برزت المجالس والصالات النسائية بين عدد من فراغات المنازل، بعد أن كان الأمر مقتصرا فقط على مجالس الضيوف والذي كان حكرا على الرجال كمحطات خاصة بهم، ففي كثير من الأحيان تفضل النسوة أن يكون لهن مجالسهن الخاصة، يمضين فيه وقتهن ويتجاذبن أطراف الحديث بمنتهى الراحة والخصوصية.. هذه المجالس خرجت عن نمطها الرسمي، لتعبر عن مكنون المرأة وشخصيتها الحاضرة في تفاصيل البيوت، ومعاني الترف والثراء الذي تتشح به مفردات وقطع الأثاث.. لتعيش فيه النسوة أجواء حالمة، مريحة ومثالية تلتحف بالبهجة والحيوية التي تحاكي روحهن المتجددة.
خولة علي (دبي) - المجلس النسائي تبرز فيه بعض التفاصيل الغارقة بخيال المرأة، وتفكيرها، ورومانسيتها، المشبعة بألوان الهدوء، والممزوجة بالانتعاش والبهجة التي تحاول أن ينبض به ركنها، وتكون محطة مثالية لاستقبال زوارها، فدائما ما نرى هذه الصالات تعكس شخصية ونفسية المرأة، حيث يمكن ان نستشف من خلال زيارة واحدة نمط هذه الشخصية، ونهجها في الحياة، فكل شيء يحيط بالمرء إنما يعكس طبيعة الشخصية التي تؤثر في من حوله، ونلمس ونتحسس نمط تفكير هذه الشخصية من خلال خطوط الأثاث، والالوان المتوشحة به.
تصميم مثالي
ويشير المهندس أبو أنس عبدالرزاق من شركة السبل للتصميم، إلى أنه، ومن خلال بعض التصاميم الذي وضعناها، كانت نتاج رغبة بعض السيدات، التي أردنا أن تكون المجالس النسائية الخاصة بهن، مثالية لجلساتهن، بحيث تتوافر فيها الراحة والفخامة والأناقة الحاضرة في تفاصيل الكنب التي تحمل تفاصيل ناعمة في تصميمها وطريقة تجسيمها وحفرها، فهي أصغر نوعا ما من مقاعد مجالس الرجال، وتتميز بالتنوع في أثاثها بين مقاعد لشخصين ومفردة ومقاعد لثلاث أشخاص، ومقاعد من غير مساند للظهر، ومنها ما هي دائرية الشكل أيضا. فيتم محاكاة رغبة الزبونة، ودراسة الفكرة جلياً قبل الشروع في تطبيقها، فالمرأة بطبيعتها كثيرا ما تغير وتبدل رأيها، مما يربك العامل، ولكن نظرا لخبرتنا الواسعة في التعاطي مع نمط الشخصية، وإعطاء بعض الأفكار والحلول، مع عمل عدة تصاميم قريبة من الفكرة المطروحة كفيلة لتجاوز هذه المطبات التي قد يقع فيها بعض المصممين.
ألوان الربيع
ويبين عبدالرزاق أنه عادة ما تلتحف صالة النساء بألوان زاهية تحاكي ألوان الربيع، كالبنفسجي والزهري والأخضر، والفيروزي والأحمر، فهناك تمازج ثري، بين عناصر الديكور بدءا بالحوائط ووصولا إلى قطع الإكسسوارات التي تعبر عن طبيعة المرأة، كالحلي والأساور وغيرها من التحف الفضية، التي يمكن أن تعلق على مساحة من الجدران أو توضع في “فترينة” خاصة في قلب منضدة تتوسط الجلسة، فالأمر متروك لرغبة وذوق المرأة ولمساتها الفنية في ذلك.
ويلفت إلى أن المرأة بطبيعتها تهوى أن تنظم منزلها بأفكارها ونظرتها، دون أن يفرض عليها أحد فكرة معينة، إلا إذا استساغت هذه الفكرة، فنجدها أيضا تحاول أن تبدي بعض التوجيهات والإرشادات فيها، حتى لو كانت بسيطة غير مؤثرة في العمل، فهي تعشق أن تكون محط اهتمام وإعجاب الآخرين بأفكارها ورؤيتها. بخلاف الرجل الذي لا يهتم كثيرا بالتفاصيل والشكل وإنما يشدد على توفر اشتراطات الراحة في الأثاث والمكان.
تناسب وتناسق
ويؤكد عبدالرزاق أن هناك بعض الاشتراطات الهامة في عملية التصميم الداخلي يجب وضعها في الاعتبار لنجاح التصميم، وهو أن يكون طراز الأثاث مرتبطا بالنموذج المعماري للمسكن كلما أمكن ذلك، ويمكن اختيار الطراز المناسب من الأثاث تبعا للذوق الشخصي والغرض وسعة الفراغ.
ويختلف اختيار شكل قطعة الأثاث تبعا لموقعها واستعمالاتها فتتأثر بتشكيل العناصر المحيطة بها ودرجة علاقتها بالاستخدام والمساحة المسموحة لرؤيتها، فتتأثر بتشكيل العناصر المحيطة بها وعلاقتها بالحيز الفراغي والمكملات المحيطة بها. كما يجب عدم الإغفال عن عنصر الحجم فهو من العناصر المهمة من ناحية الاستخدام والمظهر، لذلك يجب ان يكون هناك تناسق بين كل قطعة وأخرى كما يجب أن يتناسب الاثاث مع نمط استخدامه وأيضا مع مساحة الفراغ، فيجب دراسة قطع الاثاث المختارة من حيث أبعادها،
وهل هي متناسبة ومتوافقة مع المساحة المختارة لها أم أن هناك عائقا ما يحول دون وضعها في أماكنها المقترحة. ومن الخطأ وضع عدد كبير من قطع الأثاث داخل الغرفة أو استخدام قطع كبيرة الحجم، ما يؤدي إلى تشوه التخطيط الموضوع للغرفة ويسيء من استخدام الفراغ الموجود بها.
طبيعة الإنسان
وينوه عبدالرزاق قائلاً إن، متطلبات الأفراد الخاصة والعامة إنما تخضع لمقاييس دقيقة تتناسب مع طبيعة الإنسان نفسه ويتضح ذلك في وسائل انتقاله ومكان أداء أعماله وكذلك مكان إقامته، وهذه المقاييس هي الأساس الأول في بناء أي عمل يقوم أساسا على خدمة الفرد.
كما لابد أن تتلاءم قطع الأثاث مع أجزاء جسم الانسان، لتحقيق قدر من الراحة عند الاستخدام، فنجد أن أثاث غرف الجلوس يجب أن يكون ارتفاع المقعد أقل بقدر بسيط عن طول رجل الفرد ومن ثم يمكن لقدمه أن تلامس الأرضية بشكل مريح، إضافة إلى ارتباط عرض القاعدة بعرض جذع الجالس حتى يتسنى للجالس الراحة.
ويتابع عبدالرزاق “ومن الاشتراطات الهامة في التصميم أيضا توفر الوحدة بحيث تتناسق العناصر وترتبط في إيقاع واحد، فبدون الوحدة يكون العمل مفككا وتبدو عناصره مركبة ولا تنتمي للمجموعة، فالوحدة إنما تكسب المجموعة معنى وقيمة، فتخلق جسما واحدا مسيطرا على كل أجزائه من اتزان وتماثل وتناغم مع توفر عنصر التنويع، الذي يعطي الحيز الداخلي قدرا من الحيوية والبهجة ويزيل الملل والضجر، ولكن يجب عدم المبالغة فيه حتى لا تتنافر الأجزاء وتتناقض، لذا يجب ان يكون التنويع داخل الوحدة متوافراً”.
ويضيف عبدالرزاق، أنه لابد من توفـر اشتراط القياس وهو القائم على نسبة العلاقة بين الحجم الظاهري وبين الحجم الحقيقي، وعادة ما يتم التأكد من صحة القياس وتقدير الحجم الحقيقي بمقارنته مع العناصر الثابتة ومعروفة الحجم كجسم الفرد أو قطع الأثاث وارتفاع الأسقف والحوائط. ومن عناصر التكوين أيضا مدى توافق وترابط روح النمط وعناصره، فلكل عصر روحه التي يتميز بها عن غيره، ولكن الطراز لا يمكن أن يكون ثابتاً، حيث دخلت عوامل جديدة في التصميم فلا يمكن التوقف عن الإبداع والابتكار، ولابد من الاستمرار في وضع أفكار جديدة وتصاميم متميزة من حين إلى آخر، تتلاءم مع روح العصر.
مقياس الجمال
يقول مصمم الديكور أبو أنس عبدالرزاق، إن كان البعض يحبذ النمط القديم، إلا أن إضافة التقنية الحديثة واستخدام الخامات المتطورة يفرض علينا روح التطور والتقدم والابتكار في التصاميم الداخلية. كما لا يمكن إغفال عنصر الشكل من ضمن عناصر التكوين، فهناك أشكال مجردة، طبيعية، وأشكال صناعية، وأشكال معمارية وهندسية، وعندما تجتمع هذه الأجزاء وتتحد يصبح الشكل فنيا وذات قيمة أكثر. كما أن عامل الوظيفية لا يقل أهمية في تحديد العناصر المطلوبة وتوجيه التصميم للشكل الذي يعبر عنه كما ينظر لها بأنها مقياس الجمال في التصميمات الداخلية كلها، لأن الشكل والوظيفية متداخلان ومترابطان، ويتحقق على ضوئهما نجاح أي تصميم.
عدد اليوم
