الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الكحلاوي لايزال نجم الأغنية الدينية والمدائح

الكحلاوي لايزال نجم الأغنية الدينية والمدائح
21 أكتوبر 2011 11:20
رغم كثرة الألبومات الدينية التي رأت النور للمرة الأولى خلال العامين الماضيين، واتجاه العديد من المطربين الى الغناء الديني سواء في ألبومات كاملة أو أغنيات فردية، فإن الراحل محمد الكحلاوي الذي تمر ذكرى رحيله التاسعة والعشرون هذه الأيام، يبقى رائد الغناء الديني، حيث لا تزال أغنياته تلقى حفاوة كبيرة لدى الجمهور الذي يستمتع بها حين تذاع في كل المناسبات الدينية، ومن أشهرها “لاجل النبي” و”يا قلبي صلي على النبي” و”خليك مع الله” و”نور النبي”. يعد الكحلاوي واحداً من أشهر من مدحوا الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - بين مطربي عصره، وسخّر الفن ليكون طريق دعوة وحض على الفضيلة، وكان صاحب قدرات متعددة تنوعت بين الغناء البدوي والشعبي والديني، وكان له السبق في كل ألوان الغناء التي اشتهر بها. ولد محمد مرسي عبداللطيف الذي اشتهر لاحقاً باسم محمد الكحلاوي في محافظة الشرقية “150 كيلو شرق القاهرة” في 1 أكتوبر عام 1912، يتيماً بعدما توفيت والدته أثناء ولادته ولحق بها أبوه وهو لا يزال طفلاً، واضطر للانتقال للعيش مع خاله في حي باب الشعرية وسط القاهرة، وخلال تلك الفترة تلقى تعليمه لمدة خمس سنوات في إحدى مدارس الراهبات، وفي موازاة ذلك كان يحفظ القرآن في جامع سيدي الشعراني، وهو ما دفع خاله لإلحاقه بالتعليم الديني الأزهري الذي استمر فيه، لكنه لم يحصل على شهادة العالمية الأزهرية، وكان لدراسته الدينية أثر بالغ في إتقانه للغة العربية وتصحيح مخارج ألفاظه، واستيعابه للنصوص والشعر العربي، ومكنه بعد ذلك من إلقاء الشعر والقصائد والمدائح النبوية، واحتضنه خاله الفنان محمد مجاهد الكحلاوي الذي كان معاصراً للفنان صالح عبدالحي وكان ذا صيت في ذلك الوقت، وكان لملازمته لخاله في حفلاته الأثر الكبير، حيث تشبع بالحياة الفنية منذ صغره وورث عنه الصوت الجميل والأداء المتميز وكذلك لقبه. تمصير الفيلم العربي وقد لعبت الصدفة دوراً كبيراً مع الكحلاوي الذي كان يعتز بلقب “مداح الرسول” الذي أطلق عليه، حيث عمل في بدايته كومبارس في فرقة عكاشة، وحين تأخر مطرب الفرقة زكي عكاشة في أحد الأيام، طلب منه منظم الحفل الغناء لتسلية الجمهور الذي تجاوب معه لدرجة أفزعته فهرب من الحفل. وبعد فترة سافر مع الفرقة الى الشام من دون علم خاله، وكان لا يزال صغيراً وعادت الفرقة بعد شهرين وتخلف هو هناك لثماني سنوات، تنقل فيها بين عدد من المدن ليتعلم الغناء العربي الأصيل، وأتقن خلال تلك الفترة اللهجة البدوية وإيقاعاتها وغناء الموال، ثم عاد إلى مصر شاباً يافعاً في العشرين من عمره ومعه مبلغ 38 ألف جنيه، وكان يمثل ثروة ضخمة في ذلك الوقت، علماً بأنه كان خرج من بيته ومعه حوالي عشرين قرشاً فقط. وكوّن ثاني شركة إنتاج في الوطن العربي، وهي شركة “أفلام القبيلة” التي أراد بها صناعة سينما بدوية، فتخصصت في الأفلام العربية البدوية مثل “أحكام العرب” و”يوم في العالي” و”أسير العيون”، واعتبرت هذه الأفلام بداية لعملية تمصير الفيلم العربي الذي كان يعتمد من قبل على النصوص الأجنبية المترجمة، وقدم في هذه التجربة نحو 40 فيلماً شارك بالتمثيل والغناء فيها ومنها “عنتر أفندي” عام 1935، ومن بعده “تيتاوونج” و”عريس من اسطنبول” و”بحبح في بغداد” و”عايدة” و”رابحة” و”طاقية الإخفاء” و”ابنتي” و”المغني المجهول” و”ابن الفلاح” و”مبروك عليك” و”الصبر جميل” و”خليك مع الله” و”كابتن مصر” وقدم آخر أفلامه عام 1958 وهو “بنت البادية”. «سيرة سيدنا محمد» وانضم الي الإذاعة المصرية في بدايتها عام 1934، وكون ثلاثية جميلة مع الشاعر بيرم التونسي بالكتابة وزكريا أحمد بالتلحين وهو بالغناء، وحقق الثلاثي نجاحات فنية ملموسة من خلال الأغنية البدوية التي لقيت استحساناً كبيراً، وساعد على انتشارها وتخليدها أنها كانت بمثابة تابلوهات غنائية في الأفلام التي شارك فيها الكحلاوي، وكانت كفيلة بإنجاحها، وقد قلده عدد كبير من الفنانين وعلى رأسهم فريد الأطرش، وهو ما جعله يبحث عن مجال آخر للريادة والتميز فكانت الأغنية الشعبية. وركز الكحلاوي في مرحلته الأخيرة على الغناء الديني الذي مثل نصف إنتاجه الفني، فقد لحّن أكثر من 600 لحن ديني أنشدها في مدح الرسول، والتسبيح لله والدعوة إلى التدبر والتأمل في صنعه، ولم تكن الأغنية الدينية تعرف بمفهومها الحالي، إذ اقتصرت في ذلك الوقت على التواشيح الدينية، ولكنه وضع أسسها وأصبحت تغنى بنوتة موسيقية وفرقة كاملة وقد تلون في غنائه بين الإنشاد والغناء والسير والملاحم والأوبريتات، حيث قدم “سيرة سيدنا محمد” و”سيرة السيد المسيح” وقصة حياة “ سيدنا إبراهيم الخليل”. نقيباً للموسيقيين ولم يكن الكحلاوي يؤمن بفكرة الفن للفن، بل كان يرى أن الفن لا بد أن يساير الأحداث والمواقف الإنسانية، وحين بدأت حرب 1948 واحتلال اليهود لفلسطين، كان أول من نادى بالوحدة وأنشد العديد من الأغاني الوطنية باللهجة العربية البدوية ومنها “على المجد هيا يا رجال” و”وين يا عرب” و”خلي السيف يجول” و”كريم جواد” و”يا أمة الإسلام”، وبعد انتصارات أكتوبر 1973 غنى “على نورك قمنا وعدينا يا رسول الله، من بدري كتايب حوالينا كبروا لله”. وحصل خلال مشواره علي العديد من الجوائز والأوسمة منها جائزة التمثيل عن دوره في فيلم “الزلة الكبرى” وجائزة الملك محمد الخامس، وحصل في عام 1967 على وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى، كما حصل على جائزة الدولة التقديرية، إضافة الى العديد من الأوسمة والنياشين، علماً بأنه انتخب نقيباً للموسيقيين المصريين عام 1945، لكنه تنازل عن المنصب للموسيقار محمد عبدالوهاب. من الزمالك إلى المدافن! في السنوات الأخيرة من حياته هجر محمد الكحلاوي عمارته المطلة على النيل في حي الزمالك الراقي، وبنى مسجداً يحمل اسمه وسط مدافن الإمام الشافعي وبنى فوقه استراحة وسكنها، وبنى فيه مدفنه الذي دفن فيه عقب وفاته في أكتوبر ‏1982.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©