الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

في ليبيا... الميليشيات حل أم مشكلة؟

في ليبيا... الميليشيات حل أم مشكلة؟
9 أكتوبر 2012
منذ فترة ليسـت بالبعيدة، كانـت مهمة وسام بن حميد هي جعل النظام الذي كان قائماً في ليبيا ينهار، أما الآن فهو يحاول الإسهام في بناء نظام جديد آمن من خلال العمل كمنسق ممثل لمدينة بنغازي فيما يعرف "قوات درع ليبيا" (إل. إس. إف) وهي مظلة وطنية جامعة للميليشيات التي حاربت القذافي، والتي تعمل الآن مع وزارة الدفاع من أجل توفير الأمن الداخلي. ولكن التقدم في عمل تلك الميليشيات يتعرض للعديد من العوائق، ذلك أن عناصر الشباب المتحمس الذي انتصر على قوات القذافي قد لا تكون هي العناصر النموذجية للاضطلاع بالمهام الشرطية اليومية ومهام مكافحة الإرهاب في بلد يعج بالمنازعات والتنافسات بين المناطق والقبائل المختلفة، ويتوافر فيه السلاح بكميات هائلة. وعلى رغم أن بن حميد مقتنع بأن رجاله أهل للاضطلاع بالمهمة إلا أن "حدود توفير الأمن من خلال الميليشيات" قد عُرّيت على نحو مأساوي بعد هجوم الحادي عشر من سبتمبر على قنصلية الولايات المتحدة في مدينة بنغازي، الذي أدى إلى مصرع السفير "كريستوفر ستيفنز" وثلاثة من زملائه الدبلوماسيين. وبصرف النظر عن أية أخطاء أمنية أميركية فإن الاستنتاج النهائي الذي يمكن التوصل إليه من خلال ذلك الهجوم هو أن كلاً من الميليشيات الليبية وقوات الأمن الليبية الحديثة التكوين قد أخفقتا في المحافظة على سلامة القنصلية. وبعد الهجوم تظاهر سكان بنغازي ضد العنف مما أجبر إحدى الميليشيات الإسلامية القوية التي وجهت إليها أصابع الاتهام بالضلوع في الهجوم على القنصلية وتدعى كتيبة "أنصار الشريعة" على الانسحاب من القاعدة التي كانت تعسكر فيها. ويقول سكان المدينة إن مسلحي "أنصار الشريعة" قد اختفوا تماماً من الشوارع بعد ذلك. وعلى رغم ذلك يظل الأمن في مختلف أنحاء ليبيا هشاً كما أن الصراعات بين الميليشيات ضد بعضها بعضاً ما زالت تمثل تهديداً لدولة تحاول جاهدة تلمس طريقها الخاص بعد أربعة عقود من حكم الرجل الواحد. وفي تقرير صادر الشهر الماضي عن "مجموعة الأزمات الدولية"، التي تتخذ من بروكسل مقراً لها جاء أن "انخراط الألوية الثورية والمجموعات المحلية المسلحة في الجهود الرامية لإنهاء العدائيات قد شوش الخط الفاصل بين التوسط المحايد وبين المساومة الحزبية". وذلك يجعل الحاجة إلى تعزيز قوات الأمن الوطني أولوية قصوى بالنسبة للحكومة الجديدة التي كان يتعين تكوينها بعد الانتخابات التي جرت في شهر مايو الماضي. وفي يوم الخميس الماضي تم رفض التشكيلة الوزارية المقترحة من قبل أول رئيس وزراء ليبي منتخب هو الدكتور مصطفى أبو شاقور من قبل المؤتمر الوطني العام بعد أن اقتحم عدة مئات من المحتجين القادمين من المدن الغربية ذات الميليشيات الخاصة القوية مبنى البرلمان مشتكين من أن الحكومة المشكلة ليست ممثلة لجميع المدن. وقد اضطر أبو شاقور لسحب التشكيلة المقترحة وتقديم تشكيلة حكومة أزمة تم رفضها هي الأخرى كذلك من قبل المؤتر الوطني الذي بادر بسحب الثقة من "أبو شاقور"، وهو ما يعني عملياً إعفاءه من مهامه، بالمرة. وحتى يتم تكوين حكومة في ليبيا، فإن إقامة مؤسسات وطنية فعالة في مجال الأمن أو غيره يبقى أمراً مشكوكاً فيه. وحذرت "مجموعة الأزمات الدولية" أيضاً من أنه إلى أن يتم تكوين حكومة فإن "الاعتماد على الكتائب الثورية والقوات المحلية المسلحة يمثل رهاناً غير مؤكد". ويقول "فوزي أبو ونيس" رئيس قسم بنغازي في "مجلس الأمن الأعلى" وهو عبارة عن قوة شرطة فرعية مكونة من مقاتلي الميليشيات الذين يعملون تحت إمرة وزارة الداخلية، إن: "الحل في نظري يكمن في تفتيت بنية الميليشيات". ويقول "ونيس" إن "قوات درع ليبيا" و"مجلس الأمن الأعلى" قد "وحدا معظم الميليشيات تحت قيادة إسمية -على الأقل- للحكومة، في حين بقيت ميليشيات أخرى تابعة بشكل أكثر عمومية مع الحكومة وبقيت أخرى مستقلة حتى الآن". وفي شهر أغسطس الماضي باتت مسألة ولاء تلك الكتائب والألوية محل تساؤل بعد أن وقف مقاتلو "مجلس الأمن الأعلى" يتفرجون في الوقت الذي كان فيه المتشددون التابعون لجماعة تابعة للمذهب السلفي يمعنون في هدم المساجد التي تضم مزارات وأضرحة الأولياء. ويوجد لدى "ونيس" ما يقرب من 18 ألف رجل تحت قيادته وهو يقول إنهم قد جندوا كأفراد وليس جماعياً كأعضاء في الميليشيات القائمة. ولكن ما حدث في أماكن أخرى هو أن بعض رجال الشرطة المساعدين تم تجنيدهم قبل تطبيق نظام للفرز والتدقيق على اختيار أعضاء الميليشيات مما يلقي بظلال من الشك على ولاءاتهم. وفي الوقت نفسه يعاني "ونيس" أيضاً من نقص الأموال. وحول هذه النقطة يقول: "إن العديد من الناس لا يجدون عملاً ولذلك فإنهم يودون الالتحاق بمجلس الأمن الأعلى"، ويشير إلى أن مكتبه قد توقف عن تجنيد المزيد من الأفراد، وأن المجندين منهم بالفعل يتقاضون فقط نصف الأجر المتفق عليه وهو ألف دينار ليبي (ما يعادل 800 دولار). أما قوة "درع ليبيا" التابعة لابن حميد فتحتفظ بشرعيتها الشعبية التي تفتقر إليها بعض المؤسسات الوطنية الأخرى في الوقت الراهن. ولكن القوة أثبتت من خلال بعض تصرفاتها أنها تتسبب في وقوع انقسامات. ففي الربيع الماضي على سبيل المثال وجهت اتهامات لمجموعة تابعة لتلك القوة انتدبت لوضع حد للقتال العرقي في مدينة الكفرة الجنوبية بالوقوف إلى جانب إحدى القبائل المنخرطة في الصراع. جون ثورن بنغازي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©