السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

علماء: الرضا بالقضاء والقدر من شروط الإيمان

علماء: الرضا بالقضاء والقدر من شروط الإيمان
9 فبراير 2018 03:14
حسام محمد (القاهرة) يتعرض الإنسان في حياته للكثير من المشكلات والمحن التي تتعلق أحياناً بعائلته وأحياناً أخرى بعمله وأحياناً ثالثة بعلاقاته الاجتماعية وتختلف طريقة التعامل مع المحن من إنسان لآخر، فهناك من يواجهها ويعمل على التغلب على آثارها وتداعياتها وهناك من يهرب منها ولا يستطيع الصمود أمامها وبين هذا وذاك يأتي التعامل الإسلامي الرائع مع ما يتعرض له الإنسان مهما كان مؤلماً أو موجعاً من خلال الصبر والرضا بالقضاء والقدر. عظمة الإسلام بداية يقول الدكتور محمد كمال إمام عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، إن سنة الحياة أن يتقلب الإنسان بين الفرح والهم وبين الصحة والمرض، لهذا فعليه أن يكون قادراً على التكيف مع كل ظروف الحياة الدنيا، وهنا تتجلى عظمة الشريعة الإسلامية التي أوجدت للمسلم القدرة على مواجهة الهموم والمشكلات مهما كانت، حيث أكد الإسلام على أهمية الصبر في مواجهة المصائب والأحزان، بل إن الشريعة الإسلامية جعلت الصبر من أهم مكارم الأخلاق ومن أهم أسباب الإيمان، فمن يصبر أعانه الله تعالى: (أُولَ?ئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَاماً)، «سورة الفرقان: الآية 75»، ونحن نري اليوم من يستقبل المصيبة بالجزع والقلق والتوتر، وهو أمر مرفوض شرعاً لأن الإنسان المؤمن يجب أن يتجلى إيمانه في الصبر بقضاء الله ويسلم الأمر كله له، فيصبر ويتوجه إلى الله بالتضرع والاستعانة بالدعاء ويلتمس من المولى عز وجل الفرج، ويحسن الظن بربه وخالقه، لهذا قال العلماء إن المؤمن الحقيقي يرى مهما ضاقت الدنيا به بارقة أمل وومضة من نور الفرج في ظلمات المحن والأهوال. يضيف د. إمام: «لقد اتفق العلماء على أهمية التماس المسلم للصبر في مواجهة المحن، وعدم الجزع والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «عَجَباً لأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لأَحَدٍ إِلا لِلْمُؤْمِنِ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْراً لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْراً لَهُ»، ويقول الفضل بن سهل: «إن في العلل لنعَماً لا ينبغي للعاقل أن يجهلها، فهي تمحيص للذنوب، وتعرّض لثواب الصبر، وإيقاظ من الغفلة، وتذكير بالنعمة في حال الصحة، واستدعاء للتوبة، وحضّ على الصدقة»، فعلى المسلم أن يلتمس الخير حتى من مصيبته والله سبحانه وتعالى يقول: (... وَعَسَى? أَن تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى? أَن تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)، «سورة البقرة: الآية 216»، وهذه الأية بمثابة قاعدة شرعية على الإنسان المسلم، أن يعمل بها في شتى أمور حياته بحيث يسعى لتحصيل ما يراه خيراً ودفع ما يراه شراً ويتوكّل على الله ويبذل كل ما في وسعه وما يستطيعه من الأسباب المشروعة بالطبع فلا يلجأ لما يرفضه الدين، فإن وقع شيءٌ على خلاف ما يريد ويحب فعليه أن يتذكر تلك الآية ويثق في أن لله تعالى حكمة في هذه النتيجة ويحسن الظنّ بربّه الكريم ويصبر». ويؤكد إمام أن الرضا والصبر لا يعني أبدا الاستسلام، لأن الاستسلام هو الرضوخ والانهزامية وهو أمر مرفوض شرعاً، فعلى الإنسان أن يصبر الصبر الجميل ويسعى لمواجهة المصيبة أو الأزمة التي يواجهها ويتوكل على الله، هنا يأتي التحلي بصفة الرضا، بما كتبه الله وقدره الذي يحول الألم والحزن والهم في القلب إلى سرور دائم، ويشعر النفس الإنسانية بالنعيم ليتجاوز المسلم المؤمن بالله تعالى وقدرته وحكمته كل المحن التي يواجهها بنفس ثابتة صابرة. أعظم العبادات يقول الشيخ محمد زكي البداري: «مواجهة الإنسان للمشكلات وللنوائب أيا كان حجمها، لا بد أن يكون بالصبر والاحتساب والرضا بقضاء الله وقدرة، فالشريعة الإسلامية تؤكد أن الرضا هو أحد أهم أركان ولوازم الإيمان، بحيث يرضى العبد دوما بقضاء الله وقدره خيره وشره، وأن يعلم أنّ الأقدار لا تكون حسب رغباته وأهوائه، وإنما تكون بحسب حكمة وتقدير الخالق سبحانه وتعالى وأنه كعبد من عباد الله ليس في مقام طرح المقترحات أو اختيار الرغبات، ولكنه في مقام العبودية والتسليم بأمر الله وقضائه وقدره، لذا ينبغي علينا أن نرضى ونسلم بقضاء الله عز وجل في جميع الأحوال، الأحزان قبل الأفراح فالرضا بقضاء الله يجلب للعبد الراحة والسكينة والطمأنينة ويهدئ القلب ويساهم في سكونه وثباته عند الاضطراب، ويلتمس رضا الله تعالى ويستحضر قوله عز وجل: (... هَ?ذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَاناً وَتَسْلِيماً)، «سورة الأحزاب: الآية 22»، أما السخط في مواجهة النوائب والمصائب مهما عظمت، فلا تجر على الإنسان إلا التوتر واضطراب القلب والانزعاج الذي قد يقوده في النهاية إلى المرض، فيظل متوتراً قلقاً موجوعاً، وقد يؤدي ذلك به إلى السخط والعياذ بالله وهو ما قد يؤدي به إلى خسارة دينه ودنياه كما قال صلى الله عليه وسلم: «إنما الصبر عند الصدمة الأولى»، وقال تعالى:(وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ* أُولَ?ئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَ?ئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ)، «سورة البقرة: الآيات 155 - 157، إنه القضاء والقدر ومن يقول: (قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا...)، «سورة التوبة: الآية 51»، إنه الرضا بالقضاء أعظم عبادات القلب أثراً في النفس الإنسانية. وحذر الشيخ البداري من مغبة وخطر الجزع في مواجهة القدر قائلاً: «الإسلام يرفض الجزع لأنه يخلف السخط ويفتح باب الشيطان، فالجزع ومن ثم السخط، كما يقول العلماء هو باب من أبواب الشك والعياذ بالله والذي يقود إلى الكفر، ولا بد أن يعي المسلم أن عدم الرضا بالمقسوم والقضاء والقدر لن يجر عليه إلا القلق والحزن وضيق الصدر وعدم الاستقرار وعدم السكينة، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «ومن سخط فله السخط»، لأنه خاصم الله تعالى في قضائه والله تعالى ماضٍ في حكمه وعدل في قضائه يصيب العبد بالمصيبة لأسرار وخفايا هو أعلم بها وقد يكون فيها من المصالح العظيمة ما لا يعلمها إلا هو، ثم إن الساخط حرم نفسه أجر المصيبة وأجر الصبر عليها». المعطي والمانع يقول الدكتور نصر فريد واصل مفتي مصر الأسبق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر: «الإنسان المسلم يؤمن دوماً بحتمية الرضا بالقضاء والقدر، ولهذا فإن الراضين يعيشون في حالة من السكينة دوما، أما الناقمون على الحياة والفاقدون للرضا، فلا تجدهم إلا في صراخ وعويل دائم، فتارة يتخبطون كمن يهيم على وجهه وتارة لا يجدون سوى المخدرات والمسكرات ملجأ لهم، وربما تختتم حياته بالجنون أو الانتحار، وعبر عنهم بأنهم الساخطون الغاضبون إن أصابهم خير اطمأنوا به وإن أصابتهم فتنة انقلبوا على وجوههم خسروا الدنيا والآخرة». ويرى واصل أن أهل الحكمة لا يغالون في الحزن على شيء فاتهم، لأنهم لا يعرفون على وجهة اليقين إن كان فواته شراً خالصاً أم خيراً خفياً أراد الله به أن يجنبهم ضرراً أكبر، ولا يغالون أيضاً في الابتهاج لنفس السبب ويشكرون الله دائماً على كل ما أعطاهم ويفرحون باعتدال ويحزنون على ما فاتهم بصبر وتجمل. يضيف د. واصل: «لا بد أن يعي المؤمن أنه قد يبتلى في الحياة الدنيا ليرى الله سبحانه وتعالى صلابة دينه، ومقدار صبره وتحمله، وهو سبحانه أعلم به من نفسه، لذلك كان الابتلاء للمؤمن حجة له أو عليه فأعظم الناس بلاء الأنبياء والرسل، ثم الذين يلونهم وهكذا الأمثل، فالأمثل ودائماً لا بد أن نحمد الله أن مصيبتنا ليست في ديننا، فالمال يذهب ويأتي والصحة تذهب وتأتي وبعد البلاء يأتي الرخاء والله سبحانه وتعالى يقول: (لِّكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى? مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ)، «سورة الحديد: الآية 23».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©