الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تجارة العاج... وتمويل الإرهاب

19 أكتوبر 2013 23:40
لوريل نيم وأندريا كروستا ونير كالرون خبراء مهتمون بحماية الحياة البرية إذا كان العالم يحتاج لسبب آخر حتى يتخذ موقفاً جاداً من مأساة الاعتداء على الفيلة، فهذا هو: الهجوم الذي شنه الإرهابيون على مركز «ويست جيت مول» للتسوق في نيروبي. لقد أصبحت العوائد المالية من التجارة غير المشروعة بالعاج، المورد الرئيسي لتمويل «حركة الشباب» الصومالية، وهي الجماعة المتطرفة التي أعلنت مسؤوليتها عن الهجوم.وقد أصبحت العلاقة بين الإرهاب وتهريب الأحياء البرية ومنتجاتها، بالغة الوضوح. فلقد أثبت فريقنا من خلال تحقيقات استمرت 18 شهراً وجود علاقة مالية مؤكدة بين التجارة غير المشروعة بالعاج وقرون وحيد القرن من جهة، وتمويل العمليات الإرهابية لـ«حركة الشباب» من جهة ثانية. وباتت هذه العلاقة محل اهتمام متزايد من زعماء دول العالم. وقالت وزيرة الخارجية الأميركية السابقة هيلاري كلينتون إن حركة الشباب «تموّل نشاطاتها الإرهابية من تجارة العاج بدرجة أساسية». وتوصلت تحقيقاتنا إلى اكتشاف الطريقة التي يتعامل بها «الشباب» ووسطاء في هذه التجارة غير المشروعة، حيث يتلقون طلبات الشراء من التجار في آسيا وبعض الدول الغنية الأخرى، ثم يعمدون إلى شرائه من البائعين المحليين ثم يقومون بتسليمه للتجار العالميين. واكتشفنا أن الإرهابيين يدفعون للتجار المحليين بعاج الأفيال ووحيد القرن أسعاراً تفوق تلك التي يدفعها بقية الوسطاء والتي بلغت ما يقارب 200 دولار للكيلوجرام عام 2012، وبما يجعلهم مشترين ممتازين. ثم يقوم التجار المحليون بدفع ما يقارب 50 دولاراً فقط للكيلو جرام الواحد للصيادين ليحققوا بذلك أرباحاً طائلة من تجارتهم مع الشباب. ويعود سبب احتلال «الشباب» لهذا الموقع كمضاربين مثاليين في تجارة العاج، لحسن تنظيمهم من النواحي المالية والإدارية. وقد أدت الحملة التي شنتها «مصلحة حماية البيئة البرية» في كينيا على مهربي العاج في موانئها ومطاراتها، إلى تحول «الشباب» إلى لاعب أساسي في هذه التجارة. إلا أن العامل الأساسي في تطور الصفقات التجارية لجماعة «الشباب» جاء من الارتفاع الكبير في الطلب على العاج من الدول المستهلكة. وأدى ذلك إلى ارتفاع أسعاره وجعل تجارته رابحة أكثر فأكثر. وقفز سعر الكيلو جرام الواحد من العاج الخام إلى نحو 1500 دولار في بعض دول آسيا. ويتم توظيف الأموال التي تجنيها «حركة الشباب الصومالية» من الاتجار في السوق السوداء للعاج، في ضمّ المزيد من المرتزقة والإرهابيين الجدد ودفع رواتبهم المجزية بانتظام. وبسبب هذه التجارة، يتقاضى كل إرهابي من حركة «الشباب» نحو 300 دولار شهرياً، بينما يتقاضى الجندي النظامي في الجيش الصومالي أقل من ذلك بكثير. والحقيقة المهمة التي ينبغي التوقف عندها هي أن تجفيف الموارد المالية لجماعة «الشباب» لا يمكن تحقيقه عملياً إلا عندما يتوقف مستهلكو العاج عن شرائه. وكل عملية شراء غير قانونية للعاج ترتبط بالضرورة بقتل الفيلة وتمويل الإرهابيين الذين يعمدون بعد ذلك إلى قتل البشر الأبرياء مثلما حدث في مركز التسوق في نيروبي. وفي الوقت الذي تلقى فيه مبادرات التصدي لمخالفي قوانين حماية الحياة البرية، كالذي أصدره أوباما قبل ثلاث سنوات، والنداءات التي وجهتها حكومات الدول الأفريقية التي تكثر فيها هذه التجارة إلى مواطنيها بالامتناع عن قتل الفيلة، الكثير من استحسان المدافعين عن الحياة البرية، إلا أنها ليست كافية. والحقيقة أن مستهلكي العاج هم الذين يشكلون القوة الفعالة لوقف الاتجار به عندما يمتنعون عن شرائه تماماً. ويتحتم على مشتري العاج أن يدركوا مدى الضرر المدمّر لعملهم هذا، وأن يتصرفوا بناءً على تصورهم الصحيح للأمور. وخلال العام الماضي وحده، تم قتل أكثر من 30 ألف فيل في القارة الأفريقية وحدها. ووجدت دراسة حديثة أن أكثر من 60 بالمئة من الأفيال التي تستوطن الغابات قد تم قتلها خلال العقد الماضي من أجل استخراج العاج. ويقول العلماء إنه من المرجح أن تنقرض الفيلة تماماً إذا لم تتوقف هذه المذبحة المروّعة التي تتعرض لها. وحتى فيلة سهول السافانا الأفريقية تتعرض للهجوم. ففي زمبابوي مثلاً، أعلن المسؤولون الشهر الماضي عن أن أكثر من 90 فيلا تم قتلها في المحمية الوطنية من طرف محتالين بعد أن دسّوا لها سم السيانيد في المياه من أجل بيع عاجها. ويزداد عدد هؤلاء المحتالين يوماً بعد يوم، ويحتاج التصدي لهم إلى قوانين رادعة صارمة من طرف الوكالات الحكومية المعنية بصيانة الحياة البرية. وينبغي على مشتري العاج أن يفهموا أن الأمر لا يتعلق بمجرد شراء حلية بيضاء، بل إنهم يتحملون جزءاً من المسؤولية عن المذابح التي تتعرض لها الفيلة وحيوانات وحيد القرن. وهم يشاركون بعملهم هذا في قتل حراس الغابات الأبرياء الذين يلقون حتفهم من طرف المهربين، ويهددون المزارعين الذين باتوا يتعرضون للأخطار بسبب هجوم الفيلة الغاضبة عليهم بسبب ما تتعرض له من إطلاق نار. كما أنهم يعرضون سكان المجتمعات الفلاحية والزراعية في أفريقيا برمتها إلى الانحراف وارتكاب الأعمال الإجرامية. إنه من الصعب على جماعة «الشباب» الصومالية أن ترسم خطة لوجستية متكاملة لعمل إرهابي كالذي حدث في نيروبي، إلا أن الطفرة التجارية الراهنة لتجارة العاج أصبحت تعد مصدراً مهماً جداً لتمويل تلك الخطط وتشجيع الإرهابيين على تنفيذها. ويمكن للمستهلكين أن يمنعوا هذه الجماعة من مواصلة نشاطاتها الإرهابية بمجرد الامتناع عن شراء العاج. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©