أظهرت مسودة تقرير للجنة الثلاثية بشأن اليونان، حصلت “رويترز” على نسخة منها أمس، أن بعثة الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي إلى اليونان توصي بصرف الدفعة السادسة من المساعدات في أقرب وقت ممكن، رغم اكتشافها عوامل “مقلقة للغاية” في الدين الحكومي.
وذكرت المسودة أن التراجع الاقتصادي في اليونان أشد بكثير من المتوقع وأن توقعات النمو للأجل المتوسط قد تحتاج إلى تعديل بالخفض، لكن الإجراءات الحكومية الإضافية في مجال الدخل والإنفاق ستسمح لليونان بالوصول إلى المستويات المستهدفة للعجز في 2012 لكن ليس في 2011.
وقالت مسودة التقرير “اللجنة المشتركة للاتحاد الأوروبي والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي (ترويكا) توصي بصرف الدفعة السادسة لليونان في أقرب وقت ممكن .. حالما تسن تشريعات للإجراءات المتفق عليها مسبقاً بشأن إحكام السياسة المالية والخصخصة وإصلاح سوق العمل والتي أعلنتها الحكومة”.
إلى ذلك، عمت الفوضى والاحتجاجات أمس في أثينا، حيث اشتبك متظاهرون نقابيون شيوعيون مع متظاهرين آخرين على هامش احتجاجات ضخمة ضد مسودة تقشف مطروحة أمام البرلمان. وهاجم عشرات الأشخاص الذين ارتدوا خوذات الدراجات النارية وأمسكوا بالعصي وتبادلوا الضربات في ساحة سينتاجما بوسط أثينا قرب مبنى البرلمان، حيث تجمع عشرات الآلاف للإعراب عن معارضتهم لخطة تقشفية جديدة سيصوت البرلمان عليها حتى يفرج الدائنون لليونان عن المساعدات اللازمة للحيلولة دون إفلاس الحكومة اليونانية.
تشمل المسودة، حال إقرارها، تعديلاً لاتفاقات جماعية للأجور، وتقليصاً للإعفاءات والتسهيلات الضريبية، ونظاماً جديداً لرواتب العاملين بقطاعات الدولة، فضلاً عن منح آلاف العاملين بالقطاع العام إجازات إجبارية غير مدفوعة الأجر.
وقال وزير المالية ايفانجيلوس فنيزيلوس أمام البرلمان أمس الأول إن اليونان تواجه “معركة المعارك” في بروكسل أمام قمة الاتحاد الأوروبي وإن حكومته لن تتمكن من إقرار موازنة للبلاد دون تبني الإجراءات الجديدة التي تنص عليها المسودة.
وكانت الحكومة قد حذرت مراراً من أن عدم تبني المسودة قبل قمة الاتحاد الأوروبي التي تنعقد بعد غد سيجعل نظراء اليونان في الاتحاد الأوروبي يحولون دون الإفراج عن القروض لأثينا ويجمدون الأموال التي ستقدم للبلاد بموجب خطة مساعدات ثانية.
من جانبه، حث المسؤول في الحزب الحاكم في اليونان خريستوس بروتوباباس أمس مسؤولي الاتحاد الأوروبي على الخروج بحل “حاسم” خلال القمة المقررة بعد غد حول التعامل مع أزمة الديون السيادية وبؤرتها اليونان.
وجاء ذلك في الوقت الذي أوردت صحيفة يونانية أن خلافاً بين الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي حول قدرة اليونان على المدى الطويل على سداد ديونها قد يؤخر تقريراً يتوقع صدوره الجمعة، وهو الضروري للإفراج عن دفعات مالية تحتاجها اليونان بشكل عاجل.
ويجتمع وزراء مالية بلدان اليورو اليوم في بروكسل تمهيداً للقمة الأوروبية بعد غد، حيث يعتمد إقرار وزراء المالية الأوروبيين دفعة قروض بقيمة ثمانية مليارات يورو (11 مليار دولار) لليونان على تقرير المدققين الماليين من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد.
وفي السياق ذاته، خفضت ألمانيا، صاحبة اكبر اقتصاد أوروبي، أمس من توقعها لنموها الاقتصادي للعام المقبل بمقدار النصف. وكانت ألمانيا قد أفلتت حتى الآن من الأزمة التي تعصف ببلدان اليورو الأخرى، ولكن يتوقع أن تراجع توقعها للنمو لعام 2012 لتخفضه إلى 1 بالمائة بعد أن توقعت في أبريل أن يبلغ 1,8%. وما يضيف إلى الصورة القاتمة لبلدان اليورو، أن وكالات التصنيف المالي واصلت خفض تصنيفها لبلدان ومصارف أوروبية، فقد خفضت وكالة موديز تصنيفها لوضع ديون خمسة مصارف إسبانية ولأغلب مناطق البلاد، بينما خفضت وكالة ستاندرد آند بورز التصنيف الائتماني السيادي لسلوفينيا. وتلقت فرنسا أنباء مقلقة، حينما قال بنك التسويات الدولية الذي يتخذ من زيوريخ مقراً له أن البنوك الفرنسية هي أكبر مقرض لليونان وإيطاليا، حيث نصف الدين الإيطالي البالغ 416,37 مليار دولار مستحق لبنوك فرنسية.
يأتي ذلك بعد أيام من تلقي فرنسا، ثاني أكبر اقتصاد في اليورو بعد ألمانيا، تحذيراً من موديز باحتمال خسارتها علامة التصنيف الائتماني الممتاز (ايه ايه ايه) التي تتمتع بها، بسبب انكشافها على الأزمة الاقتصادية الراهنة.
عدد اليوم
