الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

اشتراطات Mr. Google

اشتراطات Mr. Google
15 أكتوبر 2015 00:16
الكتابة إلى الشاشة جيدة لكن لها تداعيات إيجابية وسلبية.. كيف؟ من البديهي أن تكون الكتابة إلى الشاشة (المواقع والمدونات والمطبوعات الإلكترونية) مختلفة عن الكتابة إلى الورق (الصحف والمجلات والكتب). ومسألة كهذه باتت هي الأخرى معلومة لدى غالبية الناس، بل ربما حاول بعضنا تأهيل نفسه ليكون بارعاً في الكتابة إلى الشاشة كما براعته في الكتابة إلى الورق. وهي محاولة مشروعة ومشجعة لأنها تعني أن الشخص مواكب للمستجدات وفي طريقه لأن يكون عصرياً. الكتابة بمجملها تجري في الذهن قبل تنفيذها على الورق أو الشاشة، لذلك فإن سؤالاً كهذا سيكون جيداً: «ما الذي ينبغي على الشخص التفكير به عندما يريد الكتابة إلى الشاشة؟». و«التفكير» الذي نفترضه هنا، لا يعني الفكرة المراد كتابتها، بل إعادة النظر في شكل التوصيل، أي الأسلوبية التي سيستخدمها الكاتب في تنفيذ «الفكرة» وبسطها على الشاشة لتكون مادة مقروءة ومتميزة. وللإجابة عن السؤال المطروح نقول: إن على الكاتب التأمل في عنصرين مهمين: الأول معرفة «كيف يفكر عنكبوت البحث الإلكتروني من جهة، وما الكلمات المفتاحية التي عليّ استخدامها في كتابتي من جهة أخرى»، والثاني «ما الذي يريده القراء - المتعاملون»؟. من اليسار «عنكبوت البحث» وكما يقول المتخصصون، لا أنا ولا أنتم نستطيع فهمه بسهولة وإلا لكان لنا شأن مختلف. هو «ريبوت» يمتلئ حيوية وذكاءً اصطناعياً، دوره تفحص ما تكتبه والتقاط ما يقع عليه اختياره من مفردات وجمل، ليحتفظ بها ويجعل الناس يعتمدون عليها للوصول إليك، إن أراد العنكبوت ذلك! فأنت تكتب وتريد الناس أن يقرؤوا كتابتك.. باختصار مفيد: «الريبوت» يختار الكلمات التي ستكون بمثابة مفاتيح يهتدي بها مستخدمو الإنترنت للوصول إلى مقالك على الشاشة.. تسأل: أين يعمل هذا العنكبوت؟ أقول: يعمل خلف الشاشة التي تكتب عليها، ويقوم بجولات «ذكية» موقوتة داخل كتابتك ليلتقط ما يناسبه ثم يكمن من دون أن تراه. عموماً هو لا يُرى إن شئت بالعين المجردة.. ولأن شبكة الإنترنت في الأساس اختراع أجنبي «أميركي»، فإن العنكبوت يفكر من اليسار إلى اليمين وليس العكس؛ أي يفكر باللغة الإنجليزية وليس بغيرها. وهذا ما يجعلنا نتجرأ لنقول إن جولاته تتركز على الجهة اليسرى من الشاشة. أي على يسارك في الشاشة التي أمامك.. ماذا يعني تحديد المكان، ماذا يعني يسار الشاشة؟ سؤال جيد.. يسار الشاشة يعني أن ما هو مهم في كتابتك لابد له من أن يتوزع في المنطقة اليسرى من الشاشة التي جرى تحديدها بسبب زيارة العنكبوت المتكررة لها. فأنت تريد العنكبوت أن يختار ما هو «مهم» في نصك أو كتابتك، لذلك أنت تحاول «تلقيمه» هذا المهم عندما «يُغير» (من غارة) على الجهة اليسرى من الشاشة.. أما ماذا يريده القراء - المتلقون - المتعاملون، فمعرفته أسهل مما سبق ذكره. تخيل نفسك تعمل في إدارة موقع إلكتروني لفندق خمس نجوم بأبوظبي، وتعرف تماماً ماذا يبحث عنه السائح الدنماركي؛ فقد يريد «فندقاً قريباً من الصحراء، لأنه يرغب بالشمس، ويريد رؤية الغزلان البرية، ويود المشي حافياً على رمل نظيف». عندما تريد الكتابة في الموقع تتذكر طلبات الدنماركي، فتكتب عن فندق قريب من الصحراء وعن الرمال النظيفة والغزلان الشاردة في البر القريب، وعن الشمس الحنونة على الأجساد. هذا ما يحرص كتّاب المحتوى الإلكتروني على تنفيذه وتطويره، والحال نفسه ينسحب على النصوص الكتابية الأخرى المختلفة.. سلبيات وإيجابيات أين السلبية في الكتابة إلى الشاشة؟ السلبية المتوقعة تكمن في «غوغل». فعندما تضع أمامك «عنكبوت» له طلباته، وجمهور له رغباته، وأسلوبية عليك استخدامها لتحقيق محتوى ناجح على الشاشة. فإنك سوف تبتعد عن الكتابة الحرة الإبداعية كثيراً، بل ستصل بك الأمور يوماً من الأيام أن عليك فقط تعبئة نموذج جاهز وتتركه هو يكمل الكتابة عنك! وبالتالي لا داعي للتفكير في أي نوع من الكتابة التي تعرفها وتعودتها.. وتلك لعمري مصيبة. بعد أن عرفنا السلبية، أين هي الإيجابية؟ الإيجابية وتتمثل في عدة عناصر، من بين الأهم، أنك تقضي على المقدمات المطولة لصالح المواجيز؛ تدخل مباشرة في الموضوع، وحتى لو أصبحت من عشاق المواجيز، فالشكوك لا تنتهي؛ عليك أن تضع شيئاً من الفكرة في بداية كتابتك - مقالك، وإلا فإن قارئ الشاشة سيتركك غير آسف، ليدخل في مزرعة فواكهها أكثر نضجاً، والأهم أنها أكثر وضوحاً لتعفيه من التخمين والتفكير.. قارئ الشاشة لا يريد «التفكير» فيما تريد مفاجأته به في فقرتك الأخيرة. لعل «قلب الخسَّة» في عملية الكتابة إلى الشاشة، هو الحرية التي تقتضيها المباشرة التي اتفقنا عليها.. المواجيز التي أتينا عليها في الاستهلال. هل نسيت؟ فقد ثبت لدى المتخصصين في الكتابة عموماً، أن المقدمات والإسهابات، إنما يقتضيها غياب الحرية.. هذا الغياب للحرية يدفع الشخص إلى زوايا ذهنية نشطة، يجري فيها استدعاء «أسلوبيات الاتِّقاء». وهي أسلوبيات مضنية نفسياً، وإذا ما استمرت طويلاً مع الإنسان، أكسبته مهارة المنافقة، وقد تصبح في المستقبل جزءاً من شخصيته العامة. إذاً، فإن الكتابة «المرتاحة» والشيقة، تلك التي تستهدف الشاشة، تحتاج إلى التخلص من المقدمات «العربية» لصالح المواجيز المكثفة بفنية عالية، وتحتاج إلى حرية «كافية» لممارسة الدخول المباشر في الموضوع.. المباشرة التي ستحقق معادلة لطالما انتظرناها: «راحة نفسية + ذهن متقد = كتابة نشطة وبديعة + قراء أكثر = التميز والشهرة».. لكن «الكتابة الحسنة» باستخدام العدة الإلكترونية التي توفرها العولمة، قد لا تكون كافية لصناعة كتابة شيقة عالية الجودة، أو صناعة كاتب من سليمي القلم والحضور الذهني المتقد، ليحصل على عضوية الدائرة الأولى للكتَّاب. إن أدوات العولمة تلك، باتت معروفة وقد لا يعد ذكرها ههنا خروجاً عن الموضوع، فهي؛ الإنترنت، والهاتف النقال، والآي باد، وشبكات التواصل الاجتماعي.. إلخ. باختصار هي تلك التي جاءت بها ثورة الاتصالات في «الحداثة السائلة».. ما الحداثة السائلة؟ تلك قصة أخرى كانت قد بدأت بعد الحرب العالمية الثانية لتلغي ماضي «الحداثة الصلبة». لنا عودة إلى هذا المبحث قريباً.. «جودة المحتوى العربي على الشاشة»: هذه الجملة لا بد لنا من تذكرها دائماً. لماذا؟ لكون الهاربين العرب من محتواهم اللغوي والبصري على الشبكة، جميعهم بحسب الاستبانة المتخصصة، أثبتوا أن سبب «الهروب غير الشرعي» من الشاشة وعبور البحر إلى لغة الضفة الأخرى، كان ضعف المحتوى العربي على مستوى الأسلوب والمعلومة، يمازجه كم لا بأس به من عدم التشويق. وهذا كان كافياً لصناعة تراجيديا شرقية. لكن ترى، كيف يمكن التدرُّب على جودة المحتوى؟ سؤال مهم ومشروع؛ هنالك عدة طرق للتمكن من ناصية الكتابة المجوَّدة، من أهمها حضور دورات في تجويد المحتوى. وتلك الدورات من المؤكد أنها لن تستطيع «صناعة» كاتب من فراغ لا يمتلك موهبة، إنما توفر لمن كان «كاتباً» وتهيئ له، ما يرشده إلى طريقة سليمة لكتابة صحيحة، أشبه ما تكون بمتعتها، ثمرة صبار وقد جرى تنظيفها من شوكها وقشرتها. مع الأخذ في عين الاعتبار الحقيقة متفق عليها، وهي أنك مهما فعلت فقد «تستطيع صناعة كل شيء إلا أن تصنع شاعراً أو كاتباً»... العرب و«الإنترنت» قبل عقد من الزمان، كان عدد المتصلين في الإنترنت حول العالم لا يزيد على 1% من إجمالي السكان، وهذا الرقم ارتفع اليوم ليتجاوز 3 مليارات مستخدم للإنترنت و7 مليارات اشتراك للهواتف الذكية. وفي حين لا تزيد نسبة مستخدمي الإنترنت العرب عن نصف في المئة من عدد المستخدمين الإجمالي، إلا أن عددهم ينمو بنسبة 20% سنوياً، وهو أسرع من المعدل الوسطي. وتشير أحدث الإحصائيات عن الإنترنت في العالم العربي أن معدل الانتشار بلغ إجمالاً 36%، بالمقابل فإن 40% من إجمالي سكان العالم متصل بالشبكة العالمية. بلغ عدد مستخدمي الإنترنت في المنطقة العربية أكثر من 135 مليون مستخدم، يستخدم أكثر من 71 مليون منهم الإعلام الاجتماعي بنشاط حالياً، بالإضافة إلى ذلك، بات الانتشار الواسع للاتصال الرقمي في العالم العربي، من خلال 400 مليون جهاز جوال يخلق فرص وتحديات جديدة للحكومات والأعمال.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©