الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

الإدارة العمرانية ببلدية دبي تواصل جهودها لانضمام خور دبي إلى لائحة التراث العالمي

الإدارة العمرانية ببلدية دبي تواصل جهودها لانضمام خور دبي إلى لائحة التراث العالمي
19 أكتوبر 2013 17:53
محمد وردي (دبي) - يُتوقع أن يزور منطقة خور دبي، خلال الأيام القليلة المقبلة، خبير دولي من مركز التراث العالمي، التابع لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة “اليونسكو”، لمعاينة مدى مطابقتها مع الملف، الذي تقدمت به الإدارة العمرانية في بلدية دبي قبل نحو عام للمنظمة، ونال موافقتها المبدئية، على انضمام خور دبي إلى لائحة التراث العالمي. في الواقع إن خور دبي يعتبر من الأمكنة المميزة بالعالم، بحكم موقعه، ضمن منطقة شكلت همزة وصل، لا غنى عنها بين الحضارات القديمة في الشرق والغرب، فالمكتشفات من اللقى والآثار المتبقية من حقبتي “أم النار” و”دلمون” الحضاريتين، وغيرهما، تروي قصة الإمارات، أو حكاياتها مع الحضارات السومرية والبابلية واليونانية والرومانية والفارسية والهندية، فضلاً على الإسلامية والأوروبية، حسب أكثر من عشرين دراسة لأكاديميين متخصصين، نُشرت في كتاب “أبو ظبي واللؤلؤ.. قصة لها تاريخ”، وكُتبْ ودراسات أخرى كثيرة. ومع ذلك فالمنطقة ما زالت تنام على كنوز آثارية هائلة، يجري التنقيب عنها تباعاً. طبيعة منطقة خور دبي الحيوية، مثّلت السبب الأهم في نشأة المدن حوله، فالموقع لا يزال حتى الوقت الراهن، يحتفظ بأصالته وروحه الثقافية، النابعة من حركة العبور والقوارب القديمة، التي كانت ومازالت تمر بالخور ذهاباً وإياباً، محملة بالبضائع والناس. ملاقف الهواء يقول رئيس جمعية التراث العمراني في دبي رشاد محمد بوخش، لـ”الاتحاد” إن المباني العمرانية في منطقة خور دبي تتميز، بخصصويات متفردة على مستويين: على المستوى الهندسي تقوم العمارة بضوء خبرة ودراية عالية، لجهة المعرفة بالمكان والمناخ بشكل عام، سواء لجهة مسارب الرياح، أو لجهة طبيعة الأرض بالمعنى الصحي، أي التي تخلو من الأمراض البيئية. فبالنسبة لمجرى الريح، تجد أن البيوت مزودة بـ”البراجيل” أي ملاقف الهواء، ولا يخلو منها أي مسكن، وأحياناً يحتوي البيت الواحد على أكثر من “بارجيل”، لأن الأمر مرتبط بحجم البيت. و”البارجيل” مصمم بطريقة تسحب الهواء من الأعلى وتدفعه إلى الداخل، بعد أن تضاعف سرعته، أي إذا كانت سرعة الهواء في الخارج خمسة كيلو مترات في الخارج، تصبح عشرة كيلو مترات عندما تدخل “البارجيل”. ويتذكر بوخش دهشة الأمير تشارلز، عندما دخل أحد المباني العمرانية في خور دبي عام ألفين وثمانية، حيث ذهل بالأسلوب العبقري في التكييف أو التبريد العضوي، ونقاء الهواء ونظافته واندفاعته، ما جعله يحرص على المرور بها، في كل زيارة يقوم بها إلى الدولة. كما يتميز الفناء أو الدار “الحوش” في مباني خور دبي أيضاً، بخصوصية دفع الهواء الساخن إلى الأعلى، والبارد إلى الأسفل، وهو المكان المطلوب، وهي تتماشى بتصميمها مع التقاليد العربية والإسلامية، لجهة ارتفاع جدرانها الخارجية، بحيث تتيح لأهل البيت الحركة بحرية، بعيداً عن عيون الغرباء. كذلك يتميز التخطيط العمراني في خور دبي بـ”السكيك” أو الدروب والممرات بين المساكن، فهي تقوم على الطريقة الإسلامية، انطلاقاً من مقولة الخليفة الراشد الثاني، عمر بن الخطارب رضي الله عنه، الذي يصف الدروب فيما بين المنازل، بقوله: إن الزقاق بحجم الجمل وما حمل. وهذا ما يجعله مظللاً بنسبة تسعين بالمائة، ويقربه من ميزة “البارجيل” في خصوصية تجميع الهواء وزيادة سرعته، حسب بوخش. بالاضافة إلى مراعاة حركة اتجاه الرياح بشكل عام، وهي في منطقة الخور، تكون في الغالب من الشمال إلى الجنوب، أي باتجاه الخور عينه. هذا فضلاً على مراعات الجوانب الدفاعية في حالة الحرب لدى تخطيط الطرقات. الزخرفة الاسلامية أما على المستوى الفني، فتتميز العمارة في خور دبي، بخصوصية الزخرفة الإسلامية، التي تجمع ما بين سمات الزخرفة في المغرب العربي والأندلس، ومابين الشام والعراق وفارس وصولاً إلى الهند. لأن المذهب المالكي الغالب في المغرب العربي، يميل إلى الخطوط المنضبطة، المحكومة بأشكال هندسية، تبدأ من المربع إلى المثلث، فالدائرة، وتتداخل في بعضها البعض بشكل فسيفسائي. بينما في المشرق الإسلامي، تتعانق الخطوط مع الطبيعة من الأزهار والنبات والأشجار، بسبب اتساع الخيال الصوفي الغالب في الشرق. لذلك ترى العمارة في منطقة خور دبي جمعت كل هذه الخصائص بسبب توسطها، حيث تقع في قلب العالم الإسلامي، كما يقول رئيس جمعية التراث العمراني في دبي رشاد محمد بوخش. الحدود التاريخية إن خور دبي يمتد على مسافة أربعة عشر كيلو متراً، بعمق يتراوح على جانبيه بين اثنين وثلاثة كيلو مترات. ويبدأ من رأس الشندغة، امتداداً إلى جسر المكتوم. وتضم منطقة خور دبي عدة أحياء، أهمها: حي الشندغة، الذي يعود تاريخ إنشائه إلى عام ألف وثمانمائة وواحد وستين، وهو من أهم الأحياء التاريخية في دبي، من حيث موقعه المطل على الخور مباشرة. ويتميز الحي بمبانيه السكنية والدينية والدفاعية، حيث يحتوي على مبانٍ سكنية كبيرة، وبعضها بطابقين، وستة مساجد تاريخية، بالاضافة إلى مربعات دفاعية مبنية من المواد التقليدية، الغنية بعناصرها المعمارية المميزة مثل “البراجيل” والأقواس والزخارف الخشبية والجصية. حي الأسواق والأحمدية التاريخي، ويعود تاريخ إنشائه إلى عام الف وثمانمائة ووواحد وأربعين، وكان يمثل المركز التجاري في دبي، ويضم “المدرسة الأحمدية” أول مدرسة في دبي، و”متحف البلدية”، و”بيت التراث”، و”بيت بن جمعان”، و”بيت مطر بن مصبح الحاي”. حي الفهيدي التاريخي، ويعود تاريخ إنشائه إلى عام ألف وثمانمائة وستة وتسعين، وتبلغ مساحته في الوقت الراهن ثمانية وثلاثين ألف متر مربع. ويضم الحي “بيت محمد شريف سلطان العلماء”، ويعود إنشائه إلى عام ألف وتسعمائة واثنين وثلاثين، وتشغله حالياً “إدارة التراث العمراني”. و”بيت عبد الرحمن فاروق”، الذي يعود إنشائه إلى عام ألف وتسعمائة وخمسة وعشرين، وتشغله حالياً إدارة التراث العمراني لإلقاء المحاضرات وإقامة المعارض والندوات. و”بيت الشيخ سعيد آل مكتوم”، ويعود تاريخ إنشائه إلى عام ألف وثمانمائة وستة وتسعين، ويستخدم حالياً متحفاً للصور والوثائق التاريخية لإمارة دبي. و”متحف العمارة التقليدية”، ويعود تاريخ إنشائه إلى عام ألف وتسعمائة وثمانية وعشرين. و”متحف البلدية “، الذي يعود إنشائه إلى عام ألف وتسعمائة وثمانية وخمسي، بالإضافة إلى “دار الطوابع”، و”متحف المسكوكات”، و”بيت التراث”، و”متحف الشاعر العقيلي”، والعديد من المطاعم والمقاهي . أيضاً يضم حي الشندغة التاريخي “قرية التراث”، و”قرية الغوص”، و”قرية البدو”، و” سوق الذهب”، ومساجد “الشيوخ” و”العتيبات” و”المر بن حريز” و”الملا” و”ابن لوتاه” و”حارب بن حارب”. وتشترط منظمة “اليونسكو” لتسجيل الموقع التاريخي ضمة لائحة التراث العالمي، أن يكون ملبياً على الأقل لواحد من عشرة معايير ثقافية. وتجاوز ملف خور دبي هذه المرحلة بامتياز، خصوصاً لجهة معايير السلامة (integrity). أي قياس مدى احتفاظ الموروث الثقافي بكامل أجزائه. ومعيار الأصالة (authenticity) أي القيمة الأصلية للموقع، التي يتم تحديدها من خلال الشكل والتصميم وتقاليد المكان المحيط بالموقع واللغة والروح وااإحساس. وكذلك معيار الحماية (protection) أي الجهود المحلية المبذولة في حماية الموقع المرشح. ويشكل تسجيل خور دبي في لائحة التراث العالمي مكسباً مهماً لدولة الإمارات العربية المتحدة بشكل عام، وإمارة دبي بشكل خاص، سواء على مستوى المحافظة على الموروث الثقافي والهوية الوطنية للدولة والأجيال المقبلة، أو على مستوى وضع دبي على خاطة العالم الثقافية، هذا فضلاً على تعزيز السياحة الثقافية، ومردودها الاقتصادي في عملية التنمية، بالإضافة إلى الارتقاء بمكانة الإمارات في مجال التنافسية الدولية عموماً.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©