الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تشحيم

تشحيم
22 أكتوبر 2011 01:05
يحاول عامل بناء إيطالي متقاعد إثبات أنه حي يرزق، إثر توقف راتبه التقاعدي، بعد أن اعتبرته حكومته ميتاً. هذا ما نشرته صحف أمس، التي نقلت تصريحات عن العامل الذي قال إنه يجمع الوثائق كافة التي تثبت لحكومته أنه لا يزال على قيد الحياة حتى يستعيد راتبه التقاعدي. كنت - خلال قراءة الخبر - أتذكر رواية الساخر التركي العظيم عزيز نيسين الذي يذكر مأساة بطل روايته «يشار يشامز» التي صدرت بـ»العربية» تحت عنوان «يحيى يعيش ولا يحيى»، وهي تتحدث عن طفل في قرية تركية يرسله والده إلى المدرسة الحكومية لتسجيله، فيكتشف أن عليه أن يستصدر هوية للطفل، وعندما يذهب إلى دائرو النفوس مع الولد، يكتشف أن الولد قد استشهد في معركة «جنق قلعة» عام 1915، وكان آنذاك عمره أكبر من والده الذي تزوج عام 1911، وتستمر الرواية لترسله الحكومة إلى التجنيد في ما بعد ثم، يتم إخراجه من الجندية بعد سنوات؛ لأنه تبين أنه ميت في معركة أخرى عام 1935، ويعود إلى البيت ليجد أن والده قد توفي والحكومة تطالبه بتسديد ديون الوالد حتى يحصل على إرث والده، فيدفع كل شيء، لكن الحكومة لا تمنحه ارث والده لأنه ميت، حسب سجلاتها في معركة ثالثة... وهكذا تسير حياته... إنه الحي الذي يحيا ولا يعيش!! هل تتذكرون أحد ما بهذه المواصفات؟؟؟ ??? حسب قصة حقيقية، كتبها زميلي الساخر أحمد أبو خليل، فإن قرية جبلية وعرة المسالك، كان على البلدية أن تستأجر أشخاصاً يقودون حميراً لنقل النفايات؛ لأن الكابسات والطاحنات لا تستطيع الوصول إلى تلك المناطق الوعرة. أحد الحمير كان كثير النهيق، مما أزعج سكان الحي، ولما لم يستطيعوا تغييره؛ لأن العملية تحتاج إلى إجراءات روتينية كثيرة، فقد استشاروا أحد الخبراء في شؤون الحمير، فأشار عليهم بأن يدهنوا مؤخرة الحمار بالشحم أو الزيت. اعتقدوا أن الرجل يسخر منهم، لكنهم مع ذلك قاموا بتشجيم الحمار لغايات التجربة، وكم فوجئوا بأن الحمار لم يعد قادراً على النهيق بصوت عال، وما كان يستطيع إخراج أكثر من نهيق متحشرج يائس. تبين أن الرجل الخبير كان على حق... إذ ان الحمار – أي حمار- يقوم أولا بإعلاق مؤخرته حتى يستطيع النهيق، واذا فشل – في حال تشحيمها- فسوف يفقد هذه القدرة!! ??? هذا الشهر، مرت الذكرى الثالثة على وفاة مؤسس الكتابة الأردنية الساخرة محمد طملية، وهو قامة عربية ساخرة مهمة ومؤثرة... طمليه كان يقول أو بالأحرى يدعي، أن السرطان هو مجرد سكرتير شخصي قام بتعيينه ليذكره كل صباح بواجبه ازاء مشروعه الأدبي في كتابة رواية تضعه في مقدمة كتاب العالم، لكن الموت لم يمهله. محمد طملية مدرسة انهارت، لكن لحسن الحظ فلم يكن أي تلميذ في هذه المدرسة لحظة الانهيار الكبير؛ لأنهم رسبوا جميعا لصعوبة المنهاج.. نعم رسبنا جميعنا بجدارة، لذلك قام كل واحد منا بابتكار لغته الخاصة. لذلك تعلمنا جميعا من مدرسة الحياة، وكان أفضل ما تعلمناه من تجربتنا اننا أدركنا ان اللغة الساخرة هي بنت شوارع، نتعلمها في الأحياء الشعبية وبين الناس، وليس في الفنادق والصالات الثقافية والمكتبات الصامتة. محمد طملية.. إنها خسارة أن لا توجعك لغته وتنخزك في الخاصرة كل صباح لتشعر انك ما تزال على قيد الحياة. يوسف غيشان ghishan@gmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©