرا على الواجهة وفى تخزينها وأحيانا يلجأ إلى عمل بضعة نماذج للعرض لجذب الزبائن إليه ثم يبدأ الاستماع وتنفيذ ما يطلبونه من رسوم، مؤكدا أن كثيرا من زبائنه يجدون متعة كبيرة في مشاهدته وهو يعمل ويعبرون عن دهشتهم لقدرته على الرسم بحبات الرمال. ويشير التهامي سعادته عندما يرى السياح الذين يزورون المنطقة التي يعمل فيها وهم يصورونه في أثناء عمله، ويشعر بسعادة عندما يتلقى مدحا أو ثناء من زبون لاحظ الجهد الذي يبذله في ابتكار اللوحة الفنية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©