الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

ألمانيا تطارد هوامير الفساد

10 فبراير 2007 01:27
إعداد - عدنان عضيمة: قد يكون من مفارقات الأقدار أن تنزلق أقدام بعض أصحاب النفوذ في ألمانيا ليجدوا أنفسهم غارقين في مستنقع الفساد الإداري حتى الركب· ويتحدث تقرير نشرته صحيفة (ذي وول ستريت جورنال) عن بعض الفضائح المالية التي شهدتها ألمانيا خلال الأسابيع الأخيرة فيشير إلى أن هذه الدولة أصبحت تبدو وكأنها ''جمهورية الموز'' بدلاً من كونها إحدى الدول الفيدرالية القوية وسط العالم القديم· وقد نفهم من هذا التعبير أنها بدأت تشهد بعض السلوكيات الإدارية المنحرفة التي تشتهر بها بعض دول العالم الثالث· وتبدأ قصة الرؤوس التي تدحرجت مؤخراً بسبب هذه الفضائح بالمدير العام السابق لشركة فولكسفاجن بيتير هارتس الذي صدر بحقه الشهر الماضي حكماً بالسجن لمدة سنتين مع وقف التنفيذ وتغريمه بدفع 576 ألف يورو (1,13 مليون دولار) لدوره في فضيحة الفساد المشينة التي اشتملت على دفع رشى مالية ضخمة لمجلس عمال الشركة من أجل تمرير تجاوزات مالية، والقيام برحلات باهظة التكاليف لزيارة عاهرات في عواصم مختلفة بدعوى إنجاز مهمات خاصة بالشركة· وتم دفع الرشى لمجلس العمال في محاولة للسيطرة على مراكز القرار فيه وحيث يتمتع ممثلوه في مجلس الإدارة بأصوات قوية عند اتخاذ القرارات المصيرية للشركة· وليست هذه هي الفضائح الوحيدة التي هزّت شركة فولكسفاجن بل تبعتها سلسلة من الفضائح الأخرى التي لم تعد خافية على أحد· وتطول قائمة الفضائح في ألمانيا وتتعدد أشكالها وأساليب تنفيذها، إلا أن أخطرها على الإطلاق هي تلك التي تتعلق بشركة سيمنز· ففي شهر نوفمبر الماضي، فتحت السلطات الألمانية تحقيقاً حول ما إذا كانت الشركة قد عمدت إلى استخدام أموال صندوق للرشى بمبلغ 400 مليون يورو (784 مليون دولار) للفوز بعقود إنشاءات وأشغال مختلفة في دول أجنبية· وعمدت الشرطة الألمانية لمداهمة ستة مكاتب للشركة متوزعة في ألمانيا· ويقول التقرير أيضاً أن السلطات الأميركية والفرنسية والألمانية تحقق بشكل منفصل بما إذا كانت شركة سيمنز قد قدمت رشى لنظام صدام حسين لضمان الفوز بعقود في إطار ما كان يعرف ببرنامج النفط مقابل الغذاء· وتصنف مؤسسة الشفافية الدولية ألمانيا في المرتبة 16 من قائمة الفساد في دول العالم· وهي تحتل مكانها في هذه القائمة تحت الدول الاسكندنافية (السويد والنروج والدانمارك وفنلندا) والمملكة المتحدة، إلا أنها تصنّف فوق فرنسا واليابان والولايات المتحدة· وحققت ألمانيا مرتبة متدنية في قائمة الدول التي تسجل شركاتها الوطنية حالات دفع رشى للمسؤولين الأجانب للفوز بالمناقصات أو عقود المبيعات الخارجية؛ وهذه الدولة التي تصنف أيضاً في قمة الدول المصدرة للسلع والمنتوجات المصنّعة، تحتل المرتبة السابعة من حيث المستوى الطيب لسلوكها التجاري على المستوى العالمي· وفيما يكون من السهل اكتشاف جرائم السلب التي تتم في الشوارع، فإن من العسير اكتشاف النشاطات المتعلقة بالفساد الإداري والتي تتم تحت الطاولة· ولم تعمد الحكومة الألمانية إلى تجنيد عيون بوليسية ثاقبة لاستكشاف الصفقات الفاسدة إلا في السنوات الأخيرة· وشكّلت لهذا الغرض فريقاً قضائياً تقتصر مهماته على فضح الجرائم والصفقات التي تندرج في إطار الفساد· وبمجرد أن افتتح هذا الفريق أبواب مقرّه الجديد في مدينة دريسدن الألمانية في عام ،2004 قفز عدد القضايا التي وضعت قيد التحقيق والتدقيق إلى 158 قضية مرة واحدة فيما لم يكن يزيد على 67 في عام ·2003 وكان من الواضح تماماً أن الذي زاد بمقدار ثلاثة أمثال ليس الفساد ذاته، بل الجهود الرامية إلى فضحه على الملأ بعد أن كان خبيئاً ضمن الأدراج المقفلة وتحت الطاولات· وهنا تكمن مشكلة الفساد الإداري؛ فهو أشبه بالجراثيم والبكتيريا التي تتكاثر وتنتشر بسرعة عجيبة إن لم يتم التصدي لها؛ وهي لا تحتمل العيش للحظة واحدة بوجود المضادات الحيوية أو الكيميائية أو حتى بمجرّد تعرّضها لضوء الشمس الشديد·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©