الأربعاء 17 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

جوهر.. يتحدى التوحد بالقرآن ويتفوق على الأسوياء بالخط والصوت

جوهر.. يتحدى التوحد بالقرآن ويتفوق على الأسوياء بالخط والصوت
19 أكتوبر 2013 00:30
شروق عوض (دبي)- عندما يصاب الواحد منا بعارض ما، ينشغل عقله بالتفكير عن أسباب إصابته دون غيرها، وقد يلازم البيت أو يتوقف عن مزاولة شؤونه اليومية، متناسياً أن هناك نماذج حية لأشخاص ولدوا بعاهة أو مرض يلازمهم طوال حياتهم ولكنهم تحدوا قسوة الحياة وثابروا فيها وانتصروا عليها. وخير مثال على ذلك فتى بعمر الزهور في مركز دبي للتوحد يدعى محمد جوهر، حيث تمكن من تحدي المرض عبر انصاته وتنفيذه لتوجيهات مدرسيه الذين اكتشفوا فيه مواهب عدة أهمها: حفظه للقرآن الكريم كاملاً، إضافة إلى جمال الخط وفن الرسم وغيرها، وذلك من خلال إدراجه ضمن برنامج التربية الإسلامية في المركز، الأمر الذي ساعده على أن يتفوق ويتميز على أقرانه من الأسوياء. وعند تلاوة الفتى محمد جوهر “أرتيري الجنسية”، البالغ من العمر 13 عاماً، للقرآن الكريم فإنه يدهش كلّ من حوله بإجادته لأحكام التلاوة وجمال نبرة صوته وحسن أدائه، وتمكنه من حفظ القرآن قاهراً إصابته بالتوحد، ذلك المرض الذي يشكل خللاً وظيفياً في التواصل الاجتماعي والإدراكي. وقد مثل جوهر مركز دبي للتوحد من خلال مشاركته في مسابقات عديدة، من ضمنها جائزة رأس الخيمة للقرآن الكريم، ومسابقة جائزة الحساوي للقرآن الكريم في الشارقة التي تنظمها مؤسسة القرآن الكريم والسنة، والتي اعتاد أن يحصل فيها على المركز الأول، هذا فضلاً عن استضافته في افتتاح عدد من المسابقات والمؤتمرات لتلاوة القرآن الكريم. بدأ الفتى جوهر الذي ولد في الإمارات بحفظ القرآن بمساعدة أسرته وهو في الثالثة من عمره، انضم بعدها إلى المقاعد الدراسية في مركز دبي للتوحد وأمضى فيه ثمانية أعوام حتى الآن فاكتشف معلموه موهبة حفظه وركزوا على تنميتها بإدراجه ضمن برنامج التربية الإسلامية في المركز. يقول حاتم جابر معلم التربية الخاصة والمشرف على برنامج التربية الإسلامية في مركز دبي للتوحد، إنّ موهبة محمد جوهر في حفظ القرآن الكريم وإتقان التلاوة نادرة، حيث يتفوق في أحكام التلاوة والتجويد بصورة متميزة ويتفوق فيها على معظم الأسوياء من الطلبة. وبيّن حاتم جابر أنَّ تعليم “جوهر” يعتمد على حاسة السمع، ومن خلال استماعه لتلاوات القرآن الكريم المسجلة لنخبة من المقرئين، موضحاً أن العقبة الأولى التي تعترض تعلم المصابين بالتوحد هي الإدراك، فيما تلجأ المناهج الحديثة إلى تعليمهم وتأهيلهم بالاعتماد على حاستي السمع والبصر عبر الصور والمشاهد المختلفة، وبتعزيز مهارات الحركة الدقيقة كالفك والتركيب، لذا تسعى تلك المناهج إلى تزويدهم بمعلومات تتناسب مع إمكاناتهم التي تعتمد على الاستماع والمشاهدة ومراقبة الحركات. ويمتاز جوهر، كما يقول جابر بقوة الذاكرة السمعية التي تساعده على حفظ كل ما يسمعه، معتبراً أنّ ما يملكه من قدرات ومواهب تمثل تعويضاً ربانياً عما فقده، ولا تقتصر إبداعاته على حفظ القرآن الكريم وإتقان تلاوته وتجويده بصوت جميل، بل تتعدى ذلك إلى الإبداع في الخط العربي والرسم، وامتلاك ذاكرة قوية لحفظ الأدعية والأناشيد الإسلامية، مشيراً إلى انقسام الأطفال المصابين بالتوحد إلى فئتين،الأولى تضم القادرين على الكلام، ويعتمد التواصل معهم على اللغة والاستماع، والثانية تضم غير القادرين على الكلام، وتركز مناهج تعديل السلوك والتواصل معهم وتعليمهم وتأهيلهم على الصورة. ومن المعروف أنّ الطفل المصاب بالتوحد يفتقد كثيراً من جوانب التعامل في الحياة ما يجعله حالة خاصة تختلف عن بقية الأطفال، ومن أهم جوانب شخصية الطفل المصاب بالتوحد، الجانب السلوكي، وتهتم به أسرة الطفل اهتماماً كبيراً. وأكد معلم التربية الخاصة والمشرف على برنامج التربية الإسلامية في مركز دبي للتوحد إمكانية تعديل سلوكيات الطفل المصاب بالتوحد بشكل كبير لأن الله خلقه كبقية الأطفال، لكنه طفل خاص يحتاج إلى رعاية نفسية واجتماعية وطريقة خاصة في التعامل والتعليم، ويجد البعض أنّ التعامل مع المصاب بالتوحد مشكلة صعبة وهي في الواقع سهلة إذا ما قمنا بفهم الفتى ودرسنا جميع الظروف الخاصة به وأدركنا احتياجاته الخاصة. ويشير حاتم جابر إلى أنّ هناك العديد من الخدمات التي يمكن تقديمها للأطفال المصابين بالتوحد تقوم على فلسفات ونظريات مختلفة مثل البرامج القائمة على تعديل السلوك والتحليل السلوكي التطبيقي، أو البرامج القائمة على التدريب المنظم كبرنامج (تيتش)، أو البرامج القائمة على الدمج الحسي ويتدخل فيها كثير من أخصائيي العلاج الوظيفي أو العلاج الطبيعي لمحاولة الاستفادة من الحواس السليمة لديهم. يؤكد حاتم جابر حرص المركز على توفير الدعم العاطفي لمساعدة المصاب بالتوحد على تكوين مشاعر خاصة بالذات، كالشعور بأنه مقبول، ويأتي هذا من خلال النمو النفسي والمعرفي للطفل، ويتخذ المركز من برنامج التربية الإسلامية وسيلة لعلاج الاضطرابات الانفعالية بحيث يعي الطفل المشاعر التي يوجهها المعالج نحوه وبالتالي يتم بناء الثقة بين الطرفين. ويوضح جابر أنّ قراءة القرآن على سبيل المثال تعد نشاطاً تفاعلياً حقيقياً بين الطفل المصاب والمعالج، يشعر المريض خلالها بالقبول، كما أنّ التواصل يعزز أحاسيس ومشاعر المصاب بالتوحد وإدراكه ومفاهيمه ومعانيه الشخصية ويرسخ تلك العلاقة، ويعكس جانباً كبيراً من الاحترام للمصاب بهذا المرض، مشيراً إلى أنّ الطلبة الملتحقين ببرنامج التربية الإسلامية تقل لديهم مشاعر القلق والخوف والتوتر، فتنظيم أفكارهم وينمو الجانب الروحي لديهم وهو ما يبعدهم عن مشاعر الإحباط.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©