الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

اندلاع حرب الغاز في شمال أفريقيا

10 فبراير 2007 23:59
إعداد - عدنان عضيمة: تتزايد مخاوف الدول الصناعية من اضطراب الإمداد بمصادر الطاقة من الدول المنتجة· وتلعب الكثير من العوامل دورها البارز في تعزيز هذا المخاوف· ومن ذلك مثلاً أن الكثير من المؤشرات والقرائن برزت مؤخراً لتوحي بتشكيل (كارتل) روسي - جزائري للسيطرة على أسواق الغاز الطبيعي في العالم أجمع وتغيير استراتيجيات التسعير· وعندما اجتمع شكيب خليل وزير الطاقة الجزائري مع نظيره الروسي فكتور كريستينكو في مدينة الجزائر في 21 يناير الماضي من أجل إعداد مذكرة تفاهم للتعاون المشترك في مجال الطاقة، كانت عيون مستهلكي الغاز الأوروبيين تحدّق على مجريات الاجتماع وتفاصيله مثلما تحدق النسور· وكانت (نظرية المؤامرة) التي أوحى بها هذا الاجتماع المغلق بين أكبر منتجين للغاز في العالم، تؤرق الأوروبيين الذين باتوا يشعرون بكابوس ثقيل من أن تتفق الدولتان على إعلان سياسة جديدة لبيع الغاز· ونقلت (ميد) عن خبير بريطاني قوله: (يتركز خوف الأوروبيين من أن تتفق روسيا والجزائر على العمل المشترك للضغط على أوروبا فيما يتعلق بأسعار الغاز· وربما كان أسوأ سيناريو يحتمل حدوثه هو الذي يكمن في توصل الطرفين إلى اتفاق على تشكيل منظمة أوبك جديدة خاصة بالغاز الطبيعي تعقبه محاولات مدروسة لرفع أسعاره)· ولقد سجل مؤخراً تصاعد كبير في المخاوف العالمية من أن يؤدي التفاهم بين الدولتين الأكثر إنتاجاً للغاز في العالم إلى تشكيل (كارتل لتحديد أسعار الغاز) ينشط على التوازي مع منظمة (أوبك) للنفط· ويمكن فهم أسباب التوتر العصبي الذي سيطر على الأوروبيين من جراء التفكير بهذا الأمر، من مجرد العلم بأن روسيا والجزائر تنتجان معاً 35% من الواردات العالمية من الغاز فيما بلغت اعتمادية إيطاليا على الغاز الطبيعي المستورد من هاتين الدولتين 72%؛ وهذه النسبة قابلة للزيادة بعد أن سجل إنتاج المملكة المتحدة من الغاز هبوطاً متواصلاً منذ عام ·2000 وتتوقع المفوضية الأوروبية أن يزداد معدل اعتماد دول الاتحاد الأوروبي على الواردات الخارجية من مصادر الطاقة إلى 70% بحلول عام 2030 ارتفاعاً من 50% الآن· وقال المفوض الأوروبي للطاقة أندريس بييبالجز في الكلمة الافتتاحية للمؤتمر الدولي للطاقة الذي نظم في مدينة وهران الجزائرية في شهر نوفمير الماضي: (لقد جاءت مشاكل الإمداد بالطاقة في بداية العام الجاري لتوقظ دول الاتحاد الأوروبي على الحقيقة القائمة الآن من أننا لم نحقق أمن الإمداد بمصادر الطاقة)· وقال خبير جزائري: (إذا أرادت أوروبا تنويع مصادرها من الطاقة فإن مموني شمال أفريقيا مثل الجزائر وليبيا ومصر يمثلون السوق الرئيسية)· وتخطط الجزائر الآن لرفع طاقتها لتصدير الغاز إلى 85 مليار متر مكعب سنوياً بحلول عام 2010؛ ويمثل هذا الإنتاج الضخم بحد ذاته مصدراً أساسياً للطاقة في أوروبا في إطار سعيها لوضع استراتيجيتها الجديدة لتنويع المصادر· وقال مفوض الطاقة الأوروبي بييبالجز في هذا الصدد: (يعتمد الاتحاد الأوروبي والجزائر على بعضهما البعض في مسألة أمن الإمداد بالطاقة وأمن الطلب عليها· وهناك إمكانيات كبرى متاحة لتطوير علاقات التعاون بين الاتحاد الأوروبي الذي يعد أضخم سوق متكاملة لاستيراد لطاقة، والجزائر التي تعد من أضخم منتجي الطاقة في العالم)· ويقول أحد الخبراء الأوروبيين: (الجزائريون شعب ذكي جداً؛ فلقد وجدوا في المشكلة الأوكرانية والبيلاروسية فرصة نادرة للاستفادة من المشاكل التي تواجهها روسيا لبيع صادراتها من الغاز· وكلما ازدادت هذه المشاكل حدّة وتعقيداً كلما اقتنع الأوروبيون بضرورات الاتجاه نحو الجنوب بأكثر من اتجاههم نحو الشرق)· وسجّلت مؤخراً خطوات كبيرة لتعزيز العلاقات الأوروبية الجزائرية· ووافقت بروكسل والجزائر في عام 2006 على تطوير شراكة استراتيجية كاملة في مجال الطاقة· ويعدّ أنبوبا نقل الغاز (ميدغاز) و(جالسي) اللذان سيتكفلان بنقل 8 مليارات متر مكعب من الغاز سنوياً إلى كل من إسبانيا وإيطاليا على الترتيب مثالاً عن الأهمية التي تنطوي عليها البنية التحتية المشتركة التي تم تطويرها بين الطرفين· وأصبحت أوروبا بدورها سوقاً ذات أهمية متزايدة بالنسبة لصادرات أفريقيا الشمالية من الغاز الطبيعي المسال· وتوجد الآن اتفاقيات جاهزة وقعتها الجزائر مع كل من إسبانيا وفرنسا والمملكة المتحدة لبيعها الغاز الطبيعي المسال· وفي شهر نوفمبر الماضي، وقعت شركة النفط الوطنية الجزائرية (سوناطراك) عقداً لبيع الغاز الطبيعي المسال إلى شركة (إيون رورغاز) الألمانية· وتعتزم مصر بدورها تصدير حوالي 16 مليار متر مكعب سنوياً من الغاز الطبيعي المسال من حقول إيدكو ودمياط إلى أوروبا· ---------- الغاز يعيد للروس هيبتهم تستند المخاوف الأوروبية من اضطراب معدلات الإمداد بمصادر الطاقة على مبدأ عدم الثقة بروسيا التي تحتكر لوحدها 25% من صادرات الغاز إلى أوروبا· وخلال السنوات القليلة الماضية، دأبت موسكو على استخدام مصادر الطاقة بشكل متزايد كأداة مؤثّرة لاستعادة الهيبة التي فقدتها عقب انهيار الإمبراطورية السوفييتية في بداية عقد التسعينات من القرن الماضي· وأوعزت حوادث قطع الإمداد بالغاز الروسي عن أوكرانيا في عام 2006 وروسيا البيضاء في عام 2005 بمدى خطورة المواقف التي يمكن لصنّاع القرار السياسي في موسكو أن يلجأوا لتبنّيها· الأوروبيون وشمال أفريقيا يلعب الأوروبيون دوراً بارزاً في تطوير صناعة الطاقة في الجزائر؛ ومن ذلك مثلاً أن شركة (بريتيش بتروليوم) الإنجليزية تعد أكبر مستثمر أجنبي في الجزائر؛ وهي مسؤولة عن تشغيل أضخم حقلين جزائريين للغاز؛ ويتولى فريق تابع لشركة (ريبسول) الإسبانية تطوير مشروع لتسييل الغاز الطبيعي في ميناء أرزيو الجزائري تبلغ تكاليفه 4 مليار دولار· وفي ليبيا، تتولى إيطاليا مسؤولية تطوير مشروع لإنتاج الغاز من الصحراء الغربية بحيث يتم ضخه إلى جزيرة صقلية بواقع 8 مليارات متر مكعب سنوياً عبر ما يسمى (التيار الأخضر)· المخاوف الأوروبية فيما تتعزز مخاوف الأوروبيين من قيام تحالف جزائري-روسي في مجال الطاقة، فلقد ظهرت بوادر قوية تشير إلى أن موسكو أصبحت تستهدف الشمال الأفريقي كله باعتباره سوقاً مناسبة للاستثمار· وفي شهر أغسطس الماضي، وقعت (سوناطراك) اتفاقية تعاون مع شركة (جازبروم) الروسية العملاقة، وأخرى مع شركة (لوك أويل)· وفي شهر يناير الماضي، أعلنت شركة (روزنيفت) أنها أطلقت خططاً لاستثمار 1,3 مليار دولار في تطوير حقلين جديدين للغاز في الجزائر· وراء البحار يقول فاليري روزاكوف المدير العام لشركة روزنيفت: (تعد الجزائر سوقاً استرتيجياً بالنسبة لنا، وهي تمثل جزءاً مهماً من استراتيجيتنا في مجال الطاقة لما وراء البحار· ونحن نتذكّر أيضاً أن الجزائر كانت شريكتنا في فترة الاتحاد السوفييتي السابق؛ ولقد كتب لهذه العلاقات الطيبة بيننا أن تستمر)· وهذه أيضاً هي نظرة شركة (جازبروم) التي تعد الأضخم في العالم على الإطلاق في مجال إنتاج وتسويق الغاز· ويقول أحد الخبراء الروس: (أصبحت جازبروم تعتبر نفسها شريكة استراتيجية لشركة سوناطراك الجزائرية، وما فتئت تعبر عن رغبتها في إقامة علاقات شراكة راسخة مع الجزائر في مجال صناعة الطاقة)· الخبرة الجزائرية كانت للروس حظوظاً أخرى للفوز بتراخيص التنقيب عن النفط والغاز في ليبيا· وفازت شركات روسية بعقود مشاركة في أربعة من أصل سبعة حقول ليبية؛ وهي تسعى الآن بكل عزم للفوز بالمزيد من عقود المشاركة المشابهة لتلك التي أنجزتها في الجزائر· وتتسابق روسيا مع دول الاتحاد الأوروبي في الاستفادة من الخبرة الجزائرية العريضة في معالجة وتخزين الغاز الطبيعي المسال، وهي تستثمر هذه الخبرة في تسيير حقول شتوكمان في بحر بارنتس·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©