الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عيد الأضحى في لبنان.. تقاليد موروثة ودعوة للمحبـة والتسامح

عيد الأضحى في لبنان.. تقاليد موروثة ودعوة للمحبـة والتسامح
18 أكتوبر 2013 19:12
عماد ملاح (بيروت) - عيد الأضحى المبارك.. أو «العيد الكبير»، كما يحب صغار أطفال لبنان إطلاق هذا الاسم عليه، وقد تكون الغاية لديهم وحسب بساطتهم العفوية، شراء ثياب جديدة «ومحرزة» للاحتفال به ، وكسب «غلة حرزانة» من الأهل والأقارب، حيث مدن الملاهي والأراجيح و»المفرقعات» تنتظر هؤلاء الصغار خلال الأيام الأربعة منه. أما الكبار فهم ينتظرون موعد قدوم العيد، للتبرك بالعادات والتقاليد اللبنانية التي ورثوها أباً عن جد، وما زالوا يحتفظون بها أداء ومسلكاً، حيث يخرجون في صبيحة اليوم المبارك الى المقابر لقراءة الفاتحة، وتلاوة بعض آيات القرآن الكريم على أرواح الأموات والأحباء من الأهل والأقارب والأصدقاء، ليتوجهوا بعدها الى الجوامع والمساجد للاستماع إلى خطب الأئمة التي تدعو الى التقرب من الله، ونشر دين الاسلام القائم على المحبة والتسامح، ومدّ يد العون والمساعدة الى الفقراء والمحتاجين. وعند إتمام هذا الواجب يتوجه الكبار الى «معايدة» الأهل والقيام بزيارات التهنئة في تقليد يوضح مدى أصالة وعراقة هذه الواجبات المترسخة بالجذور الثابتة. خصوصية اجتماعية ودينية لربات المنازل دورهن المضيء في استقبال العيد السعيد، فهن يقمن وقبل أيام قليلة من قدومه، بـ»حفلات تنظيف» شاملة للغرف والمفروشات، ويصل الأمر إلى التغيير في «ديكور» بعض قطع «الأثاث»من أجل إحداث نظرة جمالية جديدة في ترتيب القطع وغيرها، مع إطلاق البخور الذي تنشر رائحته البركة وتبعد الهموم والحسد عن أهل المنزل. إضافة إلى التوجه للأسواق لشراء بعض الحلويات ابتهاجاً بالعيد. وعيدالأضحى المبارك، هذا الزائر العزيز الذي يحبه وينتظره اللبنانيون، مثل غيرهم من بقية الشعوب العربية والاسلامية، لا تختلف عاداته وتقاليده، من ناحية شراء الملابس الجديدة والابتعاد عن أجواء العمل المضني والمرهق والرضا. والأضحى المبارك له خصوصية اجتماعية ودينية وقيماً إنسانية تعبر عن العطاء والفرح ومساعدة الغير وفق ما يقوله الشيخ محسن الأثاث، إذ يأتي في مقدمة التعاليم الدينية، فالعيد يحقق تقريب صلة الرحم والتقارب الاجتماعي والعائلي، ويدفع المسلم الى نبذ الخلافات والتسامح مع اي شخص حصل سوء تفاهم معه. عدا ذلك فإن الفقراء والمحتاجين يشعرون أيضاً بالعيد ومباهجه، لأن أهل اليسر يعتنون بهم، فيوزعون ما يقدرون عليه، من مال وثياب وأضاحي في مساهمة بسيطة تعوّض عليهم بعض الحاجة والعوز والمحنة التي يمرون بها. زينة المساجد المساجد في عيد الأضحى المبارك تزدان بالإنارة وبالمصابيح المضيئة التي تضفي البهجة على قلوب المسلمين، وزينة اللافتات المنمقة بعبارات التهنئة لحجاج بيت الله الحرام، «حج مبرور وسعي مشكور»، تتدلى على مداخل المنازل في إشارة لقدوم من سنحت لهم الظروف بالحج والطواف حول الكعبة المشرفة، والوقوف فوق جبل عرفات، عندما يقف المؤمنون لتأدية أهم المناسك. وهنا تمر قصة النبي إبراهيم عندما أراد التضحية بابنه اسماعيل، تلبية لأمر ربه، لذلك يتم التقرب من الله في هذا اليوم المشهود بالتضحية بإحدى الأنعام، وتوزيع لحم الأضحية على الأقارب والفقراء والمساكين. ويقول محمد جابر عن «يوم النحر» في عيد الأضحى المبارك، أنه لم يتخلف ولا سنة عن هذا التقليد الإيماني الذي ورثه عن والده، الذي بدوره ورثه عن الأجداد والآباء منذ عقود طويلة، ويضيف جابر: أشتري ثلاثة خرفان كل سنة لي ولإخوتي، ويقوم الجزار بذبحهم على عتبات بيوتنا، والعملية تتم ثاني أيام الأضحى، ويشاركنا بها بعض الأهل والأقارب والأصحاب، حيث نقدم ونوزع لحم الأضحية على المحتاجين، وعن أرواح من افتقدناهم، الى جانب التبرع بما نقدر عليه من مال وغيره. عادات وتقاليد عيد الأضحى المبارك يحرص عليها جميع المسلمين، لأنها حلقة الوصل بين الماضي والحاضر، ومن باب احترام كبير العائلة، لا بأس من قضاء اليوم الأول في ضيافة الجد أو الوالد، لأخذ البركة والرضى، وأيضاً لكسب الأطفال «عيدية حرزانة» تساعدهم على شراء الألعاب وقضاء أوقات ممتعة في مدينة الملاهي وغيرها. الأحياء في أبهى حلة إن تشابه عادات المسلمين في البلدان العربية والاسلامية من خلال عيد الأضحى المبارك ومن ضمنها لبنان، يوضح معانيها عبد الرزاق عيتاني، قائلاً إن الجامع بينها صلة الرحم التي تبقى واحدة أينما كانت وأينما حلت، لأنها صادرة من التشريعات السماوية والدينية. ويكمل في العاصمة بيروت ترتدي الأحياء حلة جديدة تتمثل بالزينة والمباهج التي تدل على قدوم ضيف عزيز على قلوب المسلمين والمؤمنين، ويتجلى ذلك في الصلاة الجامعة الاستماع الى خطبة العيد التي تدعو الى معاني التسامح والخير والمحبة. وتستقطب العاصمة الى جانب القرى والمدن الكبرى، مثل طرابلس وصور وصيدا، أعداداً كبيرة من المصلين للتبرك والمشاركة بهذه المناسبة العزيزة، التي يلتئم فيها الشمل وتُنسى الأحقاد والكراهية. ومتى عرفنا أن الأضحى يأتي في شهر ذي الحجة، فنحن نحرص على التكبير الذي يدوم طيلة أيام التشريق، حمداً، وشكراً لله على ما رزقنا من خيرات وأنعام وبركات. والثاني عشر من ذي الحجة هو آخر الأيام التي يتم بها الحجيج مناسكهم، حيث تكون ذروة هذه المناسك يومي التاسع من ذي الحجة، عندما يصعد الحجاج الى جبل عرفات تمشياً مع الحديث الشريف: «الحج عرفة». وهذه الوقفة تكون أول أيام العيد، فيقوم الحجاج في «منى» بتقديم الأضحية لوجه الله، فقد قال الله في القرآن الكريم: «وأذن في الناس بالحج، يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق». نفحات روحانية الأضحى المبارك، مناسبة سعيدة على قلوب المسلمين في كل العالم، حيث يتذكر الإنسان العادات والفروض الدينية بنفحاتها الروحانية، والتي أصبحت سمة للمؤمن ودعوة له، لنسيان أي خلاف أو خصومة، مع دعوة دائمة الى التواصل الإنساني، والتضحية والفداء في هذا اليوم المبارك. وفي لبنان، وبالرغم من بعض الظروف الصعبة المتعلقة بالضائقة المعيشية، يبقى عيد الأضحى المبارك بالنسبة للمسلمين، موعداً لتجديد العهد مع الخالق، عبر التمسك بكل القيم الإنسانية والدينية، لا سيما عندما تغسل الذنوب ويغدق الله على المسلم خيرات ما أنعم عليه في هذه الدنيا الفانية الى جنة الخلد الدائمة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©