الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

«المركزي المصري» يقر إجراءات لدعم خطة مكافحة التضخم والغلاء

«المركزي المصري» يقر إجراءات لدعم خطة مكافحة التضخم والغلاء
20 أكتوبر 2013 22:10
محمود عبدالعظيم (القاهرة) - يعتزم البنك المركزي المصري اتخاذ سلسلة من الإجراءات المالية الداعمة لخطة الحكومة المصرية بالتصدي للارتفاعات غير المبررة في أسعار السلع الرئيسية في البلاد لاسيما السلع الغذائية والأدوية. وتتضمن هذه الإجراءات تمديد فترة إعفاء الواردات من تغطية الاعتمادات المالية اللازمة بالبنوك لمدة 6 أشهر وهو القرار الذي كان البنك المركزي قد ألزم به البنوك المحلية منذ أكثر من عام بهدف تخفيف الأعباء المالية عن المستوردين وبالتالي انخفاض تكلفة عملية الاستيراد. وتشمل هذه الإجراءات السماح للبنوك بالتفاوض مع هؤلاء المستوردين بتغطية نسبة تتراوح بين 30 و50? فقط من قيمة الصفقات الواردة من الخارج بالعملة الأجنبية بدلا من إلزامه بكامل قيمة الصفقة الأمر الذي كان يمثل عبئا على المستوردين وعلى سوق صرف العملة الأجنبية مما كان يخلف طلبا كثيرا على الدولار في السوق الموازية فيرتفع سعره وبالتالي ترتفع تكلفة الاستيراد، الأمر الذي ترتب عليه ارتفاع كبير في أسعار السلع المستوردة او المواد الخام المستوردة والتي تدخل في إنتاج سلع محلية. وتضمنت قرارات البنك المركزي المساندة لخطة الحكومة الرامية للسيطرة على معدلات تضخم كبيرة تقترب من 20? وفقا لتقديرات غير رسمية، قوائم بأسماء السلع المستوردة التي سيتم إعفاؤها من نسبة التغطية المالية وتشمل السلع الغذائية بكافة أنواعها والأدوية والأسمدة والمستلزمات الطبية والمواد الخام الداخلة في الصناعات البتروكيماوية وبعض أنواع الآلات والمعدلات والسلع الرأسمالية والوسيطة، إضافة إلى تقديم تيسيرات مماثلة لتحفيز المصدرين المصريين على تحويل حصيلة صادراتهم الى البلاد خلال فترة 180 يوما التي يحددها القانون بهدف ضمان تدفق موارد دولارية خارجية على البنوك المصرية تساعدها على الوفاء باحتياجات المستوردين. تكلفة الواردات ويرى خبراء اقتصاديون ان قرارات البنك المركزي الأخيرة سوف تلعب دورا حاسما في خفض تكلفة الواردات ووقف نمو السوق السوداء للدولار من جهة ثانية لأن هذه القرارات تحرم هذا السوق من طلب كبير كان يمثله هؤلاء المستوردون الذين كانوا يلجؤون اليها في معظم الأحوال لتدبير احتياجاتهم من العملة الأجنبية. وقال هؤلاء الخبراء إن توافر الدولار لدى البنوك وقيامها بتلبية احتياجات المستوردين وإعفائهم من تدبير نصف المبالغ المطلوبة للاعتمادات المستندية سوف يسهم في توفير مزيد من السيولة في السوق الداخلي وهي السيولة التي سوف تتجه بطبيعة الحال الى تمويل عمليات الإنتاج الجديدة - مثلما يحدث في شراء محاصيل محددة من المزارعين في مواسم محددة مثل الأرز والقمح وغيرهما - وبالتالي يزداد المعروض من السلع في الأسواق ويُحدث نوعا من التوازن بين العرض والطلب فتنخفض الأسعار خاصة بالنسبة للسلع غير القابلة للتخزين فترات طويلة مثل السلع الغذائية وغيرها. وأشار الخبراء الى ان قرارات البنك المركزي تبعث برسالة طمأنة للمستوردين والسوق الداخلي بتوافر الدولار لفترات طويلة قادمة الأمر الذي ينهي عمليات المضاربة المحدودة في سوق العملة ولا يجعل المستوردين يتمادون في رفع الأسعار بحجة عدم توافر الدولار. ويتوقع مستوردون ومصرفيون أن يؤدي قرار البنك المركزي بتمديد فترة الإعفاء 6 شهور قادمة تنتهي مع نهاية العام المالي الجاري في يوليو 2014 الى تراجع مستوى التضخم، نظرا لتعلل المستوردين في فترات سابقة بارتفاع سعر الدولار لتحقيق أرباح كبيرة في ظل استمرار عمليات الاحتكار التي تميز أسواق السلع الرئيسية وتحكم شبكات الاحتكار في انسياب السلع عبر آليات التوزيع الخاصة لها في معظم الأحوال. السلع المستوردة وأكد هاني سيف النصر رئيس بنك الاستثمار العربي أن قرارات البنك المركزي الخاصة بتمديد فترة الإعفاء للسلع المستوردة إلى نهاية العام المالي الجاري تعكس تنسيقا عالي المستوى مع السياسات المالية التي بدأت الحكومة تطبيقها خاصة فيما يتعلق بملفي مكافحة التضخم وتحفيز الاقتصاد المحلي لأن للجهاز المصرفي دورا بارزا في هذين الملفين ذوي التأثير المباشر على حالة الركود وانعدام الفرص التي ظل يعاني من آثارها السلبية كافة جوانب الاقتصاد المصري على مدار العامين ونصف العام الماضي. وقال إن القرار يعكس في أحد جوانبه نوعا من الاطمئنان للمستقبل بتوافر الدولار بعدما حصلت مصر على كامل حزمة المساعدات المالية العربية - البالغة 12 مليار دولار- وقامت برد وديعة قطرية قيمتها 2 مليار دولار، حيث إن تحرك مؤشر السياحة في الأيام الأخيرة يمنحنا نوعا من الأمل في إمكانية بدء تدفق موارد دولارية من وراء هذه الحركة السياحية الوافدة الى جانب أن اعلان المركزي أنه يستهدف الوصول بالاحتياطي النقدي الى 20 مليار دولار بنهاية العام 2013، رغم وجود التزامات خارجية خلال هذه الفترة منها أقساط نادي باريس التي تدفع سنويا في مايو ويناير من كل عام - يعني أن هناك موارد دولارية سوف تأتي للبلاد من مصادر مختلفة وبالتالي لن تتكرر مشكلة نقص الدولار بما لها من تأثير نفسي سلبي على السوق وتؤدي على الفور الى ارتفاع الأسعار. وساعد حصول مصر على حزمة المساعدات النقدية العربية وارتفاع الاحتياطي النقدي لدى البنك المركزي ليبلغ 18,9 مليار دولار بنهاية سبتمبر الماضي، البنك المركزي على اتخاذ هذا القرار، حيث إن توافر الدولار سوف يتيح للبنوك حرية الحركة في التعامل مع المستوردين وفي نفس الوقت سوف يؤدي الى تراجع سعر صرف الدولار في السوق الموازي والذي يتسم بالثبات النسبي منذ نحو شهرين حيث يدور حول 7 جنيهات للدولار مقابل 6,89 قرش في البنوك والسوق الرسمي. وكان السوق المصري قد شهد حالة من انفلات التضخم منذ مطلع العام الجاري قفز بمستوى المؤشر الرسمي التابع للجهاز المركزي المصري للتعبئة العامة والإحصاء والمستند الى أسعار سلة من السلع الرئيسية من الغذاء والطاقة والدواء من 9,8? الى 14? في غضون 6 أشهر، بينما التقديرات غير الرسمية تشير الى مستوى تضخم أكبر من ذلك بكثير وهي حالة غير مسبوقة تضافرت مجموعة من العوامل في تناميها كان في مقدمتها فقدان الجنيه المصري لأكثر من 15? من قيمته اعتبارا من ديسمبر الماضي مع عملية “التعويم” الجزئية التي قام بها البنك المركزي عبر آلية المزادات. وأسفرت هذه الآلية عن صعود سعر صرف الدولار من 590 قرشا الى 7 جنيهات وكذلك تراجع عمليات الإنتاج والنقل واختناقات التوزيع بسبب تدهور الأوضاع الأمنية خاصة خلال النصف الأول من العام ونقص المواد الخام الى جانب تنامي عمليات الاحتكار في السوق. من جانبه، أكد محمد المصري نائب رئيس اتحاد الغرف التجارية أن مواجهة التضخم وارتفاع الأسعار عبر الآليات الاقتصادية المتعارف عليها عالميا مثل زيادة المعروض أو فك اختناقات التوزيع أو توفير تمويل ميسر أفضل بكثير من مواجهة عبر آليات إدارية أو رقابية لأن مثل هذه الآليات الأخيرة غالبا ما تفشل بل وتأتي بنتائج عكسية في العديد من الحالات، لتؤدي إلى ظهور السوق السوداء أو توحش شبكات الاحتكار. وأضاف أنه بناء على ذلك فإن الآلية التي اتبعها البنك المركزي تعد آلية اقتصادية بامتياز، حيث قدم “المركزي” للمستوردين دعما غير مباشر عن طريق تمديد فترة الإعفاء من تدبير المقابل المالي بالكامل للاعتمادات المستندية اللازمة لعمليات الاستيراد، ومن ثم يتوقع أن يكون لمثل هذا القرار تأثير إيجابي مباشر على السوق وعلى مواجهة التضخم على المدى البعيد. وتسعى الحكومة عبر اعتماد عدد من السياسات المالية والرقابية الى السيطرة على هذا المعدل غير المسبوق من التضخم في مصر والذي أدى الى تراجع القوة الشرائية للعملة المصرية وارتفاع عدد الذين يضعون تحت خط الفقر من 40? قبل عامين الى نحو 46? حاليا يتركز عدد كبير منهم في القاهرة والإسكندرية - خاصة بعد انتفاضة 25 يناير 2011 - الى جانب تدني مستوى جودة الحياة لشرائح واسعة من الطبقة المتوسطة المصرية. وتخشى الحكومة أن يلتهم هذا التضخم الجامح زيادة الأجور المرتقب صرفها لموظفي الدولة اعتبارا من مطلع يناير المقبل 2014 وبالتالي لا يشعر هؤلاء بأي تحسن يطرأ على حياتهم الأمر الذي دفع الحكومة الى اعتماد خطة مواجهة للتضخم عبر آليات رقابية - مثل التهديد بفرض تسعيرة جبرية - وآليات إدارية مثل تكثيف نقاط البيع والتوزيع الحكومية الى جانب طلب مساندة المؤسسات المالية وفي مقدمتها البنوك والبنك المركزي في دعم هذه الخطة. ومن المنتظر الإعلان في إجراءات أخرى موازية خلال الأسابيع القليلة المقبلة تتمثل في خفض أسعار الفائدة وتقديم تمويل ميسر لمنتجي السلع الرئيسية واعتماد استراتيجية جديدة لدعم الإنتاج الزراعي الذي يمثل عصب العملية الاستهلاكية بالبلاد وذلك على ضوء تقارير وزارة التجارة التي تشير الى ارتفاع فاتورة مصر من الواردات الغذائية الى 120 مليار جنيه سنويا، ومرشحه لمزيد من الارتفاع لتبلغ 150 مليار جنيه سنويا في غضون أربعة أعوام على ضوء استمرار الزيادة السكانية عند معدلاتها الراهنة - 2,8? سنويا - والتوسع الاستهلاكي والذي تشهده معظم السلع والخدمات.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©