الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كثرة النسيان في الشباب والكهولة لا تمهد للخرف المبكر

كثرة النسيان في الشباب والكهولة لا تمهد للخرف المبكر
21 أكتوبر 2011 11:16
أول ما يخطر بالبال عند الحديث عن ضعف الذاكرة هو مرحلة الشيخوخة. لكن النسيان ليس رديفاً دوماً للتقدم في العمر، بل إنه قد يصيب حتى غير المسنين من الشباب أو الكهول ممن لم تتعد أعمارهم العشرينيات أو الثلاثينيات وممن لم يصلوا منتصف العمر بعد. وتُعد حالة الشخص غير المسن وكثير النسيان قابلةً للتفاقُم، كما تتحول في حالة طول فترتها وتكرارها إلى مصدر إحراج وإحباط يومي وتوتير للأعصاب. لكنْ هناك طرق- يقول علماء الأعصاب- لعلاج حالات النسيان في سن مبكرة من خلال تعويد الذهن على النشاط وتقليل التعامل مع المعلومات بمنطق الاستهلاك السلبي غير المنتج، وطرد كل ما من شأنه جلب الخمول أو الجمود لدماغ الإنسان. تقول سوزان ليهمان من عيادة العلاج النفسي للمسنين بمستشفى جونز هوبكينز “إن لمعاناة بعض الناس غير المسنين من كثرة النسيان علاقةً بتعدد وسائل الإلهاء وإدارة حجم استيعاب الدماغ البشري للمعلومات التي يتلقاها ويُخزنها. فتعقيدات الحياة مجتمعةً تجعل من السهل نسيان شيء ما في كل يوم”. وبمعنى آخر، إذا كان صُراخ طفلك، أو صُداع رأسك الناتج عن تراكم فواتير أو جهاز تلفاز يأخذ انتباهك أو يُشوش على تركيزك أثناء قراءتك لرواية ما، فإنك على الأرجح لن تُخزن ذكرياتك بشكل سليم، وإنك ستجد صُعوبةً في في تذكر شخصيات الرواية ومجريات أحدثاها وفصولها والمسارات الملتوية لحبكتها وبقية تفاصيلها. وعلى الرغم من أن الأشخاص الذين يعيشون بشكل يومي في هكذا بيئات، فإن ذلك لا يعني دخولهم في مرحلة الانحدار الإدراكي الطبيعي الذي لا يبدأ عادةً إلا بعد منتصف الأربعينيات من العمر، كما يقول الدكتور جيفري كلامينجس، عالم أعصاب ومدير مركز لو روفو لصحة الدماغ بمستشفى كليفلاند. فالملاحظة الأساسية الأكثر رجاحةً وموثوقيةً حول الذاكرة فيما يتعلق بشيخوختها هي تباطؤ التعرف إلى بعض الأجزاء الخاصة من المعلومة، مثل ما يحدث لنا عندما نحاول تذكر اسم شخص ما عندما نلتقيه في مكان لم نتوقع وجوده فيه ولا يكون وقتنا متسع لأكثر من ثلاث ثوانٍ لتذكر اسمه وتحيته باسمه أو الاضطرار للوقوع في حرج اجتماعي جراء اكتشاف الآخر لنسياننا اسمه. وتقول ليهمان “إن الأشخاص الأكبر سناً يمكنهم التركيز بالطريقة نفسها التي يمكن للأصغر سناً التركيز بها من دون مصادر إلهاء، لكن الأمر يأخذ عادةً وقتاً أطول إلى حد ما لانطلاق عملية استرجاع الذكريات واستيعاب المهمة المطلوبة. كما يجدون صعوبةً أكبر في الانتقال من مهمة إلى أخرى، وتضعف لديهم نسبياً مهارة القيام بمهام متعددة في الآن نفسه”. كما أن أولئك الذين ينسون رقماً هاتفياً ما أو موعداً معيناً هنا أو هناك لا يكونون بالضرورة عُرضةً للإصابة في وقت لاحق بمشكلات إدراكية خطيرة. “وعلى الرغم من أن نسيان مثل هذه الأمور تجعل الإنسان ينزعج- تقول ليهمان- فإن تغيرات الذاكرة الطبيعية التي تحدث كلما اتجه الإنسان نحو منتصف العمر وتطرأ بصفة دورية غير منتظمة لا يمكن اعتبارها من ضمن المخاطر التي تُنذر بالإصابة بمرض الزهايمر أو الخرف”، تُضيف ليهمان. “فالفرق بين فقدان الذاكرة الطبيعي مع التقدم في العمر وحالات النسيان المتكررة التي تُسبب لصاحبها الانزعاج والقلق له علاقة أكبر بمدى تكرار حدوثها وانتظامها، وأيضاً بكيفية بوقت بدئها التدخل في مجريات حياة الشخص اليومية وتأثيرها على قدرته على مواصلة ممارسة مهنته ونشاط وظائفه العقلية بشكل سليم”. وتؤكد ليهمان أن تراجع أداء الوظائف الإدراكية ليس جزءاً حتمياً من مراحل التقدم في العمر. فهناك الكثير من مستويات القابلية للتغير والتباين بين الناس، تقول ليهمان. وقد أشارت دراسة حديثة نشرتها مجلة “ذا لانسيت” لعلم الأعصاب في عددها الشهر الماضي إلى وجود دليل من مئات الدراسات يُفيد بأن حوالي نصف إجمالي حالات الزهايمر لها علاقة بسبعة عوامل خطر متغيرة، بما فيها سمنة منتصف العمر والكآبة والعجز الإدراكي أو ضعف التحصيل العلمي. وعلى الرغم من أنه يبقى من غير الواضح ما إذا كان من الممكن الوقاية من مرض الزهايمر، فإن الخبراء يعتقدون أن معظم الناس يمكنهم التحكم في صحتهم العقلية على المدى الطويل. وفي هذا الصدد، يقول عالم الأعصاب سكوت تورنر، مدير برنامج اضطرابات الذاكرة في المركز الطبي بجامعة جورج تاون، “لا يمكنك وقف تقدمك في العمر، ولا يمكنك تغيير تاريخ عائلتك وجيناتك الوراثية، ولكن يمكنك تبني خيارات أساسية في نمط العيش من شأنها مساعدتك على تجنب تراجع أداء وظائفك الإدراكية والمشكلات الصحية المرتبطة بها”. ويوصي تورنر بتبني مقاربة مدمجة ومتكاملة في نمط العيش تقوم على اختيار نظام غذائي متوسطي غني بمضادات الأكسدة، والمواظبة على ممارسة التمارين الرياضية، وجعل الدماغ ينشط باستمرار، وإشراكه في أداء مهمات صعبة وفيها نوع من التحدي مثل الكلمات المتقاطعة وحل الألغاز وإنجاز بعض الدراسات الجدية. ويقول تورنر “كلما بدأت مبكراً بالقيام بهذه الأشياء، جنيتَ نتائج أفضل”. وكما أشارت مجلة “”ذا لانسيت”، فإنه من المهم الوقاية من أمراض القلب أو علاجها وتجنب العوامل المؤدية إليها من قبيل ارتفاع ضغط الدم والسكري والتدخين. ومن جهتها، تقول ليهمان “إن أنواع الأمراض والمشكلات الصحية التي تجعل للإنسان قابليةً مسبقةً للإصابة بالجلطات القلبية والسكتات الدماغية ترفع لديه أيضاً نسب التعرض للخرف وأمراض الشيخوخة”. وتُضيف ليهمان إنه على الرغم من اختلاف حالات دماغنا الصحية حسب تاريخنا الوراثي والظروف البيئية والاجتماعية التي نعيش فيها، فإن هناك بعض الأمور التي يمكن لأي شخص اتباعها ليحفظ ذاكرته من الضعف وعقله من الأداء الواهن، وذلك من خلال تعويد الدماغ على العمل والنشاط بشكل متواصل وعدم الركون إلى الخمول الفكري أو الجمود الذهني والقيام بأنشطة مثل: ? ممارسة ألعاب تسريع البديهة. فبدلاً من لعب ألعاب تنشيط الدماغ المألوفة الملازمة لمرحلة الشيخوخة، حاول تجريب ألعاب تتسم بالتحدي ومن النوع الذي يستهدف مهاراتك التي تتأثر أكثر بأعراض التقدم في السن مثل القدرة على التفكير بسرعة وأداء مهام متعددة في وقت واحد وممارسة ألعاب كمبيوتر واستخدام برامج التطبيقات التي يدعي مبتكروها أنها تعزز لياقة الدماغ بشكل مرح ومساعد، ولو أنهم لم يُثبتوا إلى الآن ما إذا كانت هذه البرمجيات لها مفعول أفضل من ألعاب تنشيط وتحفيز الدماغ التقليدية. ولذلك، يلزمك البدء بلعبة لوح موقوت مثل “بوجل” الذي يحثك على التركيز والانتباه وتسريع البديهة وإنجاز المهام بشكل أسرع. ? تعلم طرق التذكر. فقد أظهرت دراسة حديثة أن التدريبات الموجهة التي تستهدف تطوير أداء الوظائف الإدراكية يمكنها أن تُساعد الإنسان على استيعاب ما يكتسبه من معلومات مثل الأسماء وكلمات المرور وتخزينها في الدماغ لوقت أطول. وهذا الأمر صحيح حتى بالنسبة للاستراتيجيات الأساسية لتعزيز قدرة الذاكرة مثل اللجوء إلى تكرار وترديد المادة المرغوب في حفظها. كما يمكن الاستعانة ببعض الأدوات مثل المذكرات والأجندات الشخصية ودفاتر تسجيل المهام اليومية، فهي تُساعد الشخص على متابعة تنفيذ أنشطته اليومية وقياس مدى تذكره لما يعزم على تنفيذه من مهام وأنشطة، وبالتالي معرفة أداء وظائفه، حتى وإن كان ذلك لا يعني بالضرورة حفظ المواعيد والاتجاهات والمهام المراد إنجازها. ? البحث عن علاقات اجتماعية. إذ تُشير الدراسات إلى أن الناس الذين يشتركون في الأنشطة المشتركة مع الأسرة والعائلة والأصدقاء والآخرين بشكل منتظم يُقللون من مخاطر فقدانهم الذاكرة ويُضيقون هامش احتمال إصابة وظائفهم الإدراكية بالضعف والوهن. فهذه الروابط الاجتماعية لا توفر لهم فقط فوائد عاطفية معنوية، بل تُوفر لهم كذلك ملتقى يجتمعون فيه لإعمال مهاراتهم الفكرية التي تُصبح مهددةً يوماً بعد يوم بفعل التقدم في العمر. على سبيل المثال، تحتاج مناقشة موضوع أو قضية ما إلى قدر من التركيز والتفكير، وهو ما يعني نشاط الظائف الذهنية والعقلية والعصبية واستنفارها. ? وجود أهداف حياتية ومعيشية. في السنة الماضية، كشف باحثون من المركز الطبي لجامعة راش في شيكاجو أن الأشخاص الأكبر سناً الذين لديهم موقف إيجابي وإحساس أعمق بالهدف من عيشهم والمقصد من حياتهم ويتمتعون بنوع من الطمأنينية النفسية والروحية تقل لديهم مخاطر الإصابة بمرض الزهايمر وأمراض الشيخوخة الخفيفة ذات الصلة بتراجع أداء الوظائف الإدراكية، وأن معدل انحدار أدائهم الإدراكي يكون أبطأ بالمقارنة مع الأشخاص الذين تغيب لديهم الأهداف ويكونون أقل دافعيةً وحافزيةً ورغبةً في الحياة. هشام أحناش عن “واشنطن بوست”
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©