الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قفقاسيا..مدارات الرّقص المقــــدّس

قفقاسيا..مدارات الرّقص المقــــدّس
15 أكتوبر 2015 00:15
هيا اقفز إلى النهر وأحضره.. تقافز الأولاد على صخرة عالية من التيار المندفع من أعال بعيدة مجهولة، تصايحوا على صاحبهم الصغير حين لمحوا سريراً خشبياً يجرفه التيار وتدفعه الأمواج، يغرق للحظات، ويطفو من جديد. نزل واحد.. ثم خمسة. سبحت الأجساد الصغيرة بمهارة إلى نقطة بعيدة في التيار الجارف، زاد لغط الناس وهاج ضجيجهم، غطت صيحات الأمهات على دمدمة الوادي العنيف. لكن سرعان ما قفز السرير الخشبي على الضفة الجانبية الأخرى من النهر، وركض بعشرة أقدام فتيّة نحو البيوت في أعالي الجبال. غوردجييف معلم الرّقص المقدّس جورج غوردجييف (1866- 1949)، معلم روحاني روسي من أصل أرمني يوناني، وأستاذ في التصوف الباطني الشهير في روسيا، ولد في أرمينيا (القوقاز الجنوبي لروسيا)، وارتحل إلى آسيا الوسطى والشرق الأوسط طوال العشرين عاماً بحثاً عن المعرفة الباطنية حيث وصل إلى مدارسها القصية المتعذر بلوغها والمنعزلة عن العالم، وفي عام 1912 ظهر غوردجييف في موسكو ومعه نموذجاً شاملاً عن هذه المعرفة، التي تركز على التطور والتحوّل الذاتي للانتقال مما وصفه حالة النوم التي نعيشها إلى حالة الوعي، فانجذبت له شخصيات فكرية وفلسفية بارزة، كالكاتب والفيلسوف بيتر أوسبينكي، والملحن توماس دي هارتمان. أسس غوردجييف معهد التنمية المنسجمة للإنسان في تبليسي عام 1919، وقد كان برنامج المعهد استمراراً للجمعية (الباحثين عن الحقيقة) والتي تأسست في عام 1895، إلا أن الأوضاع السياسية في جورجيا أجبرته وأتباعه على إغلاق المعهد والانتقال إلى اسطنبول. لقد أقرّ غوردجييف أن الإنسان كائن غير منجز، أوصلته الطبيعة إلى درجة تطور معينة وتركته لنفسه يكافح من أجل الوصول إلى درجات وعي أسمى، حيث يمكنه الوصول إلى قوات لا يمكن تخيّلها بوساطة العمل الإجرائي على النفس. يعتبر جوردجييف أول من أسس الرقصات المقدّسة (الرقص المولوي) في روسيا، والتي تمارس تحت شروط خاصة وعلى نوح مميز من الموسيقا كما في الشرق الأوسط، إلا أن هذا القسم هو الظاهر فقط من تعاليمه، فالقسم الآخر قائم على العمل الباطني ومدى ما يحدثه مجهود الفرد في داخله. من أهم كتب غوردجييف: «الكل وكل شيء» وهو الاسم الشامل الذي أعطاه غوردجييف لكتاباته الرئيسة المكونة من ثلاثة كتب: حكايات بعلزبول لحفيده. الحياة حقيقية فقط عندما «أكون». و»لقاءات مع رجال استثنائيين» ويحتوي هذا الكتاب على قصص عن الرجال الذين قابلهم غوردجييف في سنوات حياته وأسماهم ب(الاستثنائيين) لكون كل منهم مستغرقاً في بحثه عن المعرفة الحقيقية من دون ردع أمام أي عائق. والجدير بالذكر أن الكتاب قد نُقل إلى فيلم سنة 1979 بإخراج بيتير بروك، وصُورت أغلب مشاهده في أفغانستان. وينتهي الفيلم بعرض لافت جداً لبعض الحركات المعروفة بالرقصات المقدّسة (الرقص المولوي) المندغم مع الكون والذي يؤدى مع قصائد حب وأغاني صوفية ذات بعد فلسفي روحاني تمتزج بالإرث العربي الفارسي، التركي. أصوات من الروح أودعتها الحضارات في إقليم القوقاز فتراقصت الألحان وفق حوار ثقافي موسيقي بديع، بين دوزنة شفافة وإيقاع ديني تنتشي لها الأرض السابحة في منامات الحب والرجاء، خارج الإيقاع الصاخب الاعتيادي الذي تعودناه في أرضنا التي تعبت فيها الروح بين سطوة الحياة المادية وقسوة النفس وتراجع الروحانيات أو تحريم بعض طقوسها وتكذيبها. معالم من قفقاسيا شيخ الجبال جبل (ألبروز) في ربوع قفقاسيا، بدأ تكونه قبل 10 ملايين سنة، نتيجة اصطدام الصفيحة العربية مع الصفيحة الأوراسية، حيث يعتبر الحد الفاصل بين آسيا وأوروبا، ويبلغ ارتفاعه 5,642 متراً، وبالتالي يعتبر أعلى قمة جبل في روسيا والقارة العجوز. كهوف فريدزا وهي مجموعة من الكهوف المنحوتة على صدر جبل ايروشيلي منذ حوالي 1000عام مضى، دهاليز وبيوت وصالات وموائد الأقوام ومعاقل اجتماعهم، مدينة زمنية كاملة في جبل واحد. كهف كروبيرا يعد كهف كروبيرا الذي يقع في جورجيا بمقاطعة كاركا، وتحديداً في أبخاريا - أعمق كهف في العالم، ويطلق عليه أيضاً اسم مغارة الغربان، وقد تم استخدام الاسم العامي أو الدارج بواسطة مستكشفي كهوف كييف خلال ثمانينيات القرن الماضي، نظراً إلى تعشيش عدد من الغربان عند حفرة المدخل. وتعتبر كتلة أرابيكا الصخرية واحدة من أكبر سلاسل الجبال الشاهقة في القوقاز الغربي، وهي منطقة في جنوب روسيا. تقدّر المسافة بين مدخل الكهف وأعمق نقطة تم اكتشافها بأكثر من 7188 قدماً. يعتبر تكوين كهف مغارة الغربان تحفة ربّانية فائقة الجمال، حيث تعكس الشمس أشعّتها على الصخور بشكل مبهر، بالإضافة إلى البحيرة ذات المياه الفيروزية في قاع الكهف. بعد اكتشاف المغارة والاهتمام بها إعلامياً أصبحت مزاراً سياحياً يتوافد إليه الناس من جميع أنحاء العالم، على الرغم من صعوبة التجربة وصعوبة التنفس في هذا العمق. المثير في الأمر أن الرحلة إلى قاع كهف كروبيرا تُوجب على المستكشفين المرور أولاً عبر ممر طولي يسمى «الطريق إلى الحلم»، إلا أنه في حقيقة الأمر يبدو أشبه بـ«الكابوس»، نظراً لضيق الممر وعمقه الذي يزيد على 100 متر، بالإضافة إلى أن النزول باستخدام الحبال هي الوسيلة الوحيدة المتوافرة للنزول إلى أسفل. * من موسوعة المعلومات www.e3lm.com بلاد الجبال والأجناس تُعرف جبال قفقاسيا باسم (القبق)، و(القبج) ،و(القبجق) و(القفجاق)، تنحصر بين نهري ترك وكوبان شمالاً، ونهري كورا وريفون جنوباً، جبالها عظيمة الامتداد، كثيرة الارتفاع، صعبة الاجتياز، امتدادها شاسع، يصل بين البحر الأسود وبحر (الخزر)، أي بحر قزوين، والخزر بلغة الشراكسة هو المنفرد. وتعد جبال القوقاز الحد الفاصل بين أوروبا وآسيا، أما شمالها، فهو يعد أكبر قاعدة زراعية في روسيا، وثاني أكبر احتياطي للنفط في العالم. جبال القوقاز متوحدة بقبائلها الكثيرة المختلفة في اللغات والأجناس والأديان، بعد كل نكبة تزداد عشقاً للجمال والحرية والشجاعة، في كتاب «الرحلة الحجازية» للأديب والرحالة المصري لبيب البتنوني يصف شخصية القوقازي بالتعددية الجذابة إلى حد الانصهار العذب، من خلال مخالطته لهم في مكة المكرمة: «خليط في خلقهم، تراهم قد جمعوا إلى طبائعهم وداعة الأناضولي، وعظمة التركي، واستكانة الجاوي، وكبرياء الفارسي، ولين المصري، وصلابة الشركسي، وسكون الصيني، وحدة المغربي، وبساطة الهندي، وكسل الزنجي ولون الحبشي، بل تراهم جميعاً بين رفعة الحضارة وقشف البداوة». * من الموسوعة التاريخية للأمة الشركسية للبروفسور محمد خير مامسر/ دار وائل للنشر. و(قفقاسيا) للكاتب محمود شاكر. حمزاتوف.. شاعر الجبال رسول حمزاتوف (8 سبتمبر 1923 - 3 نوفمبر 2003) شاعر داغستاني، ولد في قرية تسادا في مقاطعة خونزاخ في جمهورية داغستان بجمهورية روسيا السوفييتية الاتحادية الاشتراكية في الاتحاد السوفييتي. وهو ابن الشاعر الداغستاني المشهور حمزة تساداسا نسبة إلى تسادا قريته، أسماه والده باسم رسول، تيمناً بالرسول محمد بن عبدالله. عمل رسول معلما في شبابه. عام 1950 تخرج في معهد غوركي للآداب، صدر له اول ديوان عام، حيث كانت بلاده تخوض حرب تحرير عالمية لتطهير الأرض من الفاشية عام 1943. كما نشر ملحمتين: (حوار مع ابي 1953) و(بنت الجبال 1958) وله دواوين، وكتب أخرى ناهزت الأربعين كتاباً وديواناً أهمها: ديوان: (عام ولادتي 1950) و(النجوم العالية 1962) و(كتابات 1963) و(نجم يهمس لنجم 1964) و(السمراء 1966) وكذلك (قلادة السنين 1973) غير أن قصته الشعرية بعنوان (داغستان وطني) كانت الأكثر شهرة في بلاده والخارج، حيث حول الشاعر الموهوب عواطفه الوجدانية الى كلمات تصدح، كالموسيقى وتذوب عشقا لوطنه داغستان وتثير، كما لا ننسى ديوانه الطافح بحب الأرض الداغستانية (قلبي في الجبال) و(أنا والجبال) وغيرهما. توفي حمزاتوف في 3 نوفمبر 2003 في موسكو، بعد أن قضى معظم حياته في العاصمة الداغستانية، محج قلعة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©