الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

بع الدار.. واشتر الأذكار

بع الدار.. واشتر الأذكار
7 يناير 2016 22:39
كلمة شهيرة ومَثَلٌ سائر، يقصد به العلماء كتاب (الأذكار) للإمام أبي زكريا، محيي الدين يحيى بن شرف النووي، نعم إن الدار والأموال والممتلكات لترخص أمام هذا الكتاب الذي احتلَّ مكانته العلمية في قلوب الناس، قال ابن كثير في تفسيره: (ومن أحسن الكتب المؤلفة في ذلك كتاب الأذكار للشيخ محيي الدين النووي). أما مؤلِّف هذا السِّفْر العظيم، فهو العالم الشهير (النووي) الذي وصفه الإمام الذهبي في تاريخ الإسلام بقوله: (مفتي الأمَّة، شيخ الإِسْلَام، محيي الدّين، أبو زكريّا النّواويّ الحافظ الفقيه الشّافعيّ الزّاهد، المتوفى: 676 هـ أحد الأعلام). كان الإمام النووي في مرحلة الطلب يقرأ كلّ يوم اثني عشر درساً على المشايخ شرحاً وتصحيحاً، كان جميع وقته عامراً بالخير، عبادة وتلاوة للقرآن، وقراءة وتأليف، حتى وهو في الطريق يكرّر أو يطالع، مع المراقبة والمحاسبة لنفسه وتنقيتها وتصفيتها من الشّوائب، وكان محققاً في علمه وفنونه، مدققاً في عمله وشؤونه، نفع الله الأمَّة بتصانيفه، وانتشرت فِي الأقطار وجُلبت إِلَى الأمصار، فمنها: (المنهاج فِي شرح مُسْلِم)، وكتاب (الأذكار)، وكتاب (رياض الصالحين)، وكتاب (الإيضاح في المناسك)، وكتاب (التّبيان فِي آداب حملة القرآن)، وكتاب (الروضة) طبع في 12 مجلداً، وغيرها الكثير. وأما كتاب الأذكار الذي قِيْلَ فيه (بع الدار واشتر الأذكار)، فقد وضعَ الله له القبول في قلوب الناس لصدق مؤلفه وإخلاصه، فاقبلوا عليه، وَطبعَ مرات وكرات، وقلَّمَا تجد مكتبة لا يوجد فيها هذا الكتاب النافع الماتع، جمع فيه الإمام النووي ما يحتاج إليه المسلم في سائر الأحوال من أذكار ودعوات في اليوم والليلة، فهو للذاكرين عُدَّة، وللمقبلين على الآخرة زاد، لا يستغني عنه عالم ولا خطيب. قال الإمام النووي في سبب تأليفه لكتاب الأذكار: (أردت مساعدة أهل الخير بتسهيل طريقه، والإِشارة إليه، وإيضاح سلوكه، والدلالة عليه... وأقتصر في هذا الكتاب على الأحاديث التي في الكتب المشهورة التي هي أصول الإِسلام، وهي خمسة: صحيح البخاري، وصحيح مسلم، وسنن أبي داود، والترمذي، والنسائي، وقد أروي يسيراً من الكتب المشهورة غيرها). قال الإمام النووي في مطلع كتابه: (ينبغي لمن بلغه شيء في فضائل الأعمال أن يعمل به ولو مرّة واحدة ليكون من أهله)، وقال: (قال العلماءُ من المحدّثين والفقهاء وغيرهم: يجوز ويُستحبّ العمل في الفضائل والترغيب والترهيب بالحديث الضعيف ما لم يكن موضوعاً). وقال: (اعلم أنه كما يُستحبُّ الذكر يُستحبُّ الجلوس في حِلَق أهله، وقد تظاهرت الأدلة على ذلك). وقال: (الذكر يكون بالقلب، ويكون باللسان، والأفضلُ منه ما كانَ بالقلب واللسان جميعاً، فإن اقتصرَ على أحدهما فالقلبُ أفضل). وقال: (اعلم أن فضيلة الذكر غيرُ منحصرةٍ في التسبيح والتهليل والتحميد والتكبير ونحوها، بل كلُّ عاملٍ لله تعالى بطاعةٍ فهو ذاكرٌ لله تعالى). ونقل عن الإمام أبي عمرو ابن الصَّلاح أنَّ المقدار الذي يصيرُ به المسلم من {الذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ} [الأحزاب: 35] هو أنْ يواظب على الأذكار المأثورة المثبتة صباحًا ومساءً، وفي الأوقات والأحوال المختلفة، ليلاً ونهاراً. وقال الإمام النووي: (أجمع العلماءُ على جواز الذكر بالقلب واللسان للمُحْدِث والجُنب، والحائض والنفساء، وذلك في التسبيح والتهليل والتحميد والتكبير والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم والدعاء وغير ذلك). وذكر الإمام النووي أنَّ الذاكر لربه تعالى ينبغي أن يكون على أكمل الصفات، فإن كان جالساً فيستحب له أن يستقبل القبلة، ويجلس مُتذلِّلاً مُتخشعاً بسكينة ووقارٍ. وإذا ذكر ربه على غير هذه الأحوال جاز ولا كراهةَ في ذلك، لقوله تعالى: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ} [آل عمران: 191]. جعلنا الله وإياكم من الذاكرين الله كثيراً.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©