الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

الجلسة الأولى لمنتدى «الاتحاد» ترصد دور «الإعلام الإجتماعي» في الثورات العربية

الجلسة الأولى لمنتدى «الاتحاد» ترصد دور «الإعلام الإجتماعي» في الثورات العربية
21 أكتوبر 2011 10:33
سلطت الجلسة الأولى من منتدى الاتحاد السادس المنعقد أمس بفندق شنجريلا في أبوظبي، الضوء على توصيف الثورات العربية الراهنة، ومدى تأثير الإعلام ممثلاً في الفضائيات ووسائل الإعلام الاجتماعي على مسارها. وترأس الجلسة الأولى راشد العريمي رئيس تحرير صحيفة “الاتحاد”، الذي رحب بضيوف المنتدى في نسخته السادسة، مشيراً إلى أن هذه الفعالية فرصة لالتقاء كوكبة من المفكرين العرب الذين يرفدون صحافتنا بالتحليلات النيرة. وتطرق العريمي إلى التساؤلات التي يطرحها المشهد العربي، والتي يتصدرها: هل تسفر الثورات عن تغيرات تضمن استقرار المنطقة وتحقيق تطلعات شعوبها، أم سيتم اختطافها على يد قوى لا تضمن الاستقرار؟ وقدم د. عمار علي حسن ورقة حول توصيف الثورات، وطرح المفاهيم المتعلقة بها، وتصحيح بعض الانطباعات السائدة عن الحراك العربي الراهن خاصة في مصر. وحملت ورقة د. عمار علي حسن عنوان: “الثورات العربية في ضوء الخبرة الثورية الإنسانية: أوجه الاختلاف وفرص الانطلاق”. وقال د. عمار، الروائي والباحث المصري في علم الاجتماع السياسي، «لا تشبه أي ثورة أختها، فكل منها حالة فريدة في ذاتها، كبصمة الإصبع». ويرى عمار أنه من العبث أن يعتقد أحد أنه بمُكنته أن يقيس أياً من الثورات العربية الحالية على ثورات أخرى، أو يضع نموذجاً لثورة قد وقعت أمام عينيه ويقيس بها ثورة أخرى. وليس بوسع أحد أن يعتقد أن للثورات طريقاً واحداً في التطور والارتقاء، وأن غاياتها ومقاصدها مأمونة ومضمونة في كل الأحوال. لكن الثورات، من وجهة نظر د. عمار كالبراكين تنفث ناراً لكن مع مرور الوقت يمكن أن تنتهي لتربة خصبة. مآلات الثورات وقال د. عمار إن بعض الثورات أكلها الزمن، وبعضها توقف في منتصف الرحلة فسجله المؤرخون مجرد “انتفاضة” أو “هبة” أو “فورة”. وبعضها تم تشويهه وشيطنته ونزع التعاطف الاجتماعي حياله، ويضرب د. عمار مثالاً على ذلك ما حدث للثورة العرابية في مصر، التي ساد عنها نعت أعدائها لها بأنها “هوجة” ليصموها بالتهور والانفعال والعدوانية، ووصل الأمر إلى حد تحميلها مسؤولية احتلال مصر على يد الإنجليز عام 1882. وأشار د. عمار إلى أن هناك ثورات انتهت إلى مجموعة من الإصلاحات البسيطة على النظام القائم، والأفدح من هذا هي الثورات التي فشلت فشلاً ذريعاً، حين تمكنت “الثورة المضادة” من الانتصار، وأعادت النظام القديم، وكأن شيئاً لم يجر. أو حين دخلت قوة شريرة على مسار الثورة وجعلتها تنزلق إلى عنف مفرط وفوضى شاملة أو حرب أهلية. وعلى حد قول د. عمار هناك عدة أمور مرتبطة بالثورات، رسخت، من تكرارها إلى درجة أنها أصبحت قواعد عامة نلقاها بيسر وسهولة في أي ثورة، وهي: أن التعريف البسيط والمباشر والدال للثورة هي أنها “عملية تغيير جذري”، وهذا التغيير يتم حين نهدم النظام القديم هدماً مبرماً، ونشرع في بناء نظام جديد على أنقاضه. ونوه د. عمار إلى أن هناك فارقا جوهريا بالطبع بين هدم النظام الحاكم وبين هدم الدولة، فالثورات يفترض أنها تقوم لبناء الدول، وتسعى إلى أن تنتشلها من التهديد المادي والمعنوي الذي تتعرض له. أما الحركات العنيفة التي ترمي إلى هدم الدولة فيمكن حسب قول د. عمار أن ينصرف تصنيفها إلى شكل احتجاجي آخر من قبيل “التمرد” و”الحرب الأهلية” و”العنف الاجتماعي المفرط” و”إشاعة الفوضى”، والعبرة في الحكم على ما إذا كان الفعل الاحتجاجي عملاً إيجابياً لصالح الوطن من عدمه مرتبطاً أساساً بالأهداف الرئيسية التي حددتها الطليعة الثورية لانطلاق حركتها، والتي يجسدها “البيان الأول” أو “الشعار الأثير” أو ما يعرف عن هذه المجموعة من أفكار وتوجهات قبل انطلاق الفعل الثوري. الثورة المضادة واستطرد د. عمار في وصف الفعل الثوري قائلاً إنه عمل معقد، لأنه يفتح الواقع الاجتماعي- السياسي على احتمالات عدة، بعضها من دون ريب أفضل من بقاء الوضع السائد على ركوده وجموده، بما ينطوي عليه من قهر وإذلال وظلم اجتماعي. وطرح د. عمار تصوراً يتمثل في أن البعض قد يظن أن هناك أمما محافظة لا تميل إلى الفعل الثوري، لكن ها هو المفكر الفرنسي الشهير “جوستاف لوبون” يخبرنا في كتابه المهم “روح الثورات والثورة الفرنسية”، بأن الأمم المحافظة هي التي تأتي بأشد الثورات خلافاً لما يظن بعض الناس. وأشار د. عمار إلى أنه لا تقوم ثورة في أي مكان وأي زمان، إلا وقامت ضدها حركات وتدابير تهدف إلى إفشالها عبر احتوائها تدريجياً وتفريغها من مضمونها على مهل أو حتى من خلال ممارسة العنف المفرط ضد الثوار. وتعرف هذه التدابير جوازاً باسم “الثورة المضادة”، وهي تعني “محاولة إرجاع أوضاع المجتمع إلى سابق عهدها، والإبقاء على مصالح القلة التي كانت تتمتع بها، والعمل المستمر من أجل القضاء على الثورة وعلى مبادئها بكل السبل. تقييمات متفاوتة ويرى د. عمار أن هناك اختلافا بين العلماء في تقييم الثورات السياسية والاجتماعية الكبرى التي وقعت في تاريخ الإنسانية، فهناك من يراها وسيلة ضرورية لتحقيق تقدم البشر نحو مجتمع تسوده الحرية والعدالة والكفاية والمساواة والانسجام. وقال عمار: يوجد فلاسفة محافظون على رأسهم “فريدريك نيتشه” و”جوستاف لوبون” يعتقدون أن الثورات تعبر عن عواطف جامحة تدفع إلى فعل غير رشيد يؤدي إلى تحطيم النظم القائمة، وينعت هؤلاء الثورات بأنها “سلوك الغوغاء” و”فعل العقلية البدائية” و”حصيلة الحقد النفسي الشديد” و”الانهيار العصبي للمجتمع” و”التصرف البربري”. ويُشبه “نورمن هامبسن” الثورة بالعيوب الجيولوجية أو الكوارث الطبيعية التي تحل فجأة، وتنهي الانسياب الطوعي للحياة، ويفضل عليها التطور الإيجابي للمجتمعات، وهنا يقول: “التاريخ الاجتماعي لثورة من الثورات، يختلف اختلافاً جوهرياً عن تاريخ مجتمع يتطور تطوراً سلمياً، لأن العمل السياسي يتداخل في هذه الحالة تداخلًا أوثق مع عملية التغير الاجتماعي السريع”. الطفرات التاريخية وقال عمار: رغم ما يصاحب الثورات من عنف وتدمير، ومن خلق مشكلات وتحديات جديدة للمجتمع، فإنها تبقى في نظر كثيرين “ضمن إطار من العنف التحرري العادي، الذي يستهدف تحرير الإنسان من القهر القومي والاجتماعي، بعد أن تكون الوسائل الأخرى قد فشلت في إنجاز ذلك. ويستنتج عمار أن الثورة هي الوسيلة إلى تحقيق الطفرات التاريخية القادرة على بناء مجتمعات متقدمة. بين الهدم والبناء ويُعرف د. عمار الثورة بأنها هدم وبناء. هدم للنظام الذي ثار الناس ضده، وبناء آخر يحل محله، مستجيبا لأشواق الثائرين إلى الحرية والعدالة والكفاية. وقد يكون الهدم سريعا وشاملا وعميقا، وقد يتم على مراحل، لاسيما في البلدان التي يبتلع فيها نظام الحكم مؤسسات الدولة، ويتخذها مطية لاستمراره بحد التغلب. وهدم النظام القديم لا يجب أن يقف عند حد إسقاط رأس النظام أو أركان السلطة، بل يتعمق إلى ما هو أبعد من ذلك بكثير، فالنظم الحاكمة يكون لها وجود راسخ وقوي وغليظ في البنية المادية والمعنوية للدولة، في الاقتصاد والثقافة والنشاط الاجتماعي والأجهزة البيروقراطية والأمنية، وفي التشريعات والقوانين وآليات ومؤسسات إنتاج الخطابين الديني والثقافي، وكذلك في أساليب إدارة العمل وتقديم الخدمات، وفي كل الحدود والمسافات الواقعة بين الناس والسلطان، والتخلص من كل هذا لا يمكن أن يترك للصدفة أو يتم بخطوات بطيئة. ويرى عمار أنه قد تتخلل الهدم رغبة في الانتقام لدى بعض القوى الثورية التي تحمل في نفوسها حنقا مبررا على السلطة وأركانها وأبائنها، وفي ثورات عديدة قاد الانتقام إلى أعمال دموية بدرجات متفاوتة، كما أدى إلى قيام قضاء استثنائي وصدور أحكام متسرعة. وفي بعض الثورات يجري الجزء الأكبر من الهدم قبل الشروع في خطوات البناء، وفي بعضها يسير الأمران معا على التوازي، وهذا واقعي ويبدو مقبولا لكثيرين شريطة أن يتم بوعي وإرادة ووفق منهج محدد، أما الارتجال في هذه المسألة فيخدم من دون شك أتباع الثورة المضادة، ويمنحهم فرصة قوية لالتقاط أنفاسهم والكيد للثورة، وإعادة إنتاج الفساد والاستبداد. مصير غامض ويستنتج د. عمار أن السجال الدائر حول تقييم الثورات العربية لا يخلو من تسرع. فهناك من يتعامل مع الثورة على أنها نموذج واحد يجب أن يتكرر في كل زمان ومكان على غرار ما وقع في التجارب الثورية التي تركت بصمات واضحة وعلامات فارقة في تاريخ البشرية، مثل الثورات الفرنسية والروسية والصينية والإيرانية والمكسيكية وغيرها. ويقيس هؤلاء نجاح الثورة أو فشلها على مدى تطابقها مع هذه الأنماط التي يتم استدعاؤها كلما اندلعت ثورة في أي بقعة من بقاع الأرض. مثل هذا التصور يغفل أموراً عدة منها، اختلاف السمات النفسية لبعض التجمعات البشرية عن غيرها، واختلاف التجربة التاريخية، والجينات الحضارية، وطبيعة الشخصية القومية لأمة من الأمم. وتقييم الثورات العربية الآن عمل فيه قدر كبير من التجني والتسرع في آن. لكن ما يمكن قوله الآن، ومن دون مواربة هو أن النظم الحاكمة في البلدان العربية لم تكن عادية، ولا رخوة، كما ظن كثيرون. فالدول هي التي ضعفت وتراخت بينما تقوت النظم بشكل لافت. شبهة التمييز ويعقب الأستاذ السيـد يسـين رئيس المرصد الاجتماعى بالمــركز القومي للبحوث الاجتماعيـة والجنائيـة، والمستشار الأكاديمي لمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، على ورقة عمار علي حسن، قائلاً إن ورقة البحث تطرقت إلى تعميمات صحيحة فيما يتعلق بأهمية الالتفات في مجال المقارنة بين الثورات إلى أنها تختلف اختلافات كبرى وفق معايير متعددة، أهمها اختلاف السمات النفسية لبعض التجمعات البشرية عن غيرها، واختلاف التجربة التاريخية والجينات الحضارية. وأعرب يسين عن أمله في أن تعطي الورقة تعريفاً دقيقاً يبعدها عن شبهة العنصرية فى التمييز بين الشعوب، وطبيعة الشخصية القومية لأمة من الأمم، بالإضافة إلى اختلاف الزمان، وتطور أساليب المعيشة، وتقدم وسائل الاتصال. ويشير يسين إلى أنه كان من الأفضل الاتجاه إلى تطبيق أسلوب “دراسة الحالة” Case Study على الثورات العربية بدلاً من هذه التعميمات المجردة. صعوبة التعميم واستنتج يسين أن هناك مشكلة كبرى في مقارنة الثورات العربية تتمثل في التفاوت الشديد في طبيعة النظم السياسية العربية، بحيث يصعب التعميم عليها قبل التعمق في الطابع الخاص لكل نظام، والذي هو نتاج التاريخ الاجتماعي والسياسي الفريد لكل قطر عربي. وقال إن منهج “دراسة الحالة”، بمعنى دراسة كل بلد عربي على حدة، أو أخذ عينة ممثلة للبلاد العربية هو المنهج الأمثل، حتى يتسنى لنا أن نحدد ملامح خصوصية كل نظام سياسي عربي، قبل أن نصوغ عدداً من التعميمات العامة على الإصلاح الديمقراطي أوالثورة، وهذا هو المنهج الذي اتبعته مؤسسة “كارنيجي” في كتاب مهم حررته “مارينا أوتاوي و”خوليا شقير” وأصدرت “النهار” ترجمته العربية عام 2005. خصوصية ثقافية وفي معرض تعقيبه على ورقة د. عمار قال يسين إن التأمل في النظم السياسية العربية سرعان ما يصل بنا إلى نتيجة مهمة، هي أن هذه النظم لها خصوصية ثقافية فريدة، لأنها تستند إلى تراث طويل من الحكم الإسلامي في ظل نظام الخلافة، بالإضافة إلى أن الممارسات التاريخية لكل نظام سياسي عربي والتاريخ الاجتماعي الفريد لكل قطر، يجعل مسألة التصنيف عملية صعبة، وكذلك الحال بالنسبة للتعميمات. العقل السياسي العربي وأضاف يسين: قد يكون من المناسب أن نركز على الإبداع المعرفي الذي قام به الفيلسوف المغربي المعروف د. محمد عابد الجابري، في مجال فهم “العقل السياسي العربي”، والذي يصلح أساساً مبدئياً لتصنيف النظم السياسية العربية. يقرر الجابري في كتابه عن “العقل السياسي العربي” أنه قام على عدة مفاهيم أساسية هي العقيدة، والقبيلة، والغنيمة. ويقصد الإسلام باعتباره الدين الذي أعاد صياغة قيم وتوجهات وبنية المجتمعات العربية منذ تبشير الرسول عليه الصلاة والسلام به، وقيام الدولة الإسلامية الكبرى. أما “القبيلة” فهي كانت ـ وربما مازالت حتى الآن ـ هي العمود الرئيسي للمجتمعات العربية المختلفة. والقبيلة باعتبارها نسقاً قرابياً متميزاً لها في الممارسة تأثيرات سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية لا حدود لها. ومازال للقيم القبلية فاعليتها في عديد من البلاد العربية، بما في ذلك مصر فالناس في صعيد مصر الذين ينحدرون من صلب قبائل عربية أساساً، مازالوا يمارسون عادة “الثأر” المعروفة وهي عادة قبلية شهيرة. أما المفهوم الثالث وهو “الغنيمة”، فترد مركزيته إلى أن موضوع الغنائم وكيفية توزيعها، حظي باهتمام فائق نظراً لتوسع الفتوحات الإسلامية، وضرورة وضع نظام للتوزيع وفق قواعد دقيقة. معايير الحداثة وتساءل السيد يسين: ما الذي يحدث لو حاولنا تطبيق المفاهيم التي قام على أساسها العقل السياسي العربي ـ كما حددها الجابري ـ على صياغة تصنيف للنظم السياسية العربية؟ وقال يسين: لو طبقنا معيار الحداثة الغربية بكل أبعاده لاكتشفنا أننا في العالم العربي أخفقنا لأسباب متعددة في تحقيق الديموقراطية، وفشلنا في تحويل اقتصادنا البدائي بدوياً كان أو زراعياً إلى اقتصاد رأسمالي ناجح، ولم نستطع أن نحقق الحداثة الفكرية، لأن “النص” مازال مهيمنا على العقول والأذهان، سواء لدى النخبة أو لدى الجماهير، مما ساعد على توليد بؤر متعددة للفكر الديني المتطرف، والذي تحول في بعض الأحيان إلى حركات إرهابية مدمرة. وأشار يسين إلى أن معنى ذلك كله أن المعضلة الديموقراطية العربية لن تحل إلا أذا استطعنا مجابهة المشكلات التي تعوق تطبيق معايير الحداثة مرة واحدة.. فلا حداثة سياسية ولا ديموقراطية بغير تحكيم العقل، ولا تحول ديموقراطيا، بغير الانتقال من دوائر القيم التقليدية المغلقة إلى دوائر القيم العصرية المنفتحة. دور الإعلام وتحت عنوان “دور الفضائيات ووسائل الإعلام الاجتماعية في دعم الثورات العربية”، قدم د. أحمــد عبــدالملك، ورقة في الجلسة الأولى، أشار خلالها إلى أن الأسئلة ما زالت مفتوحة حول دور الفضائيات ووسائل التواصل الاجتماعي في دعم الثورات العربية. ولم توضع دراسات بحثية حول الموضوع نظراً لحداثته، وكذلك الاختلاف في الرؤى حول قوة أو ضعف ذلك الدور. وتطرق د. أحمد عبدالملك في ورقة قدمها للجلسة الأولى من المنتدى إلى دور الفضائيات في الثورات العربية الراهنة، ومدى تأثير الإعلام الاجتماعي ممثلاً في الفيسبوك والتوتير عليها، ومدى حيادية أو انحياز الفضائيات عند تغطيها للمشهد في الدول العربية التي شهدت تغييراً. وقال عبدالملك هنالك من يرى إن وسائل الإعلام التقليدية (إذاعة ـ تلفزيون ـ صحافة ـ فضائيات شبه مستقلة) اعتمدت على وسائل التواصل الاجتماعي -في مواقع عديدة - نظراً لإحكام الأنظمة على قضية نقل المعلومة، وعدم السماح بدخول أطقم الفضائيات للاقتراب من واقع الأحداث في تلك العواصم، أو إغلاق مكاتب بعض الفضائيات. كسر الطوق الرقابي ويرى د. عبدالملك أن تلك الفضائيات خاطبت الجمهور العام (الشعبي) بالتواصل مع وسائل التواصل الاجتماعي، وإرسال صور وأخبار عن واقع الأحداث، فصار أن كسرت الفضائيات ووسائل التواصل الاجتماعي الطوق الرقابي الذي كانت تفرضه الأنظمة على المعلومة الحقيقية. والمدافعون عن ذلك الدور، يرون أن “الفيسبوك كان “جيفارا” الثورات العربية، بينما يرى آخرون أن (الفيسبوك) لم يصنع الثورات، ويأتون بمؤشرات منها أن الحركات الشبابية التي دعت إلى تظاهرات 25 يناير ـ في مصر- لم تضرب موعداً محدداً لبدء الثورة، ولم تكن تعلم أنه سيكون كذلك حتى. وهذا الكلام هو لناشطين من الشباب. لقد جاء هذا التاريخ ضمن سلسلة من الأنشطة امتدت على سنوات لتغيير النظام أو لإحداث التغيير على مستويات الفساد في نظام الحكم. ففي الساعات الأولى لانطلاق التظاهرات، سجّل منظمو “الفيسبوك” إحباطهم عندما ظنوا أن الحشود لم تلبّ الدعوة، لكن مع بدء المتظاهرين بالتدفق عادت الحماسة إلى النفوس. وهنا يتراجع دور “الفيسبوك”. ليست ثورة “فيسبوك” لقد قُطعت “الإنترنت” وكذلك وسائل الاتصال الحديثة الأخرى، مثل الرسائل النصية، بعد ثلاثة أيام من انطلاق الثورة، وبالتالي انتفى السبب الرئيسي الذي يزعم البعض أنه الأساس (ذهب إلى تسميته بثورة الفيسبوك)، وذلك لصالح عودة وسائل الإعلام التقليدية، مثل الإذاعات الداخلية التي لعبت دوراً مكملاً لا أو منقذاً، أضف إلى ذلك بروز الفرضية المطروحة في ما لو بقيت التكنولوجيا الحديثة بزخمها المعتاد إبان الثورة، لكانت هذه الأخيرة همدت أو ضعفت لأن احتمالية بقاء الشباب أكثر ارتباطاً بالجهاز والانعزال عن الخارج ستكون أكبر. وهكذا بات انقطاع الإنترنت بهذه الحالة سبباً إضافياً لنزول الناس إلى الشارع لمتابعة ما يحدث عن كثب. مجرد أدوات ويعرض عبدالملك لرأي مفاده أن “الفيسبوك” و”تويتر” والقنوات التلفزيونية أيضاً كانت مؤثرة في الأحداث، لكنها تظل مع ذلك مجرد أدوات وتقنيات سهّلت التواصل وبادلت المعلومات والتجارب، وأعانت على التعبئة. لكن المشكلات الحقيقية هي من طبيعة أخرى. وهي مشكلات اجتماعية وسياسية واقتصادية، وكان للسكان رغبة جامحة في التغيير والتحرر، وهذا هو ما كان محدداً في النهاية. لا يمكن نكران أهمية هذه الأدوات، لكنها ليست هي من قام بالثورة. آليات ومحفزات ويخرج عبدالملك باستنتاج مفاده أننا أمام واقع يفسر دور الفضائيات ووسائل التواصل الاجتماعي في دعم الثورات العربية. وهذا الواقع يحدد ذاك الدور؛ ليس في إشعال الثورات، بل إنها كانت إحدى الآليات أو المحفزات التي ساهمت في تطور الثورات. وضمن هذا الإطار يرى أن الأوضاع السياسية الخانقة، والرقابة على الإعلام، وسوء استخدامه (لمديح النظام والسكوت على ما لا يجوز السكوت عليه)، إضافة إلى الغلو في استخدام السلطة وجانبها البوليسي القمعي بالذات، واستئثار الحكم بمقدرات البلدان، ورهن مؤسسات المجتمع المدني والوصاية عليها. إضافة إلى الفساد الإداري والمالي، وانتشار البطالة بين صفوف الشباب. وعلى اتصال بموضوع الشباب، يقول د. عبدالملك إن حالات الإقصاء والتجاهل السياسي والفكري، التي بدت ضد الشباب قد تكون من الأسباب التي قادت لتلك الثورات. السؤال المطروح هنا، لماذا نجحت بعض الثورات، ولماذا تأخر نجاح بعضها الآخر؟ لاحظنا أن ثورتي تونس ومصر لم تأخذا الوقت الذي أخذته الثورات في كل من اليمن، ليبيا، وسوريا! دور الفضائيات وطرح د. عبد الملك تساؤلا مؤداه: ماذا عملت بعض الفضائيات (شبه الرسمية) خلال الثورات؟ قائلاً لا يمكن تجاهل الدور الذي قامت به هذه الفضائيات خلال الثورات العربية! ونحن نستثني الفضائيات والإذاعات الرسمية في الدول العربية، لأنها كانت محكومة بعلاقات بلدانها بالدول التي حدثت فيها الثورات (مثل تونس، مصر، اليمن، ليبيا، سوريا)، وكذلك الأحداث في مملكة البحرين. حيث حتمّت تلك العلاقة وقوف تلك الوسائل على الحياد حيناً، وفي أحيان أخرى وقوفها مع الأنظمة حتى وقت قريب من تهاويها. ويلفت د. عبد الملك الانتباه إلى أنه في الوقت الذي تشتعل فيه المدن التونسية والمصرية والليبية واليمنية والسورية، كان الإعلام الرسمي في تلك الدول مشغولاً -كعادته - في ثقافة التبرير أو بث الأغاني والمسلسلات العربية وبرامج المقابلات؛ دونما أية إشارة إلى حالة الغليان التي تجري في الشوارع، وسقوط مئات الضحايا. ويشير د. عبدالملك إلى أن الصياغات الخبرية كانت في منأى عما يجري في الشارع. وكانت تركز على رفض حق المتظاهرين، وتصفهم بتعكير الأمن والخروج على الثوابت، كما أن بعضها وصف تلك الشعوب المنتفضة بأوصاف لا تليق بها، كونها سكتت على واقع الحال الرديء أربعين عاماً! ناقلات “العدوى” ويقول د. عبد الملك لا بد من الاعتراف بأن الفضائيات شبه الرسمية (الإخبارية خاصة) مثل “الجزيرة” و”العربية “ والـBBC البريطانية، لعبت دوراً مهماً في تواصل الجماهير، ونقل “عدوى” الثورات من بلد لآخر. وبذلت هذه الفضائيات جهوداً بارزة في الوصول إلى مواقع الحدث، وبلورة رأي عام حول حقيقة ما يجري. وحسب د. عبدالملك، عندما أغلقت الأنظمة المتهاوية مكاتب تلك الفضائيات وحظرت دخول الصحفيين أراضيها، لجأت الفضائيات إلى أسلوب الاتصال الهاتفي لنقل الأحداث من مواقعها. وأسلوب تسجيلات الهاتف التي يتم تداولها عبر الوسائط الاجتماعية، أو في المستشفيات وغيرها من مواقع الأحداث المؤثرة. وكان الإعلام الرسمي في كل من مصر واليمن وليبيا وسوريا يكرر خطابات الرؤساء وترددهم عن التنازل وتوعدهم المتظاهرين بالقمع. دعم معنوي ومن الأدوار المهمة التي قامت بها بعض الفضائيات الإخبارية، استضافتها لرموز من المعارضين أو ممثلي المتظاهرين في الخارج، وقيامهم بتقديم معلومات للمتظاهرين - الذين تقطعت بهم السبل نتيجة قطع الإرسال الهاتفي في بعض الدول مثل ليبيا- حول سير العمليات. وهذا يراه د. عبدالملك محفزاً مهماً بأن مطالب التغيير سوف تتحقق وأن هنالك دعماً خارجياً- وإن كان معنوياً في بعض الدول - يزيد من إصرار المتظاهرين والثوار على مواصلة الدور حتى يتحقق التغيير. وبذلك شكّلت تلك الفضائيات كاشفاً مؤثراً لعورات الأنظمة المتهاوية. محاذير الانحياز أُخذَ على بعض الفضائيات تلك “انحيازها” لطرف دون آخر في بعض الدول التي شهدت مظاهرات عنيفة، خصوصاً (اليمن - سوريا- البحرين). وضمن هذا الإطار يقول د. عبدالملك كانت بعض الفضائيات في موقف لا تُحسد عليه، خصوصاً مع طبيعة العلاقات بين دول مجلس التعاون وسوريا، وعضوية مملكة البحرين في مجلس التعاون والمقاربة الجغرافية مع بث كل من قناتي (الجزيرة) و(العربية)!. ويقول عبدالملك: لم تتحمس الفضائيات العربية للاحتفاء برموز المعارضة البحرينية قدر حماسها لاستضافة رموز المعارضة في البلدان الأخرى. ونشطت محطة BBC في هذا الاتجاه. رغم أن ذات الحرج لم يكن واضحاً عند معالجة الملف اليمني، مع فارق الاختلاف بين الوضع الجيوسياسي بين دول مجلس التعاون تجاه كل من البحرين واليمن. تسرع في التغطية وفي معرض تقييمه لدور الفضائيات، انتقد د. عبدالملك تسرع بعض تلك الفضائيات في بث مقابلات عبر الهاتف ونقلها معلومات غير مؤكدة - خصوصاً في الملف الليبي- من حيث دخول الثوار إلى بعض المدن، ثم تعود تلك الفضائيات وتنفي ذلك، وتعلن تراجع الثوار أو ضراوة الدفاع عن تلك المدن بواسطة كتائب القذافي. ولدى عبدالملك قناعة بأن تلك الفضائيات همشت دورَ الفضائيات الرسمية العربية، التي هيمنت عليها “الرهبة” السياسية والحرج الدبلوماسي! وكانت تبث أخباراً على استحياء دون غوص في التفاصيل، وبدت تحاول أن تكون “متزنة” وتمسك العصا من النصف. وهذا ما أدى إلى تحوّل مشاهدي تلك الفضائيات إلى الفضائيات الإخبارية التي كانت تتعامل مع الأحدث على مدار الساعة وبمهنية عالية، وهذا ما أدى إلى فقدان المواطنين في تلك البلدان ثقتهم في وسائل إعلامهم، خصوصاً مع ردات الفعل الانفعالية وتكرار الكذب والتبرير غير المقنع. أما الكاتب والأكاديمي د. سعد بن طفلة، فقد استهل تعقيبه بشكر الاتحاد على تنظيمها السنوي للمنتدى، وفي تعقيبه على ورقة د. عبدالملك، سلط ابن طفلة الضوء على نقاط من بيهنا، أن الورقة تناولت بانتباه عاملي الفضائيات العربية وظاهرة الإعلام الاجتماعي أو ما يعرف أحياناً بالتواصل الاجتماعي. ويقول د. سعد إن الفضائيات والإعلام الاجتماعي لاعبان أساسيان في الثورات العربية، ولكن الباحث لم يفرق بين هذين العاملين من حيث أن: الفضائيات العربية موجودة منذ عشرين عاما (إم .بي. سي عام 1991، الجزيرة عام 1996، العربية عام 2003 والبي بي سي العربية 2008). كما أن وسائل التواصل الاجتماعي SOCIAL MEDIA حديثة العهد نسبياً: الفيس بوك 2004، وتويتر عام 2006، و2010 وجوجل بلس في يونيو عام 2011). أي أن الفضائيات العربية من وجهة نظر د. سعد، تأخرت في تثوير الجماهير رغم لغتها التحريضية في كثير من الأحيان مثلما مارست قناة “الجزيرة” على الرغم من وجودها منذ القرن الماضي. بينما استطاع الإعلام الاجتماعي، وخلال سنوات قليلة من هذا القرن أن يفعل تواصل مستخدميه العرب على الرغم من قلة عددهم النسبي مقارنة مع غيرهم من الشعوب. وحسب د. سعد بن طفلة، استطاع هؤلاء المستخدمون للإعلام الاجتماعي أن يختزلوا ما لم تقم به الفضائيات العربية خلال سنوات قليلة لم تتجاوز الخمس، منذ إطلاق أقدمها وهو الفيسبوك (أطلق عام 2006). ويشير د. سعد إلى إن د. أحمد عبدالملك انتبه في ورقته لأفول النجوم والأبطال، وهذه ظاهرة تستحق التوقف عندها من حيث أن هناك جيلاً بلا أبطال أي أنه جيل بلا نماذج تحتذى. ويقول ابن طفلة قد يكون سقوط النماذج مؤشراً على تحول في الذهنية الشبابية، وتبدل في عقلية الجيل الرقمي THE DIGITAL GENERATION تتجاوز انتظار البطل المخلص، أو المسيح المنقذ والمهدي المنتظر، وأصبح التفكير جماعيا شعاره “لا للانتظار، والخلاص الوحيد بخلاص الجميع وبتضافر جهود الجموع”. ويشير د. ابن طفلة إلى أن مقتل أسامة بن لادن في خضم الثورات العربية، ومع حلول الذكرى العاشرة لهجمات الحادي عشر من سبتمبر على نيويورك عام 2001، ومع هذا لم نر من بين الملايين العربية الثائرة من يرفع صورة لابن لادن، ولم يكن هناك من رفع ما يمجد أو يخلد ذكرى هجمات سبتمبر أو يرفع شعارا عن ابن لادن، وهو مؤشر على أن ما رفعه ابن لادن وقوى التطرف الديني في واد، ومطالب هذه الملايين الثائرة في واد آخر. وفي معرض تعقيبه على ورقة د. عبدالملك، أثنى د. ابن طفلة على الاستنتاج الذي توصل إليه د. أحمد عبدالملك، وهو سقوط الايديولوجيات، ولكن الأهم، حسب د. ابن طفلة، هو سقوط الأعداء الخارجيين، وتلاشي المشجب المتآمر الذي نعلق عليه كل إخفاقاتنا وتراجعنا، فلم نر: “تسقط أميركا”، ولم نشاهد “الموت لإسرائيل”، ولا أثر “للإسلام هو الحل”، ولا وجود “للبعث طريقنا”، وهكذا، فلقد كانت شعارات الثورات مطالب حياتية أساسية واضحة: الحرية ـ الكرامة- العمل- محاربة الفساد- الديمقراطية، وسقوط النظام. ويلفت ابن طفلة الانتباه إلى أن الثورات العربية طلبت تغييراً شمولياً، وهو ما لم ينتبه له كثير من محللي الفضائيات وأغفله كثير من منظريها. وفي سياق تعقيبه على ورقة د. أحمد عبدالملك، يرى د. ابن طفلة أن الإعلام الاجتماعي كان السلاح الأنجع في يد الشباب العربي الثائر، فالفضائية يشاهدها الملايين، ولكن لا يشارك فيها سوى العشرات، بينما يوفر الإعلام الاجتماعي الحرية للجميع دون استثناء (أي لجميع من لديه إنترنت وجهاز هاتف) فرصة التعبير عن رأيه، وتصوير ما يجري حوله وبثه للعالم أجمع، وهي نقطة انتبهت لها الفضائيات العربية والأجنبية فوضعت مواقع يمكن للنشطاء ومن حالت دونهم أجهزة القمع العربية أن يحملوا ما يشاءون من صور ومقاطع صوتية وفلمية مختلفة حول ما يجري حولهم من أحداث، وذلك محاولة من الفضائيات لمجاراة الإعلام الاجتماعي. ولا شك أن الفضائيات والإعلام الاجتماعي هما الظاهرتان الأبرز إعلاميا في عولمة الألفية الثالثة، ومما لا شك فيه أن لهما دورا كبيرا في الثورات العربية، ولكن يبقى سؤالان يستحقان التوقف عندهما: هل تكامل دور الفضائيات مع الإعلام الاجتماعي؟ وكيف يمكن أن نقرأ مستقبل الفضائيات مع تعاظم دور الإعلام الاجتماعي؟ د. أحمد عبدالملك، أكد غياب شعارات تتحدث عن الموت لأميركا أو الإسلام هو الحل، هذه الشعارات كانت تتمحور حول مطالب حياتية. ويقول د. عبدالملك: إن الإعلام الجماعي كان سلاح الثورات، وليس الفضائيات، فمن خلال الإعلام الاجتماعي يتمكن الفرد من متابعة عشرات الآلاف، الذين يتبادلون الآراء ويدرك الفرد أن آراءه يتم الاطلاع عليها. كثيرون انتبهوا إلى أنه لا بد من مواكبة الاعلام الرقمي الجديد. ليست ثورات وقال الباحث البحريني د عبدالله المدني، في مداخلة عقب خلالها على ورقة د. عمار: ““أنا قادم من البحرين التي شهدت في فبراير ومارس اضطرابات تحت شعار علني هو المطالبة بالإصلاح، لكن ثمة هدفا سريا وهو إقامة جمهورية إسلامية على غرار ما هو موجود بالضفة الشرقية من الخليج. المدني أفصح عن احتجاجه على تسمية ما يدور على الساحة العربية “بالثورات” فالثورة- من وجهة نظر المدني- يفترض أنها تضم كافة أفراد المجتمع.. وليس شريحة واحدة منه. ومن الصعب تشبيه ما حدث في مصر وليبيا وسوريا وتونس، حيث الشعوب تعرضت لقمع وانتهاكات ضخمة، بالوضع في البحرين. ويضيف المدني: ما أطلق عليه ربيع الثورات العربية ينطوي على استخدام وسائل الإعلام الحديثة لتشويه الحقائق. متاهة الحدث وفي معرض تعقيبه على ورقة د. عمار يقول الأكاديمي الموريتاني د. السيد ولد أباه: ثمة ملاحظة أن الثورة في الماضي لم تكن لها علاقة بالعمل السياسي المنظم، وأول من طرح الثورة كعمل منظم، هو لينين، والثورة أيضاً تعامل معها كثير من الفلاسفة في القرن الثامن عشر والتاسع عشر، نحن ماذا نعيش؟ هل نعايش ثورة بمفهوم العمل السياسي المنظم؟ لا أعتقد، لذا نحن أمام مشكلة مصطلح حقيقية. ويواصل ولد أباه مداخلته بالقول: ما نشهده اليوم هو ظاهرة جديدة. أو أحداث أو “متاهة الحدث” وهو اصطلاح يطلق على الحدث الذي لا يمكن أن نتوقعه. أما الباحث الفلسطيني د. خالد الحروب، فقدم مداخلة على ورقة د. عمار قال فيها: ما نعيشه الآن ثورات حقيقية، والسـؤال المطروح: لماذا تأخرت الثورات؟ وليس ما الذي حدث، ولماذا حدث؟ ويواصل الحروب مداخلته مشيراً إلى أن العرب كانوا متهمين في العالم بالخضوع للاستبداد، لكن هذه الثورات أعادت إلينا احتراماً على الصعيد العالمي. هذه الثورات تعيد الاعتبار للمجتمعات العربية. ويقول د. الحروب نحن الآن أمام احتمالات ومغامرات تنطوي عليها الثورات، سواء تمت تسميتها بـ”ثورات الفيسبوك” أو “ثورات الإعلام”، ويؤكد الحروب أننا أمام ثورة حقيقية والإعلام فقط إداتها. من جانبه، طرح المفكر الدكتور خالص جلبي مسألة الكفاح اللاعنفي السلمي، وهو مفهوم قائم قبل ثلاثين عاماً وهذا المنطق هو أرضية الحراك العربي الراهن. وفي معرض تعقيبه على ورقتي الجلسة الأولى، كرر الكاتب الكويتي خليل علي حيدر، شكره للاتحاد، ثم لفت الانتباه إلى أن الحراك الثوري جعل المجتمعات العربية تناقش خطر صعود الإسلاميين، والمشكلة أن خطورة الإسلاميين تكمن في العداء للحداثة، والآن ثمة انتباهة لخطر التيارات الإسلامية في هذا الحراك العربي وثمة مصارحة للجماهير حول برنامج الإسلاميين، على صعيد آخر طرح حيدر تساؤلاً مؤداه: لماذا فشلت الحركات الإصلاحية العربية في الخمسينيات والستينيات؟ الإجابة تتمثل في أن هذه الحركات ابتعدت عن الليبرالية. أوراق “هادئة” من جانبه، قدم أستاذ الفلسفة د. حسن حنفي، مداخلة وصف فيها ورقتي الجلسة الأولى بأنهما هادئتان والتعقيبات عليهما أهدأ. حنفي يقول إن التنظير أحياناً ما يكون بارداً في وصف التجربة الحية الخاصة بالشوارع والميادين. ويواصل حنفي مداخلته مشيراً إلى أنه أحياناً مايسبق التنظير الثورة كما حدث في الثورة الفرنسية والبلشفية، أو يأتي التنظير بعد الثورة. وفي الحالة المصرية عانى كثيرون من الفقر والتهميش، ووجدنا جيلين نشآ في أجواء تسودها البطالة والهجرة والبؤس والشقاء. ويتساءل د. حنفي: كيف نستطيع فهم الثورات العربية بمفهوم يتفاعل مع الواقع؟ وكيف نستطيع أن نحمي الثورة بتأصيل نظري بعد انطلاق الثورة؟ ويوصّف حنفي المشكلة بأن كل حزب الآن في مصر يعتبر نفسه الفرقة الناجية. وعلقت الكاتبة السعودية زينب حفني على ورقة د. أحمد عبدالملك قائلة: أليست الثورة هي تغيير للمجتمع، وربما تصدير ما يجري إلى مجتمعات أخرى؟ وإذا كانت الثورة تلقائية فهذا أجمل ما فيها. نحن نتكلم عن عصر جديد. وتستغرب حنفي من الاستهانة بـ”الفيسبوك” و”تويتر” والانترنت، أو القول بأن ليس لهما تأثير. وضمن هذا الإطار أشارت إلى وائل غنيم الذي أسس صفحة على “الفيسبوك” باسم خالد سعيد الذي قتل على يد الشرطة المصرية. وحول غياب “النجم” في هذه الثورات، قالت حفني إننا هلكنا من الحديث عن النجوم. وتعلق الكاتبة السعودية على ورقة د. عبدالملك، خاصة تجاوزات الفضائيات ووسائل الإعلام خلال المرحلة الراهنة، إذ أشارت إلى أن الإعلام المصري أخطأ لأنه استقبل قتلة السادات دون مراعاة لمشاعر أسرته. نقطة أخرى، تضيفها “حفني” تتمثل في أن ثورة مصر وتونس لو نجحتا سيكون هذا مصدر قلق لبعض الأنظمة العربية، لأن ذلك سيجعل الشعوب متهجة إلى التغيير. رفقاً بالشباب وفي مداخلته على ورقتي الجلسة الأولى، يرى الأكاديمي الإماراتي د. علي راشد النعيمي أنه من الظلم الحكم على ما جرى في الوطن العربي من خلال توصيفات مسبقة. فلا يجوز أن نظلم الشباب، علينا أن نعرف منهم ماذا يريدون وفهم الذين أبدعوا هذا الواقع. ويواصل د. النعيمي مداخلته قائلاً: في العالم كانت صورة العرب سلبية ومع حركة الشباب، باتت رؤوس العرب مرفوعة.. مما يكتب عن العرب في الغرب أصبح يعيد بناء صورة مشرقة للانسان العربي. من إيجابيات هذه الحركة، أنها بلا قيادة، وهذا سر نجاحها. لقد اعتدنا على شعارات رنانة، لكن لم يكن عندنا استعداد نحن كنخب للتضحية من أجل هذه الشعارات. ويشير النعيمي إلى أنه كتب اقتراحاً للمصريين أن ينشئوا صفحة على الإنترنت باسم ميدان التحرير، وخلال ساعة كان عدد المشاركين 4000 شخص ثم نما العدد خلال يوم واحد إلى عشرات الآلاف من الناس. أما د. وحيد عبدالمجيد، فقال إن الإعلام لعب دوراً محوريا في هذا التطور.. التغيير وكان هو المتغير الأساسي لأن الاحتجاجات حدثت على عقود، وكان أحد أهدافها هو تغيير المجتمع برمته. تحسين الصورة إما الأكاديمي الكويتي د. عبدالله الشايجي، فيرى أنه لايجب التقليل من أهمية ما يجري. ففي الأدبيات الغربية كان هناك تقريع للعرب بأنهم لا يمكن أن يتغيروا، وأن في جيناتهم شيء يمنعهم من ذلك. فلأول مرة نجد تغييراً حقيقياً، وذلك في حال نجحت الثورات. لأول مرة لم يعد هناك استثنائية عربية أو تلويح بعجز في الديمقراطية أو Democracy Deficit ولأول مرة لم يأت التغيير على ظهر دبابات. ما يجري في “وول ستريت” يتم اعتباره حدثاً تم استلهامه من الربيع العربي. السؤال الآن: هل نحن أمام نظام عربي جديد، أم نظام شرق أوسطي جديد، أم نحن أمام حرب قادمة؟ وضمن رده على بعض المداخلات قال د. عمار علي حسن: المسألة لم تكن “فيسبوك فقط”، إنها انتقلت من الفيسبوك إلى “الناس بوك” ، ويرى د. عمار أن الشارع أسرع من الذين كانوا يخططون على الأرض، كما أن “الفيسبوك” وفر شبكة اجتماعية للتواصل، ووفر قدرة على التشييك الاجتماعي. ويفند د. عمار ما يقال عن الثورة المصرية بأنها بلا أجندة، ففي ميدان التحرير، كانت هناك لافتة كبيرة بها المطالب التي يراد تطبيقها. الشعب هو البطل ومع ذلك كان للثورة رموز ومحركون، الثورة ليست مباراة في كرة القدم إنها عمل كبير لا توجد ثورة في التاريخ لا يعقبها توتر أو فوضى. من جانبه، أدلى د. برهان غليون بمداخلة تطرق فيها إلى المشهد السوري، قائلاً إن الأمر بالنسبة له بات ممارسة وليس مجرد تحليل. فالأمور على أرض الواقع معقدة وتتجاوز التحليلات البسيطة. وثمة ثورة بالمعنى التاريخي بما في ذلك من تغيير للقيم، وربما تكون الثورة تاريخية تشمل التاريخ الإنساني الواسع، وتتشكل مع الوقت. وقد تتخذ الثورة أشكالاً دينية وعقلانية، معرفية، وبهذه الثورات ندخل ضمن التاريخ الحديث من الناحيتين السياسية والأخلاقية، وثمة مستويات للثورة، فهي بركان مشتعل نتيجة اختمار المشهد. فهذه المستويات لابد أن تسير باتساق مع بعضها بعضاً، من يتابع سوريا يجد أن ثمة قوة وتصميما بطوليا تجاه ما يجري.. النظام يحاول القضاء على الشباب الذين ينظمون المسيرات والنشطاء. ويتطرق د. برهان إلى التنسيقات في سوريا وهؤلاء شباب مثقفون يعملون على رفض ما يجري ويؤمنون التواصل والحد الأدنى من الناحية التنظيمية. ويستكمل د. برهان مداخلته قائلاً: يجب أن يتم بناء التركيبة السياسية التي تثمن التضحيات التي بذلت. ويشير إلى أننا ما زلنا بقلب الثورات العربية القائمة على إرادة التكيف والاندراج في المنظومة الإنسانية، وهذا هو الهدف. وتطرق محمد عارف في مداخلته إلى الوضع الاقتصادي العربي وعلاقته بالاستقرار، ويأمل في إجراء دراسة تتضمن قراءة للوضع الاقتصادي العربي. ويعود د. عمار للرد على المداخلات التي تصمنتها الجلسة الأولى قائلاً: الثورة المصرية نموذج مصري خالص، وغير صحيح أنها مستعارة من الغرب. برلمان غير ثوري! وقدم السيد يسين مداخلة قال فيها إن ثورة 25 يناير قفزت بسرعة إلى الانتخابات، وللأسف أن مجلس الشعب المصري المقبل لن يمثل الثورة المصرية. ويحذر يسين من أن الثورة المصرية تعوزها الآن الرقابة على تنفيذ كل القرارات، لم تستطع الثورات حتى الآن بناء مؤسساتها الخاصة. كما أن الرقابة على القرار غير موجودة، والقوى القديمة ستنجح في الحصول على مقاعد في البرلمان المصري المقبل، لذا نحن في مفترق طرق. أما د. أحمد عبدالملك، فيرى أن العالم لم يعد كما كان.. ويقول: سقط الخوف والثورة الرقمية ستكون سلاحاً.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©